يامن الحجلي: "على صفيح ساخن" نجح بسبب ملامسته هموم الناس

أمين حمادة 24 سبتمبر 2021

حقق مسلسل "على صفيح ساخن" نجاحاً فنياً وجماهيرياً واسعين في الموسم المنصرم، بسبب استعادة البصمة الواقعية التي تميّزت بها الدراما السوريّة طويلاً، فاستطاعت شخصيات العمل الدرامي أن تنال استحسان المشاهدين، وأن تجعل لازماتها ومشاهدها عبارات تتكرر على ألسنتهم في التعبير عن أحوالهم. يكشف يامن الحجلي كاتب العمل بالشراكة مع علي وجيه في مقابلة لـ"لها" بعض كواليس العمل قبل العرض وبعده، ويتحدث عن رؤيته ككاتب وممثل بين النص والنتيجة النهائية، بخاصة حول شخصية "عيّاش" التي جسدها في البطولة.


- بصراحة وتجرّد... ما هو رأي يامن الحجلي الكاتب والممثل في "على صفيح ساخن" بعد عرضه؟

أعتقد أن المسلسل حقق نتائج إيجابية كثيرة، لذا فإن انطباعي عنه جيد جداً على كل الصعد. فنياً، حقّق نكهة اشتاق اليها الجمهور طويلاً، الأمر الذي يشكلّ لنا هدفاً نعمل عليه دوماً، وهو إنجاز العمل السوري الأصلي الذي يلامس الناس ويعالج هماً حقيقياً. أما جماهيرياً فقد تخطّى انتشاره الساحة المحلية الى العربية، الأمر الذي أسعدني، لأن ذلك يثبت قيمةً افتقدناها منذ سنوات عدة، كبيع العمل السوري وانتشاره عربياً بشكل ساحق. أظن أن "صفيح ساخن" حقّق هذه الميزة من جديد، إذ شهدنا في زمن الحرب عناء كبيراً مع آلية تسويق المسلسل السوري.



- كيف لامستك جزئية تعطش الجمهور السوري لدراما تشبهه وتعبّر عنه من خلال الدراما الواقعية التي تميّزت بها دراما بلاده؟

أظن أنّ الجواب يكمن في السؤال. فعلاً الجمهور السوري متعطش لهذا النوع من الأعمال. أنا على تماس مباشر مع الناس دوماً، لذا أقدّر تماماً ما هي تطلعات الجمهور. يريد الناس اليوم عملاً يعبّر عنهم وعن همومهم وأحلامهم وما ينقصهم، فبالضرورة أنّ ينال أي عمل بهذه المواصفات رضا الجمهور.

- ما الذي يخطر في بالك من العمل... إذا فكرت بعبارة: "كان في الإمكان القيام بأفضل من ذلك"؟

لا أستطيع التفكير بأي نقطة في هذا المجال، ولكن كنت أتمنى لو كان لدينا المزيد من الوقت خلال التصوير، ربما عشرة أيام أو أكثر، إفساحاً في المجال للمخرج سيف السبيعي لتحقيق ما أراده بنسبة أعلى من حيث الصورة وأعمق من الناحية الفنية، ولكن العرض الرمضاني يفرض شروطه. ومع ذلك قدّم المخرج تصوراً مهماً جداً، إذ فهم وقدّر النص عالياً، واحترمه كثيراً، وقدّمه بأفضل صورة ضمن الظروف المتاحة. السؤال هنا للكاتب... ما هي أكثر الشخصيات التي أبهرتك بعد تقديمها من جانب ممثليها... بمعنى أنها منحت الكاتب شعوراً بأن ورقه أصبح لحماً ودماً.

أكثر من شخصية تأتي في بالي، على رأسها "الطاعون" (سلوم حداد) و"هلال الحجار" (باسم ياخور) و"الآغا" (عبد الفتاح مزين)، وأيضاً بقية الشخصيات بنسبة 90 في المئة كانت وفق ما تصوّرناها، بدليل أن شخصيات بعدد مشاهد يراوح بين 20 و25، حقّقت تأثيراً لدى الجمهور مثل الشخصيات الرئيسة. وهنا تبرز أهمية البطولة الجماعية التي نتوخّاها في حكايتنا، حيث إن جميع الشخوص فاعلون ومؤثرون بغض النظر عن عدد المشاهد أو حجم انتشار الدور، فغياب أي منها سيخلق مشكلة حقيقية، وفق مبدأ ستسلافسكي الذي نتمسك به في جميع الشخصيات: أي قطعة أكسسوار أو فعل أو حدث يمكن حذفه من دون تغيير الدراما، يجب حذفه. من هنا، كانت الشخصيات جميعها ضرورات فنيّة. في المجمل، أعتبر نفسي محظوظاً بـ"كاست" العمل.


- شخصية "عيّاش"، هل اخترتها منذ لحظات الكتابة أم في مرحلة أخرى؟ أخبرنا عن تفاصيل هذه الشخصية وأسباب اعتماد مظهرها المشوّه شكلياً.

شخصية "عياش" كُتبت منذ البداية لي، ومن جانب شريكي الكاتب علي وجيه. أحببت أنّ أقدم هذا الكراكتير، فمن الضروري أن نطرح شخصية أو بطلاً يمثل شريحة كبيرة من الناس ويعبّر عن هم حقيقي، له علاقة بمسألة الوجود والأبوة، بمسألة أن نتكلم اليوم على قدرة أي أب ضمن هذا المجتمع على تأمين سبل الحياة الصحية والصحة النفسية لولده، وأن يربّي أبناء ناجحين وفاعلين في محيطهم. وهذا نقاش رأيناه مهماً جداً، وقد طرحناه من خلال علاقة عياش بوالده، بمنطق شكسبيري من خلال إسقاطه على شخصية "ماكبث" وطيف الأب الذي يراه دائماً. حاولنا أن نعالجه ونأخذه إلى بيئة بسيطة، "عياش الأب" ابتداء من شكله الخارجي، من عقدة النقص بسبب قصر رجله إثر حادث أليم، وحالة الصلع مع شكل العين الذي أردنا من خلاله القول بأن شكله الخارجي غير مقبول، لنسأل: هل يُعقل أن هذا الشكل أدى إلى نفور زوجته منه وذهابها الى زواج آخر؟ ولو كان في مجتمع آخر، هل إن شكله سيكون مختلفاً؟ هذه كلها أسئلة مفتوحة حاولنا ألّا نجيب عليها مباشرةً، بل تركنا الأمر للدراما. إذاً، الشخصية تنتمي إلى الناس البسطاء، تحمل العديد من النواقص الخارجية كشكل ومن النواقص النفسية أيضاً. لذا، شاهدنا في النهاية أن هذا الشخص بداخله يجنح إلى السلم، حاله كحال معظم البسطاء الذين يحاولون أن يعيشوا حياتهم بمنتهى الطمأنينة والنقاء... لنقول إن هذه الشخصية التي تمتهن جمع النفايات وفرزها، أنقى في داخلها من كثر يعيشون "حياة معقّمة". ومن ناحية الجمهور، لمست انطباعات كانت تسرّني كل الوقت، وقرأت تحليلات للشخصية تفيد بفهمها من جانب الناس، من دون أن نتحدث عنها بشكل مباشر. وهنا كانت قمة سعادتي.