قصتي مع الحجاب مع منى عبد الغني...

الحجاب, أحمد السقا, ليلى غفران, محمد هنيدي, منى عبد الغني , محمد الحلو, نادية مصطفى, حجاب الممثلة, أنوشكا, أوبريت

17 أغسطس 2011

لم يمنع الحجاب الفنانة منى عبد الغني من ممارسة حياتها كفنانة ، بل على العكس كانت الأقل تعرضاً للانتقاد بين الفنانات المحجبات، خاصة أنها حرصت على الاعتدال طوال الوقت. لم تقل يوماً إن الفن حرام، بل شاركت في العديد من الأعمال الفنية الاجتماعية والدينية، ودعمت ذلك بدكتوراه في الموسيقى الى جانب عملها كأستاذ مساعد في أكاديمية الفنون، التقيناها فحكت لنا أسرار حجابها، والصدمة التي جعلتها تعجل في قرارها، ومحاولات ثنيها عنه، وحقيقة اعتزالها لفترة بعد وضعه. كما تتحدث عن جهاد النفس الذي كان وراء تغيير حياتها، وعلاقتها بالوسط الفني والفنانات المحجبات قبل الحجاب وبعده.


- في أية لحظة قررت ارتداء الحجاب؟
قرار ارتداء الحجاب لا يمكن أن تتخذه المرأة في لحظة، وبالنسبة الي بالتحديد كنت ممثلة ومطربة أشارك في العديد من الأعمال ولديَّ كثير من الارتباطات الفنية في المجالات المختلفة، وهذا كان يجعلني أحتاج الى وقت كبير لأصل الى القرار النهائي، لكن الفكرة كانت تراودني طوال الوقت، ولهذا من الصعب أن أقول إني اتخذت قرار ارتداء الحجاب في لحظة.

- ما الذي جعلك تتخذين القرار وكان عاملاً مساعداً نحو هذه الخطوة؟
كنت وقتها أشارك في بطولة مسرحية بعنوان "ألابندا" أمام أحمد السقا ومحمد هنيدي، وكانت مسرحية مميزة جداً، لكن وقتها كنت أفكر كثيراً في الحجاب، وكنت أؤدي الصلاة في المسرح، وأدعو الله أن يساعدني في هذه الخطوة. ولكني كنت أشعر أنها صعبة جداً لأنني أحب الفن والأضواء التي اعتدت عليها. إلا أن الله أراد أن يتوفى شقيقي، وكانت صدمة كبيرة جداً في حياتي وتألمت كثيراً وقتها، وأخذت أفكر أن الله ممكن أن يقبض روحي في أي وقت، ولذلك لابد أن أسرع في هذه الخطوة.

- كيف كان رد فعل من حولك؟
هناك من حاولوا ثنيي عن هذا القرار، وبدأ البعض يناقشني في توقيت هذه الخطوة، ومن بينهم منتج مسرحية "ألابندا" الذي أخذ يبذل مجهوداً كبيراً ليجعلني أؤجل الحجاب الى حين الانتهاء من عرض المسرحية، إلا أنني قلت له مستحيل أن أخلع حجابي بعد اليوم. هذا قرار نهائي ولن أطيع مخلوقاً، مهما كان شأنه أو مكانته، في معصية الخالق.

- كيف أمضيت المرحلة التالية لقرار الحجاب؟
كنت في قمة الراحة والسعادة، ولم أترك أي مجال للتفكير، لأن الحجاب هو الأصل وهو فريضة لا يجوز التفكير فيها. وبدأت أسلّح نفسي بالصلاة والعبادة ودراسة القرآن الكريم والتفسير والأحاديث والفقه حتى أفهم ديني بشكل سليم، وبدأت الالتزام بشكل حقيقي وثابت الحمد لله. وهذا ليس معناه أني لم أكن ملتزمة من قبل ارتداء الحجاب، ولكن المقصود أنني بعد ارتداء الحجاب قررت أن أصلح نفسي على كل الأصعدة، وأحاول محاربة الشيطان ولا أترك له مجالاً لأن يثنيني عما بدأته.

- هل كان التغيير في حياتك سهلاً أم صعباً كما يظنه البعض؟
هناك ما يسمى جهاد النفس، وهو من أصعب أنواع الجهاد ولكنه أساسي ومهم لتقويم أنفسنا والتأقلم مع الحياة الجديدة الأقرب الى الله. لم يكن سهلاً ولم يكن مستعصياً لأنني تحليت بالإرادة ووعدت الله أن أكون معه، ولا أعود الى ذنوبي مرة أخرى.


الفن ليس حراماً

- هل ندمت على ما قدمته من أعمال فنية؟
فكرت كثيراً واستشرت عدداً كبيراً من علماء الدين، والكل أجمع على أن الفن ليس حراماً، وهذا ما كنت مقتنعة به طوال الوقت، فالفن بحد ذاته شيء جميل يساعد في الارتقاء بالأخلاق والأحاسيس، ولكن بعض التصرفات هي التي تفسد هذه الرسالة. من الممكن أن نقدم فناً راقياً بعيداً عن المعاصي والمحرمات عندما يكون وفقاً لمبادئ وأسس إسلامية راقية.

- لكنك توقفت عن التمثيل وابتعدت عن الفن بعد الحجاب؟
لم يكن اعتزالاً، لكنه كان مرحلة لإعادة الحساب مع النفس وترتيب الأوراق من جديد لما هو مناسب لحياتي التي قررت أن أعيد ترتيبها. وكنت أيضاً أبحث عما هو جيد أستطيع أن أعود به وأضمن من خلاله إرضاء الله وإرضاء نفسي وجمهوري. وبالفعل وجدت أعمالاً دينية مثل "ابن ماجه" وغيره من المسلسلات التي شاركت في تقديمها، ثم شاركت في عدد من المسلسلات الاجتماعية، وهكذا استمرت الحياة من جديد ولكن بشكل أفضل وفقاً لمبادئي.

- ألم تجدي صعوبة في إيجاد أعمال فنية؟
لن أنكر هذا، ولكني دائما كنت مؤمنة بأن الرزق من عند الله، هو الذي يختار مصدر الرزق وتوقيته والعبد الذي يستحقه. وكنت أثق أن ما كتبه الله لي سوف أجده مهما طال الوقت أو قصر، وقلت لن أعصي الله لكي يرضى عني العباد حتى أجد العمل الذي أعيش منه وأستمتع به. والحمد لله بعدها بدأت أتلقى عروضاً للعودة، وهكذا سارت التطورات، ولم أعاتب يوماً أحداً لأنه لم يخترني في عمله لأنني ارتديت الحجاب، فأنا مؤمنة بأن كل واحد منا حر في اقتناعاته واختياراته ومسؤول عنها.

- هل اعتزلت الغناء حقاً؟
لا لم أعتزله، وقدمت مؤخراً أوبريتاً بعنوان "سلامتك يا مصر" مع ليلى غفران ونادية مصطفى وأنوشكا ومحمد الحلو وعدد كبير من الفنانين، لكن للأسف لم يتم تصويره بطريقة الفيديو كليب. وغنيت أيضا لمستشفى سرطان الأطفال، وقدمت أغنية بعنوان "القدس هترجع لنا". أنا خريجة معهد الموسيقى العربية، ومازلت أدرّس التكنيك العالمي للأداء الصوتي الى جانب الإلقاء، وأعكف حالياً على إنهاء دراستي في رسالة الدكتوراه لأكمل عملي كمدرس في أكاديمية الفنون، حيث أدرّس الإلقاء والتجويد.

- قدمت عدداً من الأعمال الفنية الاجتماعية، لماذا غبت عن الأعمال الدينية؟
هو ليس غياباً، لكن عندما أجد عملاً دينيا جيداً لن أتردد في تقديمه. والمهم أن يحمل العمل قيمة كبيرة ورسالة هادفة لكل من يشاهده. وبالفعل قدمت الأعمال الدينية والأعمال الاجتماعية التي لا تنزعج منها الأسرة، ويستطيع الكبار والأطفال مشاهدتها دون خجل.

- من الأقرب إليك من فنانات الوسط الفني؟
أعرف كثيراً من الفنانات المحجبات وألتقيهن، وهن من أجيال مختلفة من بينهن شهيرة وصابرين وحلا شيحة وشمس البارودي والمطربة المعتزلة حنان.

- إذن قطعت علاقتك بالفنانات غير المحجبات في الوسط الفني؟
لا، هذا ليس صحيحا، ولكن ليس لي أي صديقات في الوسط الفني، سواء كنَّ من المحجبات أو غير المحجبات، وصداقة الفنانات وأهل الوسط الفني شرف كبير لي، ولكنني للأسف لا أجد الوقت لأكوّن صداقات، لأن بيتي وزوجي وأولادي كل شيء في حياتي ولا أجد وقتاً لأي شيء آخر.

- بماذا تصفين علاقتك بالفنانات المحجبات؟
هن أخواتي في الإسلام وزميلاتي في المهنة، والحقيقة هذه حياتي حتى قبل ارتداء الحجاب، فالبيت أهم شيء عندي ولا أجد وقتاً للصداقات.

- ما الذي غيّره فيك الحجاب؟
الحمد لله منذ بدايتي في الفن وضعت شروطاً وخطوطاً حمراء لم أتخطها، لذلك لم أقدم أعمالاً كثيرة وكان الكيف لا الكم هو المعيار الأول في اختياري للعمل الفني.

- ما رأيك في الفنانات المحجبات اللواتي يضعن الباروكة في بعض أدوارهن؟
لا أستطيع أن أقوّم هؤلاء الفنانات، ويستطيع أي شخص أن يتوجه اليهن بالسؤال عن سبب هذه التصرفات لأن كل واحد فينا مسؤول عن تصرفاته.


لم أعتزل بعد الحجاب بل توقفت فترة لأراجع حساباتي

- هل تقبلين وضع الباروكة في أعمالك؟
بالطبع لا هذا مستحيل لأنني لست مقتنعة بهذا التصرف، وبالفعل تلقيت عروضاً لتقديم بطولة مسلسل مهم وناجح جداً، غير أني لم أتردد لحظة في الاعتذار عنه، لأني رفضت وضع الباروكة.

- ماذا تقولين عن حجابك بعد أكثر من 13 عاماً من ارتدائه؟
أقول إن حجابي لم يتغير منذ أول يوم ارتديته وحتى هذه الساعة، ولن يتغير طوال حياتي التي كتبها لي الله سبحانه وتعالى. أحترم هذا الحجاب وأحبه جداً، وأعرف أنني لست كاملة، ولكني أحاول طوال الوقت الابتعاد عن الأخطاء حتى أرتقي الى ما هو أفضل، وأكون نموذجاً لسيدة مسلمة مطيعة لله وفقاً لتعاليم الدين القويم.

- هناك شركات إنتاج فني جديدة تشترط عمل الفنانات المحجبات فقط، ما رأيك فيها؟
أرى أن أصحاب هذه الشركات لهم مطلق الحرية في اختياراتهم، وكذلك للفنانات مطلق الحرية في اختيار المنتج والمخرج وكل فريق العمل. ولا أجد في الأمر مشكلة أو خطورة لأن هناك أيضاً منتجين موجودين في الوسط الفني يشترطون عدم التعامل مع فنانات محجبات في أعمالهن. ولكن ما يستفزني هو وجود قنوات فضائية عادية ترفض عمل المحجبات فيها، ولا أعرف لماذا.

- هل كان الحجاب عائقاً في أي وقت أمام عملك؟
أنا مقتنعة بأن الحجاب لم يكن عائقاً أبداً، فمنذ ظهور الإسلام كانت المسلمات المحجبات يعملن، فمنهن القاضية والشاعرة والمحاربة، ولكن القضية في اختيار العمل وكيفية القيام به.

- ومن هى أكثر فنانة محجبة تنال أعمالها إعجابك؟
حنان ترك، فرغم من ارتدائها للحجاب لم يقل تألقها وتقدم الأعمال الجيدة التي لا تتعارض مع حجابها، ومازالت تحافظ على نجوميتها.

- هل التقيت الفنانات اللواتي ارتدين الحجاب مؤخراً مثل هالة فاخر وشاهيناز؟
بالفعل كان هناك احتفال والتقيت بالمطربة شاهيناز وحرصت على تحيتها وباركت لها ارتداء الحجاب. وعلمت أيضا بخطوة الفنانة هالة فاخر وارتدائها الحجاب، وشاهدت لها حلقة جيدة جداً على الفضائيات في أحد البرامج وأعجبتني جداً، وفرحت لها من قلبي، خاصة أنني وجدتها جميلة وتحتفظ بخفة دمها ولم تتزمت، وهذا جعلني أراها نموذجاً جميلاً للمرأة المحجبة، ولكني قصرت في حقها وفكرت كثيراً في الاتصال بها، وكنت أتردد لأننا لسنا صديقتين، ولكن أنوي الاتصال بها لتهنئتها إن شاء الله.

- الجمهور كان معتاداً أن يراك مواكبة لآخر صيحات الموضة في أفلامك. هل واجهت أزمة بعد ارتداء الحجاب مع ملابسك؟
ليست أزمة بهذا المعنى. الفكرة في أساسها هو أن تكون المرأة قادرة على توفيق الألوان وتنسيقها بشكل مناسب ومتجانس، وهذا ليس له أي علاقة بالحجاب. والمرأة المحجبة المسلمة لن تجد عائقاً في مواكبة الموضة وآخر صيحاتها، مع الحفاظ على الشكل المحترم والمعبر عن دينها وتربيتها.

- لكن أبرز مصممي الأزياء لا يضعون المرأة المحجبة في حساباتهم؟
لابد أن يكون لدى المرأة إحساس بما يتناسب معها وما لا يناسبها، وليس شرطاً أن ترتدي آخر صيحات الموضة إذا كانت لا تتناسب معها ومع بيئتها ومعتقداتها ودينها، فالموضة هي ما يناسبك ويظهر أناقتك. ومع هذا الحجاب لا يشترط عليك ارتداء الملابس الفضفاضة بشكل زائد على الحد، مما يجعلك تبدين أكثر بدانة، وليس بالضرورة أيضاً أن يجعلك ترتدين ملابس ضيقة، فالاعتدال هو الأفضل في كل شيء. كما أدعو كل سيدة لأن تحافظ على رشاقتها حتى لا تحرم نفسها ارتداء الملابس التي تجعلها تبدو أجمل.

- وفاة شقيقك كانت سبباً لارتداء الحجاب؟
بالفعل هذا الحدث الصعب جعلني أفكر كثيراً وأشعر بأن الحياة ليست مضمونة والهدف ليس الدنيا بينما الآخرة خير وأبقى، ولابد أن أسارع إلى الخير والعبادة، لأن الحياة ليست مضمونة، وتيقنت أنني لن أنجح أو أنال الراحة إلا بعد أن أرضي الخالق سبحانه وتعالى. وبالفعل بعد اليوم الثالث من عزاء شقيقي قررت ارتداء الحجاب، ولم يكن هناك أي مجال للتفكير أو المناقشة.

- ما هي نصيحتك للمرأة المحجبة لتبدو جميلة؟
الرياضة، فرغم التزامي وارتدائي الحجاب لم أقاطع الرياضة لأحافظ على صحتي ورشاقتي أيضا، فهى شيء مهم جداً لي كامرأة عادية، وكفنانة لابد أن أكون قدوة وحسنة المظهر أيضا. كما أنصح كل سيدة باختيار الألوان التي تناسب بشرتها، ولا تكثر من الألوان الصارخة.