تارا خطّار: كتابي تحيّة للأم اللبنانية التي تجمع عائلتها بحبّ حول مائدة شهيّة

حوار: فاديا فهد 11 يناير 2021

تارا خطّار، شيف لبنانية شغفها الطبخ، وقد تدرّبتْ على أيدي كبار الطهاة الحائزين على نجمة ميشلان ودرست في معهد Paul Bocuse الشهير في مدينة ليون الفرنسيّة. كذلك عملت مع الشيف الكبير جويل روبوشون في باريس، قبل أن تنال درجة الماجستير في التغذية من إحدى جامعات نيويورك. حصدت الطاهية الشابّة التقدير العالمي بعد مشاركتها في برنامج «توب شيف» بنسخته الفرنسية، وكانت لمرّتين نجمة برنامج Chopped على شبكة Food Network. سافرت وتذوّقت وطبخت وأبدعت عالمياً، إلا انها احتفظت في قلبها وذاكرتها بمكانة خاصة للوصفات اللبنانية التي طبعت طفولتها وتاريخ عائلتها. وها هي تعيد كتابة مئة وصفة من هذه الوصفات الشهيّة، وفق أسلوبها العصري، وتجمعها في كتاب تحت عنوان Liban يصدر عن دار هاشيت Hachette الفرنسية. عن هذا الكتاب وأسرار إعداد الوصفات الأشهى كان هذا الحوار الشيّق.


- من هي تارا خطار؟

أنا امرأة لبنانية تحلم بأن تصير ذات يوم "مارثا ستيوارت" جيلها. تعمل على إضفاء الطابع الديمقراطي على الطهي، وجعْل المستحيل والمعقّد في متناول الجميع.


- ما الذي قادكِ الى عالم الطبخ؟

أكثر ما يسعدني هو إدخال الفرح الى حياة الآخرين. وأجد أن الطهي والإجتماع حول وجبة دافئة طريقة جيدة لتحقيق ذلك. لذلك دخلت عالم الطهي لمن باب إضفاء البهجة على حياة الآخرين وخصوصاً العائلات.

- تعيشين وتعملين في نيويورك، وتنافست على جائزة «توب شيف فرنسا»، لماذا اخترتِ أن يكون كتابك عن الوصفات اللبنانية Liban، وهو يتضمن مئة وصفة من الطبخ اللبناني؟

لم أنسَ يوماً جذوري ومن أين أتيت. لبنان جعلني الشيف والإنسانة التي أنا عليها اليوم. لقد وجدت أنه من الطبيعي أن يمثّل كتابي الأول للطبخ بداياتي، والأشخاص الذين ألهموا شغفي ومسيرتي، والبلد الذي علّمني كل شيء.

- لماذا اخترت اللغة الفرنسية كي تقدّمي بها كتابك؟

الكتاب هو باللغتين الفرنسية والعربية. كان من المفترض أن تصدر نسخة باللغة الإنكليزية أيضًا، لكن جائحة كورونا أخّرت مخططاتنا. نأمل الآن أن يصبح الكتاب متوافراً باللغة الإنكليزية أيضًا في وقت ما خلال العام 2021. والهدف من إصداره بلغات أجنبية هو تعريف العالم على وصفاتنا الشهيّة. 

- ما الدور الذي يلعبه الطبخ في لَمّ شمل العائلة؟

الطبخ هو محور اجتماع عائلتي. أكثر لحظاتنا العزيزة تكون دائمًا حينما نجتمع في منزل أجدادي حول مائدة طعام غنيّة بالأطباق المحضّرة في البيت على أيدي الأمهات والجدّات في فترات الأعياد.


- تأثّرت بجدّتيك، وهما ملهمتاك في المطبخ والطبخ. أخبرينا أكثر عن مطبخ كلّ منهما وأسلوبيهما في الطبخ؟ 

جدتاي كلتاهما طبّاختان ماهرتان. لطالما أدهشتني، ولا تزال وصفاتهما وقدرتهما على إعداد الأطباق النادرة والمعقدة. جدّتي لأمي أصلها من حلب، ولديها وصفات مدهشة تجمع بين أصولها الحلبية واللبنانية وتأثرها بالعيش في لندن. إنها مزيج رائع من المأكولات اللبنانية والسورية والإنكليزية. أما جدتي لأبي فهي من مدينة الأشرفية الساحليّة، فيما جدي متحدّر من شمال لبنان، لذلك تعلّمت طهو الكثير من الوصفات اللبنانية التقليدية.

- ماذا عن ذكرياتك على مائدة الجدّتين؟

يحضرني منها الكثير!! الوقت المفضل لديّ خلال العام هو ليلة الميلاد، فأنا أحب جميع الزخارف التي تزيّن بها جدتاي منزلهما وطبق الديك الرومي، وجميع المقبّلات والحلويات التي تقدّمانها على مائدتيهما. هذا الوقت من السنة مميز لأن الجميع يجتمع بعد فترة طويلة من الغياب، فيعود أفراد عائلتنا الذين يعيشون في الخارج للاحتفال بالعيد مع العائلة ونجتمع حول مائدة شهيّة.

- حدّثينا عن العلاقة تربطك بالمطبخ اللبناني ومكوّناته؟ 

علاقتي بالمطبخ اللبناني ومكوّناته وثيقة، وأنا أعتبرها قاعدتي للطبخ. فأنا أحبّ تجربة المكوّنات باستخدامها بطريقة جديدة، أو إعادة إنشاء الوصفات القديمة بطريقة مبتكرة أو حتى تغيير بعض الوصفات لجعلها أكثر حداثة مع إضافة لمسة مميزة أكون قد رأيتها أو تذوّقتها خلال رحلاتي.

- ما هي مقارنتك الشخصية بين المطابخ العالمية والمطبخ اللبناني؟

المطبخ اللبناني فريد من نوعه، ويختلف في تقنياته اختلافًا كبيرًا عن المأكولات الغربية التي ترتكز جميعها على القاعدة نفسها. المأكولات اللبنانيّة صحّية جدًاً، ونجد الكثير من الوصفات منخفضة الوحدات الحرارية بتركيبتها الطبيعية، ومناسِبة للذين يتبعون نظاماً غذائياً نباتياً.

- ما هو المكوّن الذي لا تستغنين عنه؟

هذا سؤال صعب! أظنّه الصعتر. فأنا أحب رائحته وتنوعّه، وأجدني أضيفه إلى كل صنفٍ من أصناف المائدة.

- ما هو مصدر غنى مطبخنا اللبناني؟ 

أعتقد أن المصدر يأتي من أرضنا وتاريخنا، كما من كون أن الفينيقيين كانوا يسافرون كثيراً ويجوبون العالم. لدينا أرض خصبة للغاية فيها الكثير من أنواع الفواكه والخضروات المختلفة. 


- ما الذي طوّرتِه في الوصفات اللبنانية لتصبح أكثر مواكبة للعصر؟

عادة ما أعدل وصفاتي بما يريح المرأة، وأحاول جاهدة جعل الوصفات التقليدية أطيب وأكثر عمليّة. بالنسبة للتحديث، أنا أتابع  الإتجاهات العالميّة لفن الطبخ والمطبخ اللبناني وأرى كيف يمكنني تقريب هذين الاتجاهين.

- ماذا عن الطبخات "الكبيرة" التي تحتاج إلى الكثير من الوقت لتحضيرها، هل قدمتها بأسلوب سريع يتماشى مع العصر؟ 

نعم، فأنا أجد طرقًا لطهوها بشكل أسرع، وجعلها تستغرق وقتًا أقل من خلال إضافة تقنية تعلّمتها في المطابخ أو في مدرسة الطهي في فرنسا تقضي بتغيير مظهر الطبق وتخطي الخطوات التي تستغرق وقتًا طويلاً.

- ونصيحتك للمبتدئات في عالم الطبخ؟

أنصحهنّ بالاستمتاع بالطبخ! وأقول للمرأة منهنّ: الطبخ فن، استمتعي، استرخي، قد تفشلين في البداية لكنك ستتحسّنين وستجيدين ما تقومين به. لا تضغطي على نفسك كثيرًا، وشاهدي برامج الطبخ أو اشتري الكتب التي تساعدك، وستنجحين! 

- هل تقدّمين لزبائنك في نيويورك وصفات لبنانية؟ وما هي ردود الفعل عليها؟

الوصفات اللبنانية هي الأكثر مبيعًا لديّ، وعملائي يحبّونها! طعمه له مذاق جديد يستمتعون به حقًا.

- أيّ صدى تتمنّينه لكتابتك، في وقت يعاني لبنان أزمات مصيرية؟

أتمنى أن يكون هذا الكتاب تذكيرًا بالأمور الإيجابية التي يقدّمها لبنان للعالم على كلّ الصعد ومنها صعيد المطبخ. آمل أن أُظهر للناس كم هو جميل وغنيّ هذا الـ لبنان، وسيظلّ غنيّاً وجميلاً في انتظار أيام أفضل!

- ما هي الرسالة التي يحملها كتابك هذا؟

إنه إرث جداتيّ ووسيلتي في التعبير عن شكري، وبه تكريم لكل هؤلاء النساء الجنديّات المجهولات، اللواتي يقفْن وراء لمّ شمل العائلات اللبنانية وتماسكها حتى اليوم.