البدانة: مرض متعدد المخاطر.. فاحذروها

جولي صليبا 02 مارس 2021


يرتبط الوزن الصحي ارتباطاً مباشراً بوظائف جسم الإنسان. وهناك العديد من العوامل التي تسبب البدانة للجسم مثل السلوكيات الغذائية والنفسية. وغالباً ما تكون البدانة حالةً معقدةً ذات منشأ وراثي، إلا أنه توجد بعض العوامل الأخرى التي تزيد من فرص حصول هذه المشكلة، مثل البيئة التي يعيش فيها الشخص ونمط حياته، كالخمول والنظام الغذائي غير الصحي وتناول المأكولات الغنية بالسعرات الحرارية، والتأثيرات الهرمونية ومعدلات الأيض.

في هذا السياق، تشير خبيرة التغذية سينتيا بو خليلإلى دراسة أجرتها شركةAllurionعام 2018 وتفيد أن شخصين من كل ثلاثة أشخاص في الشرق الأوسط يعانون من زيادة الوزن أو البدانة لكنهم لا يطلبون الاستشارة الطبية بسبب شعورهم بالإحراج وعدم ثقتهم أو جهلهم لقدرة الاختصاصيين على مساعدتهم في حل هذه المشكلة. كما يخاف العديد من الأشخاص من اللجوء إلى الخيارات الجراحية، ويبقون نتيجة ذلك أسرى مخاوفهم المدمرة، على رغم عدم رضاهم عن الأساليب المُتبعة في إنقاص الوزن مثل الحميات الغذائية وتمارين اللياقة البدنية والمُكملات الغذائية.

بطبيعة الحال، لا توجد حلول سحرية لخسارة الوزن، وإنما هناك برامج مدروسة تستند إلى الأسس العلمية وخدمات الرعاية الصحية الرفيعة المستوى. وللتخلص من مشكلة البدانة مدى الحياة، من الضروري تبني أسلوب حياة جديد يحمل تغييراً إيجابياً على كافة المستويات واتباع أساليب صحية.

وهنا يبرز سؤال مهم، كيف يمكن التفريق بين الوزن الزائد والبدانة؟ للإجابة على هذا السؤال، يمكن اللجوء إلى مفهوم مؤشر كتلة الجسم (BMI)، حيث تصنف منظمةالصحةالعالمية البالغين ممن يساوي أو يزيد مؤشر كتلة الجسم لديهم عن 25 على أنهم زائدي الوزن، أما إذا بلغ المؤشر 30 فهذا يعني أنهم يعانون من البدانة. وبشكل مخالف للتوقعات، أظهر برنامج Allurion’sElipse Program الذي يتبع نهجاً شاملاً لإنقاص الوزن، أن 93٪ من الإناث و52٪ من الذكور في الإمارات الذين بدأوا باتباع هذا البرنامج يمتلكون مؤشر كتلة جسم يتراوح بين 30 و33.9.

وتؤثر هذه الحالة المزمنة في جودة حياة الأفراد، وتنعكس تأثيراتها على جميع وظائف الجسم، مثل الوظائف التنفسية والقدرة على الإنجاب والأنشطة الدماغية، والذاكرة وحتى المزاج. وتشكل أمراض القلب والأوعية الدموية أبرز ملامح هذا التأثير، حيث يُعد الارتباط بين وزن الجسم وتطور هذه الأمراض وثيقاً للغاية. فمع زيادة وزن الجسم، تزداد مستويات الكوليسترول وضغط الدم وسكر الدم والدهون الثلاثية والالتهابات، وهي عوامل خطرة قد تؤدي إلى الوفاة نتيجة الإصابة بمرض الشريان التاجي والسكتة الدماغية وأمراض القلب والأوعية الدموية.

من جهة أخرى، تُعتبر البدانة أحد أسباب الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، حيث يترافق ارتفاع عدد حالات البدانة في العالم مع ازدياد حالات الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. وفي هذا الصدد، أفاد الاتحاد الدولي للسكري في تقريره لعام 2019، أن واحداً من كل ستة بالغين في الإمارات مصاب بمرض السكري. كما كشفت دراسة أجراها مستشفى زايد العسكري خلال الفترة نفسها أن 4.7٪ من المرضى في الإمارات يعانون من مرض السكري في حين أظهر 41٪ منهم علامات تدل على ارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم، وهو مؤشر يسبق الإصابة بهذا المرض.

ورغم أن العلاقة بين البدانة والسرطان ليست واضحةً تماماً، لأن السبب الرئيسي للسرطان هو مجموعة من المشاكل الناتجة عن التكاثر غير الطبيعي للخلايا، فإن الصندوق العالمي لبحوث السرطان والمعهد الأمريكي لأبحاث السرطان وجدا خلال دراسة أُجريت عام 2007 أدلة قوية حول وجود صلة بين البدانة وسرطانات المريء والبنكرياس والقولون والمستقيم والثدي وبطانة الرحم والكلى، إضافةً إلى وجود ارتباط محتمل بينها وبين سرطان المرارة.

وفي النهاية، من المؤكد أن تأثير البدانة لا يقتصر على جانب معين من صحة الإنسان أو عضو من أعضائه وحسب. ولا بد من تسليط الضوء أيضاً على نتائج الدراسة التي أجرتها Allurion عام 2018 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي أظهرت أن إنقاص الوزن يمثل أولويةً قصوى لمن يعانون من البدانة أو زيادة الوزن. لذا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أن مكافحة مشكلة بمثل هذا التشعب تتطلب اتباع نهج متعدد الأبعاد، يعتمد علاجات غير جراحية ولا تسبب الإحباط للمريض، مع اتباع نظامٍ غذائي صحي وتعزيز اللياقة البدنية.