ريم السعيدي: أربّي طفلتيّ على الطيبة والاحترام والعطاء

حوار: فاديا فهد 12 فبراير 2021
تعود ريم السعيدي الى واجهة أحداث الموضة التي تشهدها مدينة دبي، بعدما انتقلت وزوجها الإعلامي وسام بريدي وطفلتيها بيلا ماريا وآيا صوفيا للعيش هناك. وهي منهمكة في الإعداد لبرنامج خاص بها يتناول أخبار الموضة والأزياء، الى جانب اهتمامها بطفلتيها وحرصها على الإشراف بنفسها على تربيتهما. تجيد ريم التوفيق بذكاء بين المهنة والعائلة، ولَعِب كلّ الأدوار بنجاح وحبّ وعطاء. الحديث معها خبرة حياة ورسائل إيجابية تبعث على التفاؤل في الزمن الصعب.  


- انتقلتِ للعيش مع عائلتك في دبي، أخبرينا عن حياتك الجديدة؟

حياتي الجديدة رائعة. أجدني دائمة الانشغال في دبي، حيث أمضي 90 في المئة من وقتي مع الأولاد، إضافة الى عملي مع الماركات الكبرى. دبي هي مدينة الأزياء في العالم العربي، وهي المقرّ الرئيس لدور الأزياء والمجوهرات العالمية. وأنا سعيدة جداً بانتقالي للعيش في هذه المدينة التي لا تنام ولا تعرف الملل. 

- كيف استقبلتكِ دبي، خصوصاً أنها مركز دور الماركات العالمية التي عملتِ وتعملين معها؟

دبي هي إمارة الفرص الجميلة والمثمرة، وتفتح ذراعيها لكلّ المواهب الحالمة في شتّى المجالات، وتستقبل الوافدين وأحلامهم، وتحرص على توفير الفرص لكلّ منهم. وهي مركز لدور الأزياء والمجوهرات العالمية، والتي وجدت أن انتقالي إلى دبي كسر المسافات التي كانت تفصلنا، وبدأنا معاً مسيرة تعاون مثمر لا تحدّه المسافات. 


في ظلّ كورونا

- كيف تعيشين وعائلتك جائحة كورونا والتباعد الاجتماعي في دبي؟ 

لقد استطاعت إمارة دبي أن تسيطر نسبياً على الجائحة من خلال فرض قوانين التباعد الاجتماعي وارتداء الكمّامات وتوفير اللقاحات للجميع، ونحن محظوظون بالتواجد في هذه الإمارة التي عرفت كيف توفّق بين القوانين الحامية من كورونا ومواصلة النشاط الاقتصادي والتجاري. في دبي، أمضي الكثير من الوقت مع أولادي وزوجي في منزلنا، وخروجي من البيت مشروط بالعمل فقط. وعندما أخرج مع العائلة، نختار أمكنة مفتوحة للجلوس أو اللعب مع الأطفال في الهواء الطلق، وأحرص على ألاّ نختلط بالآخرين. 

- كيف توفّقين بين واجباتك كزوجة وأمّ، ومهنتك كعارضة أزياء؟

الاهتمام بعائلتي فرض عليّ ترك خشبة عروض الأزياء، والعمل أكثر مع الماركات العالمية التي لا تأخذ الكثير من وقتي ولا تسرقني من طفلتيّ وزوجي. عائلتي هي أولويّة بالنسبة إليّ، أما عملي اليوم فهو يمدّني بالطاقة والحيوية والإيجابية، كي أقوم بمهامي كزوجة وأمّ بفرح أكبر.     

- هل يساعد زوجك وسام بريدي في الاهتمام بالطفلتين؟ 

قبل أن أتزوّج وسام، سألتُ نفسي: هل هذا هو الوالد المثالي لأولادي؟ وكان الجواب: نعم. وسام والد حنون يخصّص الكثير من الوقت لعائلته، وهو يهتمّ بالطفلتين ويلبّي حاجاتهما، ويحبّهما، ويرعاهما في وجودي، كما في غيابي لضرورات العمل. إنه والد رائع وأبّ حنون يهتمّ بأصغر التفاصيل في حياة طفلتينا.


طفل ثالث

- هل تخطّطان لطفل ثالث صبي، خصوصاً أن مجتمعنا الشرقي يصرّ على الصبيّ باعتباره يحمل اسم العائلة؟

(تضحك)... صراحةً، نحن لا نخطّط للإنجاب في الوقت الحالي، لأنني أركّز أكثر في عودتي إلى العمل! الأمر وارد في المستقبل. لكنني أحبّ أن أوضح أنني ووسام لا نفرّق بين الصبيّ والبنت، ونحن سعيدان بطفلتينا ونعتبرهما نعمة كبرى خصّنا بها الله. 

- بيلا ماريا وآيا صوفيا على السوشيال ميديا في صور وفيديوهات من حياتهما اليومية، هل هو قرار اتّخذته مع وسام رغم كلّ تبعاته؟

بيلا ماريا وآيا صوفيا معنا على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو قرار اتّخذته مع وسام. ابنتانا هما جزء لا يتجزّأ من حياتنا. ونحن نحبّ أن نتشارك ومتابعينا لحظات الفرح والسعادة التي تنعم بها عائلتنا الصغيرة. والواقع أن بيلا ماريا وآيا صوفيا هما مصدر الفرح والبهجة، فلمَ لا تظهران معنا في فيديوهاتنا وصورنا؟ 

- ما صعوبة أن يكون المرء نجماً على السوشيال ميديا؟ 

الصعوبة تكمن في أن تواجهي انتقادات بعض المتابعين السلبيين الذين يعانون إحباطاً، أو مشاكل نفسيّة، بسعة صدر وابتسامة عريضة. فكما تحصدين الإطراءات على السوشيال ميديا، تحصدين أيضاً الانتقادات والتعليقات السخيفة. وقد اعتدتُ أن أتعامل مع الاثنتين، بفعل عملي لأكثر من 17 عاماً تحت الأضواء.   

- ما الذي تحرصين على إخفائه عن جمهور السوشيال ميديا؟

لا أخفي شيئاً، فأنا امرأة طبيعية على سجيّتها. أحاول أن أضمّن منشوراتي على السوشيال ميديا الكثير من الإيجابية والفرح، لذا أحرص على ألاّ أتشارك ومتابعيّ الأفكار المحبطة التي قد تعترضني في الأوقات الصعبة، هذا كلّ ما في الأمر.


بين طفولتي وطفولة بيلا وآيا

- ما الفارق بين طفولة بيلا ماريا وآيا صوفيا وطفولتك؟ 

الفارق بين طفولتي وطفولة بيلا ماريا وآيا صوفيا كبير جداً. فنحن لا ننتمي الى الجيل نفسه، كذلك فإن الأمور المتوافرة لهما، لم تكن يوماً متوافرة لي. عاطفياً، أحاول أن أكون مثل أميّ التي غمرتنا بالحبّ والحنان، كي تعوّضنا الخلافات التي كانت تعترض حياتها الزوجية. لذا أراني حريصة على توفير أجواء من الحبّ لعائلتي كي لا يتكرّر الماضي معهما. 

ثمّة شيء مهمّ أحرص على أنقله الى طفلتيّ، وهو اللعب في الهواء الطلق، بعيداً من الهواتف والآي باد، كما كانت طفولتي وطفولة زوجي وسام. كذلك أودّ أن أربّي طفلتيّ على الطيبة والاحترام والعطاء.

- هل كنتِ فتاة مدلّلة تحصل على كلّ ما تحلم به، أم عادية؟ 

كنتُ الفتاة المدلّلة طبعاً، لكنني لم أحصل على ما كنتُ أحلم به في طفولتي. أحلامي كبيرة ولا تزال ترافقني إلى اليوم، وأسعى الى تحقيقها.  

في سنّ الخامسة عشرة، حلمت أن أكون عارضة أزياء عالمية، وقد عملت جاهدةً كي أحقّق حلمي، ونجحتُ في ذلك بفضل ربّي ودعم والديّ لي. 

- ما كانت أحلام طفولتك؟ وهل حقّقت كلّ ما حلمتِ به؟

لقد كانت أمّي مريضة، وكنتُ أتمنى أن أفرّحها وأعوّض لها أوقات الحزن والأسى التي عاشتها. كذلك كنتُ أحلم بأن أصبح طبيبة، لكن هذا الحلم لم يتحقّق، وصرتُ عارضة أزياء عالمية.


نعم تعرّضت للتنمّر!

- تعرّضتِ للتنمّر في صغرك بسبب طولك الفارع، كيف تجاوزت ذلك كي تكوني فخورة بطولك ومقاييسك التي أدخلتك عالم عرض الأزياء عالمياً من بابه الواسع؟  

نعم تعرّضتُ للتنمّر بسبب طولي الفارع. لكن ذلك لم يؤثّر في شخصيتي القويّة. لقد صنعتُ من هذا التنمّر حافزاً لي للنجاح. أذكر أنني اكتشفتُ، بينما كنتُ أقرأ مقالاً عن كلوديا شيفر، أن لنا المقاييس ذاتها، وهو ما جعلني أتشّجع وأثق أكثر بنفسي.  

- تتحدّرين من عائلة تونسية تقليدية، هل عارض والداك امتهانك عرض الأزياء وسعيك واختيارك العيش في ميلانو في إيطاليا؟ 

أنا من تونس الثقافة والحرّية والمساواة بين الرجل المرأة. وأجدني فخورة بانتمائي الى هذا الوطن المتقدّم. عائلتي كانت ولم تزل داعمة لي، رغم خوف والدتي عليّ، خصوصاً أنني اخترت امتهان عرض الأزياء في سنّ مبكرة. أذكر أن خالتي وهي صحافية، جاءت يوماً الى بيتنا ومعها إعلان عن مسابقة لاختيار أفضل عارضة أزياء بين الفتيات، ودار نقاش طويل في بيتنا، أسفر عن خضوع أمّي لرغبتي الجامحة في المشاركة فيها وموافقتها أخيراً، خصوصاً أن المسابقة كانت ستُجرى في الصيف، الأمر الذي لا يعطّلني عن الدراسة. وكان فوزي بهذه المسابقة بداية مشواري. أنا محظوظة لأنّ علاقتي بأهلي تحكمها الثقة، وهم يحترمون قراراتي ويقدّرون حفاظي الدائم على المبادئ التي ترعرعت عليها. أهلي مرجعيتي في الأمس كما اليوم وغداً، ورضاهم هو بركة في حياتي.


أنا ووسام

- اليوم، وسام هو زوج وشريك وداعم لك في حياتك المهنية، تستشيرينه في كلّ صغيرة وكبيرة، أخبرينا عن هذه العلاقة الاستثنائية التي تحدّت كلّ الصعوبات والاختلافات؟

علاقتي بوسام علاقة مميّزة. يجمعنا حبّنا للحياة وتفكيرنا الإيجابي وطموحاتنا ورغبتنا في تأسيس عائلة سعيدة. الاختلافات قرّبتنا أكثر من بعضنا البعض. ما يجمعنا أكثر ممّا يفرّقنا. نحن نتشارك في كلّ شيء، ونتناقش في كلّ شيء حتى لو اختلفنا في الآراء. علاقتنا مبنيّة على المصارحة والتفاهم والاحترام، وهذا ما يصنع نجاح زواجنا. 

- الحبّ الكبير، ما هو وقوده كي يظلّ مشتعلاً؟

عندما التقيتُ بوسام، عرفت للتوّ أنه الشريك المثالي لبناء عائلة معاً. صحيح أنه كان حبّاً من النظرة الأولى، لكنّ الحبّ وحده لا يصنع عائلة ناجحة ومُحبّة ومتفاهمة. العائلة هي مؤسسة يجب أن يتفق فيها الشريكان على الأهداف والطموحات وأسلوب التنفيذ. هي شراكة يكلّلها الحبّ والتفاهم والمصارحة. أنا واقعية، وأعرف أن كلّ علاقة تمرّ بظروف صعبة ومشاكل، لكن هذه المطبّات يتجاوزها الزوجان بالنقاش الهادئ والاحترام المتبادل. 

- توفّقين بذكاء تام بين حياتك العائلية والمهنية، ما هو سرّك؟

سرّ التوفيق بين حياتي المهنيّة والعائلية هو وسام. أستطيع القول إن لديّ الشريك المثالي الذي يغمرني بالحبّ والدعم، ويدفعني الى الأمام. 

- من يراقب حياتك يرى أنها تبدّلت كثيراً في الأمكنة والمجتمعات وأنماط العيش وغيرها، ما هو الاستقرار بالنسبة إليك؟ وكيف تحافظين على توازنك وسط كلّ هذه التقلّبات؟

هذا صحيح، لقد تبدّلت حياتي وغيّرت أمكنة كثيرة. الاستقرار يأتي من تمسّكي بالمبادئ التي تربّيت عليها، وهي لي الأساس. وكلّ التغييرات الأخرى هي تفاصيل أتعلّم منها فأكتسب المزيد من الخبرات. مبادئي وأهدافي لم تتغيّر مع التقلّبات التي شهدتها حياتي في السنوات الأخيرة، وهي تحقق لي الاستقرار والتوازن.

- هل يشجّعك وسام على امتهان التقديم؟ وماذا عن التجربة التي جمعتك معه في تقديم حفل رأس السنة على "تلفزيون دبي" و"سما دبي"؟

وسام لم يشجّعني على امتهان التقديم، لكنه يشجّعني باستمرار على تحقيق ذاتي في الخيارات المهنيّة التي أُقدم عليها. هو لا يفرض عليّ أيّ قرار، بل يترك لي اتخاذ القرارات التي تناسبني، ويُبدي استعداده لمناقشة كلّ التفاصيل، ويقول رأيه الصريح والموضوعي في كلّ ما نناقشه سوياً. 


خطوة جديدة

- تحدّثتِ عن تجربة جديدة في التقديم، ما هي؟ وهل تردّدت في اتّخاذها؟

لطالما حلمت ببرنامج تلفزيوني له علاقة بالأزياء التي هي اختصاصي ومهنتي وشغفي. سيكون لي قريباً برنامجي الخاص بي وهو يتناول الموضة والأزياء. كان من المفترض أن نبدأ بالتصوير، لكن وباء كورونا أخّرنا قليلاً. المشروع موضوع على نارٍ حامية، وسأعلن قريباً، عبر مجلّتكم المزيد من التفاصيل. 

- تمارسين الرياضة بانتظام، أخبرينا عن برنامجك الرياضي؟

أعشق الرياضة، وهي سرّ طاقتي وإيجابيتي. الرياضة بالنسبة إليّ كانت ولم تزل روتيناً يومياً. يجب على كلّ امرأة أن تشحن طاقتها يومياً بساعة من الرياضة، كي تقدر على العطاء والتضحية في سبيل عائلتها. وسأعلّم طفلتيّ ممارسة الرياضة بشكل يومي.

- هل تتّبعين حمية معيّنة؟

لا، لا أحبّ الحميات. سرّي في اتباع نظام غذائي صحّي بشكل دائم. آكل باعتدال ولا أحرم نفسي من أيّ طبق أحبّه، لكن بكميات محدّدة.


أسرار جمالي 

- ما هي أسرار جمالك؟

الثقة بالنفس هي سرّ جمالي، إضافة الى البساطة. "كوني أنتِ على سجيّتك، لا تتصنّعي ولا تقلّدي أحداً، هذا هو سرّ كلّ جمال". 

- ألوانك المفضلة في الأزياء؟ 

أحبّ كلّ الألوان، فلكلّ لون رونقه وإشعاعه. وأعشق الأسود، خصوصاً أنه لون الثقة بالنفس والغموض. وأعشق أيضاً اللون الأبيض لأنه عنوان النقاء. 

- أكسسوار لا تخرجين من دونه؟

أحبّ الساعات كثيراً، ولا أخرج من دون ساعتي. إنها أكسسوار يضبط حياتي وينظّمها. 

- تجمعك علاقات وطيدة مع دور أزياء عالمية، بينها فندي FENDI، أخبرينا عن علاقتك بهذه الدار العريقة؟

عملت مع الكثير من دور الأزياء، لكن العلاقة التي تربطني بـ"فندي" FENDI مختلفة، خصوصاً أنني عشت في ميلانو وأعشق دور الأزياء الإيطالية. "فندي" FENDI هي دار عريقة أحترم تاريخها وأعشق منتجاتها وعلاقتي مميزة بها، خصوصاً أنني اختارها للكثير من إطلالاتي في المناسبات العامّة والخاصّة. وأنا سعيدة دائماً بالتعاون مع هذه الدار. 

- ماذا عن تجربة تصوير طفلتيك على غلاف "لها"؟ هل كانت صعبة؟ 

أعترف بأن التصوير مع الطفلتين تطلّب الكثير من الجهد والطاقة! بيلا ماريا تعشق الكاميرا وتعرف كيف تتعامل معها، وأنا سعيدة بذلك. أما آيا صوفيا فلا تزال صغيرة... رغم ذلك، كانت تجربة جميلة تخلّلها الكثير من المرح. لقد أضافت بيلا ماريا وآيا صوفيا على أجواء التصوير المرح والحيوية!  


حكمتي وسرّي

- حكمتك في الحياة...

في حياتي حِكم كثيرة... ثقي بنفسك، فيتحوّل المستحيل إلى ممكن. تمسّكي بمبادئك، فهي مفتاح احترام الآخرين لك. لا تضيّعي وقتك على أمور لا يمكنك التفرّغ لها بما يكفي، لأن هذا سيحول دون نجاحك فيها وحصدك ثمار الوقت الذي استثمرته فيها.  

- سرّ تفاؤلك الدائم...

أحيط نفسي بأشخاص إيجابيين يمدّونني بالطاقة الإيجابية. أؤمن بأن الغد أجمل، وما علينا إلا أن نتفاءل! 

- كلمة أخيرة تبعث الأمل في نفوس القرّاء والقارئات...

بعد كلّ عاصفة، شمس تُشرق وتدفئ القلوب الباردة وتنير حياتنا. هذا ما أقوله لنفسي في المحن. لا بدّ للشمس من أن تُشرق من جديد.


تصوير: فؤاد تادروس

ماكياج وشعر: كاسيا دومانسكا

الأزياء كلّها من مجموعة فندي لربيع وصيف 2021 FENDI SS2021


CREDITS

تصوير : فؤاد تادروس

شعر: كاسيا دومانسكا

مكياج : كاسيا دومانسكا