فالنتينو ومجموعة الخريف والشتاء: التناقض الجميل

11 أكتوبر 2020

يختلف الناس الواحد عن الآخر وهم في الوقت نفسه متشابهون للغاية: يا لروعة هذا التناقض! ما يجعلنا نختلف عن بعضنا هو بالتحديد ما يجمع البشر ويوحّدهم. تنبثق هذه المجموعة من الرغبة في التركيز على البشر، فرداً فرداً، للتعبير عن مشاعرهم وإبراز أحاسيسهم، بغضّ النظر عن العمر أو الجنس أو العرق أو الاستعدادات. وقد اختار "بيرباولو بيتشولي" رموز الأسلوب الكلاسيكي والزي الموحَّد ليكونوا الأداة التي من خلالها سيعبّر عن مفهوم المساواة.


ويكمن في هذا الخيار تناقض آخر؛ تناقض إنساني قويّ. فإنّ الأزياء االموحَّدة تهدف عادة إلى إزالة فردية لابسيها. ولكن إذا أمعنّا النظر في هذه الظاهرة نرى أنّ الزيّ الموحَّد يُبرِز فردية لابسه. صارم وفعّال، يختفي الفستان لكي يبرُزَ الوجه والحركات، فيكتسبون وقعاً أقوى ويلفتون النظر مسلّطين الضوء على الإنسان بكل روعته.

ألبسة للنهار مصممة من أقمشة بألوان الأسود والأزرق والرمادي لقامات عمودية مثبّتة أرضاً بواسطة أحذية متينة. يعبّر "بيرباولو بيتشولي" عن بشر يحبّهم بالتساوي، ويلبسهم بشكل متناغم من حيث الأشكال والمواد، عاكساً انتقالاً جذرياً وتخطّياً للرموز المعتمدة. فإنّ رموزاً معروفة لطالما تمّ ربطها بألبسة الرجال، كالبذلات والجلد الأسود واللون الرمادي، تكتسب في هذه المجموعة رهافة خاصة في حين أنّ حركات واضحة وصامتة في آن معاً، تزيل نظريات عقائدية بلمسة من الانسيابية. هناك طابع حسّي واضح يستشفّه الناظر عبر الصرامة الظاهرة والأكسسوارات. وتجسّد حقيبة "فالنتينو غارافاني أتوليه" Valentino Garavani Atelier رُقيّ العمل الحرفي في التصاميم المترفة "كوتور"، وقد تمّ ملؤها ببتلات الأزهار والشرائط المعقودة والمسامير المعدنية، وهي كلها خليط من رموز "فالنتينو" Valentino التاريخية. عيون سوداء، أنفٌ هنا وفَم هناك، وأيدي تخبر قصصاً عن الأحاسيس من خلال مجوهرات مرصّعة بأحجار بقَصة "كابوشون".


عبر إلغاء الإسراف تمّ إبراز تناغم من الاختلافات، تماماً كما كانت "مارلين دوما" ترسم لوحاتها ماسحة الحبر الأسود للكشف عن عدد لا متناه من الوجوه المختلفة.