يزن خليل: يجب أن تتوازى فرص الدراما مع حجم الموهبة

حوار: أمين حمادة 14 فبراير 2021

يتمتع الممثل السوري الشاب يزن خليل بقدرة حقيقية على نحت دور في كل شخصية يجسّدها بغض النظر عن حجمها وترتيبها في الشارة، لا سيما أنه يفرض على المشاهد لمس اللحم والدم، واستشعار الجهد المبذول، بعيداً عن تفاهة "الشاب الوسيم" السائدة في كثير من الأعمال بحجم كبير وأداء صغير. في السطور التالية، يجيب خليل عن أسئلة "لها" حول المفارقة المذكورة، إضافة الى اعماله الجديدة وتحضيراته المستقبلية وبعض شجون الدراما، مع كشفه جانباً من حياته الخاصة مع زوجته الممثلة حلا رجب، والبعيدة في الغالب عن الإعلام.


- أخبرنا عن شخصيتك في مسلسل "بكرا بيجي نيسان" و أبرز ملامحها الدرامية

عموماً لا أتكلم عن أدواري قبل عرضها أمام المشاهد، ولكن أقدّم شخصية "شادي"، شاب عبثي غير منظم على الإطلاق، يعيش قصة حب ميلودرامية، قبل ارتكابه اخطاء جسيمة لا بد ان نتائجها واثمانها ستلاحقه. من جهة اخرى، استمتعت بتجربتي في العمل لأسباب عدّة، أولها طبيعة الدور الذي استفزني كممثل، وثانياً الوقوف امام عدسة المخرج الشاب بيار قلام في تجربته الإخراجية الأولى فحفلت بالكثير من الشغف، لا سيما انه صاحب طاقة وحرارة عالية في العمل، ما شجعني وأسرة العمل كثيراً.

- شخصية أمير في "انتقام بارد" اتّبعت مقولة "الغاية تبرر الوسيلة"... ما رؤيتك لهذا الدور؟ وما رأيك في هذا النوع في الدراما السورية من ناحية الغموض، وفي الشكل من ناحية عدد الحلقات القليل؟

الشق الأول المتمثل بشخصية "أمير"، هو من الشخصية الصعبة على المستوى النفسي والتي احتاجت الى بحث عميق في بنائها وكيفية ادائها والتعامل معها. هذا الأمر يتبعه بالضرورة مستوى عال من المتعة في العمل، إذ كلما ارتفع منسوب التحدي والجهد المبذول في العمل، ارتفع منسوب المتعة فيه.

وأما من ناحية فكرة الغموض في الدراما كنوع، فلا شك أننا نعاني من نقص فيه، على الرغم من أن الجمهور يحبه، لا سيما إذا كان مصنوعاً بذكاء يحترم عقل المشاهد، لذا أؤيد بقوة انتاج هذا النوع الدرامي بشكل أوسع، كما أني أدعم اعتماد المسلسلات على عدد أقلّ من الحلقات بطريقة الخماسيّات والسباعيّات والعشريّات، إذ تضمن عدم تعرض الفكرة الأساس الى "الشطّ والمط" والحشو والثرثرة، بخلاف ما تؤدي إليه الأعمال من فئة الثلاثين حلقة. أنا مع تكريس هذا النوع وأدعو شركات الإنتاج الى اعتماد عدد من الحلقات مرتبط بالفكرة وعلى قياسها حصراً، ومن حسن الحظ أن المنصات الإلكترونية تساعد هذا الاتّجاه وتخفف من أزمة ضغط العرض الرمضاني وارتباطه بعدد من الحلقات بطول ايامه.


- تستعد لتصوير دور جديد لك في مسلسل "في وضح النهار"، ماذا يمكنك أن تخبرنا عن العمل لا سيّما أنك تكرر التجربة مع الكاتبين علي وجيه ويامن الحجلي؟ وعن دورك؟

هذه ليست تجربتي الأولى مع المخرج سيف سبيعي الذي استمتع بالعمل معه دائماً بطريقته الخاصة، والكاتبَين علي وجيه ويامن الحجلي اللذين يتميزان بتفكيرهما "خارج الصندوق" ورغبتهما في التطور في جميع تجاربهما بغض النظر عن تفاوت نسب النجاح فيها، إلّا أنّها جميعاً خلاقة وخارجة عن السائد، تستدعي الوقوف عندها. وأعتقد أن "في وضح النهار" هو التجربة الأنضج بالنسبة لهما، إذ إن النص متين ودقيق فعلاً، ومبني بشكل حقيقي، وقائم على دراما حقيقية أصبحنا كممثلين نتعطش اليها، إذ تمس العالم والأشخاص بواقعية، وتذهب بجرأة الى طبقات اجتماعية معينة أصبح من النادر التعامل معها في الدراما الحالية للأسف. في هذا العمل أقدّم شخصية "طاهر"، هذا فقط ما استطيع التصريح به عنها حالياً.

- ماذا عن دورك في "حارة القبّة"؟

تجربتي في "حارة القبة" مصحوبة بخصوصية شديدة، إذ إن وقوفي الأول في حياتي أمام الكاميرا، كان أمام المخرجة رشا شربتجي في الجزء الثاني من مسلسل "الولادة من الخاصرة" عبر عدد قليل من المشاهد، وكنت لا أزال حينها طالباً في المعهد، والآن بعد عشر سنوات من ذلك، الوقوف مجدداً أمام كاميرتها يحمل طابعاً خاصاً، ويتضمن رغبة في داخلي لمعرفة الفارق عندي بين المشاهد الأولى التي صورتها في مسيرتي، والمشاهد التي أصورها الأن. وإلى جانب هذه الخصوصية، التجربة كانت مجهدة وممتعة في آن واحد بسبب طبيعة الدور الاستثنائية، وبفعل التحريض الذي تقوم به رشا شربتجي لاستخراج أفضل ما في الممثل من قدرات، واتباع افضل طريقة للعمل، لا سيما أنها تعمل مع الممثل والمسلسل كأنها تصنع لوحة من الفسيفساء واضعةً فيها من روحها، ودقة عينها. وأجسّد في العمل شخصية رجل تابع لأحد الإقطاعيين في فترة الاحتلال العثماني، هذه الشخصية تمر بمجموعة من المشاكل والمصائب التي قد لا تتعامل معها بشكل مناسب بسبب ظرفه الاجتماعي. وللمفارقة اسم الشخصية "متعب" وهو فعلاً دور صعب جداً.

- ما أبرز إيجابيات وسلبيات أعمال "البيئة الشامية" برأيك؟

انا لست مع التعامل مع اعمال البيئة الشامية ككتلة واحدة، كي لا نخلط بينها جميعها ونظلم الجيد منها بسبب السيء. ولكن عموماً، من أهم سلبيات هذا النوع من الدراما تحديداً في السنوات العشر الأخيرة، الشخصيات المسطحة ذات البعد الواحد، وتكرار الاحداث، فالمشاهد لا يجد داعياً للتفكير بسبب الشخصيات الواضحة حيث لا تَماسّ إنسانياً فيها بين الخير والشر، بل هي جيدة او سيئة حصراً بشكل بدائي، إضافةً الى معرفته المسبقة لما سيحدث. وأما الأمر الإيجابي في البيئة الشامية، فهو انها مطلوبة جداً من الجمهور العربي وساهمت في تعريفه بالدراما السورية ككل وفي انتشارها، وأنها تتمتّع بعامل تسويق ضخم لهذه البيئة العريقة النابعة من مدينة تاريخية عظيمة، والتي لا تزال تحمل جوانب كثيرة وهامة غير مطروقة في الدراما حتى الآن.

- يتبين لمن يتابعك الجهد الكبير الذي تبذله في ادوارك واحترامك لها، ولكن ألا تشعر بشيء من عدم الإنصاف نظرا الى الضوء المسلط عليها بالنسبة الى حجم الأداء؟

اشكرك على رأيك الذي احترمه وعلى رؤيتك لما أقدّمه من جهد كبير، ولكن الحقيقة أن الجواب على هذا السؤال، ليس منوطاً بي ولا هو من مهمتي التي تتركز في أداء عملي بكل امانة وشرف وجهد ممكن. كل ما أعرفه هو محبتي لمهنتي كممثل وحرصي على بذل كل طاقتي في سبيل إتقان كل دور من أدواري، حيث قد أخطئ أو أصيب، وإنما الأهم هو تقديم كل ما لدي وأداء ما عليّ.

- يحتل عدد من النجوم الذكور السوريين (أسماء معدودة ومعروفة) مراكز البطولة الأولى في الغالب في المسلسلات السورية والمشتركة منذ سنوات، من دون أي إختراق من قبل أسماء جديدة وتحديداً من جيلكم، هل توافقني الرأي؟ ولماذا برأيك؟

اوافقك الرأي. اختراق هذه الدوائر صعب جداً، لأن المسألة باختصار أن محطات العرض وهذه الإنتاجات بنسبتها الأكبر ليست سورية، وبالتالي شروط العمل ليست سورية، وموضوعة من قبل فريق يرى أنه ليس بحاجة الى تقديم أسماء جديدة، وإذا شعر بهذه الحاجة، فستكون بأسماء من بلده. في النهاية هذا شرط سوق لا أدّعي أنني خبير فيه، ولكن ما أعلمه جيداً أن الممثلين السوريين عند وضعهم في هذه الأماكن، يقدمون أداءً حرفياً عالي المستوى و"يرفع الرأس"، مع تمنياتي بدخول أسماء جديدة إلى هذه الدوائر بسبب عدم تكافؤ الفرص، مع وجود كمّ هائل من المواهب المميّزة التي تخرّجت منذ سنوات كثيرة أو تخرّجت حاليّاً من دون الحصول على الفرص التي يستحقونها، وأنا متأكّد أنهم سيبدعون إذا ما أخذوها، بخاصة أن هناك أسماء أخذت فرص أكبر بكثير مما تستحق، بينما هناك أسماء أخرى لم تحصل إلا على فرص أقل من حجم موهبتها.


- أنت متزوج من الممثلة حلا رجب، لكنكما تحافظان على حياتكما الخاصة معاً بعيداً عن الإعلام والسوشيال ميديا، وتحديداً بعيداً عن "الاستغلال الإعلامي".. ما هي وجهة نظرك في هذا الجانب؟

لدينا وجهة نظر بعدم المزج بين الخاص والعام، ما في المنزل للمنزل، وما في العمل للعمل، فدورنا بالنسبة للجمهور يكمن في تقديم أعمال وأدوار جيدة له، أمّا فيما يتعلّق بحياتنا الشخصيّة فلسنا مع جعلها في متناول الجميع وفتح تفاصيلها على "البحري" وفقاً للمقولة المصرية. قد نشارك الجمهور بلحظات معينة مختارة بعناية، ولكن علاقتنا مع الإعلام الاجتماعي ليست قوية ولا ناشطة جداً، لدرجة ان حلا لا تملك حتى الأن اي حساب على شبكات التواصل، لكنها تفكر حالياً بالقيام بذلك.

- هل تتشاوران وتتبادلان الآراء في الأدوار التي تُعرَض عليكما وتعملان عليها؟ هل يمارس أحدكما النقد أحيانا تجاه أدوار الآخر؟

طبعاً نتشاور ونتبادل الآراء في جميع التفاصيل، في الدور والمشهد والجملة والفعل. يتحوّل المنزل إلى ورشة عمل خاصة بالتمثيل عند وجود أي عمل لأحد منا او لكلينا، فنعمل يومياً لأكثر من تسعة ساعات في مناقشة كل جانب من العمل. هذا الأمر من الأشياء الممتعة جداً في حياتنا، بسبب ان شريك حياتك يعمل في مهنتك عينها، وبخاصة في التمثيل، المهنة التي تحمل شغفاً وتجدداً دائمين. ويزيد من أهميتها أن الطرف الثاني لا يكتفي بما هو خير لك فقط، ولكن مع ثقتك به، يتمتع برأي علمي ومختص وذكي جداً.

ومن جهة ثانية، نعم نمارس النقد بشدة أحدنا تجاه الآخر، فـ"حلا" هي أكثر مَن أخاف نقدها، لأنها تقول رأيها بصراحة من دون مواربة او مجاملة في السلب والإيجاب، الأمر الذي أفعله أيضاً معها. دعني اقول لك إن لدي استاذة تمثيل في المنزل يمكنني الرجوع اليها في كل مشورة أو عائق والوصول معها الى الحلول الناجعة.