هاني شاكر في أول ظهور تلفزيوني له...

هاني شاكر, برنامج حواري تلفزيوني, دينا هاني شاكر, لميس الحديدي

23 أغسطس 2011

في أول ظهور تلفزيوني له بعد رحيل ابنته دينا، حل الفنان هاني شاكر ضيفاً على الإعلامية لميس الحديدي في برنامجها «نصف الحقيقة»، الذي يذاع على قناة CBC، وكشف أن نظرته إلى الدنيا اختلفت تماماً بعد وفاة ابنته دينا إذ تعلّم أن الدنيا لا تستحق كل هذا الانشغال بها والصراع عليها، فهي تأخذ الناس وتشغل عقولهم، وفي ثانية واحدة يتبدل كل شيء، ويجد الإنسان نفسه في عالم آخر، مندهشاً من إضاعة البشر لأوقاتهم في تفاهات وشهوات زائلة.


تقدّم أمير الغناء العربي بالشكر لكل جمهوره وزملائه الفنانين الذين وقفوا معه في محنته وقدموا له واجب العزاء، مؤكداً أن وقفتهم بجانبه خففت عنه الكثير، لأنه علِم أن دينا في مكانة عالية، وأن من يحبه ربه يحبب فيه خلقه. وكشف أن بعض الفنانين فاجأوه بموقفهم ووقفتهم بجواره، حتى إن فناناً مثل «أبو الليف» حضر صلاة الجنازة والدفن، ثم حضر العزاء ليلاً، رغم أنه لا تجمعه به أي علاقة من أي نوع.

وعن رحلة إبنته دينا مع المرض قال: «أعراض المرض ظهرت عليها عقب إنجابها طفليها التوأمين، لتبدأ علاجها في أكثر من دولة، حتى أخبرها الأطباء في فرنسا في أيار/مايو 2010 بأنها قد شفيت، وباركوا لها نعمة الشفاء بعدما أجروا الفحوص والأشعة التي أثبتت ذلك. لكن المرض الذي أصيبت به دينا كان متحوراً وشرساً، لذا عاد بشكل مختلف، والعلم والطب لم يصلا بعد إلى العقار الذي يقضي عليه».

وأكمل: «دينا كانت تشجع المرضى الشباب في باريس وتشدّ أزرهم، وكأنها قائد لهم، رغم أن حالتها كانت أصعب حالة فيهم، ونوع المرض الذي كان عندها كان أشرس وأندر نوع من المرض. ودينا كانت هي التي تقوّينا أكثر مما كنا نقوّيها، وهي التي تحمّلت الجزء الأصعب، وعملت ما عليها وزيادة، وربنا لم يرض بتعبها أكثر من ذلك».


شواهد

وبسؤاله عن الوقت الذي فقد فيه الأمل، أجاب: «حتى آخر وقت لم أفقد الأمل. حتى في الأسبوع الأخير من حياة دينا عندما ذهبنا أنا ووالدتها للإقامة معها في المستشفى بعدما تدهورت حالتها لم أفقد الأمل، وكنا نصلي جميعا المغرب والعشاء مع أصدقائها وأصدقائنا الذين يأتون لزيارتنا في المستشفى، وكأن فيه «حضرة» في المستشفى يومياً، وكان عندنا إحساس بأن الله الشافي سيشفيها، خاصة أن دينا أعطتنا هذا الأمل لأنها لم تكن تتألم رغم قسوة المرض، حتى أنها رفضت تناول المسكّنات التي اشتريناها من باريس.

والأطباء قالوا إن هذا مؤشر جيد، لأن معناه أن دينا لا تتألم ويبدو أن حالتها تتحسن، لكن الله سبحانه وتعالى كان يرى ما لا نراه وتقبل دعائي، لكن بشكل آخر، لأني كنت أتمنى لها الخير والسعادة، لكن واضح أن السعادة والراحة ليستا في الدنيا، فهو أخذها إليه وأراحها بشكل كبير، وأنا مطمئن وهناك شواهد كثيرة أكرمني بها الله بها حتى يطمئنني، منها أن وجه دينا وقت الغُسل كان متبسماً مشرقاً بشكل غير طبيعي، حتى أني عندما شاهدتها بعد الغسل لم أعرفها، كما أن زوجتي والسيدات اللواتي وقفن على الغُسل شاهدن أصبعها السبابة منفردة بعلامة التوحيد، وكأن هناك من كان يلقّن دينا الشهادة».

وأضاف هاني إن أول بشارة شاهدها فور صعوده إلى غرفتها، بعدما أخبره الأطباء بتوقف القلب وحدوث الوفاة، كانت عندما فتح التلفزيون الموجود في غرفة دينا، وكان مضبوطاً على القناة السعودية التي تذيع القرآن الكريم وصورة حية للكعبة مباشرة، فسمع آيات قرآنية تُطمئِن قلبه وكأنها رسالة ربانية، بدءاً من الآية رقم 30 من سورة النحل، وما تلاها من آيات، تقول: «وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»  فتوقف عن البكاء.


الحفيدان


وأكد هاني أن حفيديه التوأمين مجدي ومليكة يُهوّنان عليه كثيراً، خاصة أن الطفلة مليكة نسخة من والدتها في الشكل والطباع والروح، مع أن عمرها لا يتعدى العامين ونصف العام، وكذلك ورث مجدي خفة الظل والشقاوة، وكأن ربنا عوّضه عن رحيل ابنته بطفلين. واستعرض هاني أصعب اللحظات المؤثرة في أيام دينا الأخيرة، عندما وصلت إلى مرحلة عدم القدرة على الكلام، ووُضعت على جهاز التنفس الصناعي، فكانت تنظر إليه وتكلمه بعينيها وتضع يدها على وجهه لتحمل عيناها ولمساتها معاني كبيرة جداً تفوق كل الكلام.

ومن أكثر الأشياء المؤثرة في الحلقة، ما حدث عندما غنى هاني شاكر أغنية «الشهيد» التي غناها لشهداء «25 يناير» من ورقة لأول مرة في تاريخه الفني، بعد أن نسي كلماتها، وكانت هذه المرة الأولى التي يغني فيها في منزله بعد وفاة ابنته.

وعن تدخلات دينا في اختياراته الفنية في أيامها الأخيرة، أكد أنها أصرت على نزول أغنية «صعب جداً» التي سجلها في ألبومه الأخير «بعدك ماليش»، وكانت هذه الأغنية تصف حالته وإحساسه تجاه دينا في آخر سنتين أمضاهما معها، وهي فترة مرضها، مؤكداً أنه يستحيل أن يسمعها الآن.

وبدموع حبيسة أنهت لميس الحديدي الحلقة بقراءة الفاتحة على روح دينا هاني شاكر، دون أن تتمكن حتى من الكلام، بينما لم يتمكن هاني شاكر من تمالك نفسه وانهمرت دموعه.