'عسل إسود' يُثير الجدل

فيلم قصير, أحمد حلمي, المخيّم الصيفي, النقاد, طارق الشناوي, الخطأ والصواب

27 يوليو 2010

رغم أن فيلم «عسل إسود» للنجم الكوميدي أحمد حلمي تصدّر إيرادات أفلام الصيف محققاً 19 مليون جنيه في 6 أسابيع ومتفوقاً بها على إيرادات الأفلام المنافسة، وأبرزها «الديلر» لأحمد السقا و«نور عيني» لتامر حسني و«اللمبي 8 جيجا» لمحمد سعد و«لا تراجع ولا استسلام» لأحمد مكي، إلا أن هذا النجاح الجماهيري قابله جدل نقدي واسع ومثير حول الفيلم، حتى أن النقاد انقسموا بين من يرون أن الفيلم يسيء إلى صورة مصر وبين من يرونه عملاً جريئاً يكشف سلبيات المجتمع المصري وعيوبه.
الفيلم شاركت في بطولته إيمي سمير غانم، وإنعام سالوسة وإدوارد ويوسف داود، وتدور أحداثه حول شاب مصري عاش معظم سنوات عمره في أميركا، وحصل على الجنسية الأميركية وقرر أخيراً العودة إلى مصر حاملاً معه جواز سفره المصري وليس الأميركي.
إلا أن هذا الشاب يكتشف أن معاملة الأجنبي داخل مصر أفضل بكثير من معاملة المصري نفسه، ولذلك يقرر الاستعانة بجواز سفره الأميركي وإلقاء جواز سفره المصري من شرفة الفندق، وتتغير المعاملة بالفعل. وتتطور الأحداث ليفقد هذا الشاب جواز سفره الأميركي ويصبح بلا هوية، ويبدأ رحلة استخراج أوراق هويته ليعود إلى أميركا من جديد.
ويتعرّض الفيلم لسلبيات عديدة في المجتمع المصري مثل سلبيات التعليم وتلوّث المياه، وانتشار الرشوة وغيرها، ورغم كل هذا فإن الشاب يشعر بالحنين إلى مصر والدفء الأسري الموجود في المجتمع المصري، ولذلك يقرر وهو على متن الطائرة العائدة به إلى أميركا أن يوقف الطائرة بحجة المرض المفاجئ ليعود من جديد إلى مصر.


حماية أميركية

 وعن الفيلم والجدل الحادث حوله يقول الناقد طارق الشناوي: الفيلم استطاع أن يقترب بنسبة كبيرة جداً مما يحدث في مصر، وخاصة شعور المواطن المصري بالحاجة إلى الحماية الأميركية لينال حقوقه في بلده. فرأينا «في الفيلم» أن البطل لم يحصل على احترام الناس والمعاملة بأسلوب لائق إلا بعد إظهاره جواز سفره الأميركي، خاصة بعدما صدمته المعاملة غير اللائقة وقت اعتزازه بمصريته وجواز سفره المصري. وفّق أحمد حلمي في اختيار رسالة فنية ذات اتجاه كوميدي، فبرع في تناول القضايا بجرأة اجتماعية في التناول، حيث تأتي النهاية وهي تحمل في عمقها رغبة في التأكيد أن البطل حريص على أن يُكمل مسيرته في مصر، مستغلاً مرة جواز السفر الأميركي فلم تستطع شركة الطيران المصرية إلا أن تستجيب لرغبة الراكب الذي يحمل جواز السفر الأميركي في العودة لأرض مصر بحجة إصابته بمشكلات صحية. وهكذا تأتي النهاية و«حلمي» متمسك بالعودة إلى مصر، وكأنه يردد قول الشاعر «بلدي وإن جارت عليّ عزيزة وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام»، وبذلك الفيلم نادى بحب مصر وليس الإساءة إليها.


كشف الأخطاء

 وأكد الناقد رؤوف توفيق سعادته بمضمون الفيلم، وقال: إن به تفاصيل كثيرة مكتوبة بعناية شديدة وذكاء يكشف عن عيوب في حياتنا أصبحنا نراها شيئاً عادياً من فرط التعود عليها، بينما هي في عيون الزائر القادم من الخارج، أشياء ضد العقل والمنطق، وضد الحقوق الطبيعية للإنسان، وضد التطور، وضد النظام، وضد الجمال، وهذه النظرة الكاشفة لأخطائنا وعيوبنا يعالجها الفيلم بدون تشنّج أو خطابة زاعقة، وإنما من خلال كوميديا راقية تبعث على الضحك والتأمل، وتدعونا لأن نعيد النظر فيها حباً في مصر. حيث يكتشف هذا الزائر كل الحنان والدفء الأسري وعمق الصداقات وشهامة أولاد البلد، وعزة النفس وكرامة الفقراء المستعدين للتضحية بأنفسهم لمن يطلب منهم المساندة. إن هؤلاء البشر هم العسل، أما الأسود فهو تصرفات أخلاق الزحام وأخلاق الفوضى وغياب القانون.


مهمتي انتهت

أما نجم الفيلم أحمد حلمي فاكتفى بقوله: لا أستطيع أن أعلّق على آراء النقاد حتى الذين هاجموا الفيلم، فأنا مهمتي انتهت عندما سلّمت الفيلم للجمهور والنقاد، ولا يمكن أن أحجر على رأي أحد مهما كان قاسياً. ومثلما تُسعدني الآراء التي تنصف الفيلم فأنا لا أغضب ممن يتحاملون عليه ويفسرونه بشكل خاطئ لأنهم مسؤولون في النهاية عن رؤيتهم. أما الجمهور العادي فأبدى رأيه من خلال الإقبال الشديد على الفيلم.