عبدالله الرويشد غنّى ألم الحبيب وأمل 'البحرية' في صور

مقابلة, نوال الكويتية, شيرين عبد الوهاب, عمرو دياب, ألبوم غنائي, أحلام, محمد المنصور, كاظم الساهر, فادي حداد, ديور, مهرجان الموسيقى العريقة, حفل غنائي, فيديو كليب, نبيل شعيل, عبدالله الرويشد, رباب كنعان, أغنية, محمد الرويشد

26 يوليو 2010

«من يقدر يغطي الشمس وخلي اللي ما سمع يسمع، في وسط قلب تقديرك وإنت الحب والمرجع»... كلمات من أغنية «هلا» التي نسج شريطها المصوّر أخيراً حلم عروس خجولة تنتظر بخفر فارس أحلامها. شاهدناها أخيراً وتألق فيها سفير الأغنية الخليجية الفنان الكويتي عبدالله الرويشد الذي يثبت مع كل خطوة أنه قدوة لكل فنان ناجح. فما أطرف عبارة «يا ويلك ما تخاف الله حرقت عيون عبدالله»، جرأة في الأداء وجذب يذوب حنكة تحاكي «فن». ولعلّ العبارة الأولى تتماهى وإطلالة «أبو خالد» في مدينة صور في جنوب لبنان التي أمّها أهل الجنوب وعائلات خليجية والسفيران الكويتي عبد العال القناعي والكوري يونغ هالي.


سفير فارس بفنّه، يرجّح حفاوة الفرح بإبتسامته الناصعة. سفير قريب من القلب، متواضع بعيد عن التواتر. تراكم الألق في صور وإكتمل بحضور الرويشد، ضيف السيّدة رندة برّي التي رحّبت به في دارتها في جنوب لبنان قبل الحفلة. غنّى له سلطان الطرب جورج وسوف «رحلتي» فاقترب من إحساسه، كذلك فعل راغب علامة الذي وبشهادة الرويشد المتصالحة مع أي حقيقة أداها بشكل أفضل منه. وها نحن نسمع مجدداً هذه الأغنية التي ولدت مطلع الثمانينات، قبل ولادة شريحة كبيرة من جمهوره. إحساسه يلتهم الهمّ. هل أدّى الرويشد حفلته بنمطية «البلاي باك» ؟ تساؤل جائز، فصوته يطرح في أعماقنا صمتاً مدهشاً، فهو هو حين تنصت إلى أدائه عبر أسطوانة وعلى مسرح. وكم يليق به المسرح. إفتتح الحفلة بأغنية «لا تلومونه» التي عزفها الموسيقيون بقيادة المايسترو إيلي العليا، فردّدها الحضور بإنسيابية حتى العبارات التي قد تخون الأداء أحياناً لشدة إيحائها وغزارته وعمق معناه، «دموعه في عيونه على الخد صبابه من هم يواسونه من البعد وأسبابه... باح مكنونه على السطر بكتابه هل هم يراعونه يردوا بجوابه». «عمر الشجر ما ينكر جذور قاعه»، موال أغنية «دنيا الوله» الذي لم يستهل به الرويشد الأغنية لكن وقعها كان الموّال، فهي راسخة بسخاء ومتألقة كما لحظة صدروها خصوصاً في لبنان. وبعطشه للحبيب في أغنية «بعيوبك أبيك» روى الرويشد ظمأ الجمهور بكلمات إستسملت لمرارة الحب بتوقّد الإيقاع الذي لم يقاومه الجمهور ولم يحيّد ساكناً. «اللي نساك نساه» و«ما في أحد مرتاح» و«مسألة وقت»، أغنيات لم  يغطّها الغبار وستبقى حاضرة في حفلات السفير، فهو لن «يسلم أوراق إعتماده» إلاّ لذاكرة لا تنكر محطات الماضي. وحتى حين روى الرويشد حكاية موال عن صبية تقدم للزواج منها ثلاثة رجال، الأول غني وزيادة والثاني جميل وزيادة والثالث فقير وزيادة، كان إمبراطور طرب، وكأن صور جدّدت فيه صوت أبجدية خليجية. أرشيف فريد، شعبي ورومانسي جاد به الرويشد بوجدان وطن مرنّماً موال الكبير وديع الصافي، مستهلاً أغنية «عندك بحرية يا ريّس»، «جبلنا بدمنا جبلنا مهما الدهر غضباتو جبلنا». وكم تناثر ثرى الجنوب ورثى في اليوم نفسه من عام 2006.
يوم آخر برفقة السفير عبدالله الرويشد، في الكواليس هذه المرة. في موقع تصوير أغنية «مجنونها» تحت إدارة المخرج فادي حداد، كان لقاؤنا و«أبو خالد» عن قرب. جالس على مقعد خشبي بأناقته المعهودة «يصاب بالجنون» مذ تمرّ العارضة الأوكرانية  بفستانها الزهري. إنتهى المشهد، وكان هذا الحوار في الجوار.


- ما الذي تمثله لك المشاركة في مهرجان صور؟
كانت بالنسبة إليّ محطة فنية لا تقلّ أهمية عن غنائي في دار الأوبرا المصرية ومهرجان قرطاج وفي الأردن. يمثّل هذا المهرجان «شيئاً» في مسيرتي الفنية. أنني وقفت على المسرح التاريخي لمدينة صور.

- توقعناك أكثر جوداً. لمَ كان حضورك مقتضباً ؟
كانت الحفلة مختصرة إحتراماً لرحيل المرجع العلامة السيد محمد حسين فضل الله. لم تشأ السيدة رندة برّي خذل المدعوين فأحيينا حفلة كان من المفترص أن تمتدّ لوقت أطول وبحضورها.

- أديت عشر أغنيات، وغالبيتها مصورة. هل هذا يؤمن تفاعلاً أكبر مع الجمهور رغم أننا إنتظرنا سماع «وحشت الدار» «تمنى» و«ليّل الليل»؟
إيه والله. السبب هو الإختزال الذي طرأ على برنامج الحفلة. من ناحية أخرى، لا يمكن إنكار حقيقة أن الكليب بات من مقومات الأغنية ونجاحها وإنتشارها رغم تعدّد المصدر الموسيقي للأعمال، إلاّ أن الأغنية المصورة هي الحل الأمثل وما ينطبع في ذاكرة الجمهور.

- وهذا ما يطرح سؤالا:  لمَ ظلم ألبوم «تمنى» الذي يضم 15 أغنية ناجحة بكاملها، ولم يصوّر منه إلاّ «كنت أعرفك»؟
تلا إصدار ألبوم «تمنى» ظروف عائلية حالت دون تفرّغي الفني. العام المنصرم كان كئيباً بوفاة والدتي، تنقلت بين المستشفى وتقبّل التعازي، وكذلك وفاة صديق أعتبره بمكانة والدي، هذا الرجل يمثّل لي الكثير في حياتي هو الشاعر الناصر (الشيخ خالد بن سالم بن محفوظ) الذي فارق الحياة بعد رحيل والدتي بثلاثة أيام (كلمات أغنية «تمنى» وديو «إسمك» الذي جمع الرويشد مع نوال من كلمات الناصر رحمه الله).

- هل ثمة إحتمال لتصوير أغنية من الألبوم السابق؟
أتطلّع إلى دعم أغنيات الألبوم الجديد بالمرتبة الأولى، بدأت مع الأخت نهلة الفهد التي تعاونت معها في تصوير أغنية «هلا» في دبي والشارقة، واليوم (المقابلة أجريت في موقع التصوير) أؤدي أغنية «مجنونها» برؤية المخرج فادي حداد.

- هل مشروع التصوير في سوق واقف القطري لا يزال قائماً ؟
لا، فالمشروع كان خياراً لتصوير أغنية «هلا»، لكن نهلة كان لديها وجهة نظر مختلفة خصوصاً أن هذا المكان صوّرت فيه مع الفنانة لطيفة.

- كيف تقوّم التجربة بينهما كمشاهد؟
نهلة نهج جديد في الإخراج، وأتصوّر أنها لو تلقّت الدعم اللازم ستبدع أكثر، ولكن أعترف بأنني لم أمنحها الوقت الكافي أمانة رغم أن السيناريو الذي إقترحته بسيط وشعبي.

- لما وقع إختيارك على أغنية «مجنونها» الصاخبة بوقعها ؟
لقد تألقت هذه الأغنية كثيراً في الأعراس، وهي ناجحة جداً في غالبية الدول العربية. فكان لا بد من دعمها كوني أنصفت صورة اللون الشعبي. كما أنني للمرة الأولى أغني هذا اللون من كلمات أحمد بن فارس وألحان فايز السعيد.

- لما لم تكرر الغناء باللهجة المصرية في ألبومك الأخير؟
لم يكن الأمر مقصوداً، فقد كررت هذه التجربة كثيراً وعبر «تغيب تروح» أخيراً وسبقتها أغنية «دي تبقى عيبه» التي تعرضها شاشة «روتانا سينما» مولّفة مع مشاهد من فيلم «الخائنة» للممثلة المصرية نادية لطفي. كما سيتضمن الجديد أغنية «ياريت»، تعاوني الأول مع الشاعر الكبير عمر بطيشة والملحن صلاح الشرنوبي.

- أديت أخيراً قصيدتين وقعهما شقيقك الملحن محمد الرويشد بعد طول إنقطاع. ألا تحبّذ فكرة تصوير القصيدة إسوة بزميلك الفنان العراقي كاظم الساهر؟
 القصيدة... المفروض أنها عملٌ يستحق التصوير، لكن في الآونة الأخيرة باتت الأغنية السريعة هي الوجه الأمثل لشركة الإنتاج التي لا بد من دعم نجاحها والعمل على إنتشارها.

- كزميل وفنان في رصيده أكثر من 25 ألبوما غنائيا، كيف تقوّم ثنائية كاظم الساهر والقصيدة «النزارية» ؟
هذه وجهة نظري وقد يكون رأي كاظم الساهر مغايراً لكنني لا أقرأ الأفكار. أتقبّل الساهر في أغنية «عبرت الشط على موجك» أكثر من قصائد نزار قباني الملحّنة. أحب وأرغب في الإستماع إليه يؤدي ما قدّمه في الآونة الأولى من إنطلاقته الفنية. لقد قدّمت القصيدة بشكل بارز حين أدّيت قصيدة الشاعر الكويتي الراحل فهد العسكر «يا جارة الوادي»، أذهب إلى هذه الخطوط وأخوضها لكنني أعود دوماً إلى أمّتي الشعبية... أكرّر هذه وجهة نظري، والله يوفق الجميع.

- هل يحمل الجديد عملاً باللهجة اللبنانية بعد «مش حرام عليك» من ألحان الكبير وديع الصافي ؟
نعم، سأستمع قريباً إلى أعمال لبنانية من ملحنين وكتاب جدد.

- لمَ تقلّص تعاونك مع الملحن الكويتي عبدالله القعود أخيراً ؟
دون أدنى شك أن الملحن عبدالله قدّم إليّ عملاً مميزاً أخيراً هو «ولا غيرك»، لكنه في الآونة الأخيرة إبتعد عن التلحين منشغلاً بمهماته كعضو في لجنة تحكيم ومنتج، كذلك هو ممسك بكل «الأوبريتات» الكويتية. أتمنى التعاون معه مجدداً وفي أكثر من عمل.

 

- خطوات غير مكتملة، صفة تلازم مشاريعك الفنية. ماذا عن ألبوم الأطفال الذي كنت قد كشفت عنه منذ فترة ؟
هذه خطوة لا تزال قائمة، لكن المشكلة هي صعوبة العثور على شاعر، فأنا أصبو إلى التوجه أكاديمياً وتربوياً إلى الطفل. لا أقول للطفلة «أنت جميلة» و«كيوت» بل أريد بث رسالة تربوية قد تتعلق بإشارات المرور والنجدة...

- لماذا فكّرت بمشروع مماثل ؟
قد يكون الأمر مرتبطاً بدافع عائلي، لقد أنجزت عملين أو ثلاثة لكنني أصر على إكتمال هذا المشروع، والعائق الجوهري هو غياب الشاعر. فالكتابة للطفل اليوم صعبة للغاية، (إحنا الأطفال جنبهم في عالم التكنولوجيا اللي دخلهم متاهات كبيرة.. بلاقيهم أفهم منا بكتير).

- قد يكون السؤال متأخراً لكن يجدر التوقف عند عتاب الفنانة الراحلة رباب عليك وعلى الفنانة أحلام. ذكرت في حديث قبل وفاتها أنكما لم تبادلاها المودة بينما هي آزرت كلا منكما في فرحه وشدّته.
رحمها الله، عتبت على الكثيرين لكنني سألت عنها وكان عتابها متسرعاً. الرحمة عند رب العالمين وليس عند البشر.

- متى سيبصر الديو الغنائي الذي يجمعك بالفنانة الإماراتية أحلام النور؟
لقد سجلنا الديو «قول والله» وأحلام حامل في الإمارات، لكننا لم نصوّر الأغنية بسبب إنشغالها. الأغنية ستصدر منفردة قريباً وهي تحمل عتاباً. ديو جميل من ألحان فايز السعيد. (يردّد بعض كلماتها، تحبني ؟ قول والله...).

- هل من تعاون جديد مع نوال الكويتية ؟
لا.

- ديو «إسمك» كان يستحق التصوير ...
مراسم زواجها من الملحن مشعل العروج حالت دون ذلك، قد نصورها لاحقاً.

- ماذا قصدت حين وصفت الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب بأنها تملك صوتاً خطيراً ؟
هي فنانة تفكر وتغني «صح»، تملك خامة صوت غير موجودة في كل الوطن العربي وهي إنسانة مسالمة.

- لكنها متهمة بعكس ذلك؟
أنا لا أراها من هذا المنظار، أعتبرها أفضل فنانة عربية حتى دون جائزة. إختياراتها جميلة وأغانيها المصورة ناجحة، تفكيرها الفني سليم بشهادة الجميع وشهادتي. لديها رؤية تجاه الأغنية المصرية، وهي نورها.

- لما لا تخوض تجربة الديو مع شيرين؟
أفكّر بهذا الموضوع بشكل جدّي والله، وباللهجة المصرية لأني أفضل الغناء مع نوال أو أحلام باللهجة الخليجية. أفكر ملياً بغناء المصري وستغطي شيرين على صوتي حتماً.

- ستقبل ؟
طبعاً.

- من هي نجمة الخليج الأولى ؟
نوال الكويتية وأحلام ولا ثالثة لهما.

- تؤمن بالجوائز الفنية؟
قد تكون تقديراً لكنها خارج إطار المنافسة. قد يشترون الجوائز على جواز دبلوماسي، هذه ليست سكّتي  وليست من أولوياتي ولا تعني لي ولا تمثلني، فأنا لا أكذب على نفسي. أكتفي بنشر صورتي في جريدة «الوطن» (يضحك).

- إلى من تستمع أثناء القيادة ؟
والله لو أقول تضحكي (بمعنى لا تصدقيني).

- تستمع إلى أعمالك؟
لا، فقط أثناء إنجاز عمل. أستمع إلى الشيخ المصري محمد عمران، هو من أبدع من قرأ القرآن الكريم. هو شيخ كفيف وكان من أصدقائي رحمه الله. لقد تتلمذت على أصوات نجاة الصغيرة وعبدالحليم حافظ وعبدالوهاب وفايزة أحمد، لكن صوت الشيخ محمد عمران يمدني بطاقة وأعمد إلى تقليد نغمات صوته.

- أنت من الفنانين الذين تترقّب زلّتهم. هل يمكن التوضيح؟
بكل بساطة، أتعلّم الكثير من نغمات صوته.

- إلام يطمح سفير الأغنية الخليجية اليوم؟
أطمح إلى العالمية التي حقّقها عمرو دياب إنما بالأغنية الخليجية.

- ما سر نجاح عمرو دياب ؟
مصر ومنظور إعلامي داعم.

- ألا تستحق شيرين عبد الوهاب العالمية أيضاً؟
حين تألق العندليب عبدالحليم حافظ لم يكن الصوت الأجمل في مصر، لا بل كان يتفوّق عليه كارم محمود ومحرم فؤاد، لكن ذكاء عبد الحليم ودعم الموسيقار عبد الوهاب الذي أنتج له أعمالاً وأفلاماً عديدة...

- وما سر هذه الإبتسامة التي كانت محط إعجاب السيدات في الحفلة؟
يسرّني كثيراً أن ألقى قبول الجمهور. حين نقابل شخصاً لأول مرة أو إنساناً نكنّ تجاهه مشاعر سلبية، بمجرد أن يبتسم سنلين حتماً.


إلى من تقول...

- وحشت الدار...
إلى والديّ، لأن الدار دون عجوز وأشيب لا قيمة لها ولا نكهة، لقد ولّدا فراغاً كبيراً. رغم أن كلاً منا كان يسكن في دار لكننا كنا نجتمع نهار الجمعة، (وحشوني كتير).

- تمنى...
لأولادي، خالد وبدر وأسيل وشروق ودلال.

- يا صاحبي...
إلى نبيل شعيل، هو أصدق الأصدقاء، نحن واحد ومن جيل فني واحد، تألقنا معاً وصامدان معاً. يحفزني على إقتناء جهاز «آي باد» مسنداً إليه مهمة تزويده بالبرامج التي أفضلها، فهو مواكب وهاوٍ لكل جديد في عالم التكنولوجيا.

- يا أعزّ الناس...
والدتي.

- مجنونها...
مجرّد أغنية، لا أصل إلى حدّ الجنون تجاه أي إمرأة.