مسلسل 'الحسن والحسين' يعيد فتح الملف

تلفزيون الآن, أزمة, شيخ الأزهر, التلفزيون المصري, أعمال دينية, مسلسل

02 أغسطس 2011

يبدو أن الأزمات التي بدأت تثيرها المسلسلات الدينية، وخاصة تلك التي تقترب من شخصيات الصحابة وآل البيت، ستستمر طويلاً مادامت الفجوة بين الأزهر ومؤلفي هذه الأعمال كبيرة.
ففيما يرى مؤلفو هذه الأعمال أن من واجبهم أن يعرف المشاهدون الكثير عن الصحابة وآل البيت الذين أثروا في الحياة الإسلامية، يقف الأزهر في وجههم بدعوى حرمة ظهور الصحابة أو أي شخص من آل بيت النبي، صلى الله عليه وسلم، في عمل فني.


موقف الأزهر


وموقف الأزهر ثابت في قضية تجسيد شخصيات الصحابة في الدراما، وهو موقف يُجمع عليه مجمع البحوث الإسلامية الذي أكد في جلسة ترأسها شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي، قبيل وفاته، عدم جواز تجسيد شخصيات الأنبياء والرسل وآل البيت والصحابة في الدراما، وهو ما عاد وأكده شيخ الأزهر الجديد الدكتور أحمد الطيب الذي رفض تقديم أي عمل فني يتناول الصحابة، أو العشرة المبشرين بالجنة، أو آل بيت النبي، صلى الله عليه وسلم.


«الحسن والحسين»


آخر فصول الصراع بين صنّاع تلك الأعمال والأزهر الشريف، شهده مكتب النائب العام بعدما أقام مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف دعوى على عدد من القنوات الفضائية، وخاصة قناتي «الحياة» و«النهار» اللتين تعرضان المسلسل الديني «الحسن والحسين» في شهر رمضان، وذلك لتناوله شخصيات من آل بيت النبي، صلى الله عليه وسلم، الممنوع تناولهم في أي أعمال فنية. والمسلسل الذي اشترت قناة «الحياة» الفضائية حق عرضه هو قصة وسيناريو محمد اليساري ومحمد الحسيان، وإخراج عبد الباري أبو الخير، ويتناول أحداث الفتنة الكبرى التي هزت الأمة لسنوات بعد وفاة الرسول، عليه الصلاة والسلام، ودور اليهود في تأجيجها.

ويبدأ المسلسل بتسليط الضوء على حياة الإمامين الحسن والحسين، ابني الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ودورهما في الدفاع عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، ويتعرض أيضاً لتنازل الحسن عن الخلافة لإحلال السلام بين المسلمين، وتوحيد الأمة الإسلامية، وينتهي بتضحية الحسين بحياته للحفاظ على مبدأ الشورى في الحكم، وانتقام الله من قتلة الحسين. 

ويعتبر المسلسل العمل الفني الوحيد الذي يحظى بهذا الاهتمام، خاصة بعدما حصل على موافقة عدد كبير من علماء الدين على تصويره، حيث أجاز عرضه شيوخ كبار منهم الدكتور يوسف القرضاوي، والشيخ سليمان العودة، ووزير الأوقاف اليمني، والدكتور خالد بن عبد الله عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بالقصيم، بالإضافة إلى ظهور تسع عشرة فتوى دينية من عدد من الدول العربية تجيز عرضه. وعلى الجانب الآخر وقف الكثير من رجال الدين الرافضين لتناول الشخوص الدينية وظهورهم على الشاشة. وفي طليعة قائمة المعترضين يأتي الأزهر الشريف، ومجمع البحوث الإسلامية، ووزارة الأوقاف السعودية.


«يوسف الصديق»


وكانت قناة «ميلودي دراما» قد فتحت الباب على مصراعيه للحرب مع الأزهر الشريف، عندما اتفقت مع منتجين في إيران على توريد مسلسلات دينية عن الصحابة والرسل، والتي كان أبرزها مسلسل «يوسف الصديق» الذي أثار أزمة في مجمع البحوث الإسلامية الذي أوصى بوقف عرض المسلسل لتحريم ظهور الأنبياء والصحابة وآل البيت والعشرة المبشرين بالجنة في أعمال درامية. لكن عرض هذا المسلسل فتح الباب أمام عدد من القنوات لشراء حق عرض مسلسلات دينية جديدة مثل «مريم المقدسة»، و«الإمام علي»، و«إبراهيم الخليل» ودبلجتها إلى العربية وعرضها، ضاربة عرض الحائط بالفتاوى التي تحرّم عرضها ومشاهدتها.


«الفاروق عمر»


وكان الأزهر قد دخل في حرب ضارية مع التلفزيون المصري ورئيسه السابق أسامة الشيخ، عقب اتفاق اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري مع شركات سورية لإنتاج مسلسل حول سيرة ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب يحمل اسم «الفاروق»، ويحكي عن حياته قبل الإسلام، وحياته بعد دخوله الإسلام، وتولّيه حكم المسلمين عقب وفاة الخليفة أبو بكر الصديق. ويتضمّن المسلسل تجسيد شخصيات الصحابة. وكان من المقرر أن يخرج المسلسل، الذي توقف نهائياً، السوري حاتم علي، وكتب القصة والسيناريو والحوار وليد يوسف، ورُشّح لأداء شخصية الفاروق عمر الممثل السوري تيم حسن.


«الرسالة»


وكانت أزمة تناول الشخصيات الدينية في أعمال فنية قد تفجرت عام 1976، أي قبل نحو خمسة وثلاثين عاماً، عندما قرر المخرج الراحل مصطفى العقاد تقديم عمل كبير عن الإسلام، ووافقت ثلاث دول على المساهمة في إنتاجه من بينها الكويت، وبلغت التكاليف في ذلك الوقت نحو مليوني دولار.

وعام 1979 تم الاستقرار على فيلم «الرسالة» وبدأ التصوير، وقبل السماح بمشاهدة الجمهور لأحداثه في دور السينما اعترض مجمع البحوث الإسلامية، وتحول الخلاف بين المؤيدين والرافضين إلى معركة إعلامية، تشابكت فيها عدة أطراف، رسمية وإعلامية وشعبية، وشاهده في عرض خاص وزراء خارجية الدول الإسلامية، وعدد كبير من رجال الدين، وأكد كثيرون أنه لا يوجد ما يمنع عرضه، ولكن انتصرت وجهة نظر مجمع البحوث.

وبينما عُرض الفيلم في أسبوعه الأول في 400 دار عرض في أوربا وآسيا، التزمت محطات التلفزيون الأرضية في العالم العربي، وكذلك دور السينما، بمنع عرضه، إلى أن بدأ عصر القنوات الفضائية والإنترنت، وأصبح الفيلم يتكرر عرضه باستمرار في المناسبات الدينية، لكنه مازال ممنوعاً في القنوات الأرضية ودور السينما في الدول العربية.


«الحسين ثائراً»


لم يكن فيلم الرسالة هو الوحيد الذي شهد مشاكل مع الأزهر، فقد تلته مسرحية «الحسين ثائراً» تأليف عبد الرحمن الشرقاوي، والتي تحايل مخرجها آنذاك كرم مطاوع على قرار المنع بزعمه أنه يقوم ببروفة عامة، ودعا المثقّفين لمشاهدتها. وأدى دور الحسين الفنان الراحل عبد الله غيث الذي تمنّى عرض المسرحية حتى لو اضطره الأمر لاعتزال التمثيل بعد أداء هذا الدور. وهذا ما تمناه بعد ذلك الفنان نور الشريف أيضاً، إذ سعى كثيراً إلى إعادة تقديم المسرحية نفسها، لكن محاولاته باءت بالفشل بعد إصرار الأزهر على عدم تجسيد شخصية الحسين.