الإعلامية السعودية سميرة مدني

مقابلة, الإعلام السعودي, المرأة السعودية / نساء سعوديات, سميرة مدني, برنامج مباشر تلفزيوني, برنامج إجتماعي تلفزيوني

02 فبراير 2010

اختلطت الدموع بالعبارات والكلمات وهي تسترجع المشاعر وتستحضر الصور عن تجربتها على الحدود السعودية- اليمنية في نقلها لأحداث حرب الجنوب. تجربة خاصة وفريدة من نوعها خاضتها اعلامية سعودية دون سواها من الصحافيات اللواتي رغبن في الوصول الى الجبهة ولكنهن لم يجدن الدعم أو الفرصة. سميرة مدني، مقدمة «صباح السعودية»، استطاعت بشجاعة واصرار ان تخرج بفريق عملها الى الجنوب لتنقل الجانب الانساني للحرب من خلال برنامجها، ولتكون الصحافية السعودية الأولى التي تصل الى خط النار رغم طلقات المدافع ولهيب الحرائق. فتجردت من مشاعر الخوف وتركت أولادها في حفظ الله لتخرج وتؤدي واجباً تراه مسؤوليتها الأولى. عن الجبهة والحرب والتقارير والاخبار كان حوار سميرة مدني مع «لها».

- ظهرت بالزي العسكري على خط النار في حرب الجنوب. هلاّ وصفت لنا شعورك وأنت هناك؟
تجردت من رغبتي في الدنيا وحبي للحياة. عندما وصلت إلى هناك لم أشعر بنفسي وتجردت من كل مشاعر الخوف رغم صوت اطلاق النار وطلقات المدافع. انصهرت مع الجنود وشعرت أنني واحدة منهم وبدأت أنقل مشاعرهم وحكاياتهم والناس والمسؤوليات التي تركوها وراءهم ليدافعوا عن وطنهم.

- لماذا تطوعت وقررت أن تكوني في الجبهة لنقل الحدث ومحاورة المقاتلين؟ هل كانت فكرتك؟
أنا أقدم برنامجاً صباحياً إجتماعياً وشعرت بأنه لا بد أن أغطي الحرب من الناحية الاجتماعية، وأظهر جنودا مرابطين في مواقعهم لأكثر من شهرين. شعرت بأنه واجبي كإعلامية وكانسانة أن أكون معهم واشاركهم مشاعرهم وانقل احاسيسهم والأجواء التي يعيشون فيها. لقد كانت فكرتي أن أذهب الى الجبهة وأغطي منطقة جازان من مختلف النواحي. تقدمنا للأمير خالد بن سلطان وحصلنا على الموافقة، وبالفعل انتقلنا الى موقع الحدث.

- من خرج معك من زملائك وهل لاقيت التشجيع من رؤسائك على الخروج الى الجبهة؟
لاقيت التشجيع رغم تخوفهم من قراري وحرصهم على سلامتي، ولكنهم لم يرغبوا في التأثير علي وتركوا الأمر لي تماماً. خرجنا أنا وزميلتي المعدة روضة الجيزاني وإثنان من زملائنا المصورين.

- قبل التطوع وقبل أن تأخذي قرار الخروج وتغطية الحرب أو نقل جانبها الاجتماعي والانساني، في ماذا فكرت؟
من الصعب أن تقرري ترك اسرتك ومسؤولياتك والخروج الى المجهول وأنت تعلمين أنك قد لا تعودين. لا أنكر أني كنت خائفة وتحملت مسؤولية قراري وخروجي للعمل على الجبهة، ولكن كنت احدث نفسي بأن هذا واجبي الإنساني والإجتماعي والإعلامي. كنت خائفة على أولادي ومسؤوليتي تجاهم، وراجعت نفسي كثيراً ولكن في النهاية قررت أن استودعهم عند الله واتركهم في حفظه ورعايته.  في صباح خروجي الى الجنوب كتبت وصيتي وسلمت أمري لله.

- وماذا كتبت في وصيتك؟ هل يمكن أن تطلعينا على أي جزء منها؟
طلبت من روضة أن توصل وصيتي الى أهلي وطلبت منهم فيها أن لايبكوني أو يحزنوا لفراقي لأني خرجت مدافعة عن وطني. (تختنق كلماتها بالبكاء محاولة استكمال الحديث بابتسامة) فتقول: ويجب ان يعلموا أني لم اتركهم الا لهدف أسمى وأكبر وهوالمشاركة في الدفاع عن الوطن.

- ارتديت الزي العسكري، كيف تصفين هذا الشعور؟
ارتديت الزي العسكري لنكون من ضمن العساكر ولعدم السماح بوجود المدنيين. الزي العسكري زاد احساسي بالمسؤولية تجاه الرسالة التي أقدمها.

- كيف تصفين الوقت الذي أمضيته على الحدود السعودية- اليمنية، وكيف أثر هذا الوقت في حياتك او شخصيتك في ما بعد؟
أن يعيش المرء الوقت والأحداث والمشاعر وكل مايحدث على الجبهة، يختلف كلياً عن مشاهدة ذلك على الشاشة.

- يبدو عليك التأثر واضحاً حتى الآن وبعد عودتك من الجنوب، فلو طلب منك أن تعودي الى هناك أو أن تغطي أي حرب أخرى فهل ستفعلين؟
يمكن أن أقوم بأي عمل من أجل وطني وخدمته، وبالطبع سأذهب الى هناك من جديد أو الى أي مكان آخر وأشارك في خدمة الوطن.

- صرحت سابقاً أن مهنتك كإعلامية لها أبعاد وليس لها حدود، ما الذي تقصدينه؟
لم أدخل مجال الإعلام لتقديم البرامج فقط. لي رسالة أكبر وأسمى في أن أخدم مجتمعي من خلال البرامج التي أقدمها والأنشطة الإجتماعية التي أقوم بها، والدراسات التي تهدف الى خدمة المجتمع. اتمنى أن أكون انسانة قادرة على تغيير حياة الآخرين ومساعدتهم. للإعلامي واجب اجتماعي مهم لا بد أن يؤديه. وانا لاأقف عند كوني اعلامية ولكني أقوم بدراسات اجتماعية يمكن ان تفيد مجتمعي.

- اجريت لقاءات عدة لـ«صباح السعودية» وقدمت رسائل اخبارية وتقارير مباشرة. ما ابرز ما نقلته أو اكثر قصة أو تقرير اثرا فيك؟
المقابلات التي تمت على الجبهة والتقارير تحتاج كتاباً كاملاً لأحكي عمّا دار هناك، ولكن أكثر ما أثر في هو وجود الضباط والجنود على الجبهة وكيف استطاعوا ان يلغوا احساس الخوف من الموت. لديهم إيمان قوي ومعنويات مرتفعة، لاتخيفهم أصوات القنابل والمدافع وتغيب وتتلاشى مقابل رغبتهم في خدمة وطنهم والدفاع عنه وعن كل قطعة على أرض هذا الوطن وهم ينتظرون الشهادة. أيضاً من أكثر المواقف التي تأثرت بها كان أثناء مرافقتي للجنود المصابين في مستشفى الملك فهد حين سمعت أحد المصابين يقول الوطن أم. وجدت في هذا القول اسمى معاني الحب وهي العلاقة بين الإنسان وأمه.

- بعد نقل أحداث الجنوب والحرب، كيف تأثر عملك وهل ستتغير طبيعة البرامج التي تنوين تقديمها؟
بالطبع شعرت بمسؤولية أكبر، وتعلمت ان مسؤولية الانسان تجاه وطنه تأتي في المقام الأول. الموقف الذي عشته في الجبهة أعطاني اصراراً وتصميماً أكبر تجاه مسؤوليتي نحو المجتمع.

- كيف تنظرين الى الإعلامية السعودية اليوم؟ وهل تعتقدين انها استطاعت ان تنافس نظيراتها العربيات؟
المرأة السعودية بشكل عام أثبتت جدارتها في كل المجالات التي شاركت فيها واستطاعت أن تتميز وتحقق طموحاتها. والإعلامية السعودية تحديداً استطاعت أن تثبت نفسها وتؤكد أنها قادرة على فعل المستحيل وخدمة بلادها بطرق عدة.  وقد استطاعات الاعلامية السعودية ان تصل الى الجبهة وتغطي الحرب كغيرها.

- كيف تنظر سميرة مدني الى المستقبل والى ماذا مازالت تطمح؟
اشعر بأني مازلت في بداية الطريق وأن لدي الكثير لأقدمه لوطني وابناء مجتمعي. لدي احساس عالٍ بالمسؤولية الاجتماعية ورغبة في المشاركة كفرد في المجتمع. أعمل على الكثير من الدراسات الاجتماعية التي يمكن ان تفيد مجتمعي، ولقد انتهيت حالياً من دراسة لمشروع عن القرى النائية من النواحي التعليمية والتثقيفية والتوعوية وأود ان أطبق الدراسة على أرض الواقع. لذاسأتقدم بها الى الجهات المعنية وأتمنى أن أحصل على دعم الملك لها.


سميرة مدني

من التجارة الى الصحافة المكتوبة وصولاً الى خط النار

سميرة مدني زوجة وأم لثلاثة أطفال. درست علم الإجتماع وعملت في مجال التجارة مع زوجها في فرش الأرضيات.
دخلت المجال الإعلامي بالصدفة عندما كتبت خطاباً للملك عبدالله بن عبدالعزيز تصف فيه حبها للوطن وتقديرها له. نشر الخطاب في احدى الصحف المحلية وطلبت منها صحيفة «الاقتصادية» ان تعمل معها كمتعاونة ومن ثم متفرغة.
ترأست القسم النسائي لجريدة «الاقتصادية». وبعدما ظهرت كضيفة في احد البرامج التلفزيونية فكرت في دخول عالم التلفزيون.
تقدمت للتلفزيون السعودي والتحقت بدورات لتقديم البرامج في معهد الجزيرة، واليوم هي تقدم برنامج «صباح السعودية».
طموحاتها تحولت إلى مسؤولية اجتماعية وفق قولها. وتعمل على العديد من البرامج والمشاريع التنموية والاجتماعية التي تود من خلالها خدمة مجتمعها.