روعة ياسين: تتعب الفنانة في فرض خطوطها الحمراء...

روعة ياسين, دراما سورية, كوميديا, فيديو كليب, فنانة / فنانات, شخصية , جرأة, الأعمال الدرامية, الجمهور, المخرجة رشا شربتجي, لوحة / لوحات فنية, مسلسل, مشاهد جريئة

28 يونيو 2011

روعة ياسين فنانة تملك مقداراً كبيراً من قوة الشخصية والثقة بالنفس، فهي تعرف ما تريد بدقة وتسعى لتحقيق طموحاتها انطلاقاً من إيمان بفنها وبما تقدم من أعمال. دخلت مجال الفن عن حب فنوّعت في خياراتها وانطلقت تعبّر عن ذاتها بعفوية وتلقائية عبر أدوار مختلفة، رافضة التقوقع ضمن نمط معين من الشخصيات... معها كان هذا اللقاء


- كيف تنظرين إلى مستوى الجرأة في مسلسل «لعنة الطين» الذي شاركت فيه في الموسم الدرامي الأخير، خاصة بعد تناقض التصريحات حول مدى جرأته؟
أرى أن نص «لعنة الطين» كان من أجمل النصوص التي قرأتها في حياتي، وهو عمل يمزج بين أجواء القرية والمدينة، وكيف كان اختلاط الناس في فترة الثمانينات من القرن الماضي، وما اعتبر الناس أنه جرأة هو في حقيقة الأمر واقع الأحداث التي نقلها المسلسل.

- إلى أي مدى باتت الدراما السورية تقتحم بجرأتها أسوار مناطق لم تكن تبلغها الدراما العربية من قبل؟
إنها ليست الجرأة وإنما نقل للواقع، والذي حدث أننا بتنا نعالج مواضيع كنا نخشى التطرق إليها خوفاً من عدم تقبّل الناس لها، فعلى سبيل المثال أديت في مسلسل «تخت شرقي» دوراً قيل إنه جريء ولكني لم أشاهده من هذا المنظار، وإنما قدمت شخصية نابعة من الواقع لفتاة تغني في الملاهي الليلية، نراها تغني وتضحك في الملهى ولكن نجدها في منزلها إنسانة تعيسة جداً تبكي كثيراً حتى أنها تتعامل مع أختها بطريقة قاسية لأنها تخشى عليها أن تصل إلى ما وصلت إليه، فتدفعها للدراسة لأنها أصبحت مغنية في ملهى بسبب جهلها. وبالتالي لم أقدم من خلالها دوراً جريئاً وإنما قدمت دوراً حقيقياً وتناولتها بسلبياتها وايجابياتها.
فما الخطأ في أن نحكي عن أمور تجري في الحياة ونراها أمام أعيننا، لا بل أرى أنه من الطبيعي التطرق إلى هذه الفئة في أعمالنا الدرامية، فالفن لا تقتصر وظيفته على تناول الطبقة المثقفة فقط، وإنما عليه الخوض في غمار حياة مختلف الطبقات والشرائح بما فيها فئة المنحرفين.


وظيفة الفن الخوض في حياة مختلف فئات المجتمع

- غالباً ما تُقدم التبريرات لهذه الشخصيات وتظهر على أنها مظلومة أو أنها ضحية لقسوة المجتمع والظروف، وبالتالي ألا يؤدي ذلك إلى شحن الجمهور للتعاطف معها رغم أنها شخصيات مرفوضة اجتماعياً؟
ولكن هذه الحقيقة، لأنه ليس من فتاة تولد دون أن يكون عندها أخلاق، فالبيئة هي التي أوصلتها إلى ما هي عليه.
ومن خلال دراستي لعلم النفس تعلمت أن الإنسان ابن بيئته، فمن الطبيعي أن تصل إلى ما وصلت إليه. وقد لعبت ظروفها الاجتماعية السيئة دوراً مهماً في حياتها وقد أظهرت ذلك ومن خلال الشخصية، فهي إنسانة لديها زوايا جيدة في داخلها، لكنها تبقى شخصية مرفوضة اجتماعياً.

- لكن هناك من يعترض على الجرأة في المسلسلات مؤكداً أن التلفزيون جهاز عائلي تراه الأسرة كلها وينبغي ألا نعرض فيه ما نخشى أن يراه أبناؤنا؟
أصبح اليوم هناك محطات لكل شيء، محطات تعليمية وإخبارية، وأطفال، و... فعندما تقدم عملاً له وزنه لا تستطيع القول إنك لن تقدمه خوفاً من أن يراه الأطفال، وإلا فأين دور الأهل في تنظيم ما يراه أبناؤهم على الشاشة؟


لم أتردد في الظهور الجريء مع رشا شربتجي

- هل تؤيدين وضع إشارة على المسلسلات الأكثر جرأة بأنه مسموح مشاهدتها لمن هم فوق الست عشرة سنة أو عبارة «للكبار فقط»؟
هذا ليس ضرورياً، فاليوم لم يعد هناك ما تستطيع تخبئته في ظل التطور الحاصل في العالم. أنا مع الجرأة الموظّفة ومع من يعرفون كيف يُظهرونها بشكلها الصحيح، فعندما طُلبت مني المشاركة في مسلسل «تخت شرقي» إخراج رشا شربتجي لم أتردد ولم أفكر كيف سأظهر لأنني أعلم وأثق أنني بين يدي مخرجة ستظهرني بشكل جيد، ولكن قد أتردد في تأدية الدور مع مخرج آخر لأنه قد يسيء إلي أو لا يُظهرني بالشكل الصحيح.

- ما حدود الجرأة لديك؟ ومتى ترفضين عملاً بسبب جرأته؟
أهم ما في الموضوع أن يكون الدور منطقياً، فالدور الجريء المنطقي يصل إلى الناس. وفي المقابل أرفض الدور الجريء عندما تكون الجرأة فيه غير منطقية وستسيء إلي.

- بعد مشاركتك في أعمال اتصفت بالجرأة هل شعرت بأنها انعكست بشكل إيجابي على المجتمع، كما في مسلسلي «حاجز الصمت» و«الخط الأحمر» اللذين تناولا موضوع الإيدز؟
 «حاجز الصمت» من أجمل المسلسلات التي قدمها المخرج يوسف رزق، وقد استفدت منه كثيراً من ناحية الانتشار، وشكّل دوري فيه بداية الأدوار الجريئة التي قدمتها، وأحدث المسلسل لدى عرضه ضجة كبيرة وعمّق الوعي تجاه الإيدز.
وبرأيي أنه كلما ازداد الانفتاح ينبغي أن تزداد معه درجة الوعي لأن الانفتاح من دون وعي يؤدي إلى الخراب.

- ما سبب كثرة إنتاج الأعمال الكوميدية أخيراً خاصة أن هذه الأعمال عانت شحاً كبيراً في السنوات الأخيرة؟
على الشركات الإنتاجية عندما تريد الإقدام على إنتاج عمل كوميدي ألا تستخف به وتقول إنه من المسلسلات الخفيفة وكلفته بسيطة ويمكن إنجازه في وقت قصير لأنه مجرد عمل كوميدي! فالحقيقة هي غير ذلك لأن الكوميديا جنس فني خطير جداً وينبغي عدم الاستخفاف به، وأذكر أنني عندما شاركت في «مرايا» مع الفنان الكبير ياسر العظمة بقيت فترة لا أستطيع المشاركة في عمل كوميدي لأني اعتدت على اللوحات الناقدة الساخرة العميقة التي تطرح ضمنها كوميديا الموقف الراقية، وبالتالي لم أعد أقتنع بأي عمل كوميدي.
فمما لا شك فيه أن العمل الكوميدي لا يقل أهمية عن أي عمل جاد يحوي أفكاراً ومضموناً مهماً، حتى لدى الحديث عن مسلسل «ضيعة ضايعة» نجد أنه عمل كوميدي يحوي جهداً كبيراً وطرح مقولات عميقة لا تقل أهمية عن أي عمل آخر، وبالنتيجة هذا هو المستوى الذي نريده للكوميديا السورية.

- من أين تنبع الكوميديا في عملك الجديد «بامب أكشن»؟
«بامب كشن» مسلسل من إخراج فيصل بني المرجة وكل حلقة فيه عبارة عن لوحات تتناول فكرة جديدة وتطرح قضية أو قصة بطريقة كوميدية طريفة.
وهو كنص مكتوب ضمن إطار كوميديا موقف، ولكني أحاول في الكوميديا أن أؤدي دوري بشكل طبيعي بعيداً عن التكلّف،  فأبني ردة فعلي اعتماداً على الموقف.

- بعد سلسلة «مرايا» ومن ثم «بقعة ضوء» ظهرت مجموعة من الأعمال التي تندرج ضمن إطار اللوحات الناقدة الساخرة، فما السبب في ذلك؟
الجمهور يحب هذه الأعمال، كما أنها تقدّم شيئاً من التغيير في شهر رمضان عندما تُعرض وسط الأعمال التاريخية الضخمة أو تلك التي تحوي دراما من الوزن الثقيل، وبالتالي من المناسب أن تعرض بينها لتكسر هذه الحدة... «مرايا» و«بقعة ضوء» عملان لا يتم تصويرهما  كل عام وبالتالي من الجيد أن تظهر أعمال أخرى ضمن الخط نفسه ولكن بصيغ مختلفة ومتنوعة.

- هناك أكثر من عمل بات يعتمد على اللوحات، فما الاختلاف بينها؟
يبقى النص المكتوب هو الأساس، وقد تميز نص مسلسل «بامب أكشن» بأنه لا يفتعل الكوميديا فهي تنبع من المواقف والأفكار التي يطرحها دون مبالغة، فالفكرة هنا هي الأهم. ولكن في المقابل هناك من يكتب نصاً كوميدياً وعندما تقرأه تشعر بأنه ثقيل الظل وصعب الهضم.

- ما المشكلات التي تتعرضون لها كفنانين؟
هناك مشكلات فنية مهنية وشخصية بتنا نعانيها بسبب هذه المهنة، وقد لا يشعر الفنانون الشباب بهذا الأمر كما نشعر به نحن الفنانات، فالرجل تبقى زمام الأمور بيده ويستطيع أن يختار شريكة حياته ويخطط لمستقبله بحرية أكثر من الفتاة.
لكن دائماً يُرسم حول الفنانة الكثير من إشارات الاستفهام، هذه هي طبيعة مجتمعنا، ودائماً ما تتعب الفنانة لتبرهن أنها على النقيض من هذه النظرة. هناك أشخاص يعون ذلك ولكن المشكلة تكمن فيمن يتعاملون مع الفنانة وكأنه ليس لديها مشكلة في شيء، لا بل قد يتصل أحدهم في وقت متأخر على سبيل المثال دون أن يراعي أنه ينبغي ألا يتصل في هذا الوقت.
 أليست هذه الفنانة ابنة عالم وناس ولديها خطوط حمراء في حياتها؟ ولو لم تجتهد وتعمل بجد لما وصلت إلى ما وصلت إليه، إنها ليست «موديل» أو أصبحت ممثلة لأنها فتاة جميلة وإلا لوقعت من السنة الأولى ولم تستطع أن تكمل المشوار.

- كيف تحاولين معالجة هذا الموضوع؟
ألجأ إلى التطنيش... قد أنزعج أحياناً ولكن لم أعد أفكر في الموضوع.


هناك عدم تكافؤ في الفرص في الدراما السورية 

- هناك من يقول إن الدراما السورية اليوم في خطر، فهل هي كذلك فعلاً؟
إنها ليست في خطر ولكنها ليست في نعيم، فليس هناك من عدل وتكافؤ في الفرص من خلال الأعمال، إذ ينبغي إعطاء الفرص للجميع.
ولكن الذي يحدث أنك ما إن تقرأ النص حتى تتوقع فوراً أن هذا الدور سيؤديه هذا الممثل والدور الآخر سيؤديه ذاك الممثل، وبالتالي  عندما تُعطى الأدوار كلها لمجموعة من الفنانين فستشكل محرقة بالنسبة إليهم.
ومن حقي أنا وغيري أن نأخذ فرصنا في المسلسلات وأن نعمل مع مختلف المخرجين وشركات الإنتاج، فهناك فنانون ممتازون موهبة وأخلاقاً ومن حقهم أن يأخذوا فرصتهم دون أن ينتظروا عشرين عاماً. قد تكون الأمور هذه السنة في طريقها إلى التحسن خاصة أن هناك طلاب معهد كثراً عملوا في عدد من المسلسلات، ولكن إن تكلمت عن نفسي فإنني بحاجة إلى عمل أبرز فيه كممثلة حقيقية وأظهر فيه مقدراتي الحقيقية.
هذا من جهة أما من جهة أخرى فحتى الأجور ليست عادلة وما يحدث أن هناك أجوراً عالية جداً وأخرى منخفضة جداً.

- قبل موسمين تقريباً حققتِ حضوراً قوياً على الشاشة، فلماذا تقلص هذا الحضور؟
السبب في ذلك يعود إلى ابتعادي قليلاً، وعادة يتم الابتعاد إما لأن الأجور ليست جيدة أو لأن الأدوار ليست جيدة، أو أن هناك أشخاصاً لا رغبة في العمل معهم.
والحمد لله أنني عندما أريد الابتعاد أستطيع ذلك لأنتظر الجيد من الأعمال، فلست في حاجة إلى دور يشهرني ولكنني في حاجة إلى دور يرفعني درجة، وبالتالي لن أقدم أي عمل لمجرد أن أحقق وجوداً، وإنما أريد أن أصعد درجة وراء أخرى.

- ولكن الجمهور ينسى...
ولكنه أيضاً لا يرحم عندما تقدم عملاً ليس بالمستوى المطلوب.  

- سبق أن تحدثتِ عن دور الجمال في البدايات، ولكن اليوم أما زال للجمال دور في توزيع الأدوار؟
خدمني الجمال كثيراً في البداية، وفتح أمامي بعض الأبواب ولكنني استطعت في ما بعد أن أكمل المشوار، علماً أن مهنة التمثيل لم تكن في ذلك الوقت في ذهني. ولكن شعرت بأن القدر يأخذني باتجاهها.
والذي أشكر الله عليه أنني عملت مع الكبار الذين علّموني وأخذوا بيدي، ومنهم المخرج هيثم حقي، المخرج هشام شربتجي، المخرج فردوس أتاسي، الفنان أيمن زيدان، الفنان ياسر العظمة... لقد علّموني أنني مسؤولة تجاه ما أقدم ولست مجرد فتاة جميلة تمثل، واستمعت إلى النصيحة وعملت على أساسها.

- قدمت في الموسم الأخير عملين من إخراج رشا شربتجي هما «أسعد الوراق» و«تخت شرقي»، فما خصوصية التعامل مع مخرجة امرأة؟
إنها رجل وامرأة في الوقت نفسه، فهي امرأة في أفكارها وحنانها وطريقة إحساسها بدور المرأة وفي الوقت ذاته لديها الحس الذكوري، فتأخذ زوايا صحيحة وتتعامل بطريقة فيها جدية أكثر بعيداً عن العاطفة، فهي تجمع بين الشخصيتين، ومن أكثر المخرجين الذين استمتعت بالعمل معهم، وهي تتعامل بحب غريب.

- كيف تنظرين إلى مشاركة فنانات في الفيديو كليب والإعلانات؟ وهل توافقين على المشاركة فيها؟
الفيديو كليب مختلف عن الإعلان، فعندما أقدم إعلاناً سيكون السبب في ذلك مادياً فقط شرط أن يكون المنتَج الذي يتم الإعلان عنه منطقياً وظريفاً وأن يتم تقديمي فيه بشكل جيد.
أما الفيديو كليب فهو مختلف ولكنه لا يستهويني إلا إن كان مع مطرب أحبه، عندها لن يكون لدي مشكلة وسأقدم معه الفيديو كليب لأني أحب فنه.

- ما الشخصية التي أديتها في مسلسل «حضارة العرب»؟
انتهيت أخيرا من تصوير مسلسل «حضارة العرب» إخراج هيثم زرزوري، وهو للفضائية السورية التربوية ويتكلم عن العلماء الذين مروا عبر تاريخنا، وأجسد فيه دور أكاديمية تعدّ رسالة ماجستير، ومن خلالها نتعرف أكثر على هؤلاء العلماء. وبشكل عام المسلسل تعليمي ولكنه يقدَّم ضمن قالب اجتماعي...