أسرار الثغرات القانونية في قضية سوزان تميم

سوزان تميم, محسن السكري , هشام طلعت , قضية, عادل عبد الحميد, حكم الإعدام

21 أبريل 2010

بعد أيام قليلة وبالتحديد يوم 26 نيسان/أبريل الحالي تبدأ الجولة الجديدة في محاكمة رجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى، وضابط الشرطة السابق محسن السكري المتهمين بقتل المطربة سوزان تميم. وذلك بعد إلغاء حكم الإعدام الصادر بحقهما، وقرار المستشار عادل عبد الحميد رئيس محكمة النقض بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى، وهو القرار الذي أثار علامات استفهام عديدة، خاصة بعد أن كشف ثغرات في حكم الإعدام الذي أصدره المستشار قنصوه، الأمر الذي أدى إلى أن بعض المحللين القضائيين، الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم، يتوقعون حصول المتهمين أو أحدهما على البراءة في الجلسة المقبلة.


ويجري العمل حالياً على قدم وساق بين أفراد فريق الدفاع عن هشام طلعت مصطفى، ورغم الخلافات الشديدة التي نشأت بين المحامي فريد الديب، والمحامي الشهير بهاء أبو شقة، إلا أن أسرة هشام طلعت مصطفى اجتمعت بهما بعد صدور حيثيات حكم النقض، وطلب طارق وسحر شقيقا هشام من المحامين العمل من أجل هدف واحد، هو الحصول على البراءة في المحاكمة المقبلة، التي توقع المستشار مصطفى الكومي رئيس محكمة الجنايات أنها لن تستغرق الوقت نفسه الذي استغرقته الجلسات الأولى في القضية.
وقد أكد المستشار مصطفى الكومي لـ«لها» أن التقارير الفنية منتهية، والشهود أدلوا بشهادتهم، ويتبقى أن يُعيد الدفاع مرافعته، وتوّقع رئيس محكمة الجنايات أن تنتهي المحاكمة الجديدة بعد أربعة أشهر فقط.

تحقيقات باطلة!
قال المستشار عادل عبد الحميد رئيس محكمة النقض في حيثيات حكمه بإلغاء قرار الإعدام: إن حكم الجنايات شابه البطلان في عدة أوجه، منها الإخلال بحق الدفاع، حيث أشار محامي المتهمين إلى بطلان التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في مصر؛ لعدم تقديم الجانب الإماراتي الطلب المنصوص عليه في المادة 41 من اتفاقية التعاون القضائي بين الحكومتين المصرية والإماراتية، وباشرت النيابة التحقيق قبل إرسال هذا الطلب، مما يجعل اتصال المحكمة بتلك الدعوى معدوماً، وتكون غير مقبولة في شقيها الجنائي والمدني، ويبطل هذا الحكم لصدوره من محكمة غير مختصة بنظر الدعوى بالنسبة للمتهم الثاني هشام طلعت مصطفى، وأن ذلك يُبطل جميع الإجراءات التي تمت في التحقيق.
وأشارت المحكمة إلى أن الحكم بنقض الإعدام استند إلى دليل آخر، وهو أن النائب العام أصدر أمره بمنع المتهم الثاني هشام طلعت مصطفى من السفر، ووضع اسمه على قوائم ترقب الوصول بوصفه عضو مجلس شورى دون أن يحصل على إذن من مجلس الشورى، ولم يراع صفته النيابية.
وأكد حكم النقض أن حكم الإعدام وتحقيقات النيابة باطلة فيما تضمنته من تقارير لجنة الخبراء، الذين انتدبتهم في مصر ودبي لكونهم من ضمن خبراء وزارة العدل، وعدم أدائهم اليمين أمام جهة التحقيق المختصة وهي النيابة العامة.
وأكدت محكمة النقض أن ضابط وزارة الداخلية، الذي قام بتفريغ المكالمات الهاتفية بين المتهمين لم يوضح العلاقة السببية بين ما أسنده للمتهم هشام طلعت مصطفى من تحريض واتفاق ومساعدة، وبين مقتل المجني عليها، مما جاء بالحكم خالياً من أدلة سائغة على سبق الإصرار والترصد.
وأكدت محكمة النقض أن محكمة الجنايات استندت في حكمها إلى أقوال بعض الشهود، رغم وجود تضارب بينها، مثل ما أقره أحدهم بأن المتهم الثاني (هشام) حاول الزواج بسوزان تميم لكنها رفضت، بينما أقر الشاهد نفسه بالتحقيقات أنه تزوجها عرفياً.
أكدت أيضاً محكمة النقض أن الجنايات لم تستجب لبعض طلبات الدفاع، رغم أهميتها، ومنها سؤال وكيل نيابة دبي الذي عاين الجثة، ومسرح الجريمة بعد وقوع الحادث، وكذلك طلب انتقال المحكمة بكامل هيئتها لمعاينة مسرح الجريمة، وهو ما استند عليه الدفاع للتأكيد على تلفيق الاتهام وكيديته، وقالت المحكمة: إن ما أورده المحامون عن عدم صلاحية القاضي ليس له سند صحيح في القانون.
وأوضحت المحكمة أن الحكم المطعون فيه أثبت أن إجمالي المبلغ المضبوط مليون وتسعمائة ألف دولار في حين أنها قضت بمصادرة مليون دولار، الأمر الذي أكد أن هذا الحكم أخطأ في تطبيق القانون ووجب تصحيحه.
أكدت النقض أيضاً أن محكمة الجنايات استندت في إدانتها للمتهمين إلى شهادة عيسى سعيد الضابط بالإدارة العامة للتحريات بشرطة دبي، ونقلت عنه قوله: "إن الشخص الذي تعقبته الكاميرات بفندق الواحة، وفندق الرمال هو محسن السكري، في الوقت الذي تؤكد جلسات المحاكمة أن الشاهد قال: إن الشخص هو تقريباً محسن، وقطعت الجنايات بأنه السكري على غير الحقيقة. وثابت بجلسات المحكمة أن المستشار قنصوه قام بتكبير إحدى الصور لاستكشاف ملامحها فضاعت الملامح وأثبت هذا في محاضر الجلسات.
وقال المستشار عادل عبد الحميد: إنه ليس من حق محكمة الجنايات تقييم أمور لا سند لها في التحقيقات، وأكد أن الجنايات تدخلت في أقوال الشهود، وبعض الأدلة تخرجها عن مضمونها، وقضت بشيء لا أصل له في الأوراق.

حظر نشر!
قالت محكمة النقض: إن الجنايات استخدمت بعض دفاع المتهمين ضدهما، واستندت إلى تأكيد السكري أن بعض الصور تعود إليه حينما كان ذاهباً لصالة الجيم، وبرر المتهم تواجده في مكان الجريمة.
أكدت النقض أيضاً أن الجنايات لم تحقق دفاعاً جوهرياً للمتهمين كان من شأنه تغيير مسار القضية، وهو فارق التوقيت الزمني بشكل مختلف بين الكاميرات التي التقطت صور المتهم أثناء خروجه من الفندق متجهاً إلى برج الرمال، حيث طعن دفاع المتهمين في شهادة الضابط عيسى، وكان على المحكمة أن تتخذ إجراءات للتحقق من هذه الخطوة، لكنها أخلت بحق الدفاع.
وتسلم المستشار انتصار نسيم رئيس محكمة الاستئناف ملف القضية وحيثيات حكم النقض، وتم إسناد القضية من جديد إلى قاضٍ لا يقل شهرة عن قنصوه، وهو المستشار عادل عبد السلام جمعة رئيس محكمة الجنايات، والمعروف عنه حسمه واتخاذه أحكاماً رادعة، وتسلم المستشار جمعة ملف القضية، وبدأ بالفعل في دراستها، ولم يوضح أحد من المصادر القضائية المهمة إذا كان القاضي الجديد سيسير على خطى المستشار قنصوه بحظر النشر في القضية أم سيجعل جلساتها علنية.
وفي سجن مزرعة طرة يتابع هشام طلعت مصطفى يومياً خطة الدفاع، ووافق على رأي فريد الديب الذي يؤمن بأن براءة هشام من المشاركة في الجريمة تبدأ من تبرئة محسن السكري من ارتكاب الجريمة.
وأكد المحامي بهاء أبو شقة لـ«لها» أنه لا يهمه من في فريق الدفاع له الفضل في نقض الحكم، وأكد أن العمل الجماعي لا يعرف الأنانية، وأضاف: إنه واثق من قوة موقف هشام خاصة بعد صدور حيثيات النقض.