باسم مغنيّة: المعاناة تجمعني بشخصية "عُمر" في "للموت" وزوجتي شيرين أكثر من شريكة

حوار: فاديا فهد 04 مايو 2021

ليس من السهل أن يحافظ النجم على موقعه في المراتب الأولى لسنوات طويلة، رغم كلّ التغيّرات على الساحة الدرامية، ورغم المصاعب التي يواجهها الإنتاج على صعيدي التمويل والتسويق وغيرهما. هذا ما يفعله باسم مغنيّة منذ أكثر من عشرين عاماً حتى بات الرقم الصعب بين أبناء جيله. "لستُ محظوظاً" يقول باسم، ويضيف: "لقد دفعت أثماناً غالية، خصوصاً أنني رفضت أعمالاً مهمة ومعروفة حصدَت نجاحاً كبيراً. لكنني في الوقت ذاته، فَرضت مستوى معيّناً للأعمال التي أختارها، والتي تُعرض عليّ".  ليس باسم ممثلاً قنوعاً ولا يقبل بالأدوار البسيطة والسهلة، وهو ما تُخبرنا عنه الشخصيات التي لعبها في السنوات الأخيرة. في مسلسل «للموت» الذي يُعرض في شهر رمضان المبارك، يلعب باسم دور «عُمر» وهي شخصيّة عنيفة وضعيفة في الوقت نفسه، متناقضة الى أبعد حدّ. ويمكن القول ان دور باسم في «للموت» من الأدوار الأكثر تعقيداً هذا الموسم، ويتطلّب جهداً نفسيّاً وجسديّاً كبيرين. عن «عُمر» وتفاصيل الشخصيّة وشجون المهنة في هذا الحوار الجميل والصريح تماماً مثل صاحبه.


- تشارك في مسلسل "للموت"، أخبرنا أكثر عن دورك فيه وكيف حضّرت له؟

ألعب في مسلسل "للموت" دور "عُمر"، وهي شخصية متناقضة كثيراً، البعض سيكرهها والبعض الآخر سيتعاطف معها. لم يكن الدور سهلاً، وهو لا يشبه أدواراً أخرى لعبتها.

- ما الذي أزعجك أكثر فيه وأين أوجه الشبه والاختلاف بينك وبين الشخصية التي تلعبها في المسلسل؟

لم يزعجني أبداً دور "عُمر"، على صعوبته، لأنني أعشق الأدوار المركّبة والصعبة. صحيح أن الدور استنزف طاقتي، يوماً بعد يوم، وشكّل تحدياً لي. إنه دور مستفزّ لأنه جديد عليّ، وقد أردت به استكمال مسيرة من التجدّد بدأتها قبل 12 عاماً، حين قررت ألاّ أقبل دوراً يشبه دوراً أدّيته من قبل، من "ثورة الفلاحين" الى "تانغو" و"أسود"… التنوّع مصدر غنى للممثل. أما عن وجه الشبه بين باسم وشخصية "عُمر"، فأعتقد أن المعاناة تجمعهما. كلّ واحد منهما عانى على طريقته وهذا ما يجمعهما. 


- مواضيع الحبّ والخيانة هل تشدّ دائماً الجمهور؟

ليس بالضرورة… كلّ المواضيع تشدّ الجمهور إذا قُدّمت بأسلوب درامي صحيح. "تانغو" طرح موضوع الخيانة الزوجية وخيانة الصداقة، وهي مواضيع باتت من الكليشيهات، لكن معالجته الدرامية المتينة كتابةً وإخراجاً وإنتاجاً، صنعت نجاحه الكبير. المعالَجة الدرامية بعناصرها الرئيسة التي يتكوّن منها أي عمل هي أساس نجاحه.

- هل من أوجه شبه بين "للموت" و"تانغو" في الخيانة والزواج والحبّ والانتقام؟ وهل نجاح "تانغو" أوحى هذا المسلسل؟

الخيانة في "للموت" جديدة، وهي ليست الهدف الأساسي. التطوّرات الدرامية ستكشف أن الخيانة جزء من حبكة العمل وليست هي الحبكة. وأودّ القول إن المخرج فيليب أسمر، القائد الحقيقي لأوركسترا هذا المسلسل، رغم صغر سنّه، أعطى هذا العمل بُعداً إضافياً مميّزاً صنع كلّ الفرق. 

- ما الرسالة التي يجب أن نستخرجها من مسلسل "للموت"؟

كلّ عمل فنّي متكامل يحمل رسالة مهمّة معيّنة في نهايته. لا يمكنني أن أفضح الرسالة التي يحملها مسلسل "للموت"، لأنها ستفضح نهاية العمل والفكرة التي يدور حولها. سأتركها مفاجأة يكتشفها المشاهدون في نهاية العمل. 

- ما أكثر مشهد أثّر فيك في "للموت"؟

الكثير من المشاهد كانت مفصلية بالنسبة إليّ. ابتداءً من الحلقة الثامنة، تتوالى الأحداث لتؤثّر أكثر فأكثر في شخصية "عُمر"، وتحمّلها المزيد من الأبعاد. صحيح أن "عُمر" لم يكن على حقّ، لكن الأسلوب الذي اتّبعته في تقديم الشخصية، سيجعل الجمهور يتعاطف أكثر معه.


معادلات وأثمان

- البطولات الرباعية، هل تسرق من النجوم الكبار وهجَهم وتوزّعه على العمل؟ 

بالعكس، أعتقد أن البطولات الجماعية تفيد النجم أكثر، لأن تسخير النص لخدمة النجم الواحد الأوحد، يفقده من حقيقته ونضجه الدرامي، وهذا ما يحصل في الكثير من المسلسلات التي تعتمد على النجم الواحد. إن كتابة عمل ببطولات متعدّدة تقرّبه من الواقع وتجعله أكثر واقعيةً، وتساهم أكثر في نجاحه. وذلك يعود بالفائدة على الممثلات والممثلين الذين يتشاركون بطولته.

- من "العاصفة تهبّ مرتين" إلى "للموت" عشرات المسلسلات والأفلام والأدوار… ما هو الدور الذي يسكنك دائماً؟

كلّ الأدوار التي قدّمتها أثّرت فيّ. في "العاصفة تهبّ مرتين"، أذكر الشغف الكبير والخوف والالتزام والجدّية التي تعاملت بها مع دوري، وهي العناصر التي ترافق كلّ عمل أقوم به. أشعر أن كلّ عمل هو نقطة تحوّل في حياتي المهنيّة وأوليه كلّ اهتمامي وتركيزي. في كلّ عمل، أحاول أن أقدّم أفضل ما عندي وأسكُب فيه من روحي وقلبي. لم أستهزئ يوماً بأيّ دور. لقبي "الممثل العنيد" لكثرة ما رفضتُ من أعمال عُرضت عليّ منذ انطلاقتي وحتى اليوم، ولم ترضِ طموحي المهني. التمثيل بالنسبة إليّ ليس مهنة أعتاش منها وأكسب قوتي فحسب، بل هو حياتي وطموحي وتاريخي ومستقبلي. لذا كلّ دور قمت أو أقوم به يترك شيئاً منه في ذاتي، وبذلك يصبح الممثل كتاباً مؤلّفاً من كلّ الأدوار التي لعبها والتي سيلعبها!

- ما الدور الذي تحبّ أن تلعبه ولم يُقدَّم لك بعد؟ 

لا أبحث عن دور محدّد، بل عن شخصية في نص جديد مكتوب بنضج وحكمة. ثمّة دور لرجل مجنون أقوم بتحضيره والتمرّن عليه سيبصر النور قريباً، وهو دور متجدّد لم أجسّده بعد، وأراني متحمّساً له.

- يقال إن الأدوار ذات البطولات العربية تغبن الممثل اللبناني لحساب الممثل السوري، وكأننا بتنا أمام "ستاتيكو" نجومية رجّالية سورية في مقابل نجومية نسائية لبنانية… لذا يرفض الكثير من الممثلين اللبنانيين من الصفّ الأول المشاركة فيها... ما تعليقك؟

التركيبة الإنتاجية العربية مبنية على ما قلته. لقد رفضتُ أعمالاً كثيرة لأنني لستُ فيها ضمن الحبكة الرئيسة للعمل. في "تانغو" كسرت هذا "الستاتيكو" في البطولة التي لعبتها مع باسل خيّاط. في "للموت" أيضاً دوري ضمن الحبكة الأساسية للمسلسل. لكنني هنا أودّ أن أقول إن النجاح في مسلسل، أيّ مسلسل، لا يعتمد فقط على أن يكون الدور الذي يلعبه الممثل هو الدور الأول. ثمّة أدوار كثيرة أُسندت الى لبنانيين في الأعمال المشتركة ولعبوها باحتراف كبير ونجحوا فيها ولفتوا الأنظار إليهم. نجاح الممثل لا يحدّده الدور المُسند إليه، وإنما أسلوب تقديمه وحِرفيته. ثمّة ممثلون لمعوا في أدوار ثانية وثالثة سرقت النجومية من الأدوار الأولى.

- هل هذه المعادلة المستمرّة في شركات الإنتاج، تظلم الممثلات السوريّات مثلما ظلمت الممثلين اللبنانيين؟ والى متى ستستمر؟

صحيح الممثلة السورية ظلمتها هذه المعادلة شأنها شأن الممثل اللبناني. ثمّة ممثلات سوريّات أتمنى أن أعمل معهنّ.

- ماذا عن الممثلات السوريّات اللواتي ظلمتهنّ هذه المعادلة؟

الممثلات السوريّات يملكن طاقات رائعة وقد ظلمتهنّ هذه المعادلة، لكنهن لم يغِبن، بل شاركن في أعمال سورية وصلت إلى العالم العربي. أعتقد أن هذه المعادلة شارفت على نهايتها، وسنرى المزيد من الأعمال المشتركة التي تضم بطلات وأبطالاً من جنسيات مختلفة أفخر بصداقتهم. المنافسة جميلة. 

- هل تعتبر نفسك محظوظاً لمشاركتك كممثل لبناني في بطولات أعمال عربيّة مشتركة مثل "سرّ" و"تانغو" و"للموت" وغيرها؟

لست محظوظاً لأنني فوّتت فرصاً كثيرة بسبب هذه المعادلة ودفعت الثمن غالياً، خصوصاً أنني رفضت أعمالاً مهمة ومعروفة حصدَت نجاحاً كبيراً. لكنني في الوقت ذاته، فرضت مستوى معيّناً للأعمال التي أختارها والتي تُعرض عليّ. من الصعب أن تبقى مدّة ٢٠ عاماً في الصفّ الأول، في وقت اختفت فيه أسماء كثيرة عن الساحة وتراجعت أخرى. النجومية صعبة والأصعب الحفاظ عليها.


صداقات وخيارات

- من هم أصدقاؤك في الوسط الفنّي؟ وهل تدوم الصداقات في هذا الوسط؟   

أصدقائي في الوسط الفنّي كثر… ماغي بو غصن من المقرّبات… وسام صبّاغ صديق صدوق. كذلك فيصل أسطواني الذي أحبّه كثيراً. عندما يتزوّج المرء، تتغيّر الحياة ويترك خلفه صداقات العزوبية.

- رفضتَ منحة لدراسة الطب في فرنسا، مفضلاً الالتحاق بالمعهد العالي للفنون الجميلة- قسم الإخراج والتمثيل، ونجحت في ما اخترته. هل سبق أن ندمت يوماً لأنك لم تصبح طبيباً ومتى؟ 

لم أندم يوماً لأنني لا أحبّ الطبّ، وبالتالي لا يمكنني أن أنجح في مهنة لا أحبّها. لقد اخترت ما أحببت، ونجحت فيه. كنت أحلم بأن أكون كابتن طيران، ونجحت في الاختبارات كلّها ما عدا الاختبار الأخير الذي كان يتطلّب وساطات ومحسوبيات لا أملكها. ولا بدّ من القول إن حياة الممثل في لبنان صعبة لأنها غير مضمونة، وعلى المرء أن يعمل باستمرار لتأمين عيشه إذ لا ضمان لشيخوخته.

- أنت ممثل ومخرج فيديوهات موسيقية ومغنٍّ لبناني، هل لديك مواهب فنّية أخرى؟

لقد نجحت في إخراج الكليبات والإعلانات وحتى الدراما… والواقع أنني عملت في مجال الإخراج لتأمين مردود مالي يكفيني، فلا أضطر الى تقديم التنازلات في مهنتي الأساسية وهي التمثيل. الفنّ يستهويني وهو حلمي منذ النعومة، وأعتبر أنني حققت حلمي هذا بامتهاني التمثيل. أما الغناء فأعترف بأنني لستُ مطرباً، ولا أملك الصوت الذي يخطف الألباب. كلّ ما في الأمر أنني سجّلت أغنيات تشبه شخصيتي وإحساسي كي تبقى للذكرى لأولادي وأولاد أخواتي من بعدي. ويبقى التمثيل هو عشقي وشغفي… 

- ما الصفة التي لا يعرفها عنك محبّوك ومتابعوك؟

الجمهور اكتشف من خلال الأدوار التي لعبتها، كما من خلال المقابلات القليلة التي أُجريها، شخصيتي البسيطة والمسالِمة، ويعرف من هو باسم.


شيرين هي نصفي الآخر

- عشتَ قصّة حبّ مع شيرين منسى استمرّت لسنوات قبل أن تتكلّل بالزواج، أخبرنا عن هذه القصّة؟

شيرين هي نصفي الآخر. إنها نقطة قوّتي وسرّ نجاحي في الكثير من الأعمال التي قدّمتها. تملك شيرين رؤيا ثاقبة وهي تشاركني في قرارات عدّة. شيرين توأم روحي وهي محور حياتي كلّها.

- هل تدلّلك شيرين مثلما تدلّلك عائلتك الصغيرة، خصوصاً أنك شاب وحيد بين أخواتك؟

شيرين مدلّلتي ومصبّرتي ومرشدتي… إنها امرأة جبّارة وحكيمة، وتدعمني في كلّ مبادرة وموقف. شيرين ليست من النوع المتطلّب، بل هي امرأة مسؤولة تتحمّل معي تبِعات قراراتي المادية والمهنية. إنها شريكة بكلّ ما للكلمة من معنى.

- هل تجد نفسك كصبيّ وحيد، ملزماً بإنجاب الوريث؟ وهل يشكّل هذا الموضوع ضغطاً على علاقتك بشيرين؟

لا أحب التحدّث في موضوع الإنجاب لأنه قرار اتّخذته مع شيرين وهو يخصّنا وحدنا. لا أحبّ كلمة الوريث أو وليّ العهد، الفتاة والصبي بالنسبة إليّ متساويان في كل شيء. واسمحي لي ألاّ أضيف أكثر، لأن هذا الموضوع ليس للتداول الإعلامي. 

- فقدتَ والدك في 2020، أيّ نصيحة ووصيّة عشتها معه، في الحياة وفي التمثيل؟

لم يوجّه لي والدي نصائح مباشرة. لقد تعلّمت منه كلّ شيء بالمراقبة عن كثب، ومن دون أن يُسدي إليّ نصيحة واحدة. والدي علّمني التسامح، لقد كان متسامحاً حتى مع الذين أساؤوا إليه، وأتمنى أن أسلك طريقه في هذا المجال. لقد قدّرت فيه هذه الصفة القيّمة، وأحببت قلبه الذي يشبه قلب طفل بريء لا يعرف الكره ولا الحقد. 

- حكمتك في الحياة…

أحبّ الحياة والسفر واكتشاف كلّ جديد. أما حكمتي فتقضي بتجاهل من يؤذيني، وهذا سرّ قوّتي.