خالد القيش... عاش صراعاً بين واجبه وبين والده

جمال سليمان, مروان بركات, المخرج حاتم علي, دراما سورية, نجدت أنزور, الليث حجو, فراس الدهني, المثنى الصبح, رامي حنا, مسلسل سوري, خالد القيش

25 أكتوبر 2010

شارك أخيراً في الكثير من الأدوار المتميزة التي وضعته على طريق النجومية، أهمها مسلسل «ما ملكت أيمانكم». وقد استطاع أن يبرز من خلال تلك الأعمال اجتهاده الشخصي وسعيه للبحث وترجمته للمعلومات المعرفية والأكاديمية التي حصل عليها أثناء دراسته في المعهد العالي للفنون المسرحية. يطمح الى الأفضل دوماً ويحلم بأعمال وأدوار على مستوى عالٍ، كأن ينتج عملاً حول أهالي الجولان ومعاناتهم الإنسانية، خصوصاً أنه يحمل الجولان بين جوانحه وكيفما اتجه، ويؤكد ذلك عبر أي لقاء إعلامي له. التقينا الفنان خالد القيش وكان الحوار التالي معه:

- نبدأ من آخر أعمالك «ما ملكت أيمانكم». ما الذي يميز هذا العمل عن بقية أعمال نجدت أنزور؟
«ما ملكت أيمانكم» نص جريء يتناول المجتمع وعلاقته بالسلفية وارتباط رأس المال بتلك المفاهيم بمشاريعهم حيث يستفيدون منها بالشكل الأمثل، وهناك خطوط درامية عديدة بغالبيتها متميزة وتحمل الشيء الجديد. أما شخصيتي فهي لشاب يعمل عند عمه والد زوجته وهو مدلل عنده إلى حد كبير. أما هو فلديه العديد من المشكلات مع أهله، فالأم مريضة نفسياً ويشعر دوماً بالذنب كونه تخلى عن أسرته الفقيرة رغم تغير حياته من الحضيض إلى قمة الهرم من الناحية المادية. العمل يعتني بالخطوط الدرامية، وقد حرص المخرج على ان يقدم كل خط بعوالمه وتفاصيله. وبالفعل استطاع العمل أن يحصد النجاح.

- هل نستطيع القول أن مسلسل «شتاء ساخن» هو النقلة النوعية في حياتك الفنية؟
«شتاء ساخن» عمل راهنت عليه، وقد امتلك نصاً دراميا ًممتازاً. كما أن المخرج تناوله بأمانة وحرفية عالية، فيما الممثلون قدموا أدوارهم بشكل جيد بغض النظر عن طريقة عرضه. وباعتقادي أن العمل لم ينال حظوة في طريقة عرضه إذ توقعت أن يحدث صدى أكثر مما حصل، ومن جهتي أعتبره نقلة نوعية في حياتي الفنية. وقد جسدت دوراً أحببته ولفت نظر الناس، فالشخصية تعيش في صراع دائم ما بين الواجب تجاه الوطن وصراع تجاه الموقف من والده، فهل يساوم على واجبه أم يتنازل عن حق الناس الذي آذاهم والده.

- مثلت دور بطولة في عمل أثار الكثير من التساؤلات. كيف تقوّم العمل بعد عرضه، وهل كنت متفائلاً بنتائجه؟
اذا أثار العمل الكثير من التساؤلات فأنا أعتبر هذه الحالة مهمة. فمهمة الفن هي إثارة التساؤلات، وهذا يعني أنه أوصل الرسالة التي يريدها، وغايته الأولى والأخيرة وضع اليد على الألم. وإذا اختلفت الآراء فهذا لا يفسد للود قضية وليس كل الناس على رأي واحد.

- ألا ترى أن القصة تحمل الكثير من المبالغة، أم أن مثل هذه الحكايات يمكن أن تحصل في الواقع وبهذه الشدة؟
مهمة الفن تكثيف الحدث، وأعتقد أن الحالة ليس مبالغاً فيها وكانت الفكرة ضرورة إظهار الخط السالب والخط الموجب. وبالفعل يمكن أن تحدث مثل هذه الحكايات على أرض الواقع.

- ما هي المرجعيات التي استُند إليها في شخصية خلدون في «شتاء ساخن»؟
بحثت بشكل كبير ومتعمق في طبيعة الضابط في الأمن الجنائي وكيف يتعامل مع الحالات الجنائية المختلفة في مهنته وكيف يتعامل مع المجرمين كي أتمكن من التقاط الملامح الخاصة بدوري كضابط يتعامل مع مجرم من لحمه ودمه. وقد اجتهدت بشكل شخصي للإلمام بتفاصيل هذه الشخصية خاصة أن لها مهمتها في حياة المجتمع والحفاظ على القانون.

- شاركت في مسلسل «طريق النحل». ألم تجد أن قصة العمل تقارب إلى حد ما قصة مسلسل سوري سابق تسعى من خلاله أم إلى لم شمل أولادها التائهين؟
صحيح هذه القصة مكررة أكثر من مرة، لكن لكل عمل أسلوبه الفني الخاص وكل كاتب تناولها بطريقته الخاصة. كما أن «طريق النحل» حقق جماهيريته الواسعة خصوصاً أننا كمجتمع عربي تطغى عاطفتنا على تفكيرنا، لذلك نرغب في أعمال كهذه.

- لم نرك في الأعمال الشامية. هل لك رأي سلبي في تلك الأعمال، أم أنك غير مطلوب فيها؟
شاركت في الجزء الثالث من مسلسل «باب الحارة» بدور المحامي وقدمت شخصية أعتز بها وكان الدور متميزاً كونه يعود الى شخص متنور له طريقته المتميزة في الحياة في اتجاهات عديدة باهتماماته وسلوكياته وآلية تعامله مع محيطه. كما أن طريقة الشغل عليها اختلفت، وقد اهتم بها الأستاذ بسام الملا وعاملها بتشذيب خصوصاً أنه نموذج عقلاني بكل معنى الكلمة. كما شاركت بدور صغير في مسلسل «أهل الراية» لكنه مؤثر جداً، فالشخصية تمتلك الوفاء والشجاعة والقيم الجميلة. لا يمكن أن يكون لي موقف سلبي من أعمال البيئة الشامية خاصة عندما أتابع عملاً ما كمشاهد.

- خلال خمس سنوات من ظهورك الفني عملت مع أهم المخرجين في الدراما السورية، ما الذي أعطاك هذا التنوع في المشاركة؟
استفدت من هذا التنوع بشكل كبير ومن المشاركات المتعددة لأن كلاً منها تقدم لي الإضافة والتعرف على أساليب وتجارب جديدة. وقد عملت تحت إدارة أهم المخرجين بدءاً من حاتم علي، إلى نجدت أنزور، مثنى الصبح، الليث حجو، رامي حنا، فراس دهني، مروان بركات. جميعهم أفادوني وكان لي بصمات متميزة عبر أعمالهم.

- هل أنت راض عن مسيرتك الفنية الغنية والقصيرة في الوقت نفسه؟
راض عن مسيرتي بشكل كبير، فأنا لا أريد قفزات ولا أريد أن أكون مجرد فقاعة تأتي بسرعة وتذهب بسرعة. أحب التطور بشكل تدريجي وأشعر بأن هذا هو الأسلوب الصحيح والمضمون والذي يرسخ الممثل أكثر، وأعتقد من جهة أخرى أن أي نجاح يرتبط بالاجتهاد واهتمام الممثل بتطوير نفسه، وأنا عملت أدواراً كثيرة وإن أثبت نفسي أكون عن طريق الجهد الذي قدمته.

- هناك الكثير من الفنانين الذين بدأوا قبلك بكثير لكنهم لم يحظوا بالظهور والانتشار مثلك، ما السبب؟
السبب هو الاجتهاد، صحيح أن الحظ يلعب دوراً مهماً هنا لكن لابد من الجهد والمثابرة حتى يحقق الفنان الحضور المتميز. أما تخرجنا من المعهد العالي للفنون المسرحية فقد أعطانا كطلاب الكثير من الخبرة والمعلومة الأكاديمية والمعرفة المطلوبة في هذا الفن. لكن في النهاية يبقى الاعتماد على الممثل نفسه وطريقته في ذاك الاجتهاد ثم تعامله مع الشخصية. مثلاً أرى الشخصية وأدقق في بنائها ثم أكسوها بتفاصيل تحتاجها وأعيشها حتى تتحول إلى لحم ودم، لأنني لا أريد أن أجسد شخصية من الفضاء الخارجي بل يتوجب أن أقدمها بحيث لا يشعر المشاهد بأي غربة تجاهها. 

- هل صحيح أن العلاقات هي التي تحكم الوسط الفني، وأن فرص العمل لأي فنان تقاس بعلاقاته الفنية ومدى تشعبها؟
لا يمكنني نفي هذه الحالة التي من المحتمل أن تلعب دورها في اختيار ممثلين وترشيحهم لأدوار دون غيرهم. لكن ما يمكنني قوله هنا ان هذا الأمر ليس حالة سلبية وقد تتعامل مجموعة بعضها بعض بشكل أفضل. مثلاً قد يختار المخرج من يتفاهم معه فيأتي به إلى عمله ولكن هذا لا يعني أن الآخر عدوه، فالساحة تتسع للجميع كما أن الدائرة ليست مغلقة بالمطلق، فنحن على الدوام نرى تداخلاً في مشاركات الممثلين في الأعمال الفنية ونرى وجوها جديدة رغم وجود شلل معتادة على العمل مع بعضها البعض.

- كثير من الفنانين الشباب انتقلوا بسرعة من أمام الكاميرا الى مرحلة التجريب خلف الكاميرا، هل تفكر في العمل الإخراجي أم أنه حلم صعب المنال؟
لا أفكر في الإخراج لأنني أؤمن بالاختصاص. درست التمثيل ولا أعرف العمل في أي مجال آخر، وقد يكون من عمل في الإخراج عنده ميول إخراجية، أما انا فليس عندي أي حلم في هذا الإطار وأثق بمن هم وراء الكاميرا لذلك تمكنت من وضع بصماتي الخاصة على الأدوار التي عملت بها، بدءاً من مسلسل «غزلان في غاب الذئاب» مع المخرجة رشا شربتجي، وتحت إدارة المخرج حاتم علي في مسلسل «التغريبة الفلسطينية»، إلى مسلسل «عن الخوف والعزلة» مع المخرج سيف سبيعي، ومع إيناس حقي في مسلسل «زمن الخوف». كلها أدوار أحببتها وحققت لي صدى عند الناس.

- أنت من الممثلين المحبوبين على الشاشة، هل سبق ان شبهوك بنجم عربي أو عالمي معروف، ومن هو؟
أحياناً يشبهونني بالفنان جمال سليمان وأفرح كثيراً لهذا التشبيه، فالأستاذ جمال سليمان أستاذي ودرسني في السنة الأولى في المعهد وكان له فضل علي ودور في توجيهي في بداياتي، رغم أنه كان قاسياً علي الى درجة أنه أبكاني ولا أنسى ذلك اليوم أبداً. ولا أنسى تلك الملاحظات المهمة التي أعطاني إياها، وأعتبره من الفنانين الذين أثروا علي بشكل كبير.

- إذا أتتك فرصة عمل عربية، فمن هم الشركاء الذين ترغب في العمل معهم؟
أحب العمل مع الفنان المصري خالد صالح وكنت أحلم بالعمل إلى جانب الفنان احمد زكي رحمه الله، عندي طموح كبير أن أعمل في المسرح مع الفنان زياد الرحباني.

- أنت من منطقة الجولان العربي المحتل، كيف تتواصل مع عائلتك؟
في أي إطلالة إعلامية لي أردد على الدوام أن أهل الجولان هم قدوتي، وأحاول أن أتكلم باسمهم. وما يعوضني عن غربتي وبعدي عن الجولان هو وجودي في عالم الفن لأنني أشعر بأنه يمكنني أن أقدم شيئاً لهم وأن أهديهم نجاحي. وحلمي أن أعمل مسلسلاً عن الجولان، أحكي من خلاله عن الجوانب الإنسانية التي عاشها أهل الجولان من الثمانينات إلى التسعينات خاصة فترة الإضراب. والجولانيون هم أول من رمى حجرا في 14\2\1982 وخرجوا تظاهرات واحتجاجات ضد ضم الجولان إلى إسرائيل.

- هل أنت متمسك بالزواج من الجولان أم أنك تفضل الزواج من داخل الوسط الفني؟
هذا أمر شخصي وأينما يأخذني القلب أذهب وراءه. على العموم لا أفضل الزواج من امرأة جولانية حتى لا تتعذب وتعيش بعيدة عن أهلها ويحصل معها مثلما حصل معي بالبعد عن الجولان. الزواج هو مشروع متأخر بالنسبة إلي، فلدي أشياء كثيرة يجب أن أنجزها في حياتي حالياً، ولا يمكنني أن أتكهن ماذا سيحصل معي في المستقبل.

- هل تفكر في موضوع الارتباط قريباً، ومن هي؟
لا أفكر في الارتباط حالياً، رغم أن الحب موجود في حياتي. إلا أنه لدي الكثير من الأعمال والمشاريع أعمل عليها في الفترة الحالية، والارتباط مؤجل.

- ما هي أكبر مشكلة واجهتك أثناء عملك في الوسط الفني، وهل تجاوزتها، وكيف؟
أكبر مشكلة واجهتني أثناء عملي في الوسط الفني هي الكلام باللهجة الشامية وقد تمكنت مؤخراً من إتقانها بالشكل المطلوب.

- كل من يدخل الوسط الفني يتحدث عن المشكلات والحروب التي تعرض لها، ماذا عنك؟
أنا شخص مسالم بطبعي وليس لدي أي مشكلة مع أي كان، يهمني الاجتهاد والعمل والتميز وهذا ما يساعدني على إثبات حضوري بالشكل الصحيح، وفي النهاية البقاء للأفضل شئنا أم أبينا...