وسام صليبا: الجوائز لا تصنع الفنان ولا أسعى وراء الشهرة

جولي صليبا 20 أبريل 2021

وسام صليبا ممثل شاب موهوب درس الإخراج في الولايات المتحدة الأميركية. لمع اسمه سريعاً في الوسط الفني نظراً لموهبته الكبيرة، وحجز لنفسه موقعاً مهماً بين زملاء سبقوه في المهنة وعالم الشهرة. أثبت نفسه نجماً على الشاشات بحضوره الراقي والمحبّب. نشأ في عائلة فنية وتأثر كثيراً بوالده الفنان غسان صليبا الذي عارض بدايةً دخول وسام مجال التمثيل لأنه يعرف مصاعب المهنة ومتاعبها، لكنه سرعان ما عاد وشجّعه على خوض غمارها بعدما لمس عشق وسام لهذا الفن. في هذا الحوار، نتعرف إلى وسام ونكتشف مسيرته المهنية وبعض أسرار حياته الشخصية.


بدأ وسام صليبا مشواره الفني عام 2015 في مسلسل "أحمد وكريستينا" ثم شارك في مسلسلات عدة، منها: "حب غرام" عام 2015، "مثل القمر" عام 2016، "أول نظرة" عام 2017، "أصحاب ثلاثة" عام 2018، "آخر الليل" عام 2019، و"حادث قلب" و"خرزة زرقا" عام 2021. كما شارك في عدد من الأفلام السينمائية، منها: "لأني بحبك"، "ملاّ علقة"، "مطلوبين" و"ذا فيكسور".

- نشأتَ في عائلة فنية، وورثتَ الصوت الجميل عن والدك الفنان غسان صليبا. هل كان لذلك تأثير في دخولك عالم الفن؟

لا شك في أن العائلة تؤثر كثيراً في نشأة الطفل، وأنا أؤمن بأن الجينات تنتقل بالوراثة من الأهل إلى الأولاد. كنت أذهب كثيراً مع والدي إلى المسرحيات التي يشارك فيها، وأجلس في الكواليس مع الممثلين وأرتدي ملابسهم، وأشارك أحياناً مع الكومبارس، وكنت أشعر بسعادة غامرة آنذاك. لكنني لم أفكر أبداً في أن أصبح ممثلاً يوماً ما، ولم يحاول أحد من أهلي إقناعي بخوض غمار التمثيل.

في عمر 12 سنة، رغبتُ في أن أصبح ممثلاً بعد تأثري بالمسلسلات الأجنبية التي شاهدتها، وليس لأنني كنت أذهب مع والدي إلى كواليس المسرحيات. لكن لا شك في أن والدي أثّر فيّ بطريقة غير مباشرة، لا سيما أننا كنا نغنّي كثيراً مع بعضنا. وازداد حبي للتمثيل شيئاً فشيئاً من دون أن أعي ذلك. لكن من البدهي أن نكون أنا وأخي زياد قد تأثرنا بوالدنا.


- هل عارض والدك دخولك عالم الفن؟

في البداية، خاف والدي كثيراً عندما قررت السفر إلى لوس أنجلوس لدراسة الإخراج. ويُعزى ذلك إلى سببين: الأول هو أنني سأكون بعيداً عن عائلتي لفترة طويلة، أما السبب الثاني فهو المصاعب الكثيرة في عالم الفن والتي يعرفها والدي جيداً بحكم خبرته الطويلة في هذا المجال. لكن عندما لاحظ حماستي الكبيرة للفن، وافق على خياري، خصوصاً أنه فعل الشيء نفسه في شبابه، بحيث أصرّ على تنمية موهبته.

- هل يتدخّل والدك في اختياراتك الفنية؟

أحرص دوماً على الأخذ برأي والدي ووالدتي على حد سواء. في معظم الأوقات، نتشارك جميعاً في الرأي نفسه، ولكنني أصرّ دوماً على استشارتهما في كل الأمور الفنية. وأودّ الإشارة إلى أننا نحن الأربعة، أي أبي وأمي وأخي زياد وأنا، ننتقد دائماً بعضنا البعض بطريقة بنّاءة، ونتشاور كثيراً في ما بيننا، ولا يجامل أحدنا الآخر إذا كان هناك خلل يجب تصحيحه. كما أن رأي أمي يهمّني كثيراً لأنها موهوبة في الأزياء والتصميم الداخلي، وتهوى التمثيل والفن، ولذلك أحرص دائماً على الأخذ برأيها.

- أطلقتَ مع والدك أغنية "مش عن صدّق حالي" ولاقت نجاحاً كبيراً. لماذا بقيت هذه التجربة يتيمة ولم تتكرّر؟

هذه التجربة كانت فعلاً رائعة، لأنها كشفت لي بوضوح الخيارات التي يجدر بي اتخاذها، وحدّدت هويتي في عالم الموسيقى. أحضّر حالياً مع أخي زياد لإطلاق أغنية مشتركة من تأليفه وتلحينه، مع الإشارة إلى أن زياد فنان موهوب جداً في الموسيقى الغربية ويحضّر حالياً لألبوم رائع من تأليفه وتلحينه. وقد تعاوّنا قبلاً مع بعضنا في لوس أنجلوس وقدّمنا العديد من العروض الفنية المشتركة.

أما الأغنية التي نحضّرها الآن، ويشاركنا فيها فنان ثالث أيضاً، فتجمع بين الشرقي والغربي وتشبهني كثيراً. أنا على يقين تام بأن أسلوبي في الغناء يختلف تماماً عن أسلوب والدي، ولا أجد حاجة ملحّة لإصدار أغنية جديدة معه.

- شاركتَ في الموسم الرابع من برنامج "ديو المشاهير" وأحرزت المركز الثاني. هل أحببتَ تجربة الغناء؟ وهل تفكّر يوماً في احترافه مثل والدك النجم غسان صليبا؟

بالطبع، أحببتُ كثيراً تلك التجربة، خصوصاً أن الغناء يجري في عروقي منذ نعومة أظفاري. وإذا أُتيحت لي الفرصة المؤاتية يوماً ما، سأحترف الغناء مع التمثيل. أنا مسرور جداً لأنني أتعاون مع أخي زياد، خصوصاً أنه يعرف هويتي وصوتي وما يليق بي، علماً أنني لا أملك موهبة الكتابة والتلحين مثل والدي وأخي.

- نلتَ جائزة "موريكس دور" لعام 2015 كأفضل ممثل لبناني صاعد. هل أعطتك تلك الجائزة دفعاً لتقديم الأفضل؟

فرحت كثيراً بتلك الجائزة لأنها كانت بمثابة اعتراف رسمي بموهبتي، واعتبرتها حافزاً لي للمضي قُدماً. إلا أنني أؤكد أن الجوائز لا تصنع الفنان ولا أراها مهمة بالنسبة إليّ. فأنا أصرّ دوماً على تقديم الأفضل وإبراز موهبتي بأفضل طريقة حتى لو لم أحصل على أية جائزة.

- تعاونتَ مع عدد من المخرجين. من هو المخرج الذي نجح في إبراز طاقات وسام صليبا؟ وأي مخرج تتمنّى العمل معه يوماً ما؟

جميع المخرجين الذين تعاونت معهم كانوا موهوبين من دون شك، وقد نجح كلٌ منهم في إبراز جانب من موهبتي. إلا أن المخرج نبيل لبّس برع في إبراز طاقاتي أكثر من مرة وأصبحنا صديقين مقرّبين. كما نجحت المخرجة رندة علم في إظهار جوانب مخفية من مواهبي في شخصية "رمزي" في مسلسل "حادث قلب". ولا أنسى طبعاً المخرج زهير قنوع الذي أتعاون معه حالياً في مسلسل "داون تاون" ويحرص على تبيان طاقاتي التمثيلية بطريقة رائعة لأنه يعرفني جيداً، فيما المخرج فيليب أسمر يعرف جيداً كيف يتحاور معي. أما المخرج الذي أحب التعاون معه فلا أعرف اسمه في الوقت الحاضر (يضحك).

- ما هو الدور الذي قدّمته وندمتَ عليه؟

لم أندم يوماً على دور قدّمته. يحدث أحياناً أن أنزعج من شركة الإنتاج أو أجواء العمل، لكنني أؤمن بأن الإنسان يحتاج إلى الكثير من التجارب ليصقل نفسه، ويُحسن اختياراته، ويميّز بين الصح والخطأ. ثمة قول مأثور تعلّمته في هوليوود وهو There is no thing such as a bad meeting، أي أنه ليس هناك اجتماع سيئ. لذا، أعتقد أنني أتعلّم من كل تجربة أعيشها، سواء كانت جيدة أو سيئة. أكرر أنني لم أندم على شيء، وإنما حزنت بسبب بعض التجارب وتعلّمت دروساً مهمة منها.


- والدور الذي شكّل نقلة نوعية في مسيرتك التمثيلية؟

أعتقد أن دور "وسام" الذي قدّمته في مسلسل "آخر الليل" مع "صدى برودكشن"، كان نقلة نوعية في مسيرتي التمثيلية. فمنذ ذلك الحين، أشعر أنني أتلقى عروضاً ممتازة وأحصل على الأدوار التي تناسبني. لا يعني ذلك أنني لستُ راضياً عن تجاربي السابقة، لكنني لم أكن مرتاحاً كثيراً مع النصوص والشخصيات.

- رفضتَ العديد من الأدوار لأنها لا تشبهك. ألا يجدر بالممثل تحدّي نفسه وتجسيد كل الأدوار مهما اختلفت أو تناقضت مع شخصيته الحقيقية؟

لم أرفض يوماً دوراً لا يشبهني، بل على العكس أحرص دائماً على تنويع أدواري رغم أنني ما زلت في بداية الطريق، وأعتقد أنني سأتلقّى عروضاً لأداء الكثير من الأدوار المتنوعة. تلقّيت دروسي الفنية في الولايات المتحدة الأميركية وتعلّمت أنه يجدر بالممثل أن ينسى هويته الحقيقية ويؤدي الشخصية المطلوبة منه بأمان تام. وأعتقد أنه كلّما تنوعت الأدوار التي تُعرض على الممثل، ازداد التحدّي أمامه. أما الأدوار التي رفضتها فهي تلك التي لا تشبهني أو التي لم تُكتب بطريقة صحيحة أو أسلوب يناسبني، وبالتالي لن تضيف شيئاً إلى مسيرتي كممثل.

- هل تفكّر في السفر إلى مصر والمشاركة في التمثيل هناك؟

أحب طبعاً السفر إلى مصر. فالأعمال التي أشارك فيها حالياً مع MBC و"شاهد.كوم"، فتحت أمامي أبواباً كثيرة، وأنا على أهبّة الاستعداد للذهاب إلى مصر إذا تلقّيت العرض المناسب.

- درستَ الإخراج في الولايات المتحدة. هل تفكر في خوض تجربة الإخراج قريباً بعد أن أثبتت موهبتك في التمثيل؟

أعشق الإخراج، لكن في الوقت الحاضر أفضّل التركيز على إخراج الأفلام الوثائقية دون سواها. أهوى إعداد تلك البرامج وإخراجها، وأحضّر حالياً لإصدار فيلمين وثائقيين ستكون لهما بصمة كبيرة من دون شك.

- أين تجد نفسك أكثر: في التلفزيون أم السينما أم المسرح؟

السينما غرامي وعشقي الأول، وإذا توجّب عليّ الاختيار بين الثلاثة فأختار السينما بلا تردّد. لكنني اشتقت أيضاً إلى المسرح، خصوصاً أنني أديت الكثير من الأعمال المسرحية في البدايات.

- هل أنتَ إنسان جاد بطبعك وتفكّر كثيراً في الأمور قبل اتخاذ القرارات؟ أم أن العفوية تطغى عليك؟

أنا إنسان عفوي بطبيعي، لكنني كنت أميل إلى الإفراط في التفكير قبل اتخاذ أي قرار. أما الآن فأصبحت أكثر عفويةً وأصغي إلى إحساسي وحدسي قبل القيام بخطواتي. لكن هذا لا يعني أنني إنسان متهوّر.

- ماذا غيّرت الشهرة في حياة وسام صليبا؟

أصبحت على قناعة بأن الشهرة ليست مهمة أبداً. هي ثمرة الجهد والتعب، لكنها ليست الهدف. وبعدما اقتنعت بهذه الفكرة، أصبحت أكثر ارتياحاً مع نفسي وأؤدي الأعمال التي أقتنع بها فقط. لا أسعى أبداً وراء الشهرة التي أعتبرها أمراً ثانوياً، لكنها علّمتني الكثير من الأمور وجعلتني أُميّز بين المهم والثانوي.

- هل تفكّر في الزواج؟ وما الصفات التي تبحث عنها في الحبيبة والزوجة المستقبلية؟

طبعاً أفكر في الزواج. لكن ما من صفات محدّدة في الحبيبة، لأن المسألة أعمق من ذلك بكثير. فعندما سألتقي بشريكة حياتي ونصفي الثاني، سأعرف ذلك فوراً ولن أفكّر أبداً في الصفات التي حدّدتها قبلاً. المهم أن يكون الشخص حاضراً لفكرة الزواج.

يجدر بشريكة حياتي أن تشبهني بحيث نستطيع التحدّث والتناقش كأننا فريق واحد، وفي الوقت نفسه تختلف عني لنكمّل بعضنا البعض ولا نكون توأمين متماثلين.

أنا لا أبحث عن السعادة في الشريكة. يُفترض أن تكون سعادتي موجودة ومكتملة قبل لقائي بها، والأمر نفسه ينطبق عليها أيضاً. علينا أن نتشارك السعادة المتوطّنة في داخل كلٍ منّا، ونتعلم من خبرات بعضنا البعض، خصوصاً إذا كنا نفكّر بالأسلوب نفسه.

- كيف تصف كارثة الرابع من آب/أغسطس التي وقعت في مرفأ بيروت؟

أعجز عن وصف مأساة الرابع من آب/أغسطس. فهي جريمة بحق اللبنانيين، وعلينا أن نعرف حقيقة ما حصل ولو بعد حين. هي كارثة حقيقية لا يمكن تصديقها، لكنها في الوقت نفسه نتيجة لما كان يحصل مع اللبنانيين طوال 30 عاماً، إن لناحية فساد السياسيين أو الإهمال الكبير في مؤسسات الدولة. لقد انفجرت بيروت وظهرت الأمور على حقيقتها، وعلينا الآن الشروع في إعادة الإعمار على كل الصعد.


- مشاريعك الجديدة؟

أشارك في رمضان الحالي في مسلسل "2020" مع النجمين نادين نسيب نجيم وقصي خولي، وكذلك في مسلسل "داون تاون" من إنتاج "فالكون فيلمز". كما يُعرض حالياً مسلسل "خرزة زرقا" الذي أؤدي فيه دور "شريف"، المهندس الذي تعرّض لحادث في العمل وأصبح مُقعداً وتبدّل كل أسلوب حياته.

- كلمة أخيرة لقرّاء "لها"...

شكراً لكم على متابعة أخباري باستمرار، وأخصّ بالشكر مجلتكم الغرّاء التي تنقل دائماً الأخبار الصحيحة والحقيقية بعيداً من الشائعات. كما أطلب من الجميع الحرص على تغليب الحب على الكراهية مهما كانت الظروف. نمرّ جميعاً بظروف صعبة وأخرى جيدة، وعلينا دائماً الخروج من التجارب بدروس مفيدة تساعدنا على مواجهة المستقبل.