'سوق الورق' يكشف الفساد الإداري

الجامعة الكندية في القاهرة, المخدرات, أعمال رمضانية, باسل خياط, عبد الهادي الصباغ, دراما رمضان, هموم المرأة, سلوم حداد, مكسيم خليل, محمد حداقي, مرح جبر, نضال نجم, نجلاء الخمري, فساد, أحمد إبراهيم احمد

01 سبتمبر 2011

مسلسل 'سوق الورق' الذي عرض خلال موسم رمضان التلفزيوني، هو المولود البكر لإنتاجات المؤسسة العامة للإنتاج الدرامي والإذاعي، وهو التحدي الذي دخلت فيه المؤسسة سوق الدراما لتكون واحدة من أهم المؤسسات والشركات المنافسة في ما تقدم على صعيدي الشكل والمضمون.
العمل من إخراج أحمد إبراهيم أحمد وتأليف وحوار آراء الجرماني، وبطولة عدد من الفنانين، منهم: سلوم حداد، مرح جبر، باسل خياط، نضال نجم، مكسيم خليل، عبد الهادي الصباغ، عبد الحكيم قطيفان، محمد حداقي، شادي زيدان، هناء نصور، نجلاء الخمري، ميسون أسعد...

يقتحم المسلسل عالم طلاب الجامعة ويتناول مشكلاتهم وهمومهم وآمالهم وتعاملهم مع الانترنت والفيسبوك. كما يسلّط الضوء على جوانب الفساد في الجامعة.
ولعلّ المشكلة الأبرز التي يتناولها هي تغير المنظومة القيمية في المجتمع المعاصر وشيوع ظواهر التسلّق والشطارة والتجاوز السريع  الذي تشهده حركة المجتمع في ظل نمو عوامل الاستهلاك، وفي الوقت نفسه يُسلّط الضوء على تلاشي الصراع الطبقي وبروز الفساد الذي جعل عدداً كبيراً من الأشخاص يظنون أن كل شيء قابل للتحقق في ظلّ غياب عدد من النواظم والمعايير، وتلاشي الثوابت في كثير من المجالات.
كما يعرض المسلسل نماذج إدارية يقوم بعضها على المصلحة وهدفها المال وشعارها 'أنا ومن بعدي الطوفان'. ويتحدّث كذلك عن بنية اجتماعية غير واعية حاكمها ما يريده المجتمع وناظمها التمتع بالمظاهر وهمّها إبقاء عيوبها في العتمة الذاتية والأسرية وهدفها الانتماء إلى الطبقة الرفيعة.
تدور أحداث المسلسل في العام الدراسي 2010، ويكون الدوام في الجامعة قد بدأ في الفصل الدراسي الثاني لتسير رحلة الطلاب نحو الامتحان ويمرون بعدد من الأحداث التدريسية التي تكشف أنماط حياتهم وتفكيرهم وعلاقاتهم، ويترافق ذلك مع كشف لحياة عدد من أساتذة الجامعة وآلية تدريسهم ومساعيهم الإدارية وطموحاتهم.

حول المحاور الأساسية للعمل والخطوط التي يحاول طرحها والمشكلات التي يسعى للإضاءة عليه كانت لنا وقفات مع مخرجه وكاتبته وعدد من أبطاله، والحصيلة نرصدها عبر السطور الآتية


المخرج أحمد إبراهيم احمد

- ما مدى الجرأة التي يتمتع بها العمل خاصة أنه يخوض في عوالم الشباب وفئة طلاب الجامعة؟ وهل هي جرأة زائدة عن 'لعنة الطين' الذي قدمته في رمضان الماضي؟
لقد ارتفع لدينا سقف الرقابة كثيراً وبات من الممكن أن نحكي عن أي موضوع نريد، ولكن ينبغي أن  نحكي من باب حب الوطن وليس من باب التجريح.
وأظن أننا استطعنا من خلال 'سوق الورق' أن نصعد خطوة ولكن ليس بالمنحى السياسي وإنما بالمنحى الإداري، فهنا يوجد جرأة أكبر في طرح الفساد الإداري.
'لعنة الطين' تناول الجانب السياسي الأمر الذي رفع السقف وبالتالي مهما قدمنا، فلن نصل إليه لأن الأسقف الأخرى تقع كلها تحت السقف السياسي.

- عديدة هي الأعمال التي تناولت مشكلات الشباب، فما الجديد الذي يقدّمه المسلسل؟
تناولنا الأمور التي لها علاقة بالمجال التعليمي وغصنا في أدق التفاصيل، فتطرقنا إلى المواد التي تُدرس والمشكلات التي يعانيها الطلاب وعلاقتهم بمحيطهم وطريقة الامتحانات، وتعاملهم مع الفيسبوك والانترنت والتقنيات المتطورة.
كما تناولنا معالجة موضوع الفساد من خلال الفيسبوك الذي يستخدمه مجموعة من الطلاب لفضح الفساد بينما يستخدمه آخرون من الفاسدين لتشويه الحقائق، وارتكزنا في المسلسل على نقطة معينة وهي (الزمن)، فالزمن كان له قيمة سابقاً لكنه فقدها الآن، فزمن الحداثة والتكنولوجيا ألغى قيمة الزمن وبات هناك تسارع كبير جداً، فأثرت التكنولوجيا سلباً على قيمة الحدث.
على سبيل المثال إن أردت معرفة معلومة معينة في ما مضى كنت تحتاج إلى وقت حتى تصل إليها، أما اليوم فتحصل عليها خلال دقائق عن طريق الانترنت والفيسبوك والمحطات الفضائية.
وهذا كله يؤثر على الإنسان كقيمة فكرية وبشرية. لقد فقد الزمن قيمته وأظهرت هذا الأمر على المستوى البصري في العمل.

- يطرح العمل خمسة محاور رئيسية، ولكن ألا يضيع الجواب إن ازدحمت الأسئلة؟
هذا ما قصدته من خلال إجابتي السابقة، فاليوم ليس هناك وقت لسؤال واحد، وإنما ينبغي تقديم جرعة كبيرة وجعل المشاهد مشدوداً كي لا ينفضّ عنك وينتقل إلى محطة أخرى، وبالتالي عليك إيجاد وسائل أخرى تخاطبه فيها بطريقة تحافظ فيها على القيمة الفكرية الموجودة في العمل، ولكن عليك أن تقدم طريقة في الإبهار البصري لتجذبه... هل يضيع المشاهد إذا كثرت المحاور؟ أرى أنه مهما وضعت له أسئلة سيبقى هناك ما هو ناقص، ففي ما مضى كان المشاهد ينجذب إلى العمل إذا ضمّ محوراً أو اثنين، ولكن كثرة الأعمال فرضت سباقاً في طرح المشكلات وغزارتها، فبقدر ما تطرح أفكاراً مشوقة يتابعك الناس.
في النتيجة هذا يؤدي إلى سلبية تتمثل في إفقار قيمة الأمور التي تطرحها، فكلما قللت الطرح أضأت عليه أكثر، ولكن اليوم تضطر لطرح كمية كبيرة من الأسئلة ولا تستطيع أن تضيء عليها بشكل مباشر وهذا سببه التكنولوجيا.

- إلى
أي مدى وقعتم في هذا الفخ؟
لم نقع فيه وإنما كنا واعين له ، فحاولنا إعطاء كل حالة حقها، ومنحنا الأسئلة المهمة حيزاً أكبر، وفي النهاية فإننا نقدم وجهة نظرنا من خلال ما نطرح.

- يتناول العمل الفساد في الجامعة، ألا تخشى انتقادات قد تقول إنكم بذلك تسيئون إليها؟ وكيف أظهرت الشخصيات بين أخيار وأشرار؟
الفساد الإداري الذي يتناوله المسلسل قد ينطبق على مختلف مؤسسات الدولة وليس فقط على حقل الجامعة، كما أننا نقدم أشخاصاً فاسدين وآخرين جيدين، فالفاسدون لا يبقون في مناصبهم ويتم إقصاؤهم.
وفي العمل هناك أساتذة جامعة يحاربون بعض الأساتذة الفاسدين والمرتشين، ولا نقصد بالعمل أحداً و لا نخص اسماً معيناً، لا بل لدينا مناصب وهمية غير موجودة على أرض الواقع كي لا نسيء إلى أشخاص في مناصبهم ومراكزهم، ونقدم من خلال العمل حكاية لمتعة المشاهد الغرض منها إصلاحي وليس التشهير بالشخصيات الافتراضية الموجودة.

- هل تم التركيز على الجانب السلبي فقط من المجتمع أم أن هناك توازناً في الطرح بين ما هو إيجابي وما هو سلبي؟
لست مع فكرة التركيز على الجانب المظلم فقط، فلدينا الكثير من الأمور الإيجابية. ولكن مهمة الإعلام ألا يظهر الإيجابي فقط وإنما أن يلقي الضوء على الخلل الفعلي وبؤر الفساد لبترها، فالخصلة الجيدة الإيجابية أعرضها ولكن لا أسلّط الضوء عليها كما أفعل مع الفساد، لذلك تجد أن الأعمال تعرض في الآونة الأخيرة كمية أكبر من السواد، وقد يكون ذلك نوعاً من التقصير فعلينا إظهار الجانب الإيجابي بشكل كبير ولكنه قد يفتقر إلى الصراع الدرامي وبالتالي لن يكون له ضرورة على الصعيد الدرامي.


- لاحظنا حضور الوجوه الشابة الجديدة في المسلسل؟
شارك في المسلسل عدد كبير من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية في أدوار طلاب الجامعة، وفي غالبيتهم أدوارهم رئيسية ولها مكانتها، ومنهم لينا دياب ونجلاء الخمري.


الكاتبة
آراء الجرماني

- عندما يتم الحديث عن حياة الشباب وطلاب الجامعة، فهذا يفتح الباب واسعاً على مجموعة كبيرة من القضايا تبدأ من الهموم الصغيرة وهاجس النجاح حتى الوصول إلى علاقات الحب وربما المخدرات... فما الذي يتناوله العمل ضمن هذا الطيف الواسع من المواضيع؟
المخدرات وغيرها قضايا مهمة وتؤثر على جيل الشباب، ولكن الأخطر منها السياسة العامة لإدارة الجامعة وللإدارة داخل المنزل في العائلة، فكلاهما قد يوصل الطالب إلى مرحلة الفشل أو اليأس وعندها قد ينزلق نحو أمور أخرى.
وقد تناول العمل الكثير من القضايا الصعبة والشائكة، فالطالب في بداية حياته قد يدخل الجامعة سعيداً وفي ذهنه الكثير من الأحلام ولكن قد يتخرّج وهو يحمل الكثير من العقد النفسية، لا بل قد يتوقف تخرّجه على مادة بسبب مشكلات تحدث بينه وبين إدارة الجامعة.
عموماً نطرح في المسلسل الفساد والظلم الذي قد يقع على عاتق الطالب، وللانترنت موقع مهم في العمل من خلال حياة الطلاب وتعاملهم مع الشبكة وتعبيرهم عن مشكلاتهم من خلالها، إما عن طريق 'التشات' حيث يسبحون ضمن عالم افتراضي، أو عن طريق الفيسبوك ليعبروا عن الأزمة التي يعيشونها.

- إلى أي مدى نرى شباباً يقاوم الفساد واليأس والانجراف وراء الانحراف؟
هناك شباب يقاوم الحالة السلبية، فالمسلسل فيه ألوان أكثر وأعمق من الأبيض والأسود، ولولا تمتعه بهذا التنوع لما تمت الموافقة عليه أصلاً.

- المشكلات المطروحة هل نهلتها كلها من الواقع؟ 
لا، فهم أشخاص قد تجد من يشبههم في الحياة ولكن ليس شرطاً أن القصة التي نطرحها قد وقعت فعلاً في الحقيقة، فهناك أحداث موجودة على أرض الواقع فقمنا ببناء قصص عليها وهناك أحداث تخيلناها.

- عند كتابة المسلسل ألم يكن في ذهنك تخوف ممن قد يقول أنكم تسيئون إلى الجامعة في طرحكم موضوع الفساد الإداري فيها؟
القضية ليست قضية إساءة، وإن فكرنا بهذه الطريقة فلن نكتب عن شيء، ولكن الهدف مما نكتب هو الإصلاح. وإذا تعاملنا مع كل شيء من منطلق المحبة لن تحدث مشكلات.


الفنانة مرح جبر

- ما الصراعات التي تعيشها الشخصية التي تؤدينها في 'سوق الورق'؟
أدّيت دور صباح، وهي سيدة متزوجة منذ حوالي اثنتين وعشرين سنة، ولديها ابن وابنة يدرسان في السنوات الأولى من الجامعة، وهي امرأة تعاني من مشكلات على صعيد العلاقة الزوجية في هذه المرحلة من حياتها مما يشعرها بالإحباط والحزن، وبعدما كبر أولادها بدأت تتساءل عن مكانتها ضمن العائلة وما الذي حققته من الحياة خاصة مع شعورها بالوحدة وعدم اكتراث ولديها لأمرها، وإهمال زوجها لها وتحوله إلى إنسان مادي جداً لدرجة أنها لم تعد تعرفه لا على صعيد الشكل ولا على صعيد المضمون، فتفقد ثقتها به، وتبحث عن عوالم بديلة مكتفية بالمحافظة على زواج شكلي مما يدخلها في دوامة الصراع بينها وبين ذاتها حول كيفية الاستمرار في ظل إحساس داخلي عالٍ بالرومانسية.
وتتجسد ذروة الصراع في كيفية بحثها عن إنسانيتها بعدما تعرفت على شاب، فهل تبقى مع زوجها رغم الظروف كلها أم تنحو باتجاه قد لا ترضى عنه في قرارة نفسها في انسياقها وراء حب جديد؟

- هل يمكننا القول إن هناك تشابهاً بين هذا الدور ودورك في مسلسل 'الصندوق الأسود'؟
قد يكون هناك تشابه ولكن المعالجة مختلفة، ففي هذا العمل تذهب الشخصية في اتجاه مختلف عما ذهبت إليه في 'الصندوق الأسود'.

- ألا تخشين من رد فعل الناس عند تأدية دور سلبي؟
ليس هناك من إنسان يُخّلَق مجرماً وإنما الظروف والبيئة ومجموعة من الأسباب والعوامل هي التي تدفع به ليكون مجرماً، وبالتالي هناك جانب إنساني في أي شخصية مهما كانت سلبية أو شريرة يمكن من خلاله أن تتعاطف معها ولو للحظات.
ومن خلال الدراما نحاول أن نعرض أمام المجتمع كلا اللونين الأسود والأبيض، فلا نقدم أحكاماً قاطعة على الشخصيات وإنما نقدم نماذج متعددة ومتنوعة. وما يهمني ضمن هذا الإطار أن يتحول الدور الذي أقدمه إلى لحم ودم ويُقنع المشاهد.


الفنان عبد الحكيم قطيفان

أدّى الفنان عبد الحكيم قطيفان شخصية أستاذ في الجامعة ورئيس أحد الأقسام التعليمية فيها، ويعتبر من الأساتذة الفاسدين في العمل، يتميز تعامله مع الآخرين بأنه أقرب إلى سمسار عقارات منه إلى أستاذ جامعي حيث تتبدى علامات الزعامة في حركاته ونبرة صوته وأسلوب حديثه. إنه جشع ويلهث وراء النساء بينما نراه في منزله رجلاً صارماً، يرتبط بعلاقة صداقة مع رئيس الجامعة. حول العمل يقول الفنان عبد الحكيم قطيفان:
'جسّدت شخصية د.عصام وهو أستاذ في الجامعة ويمثل حالة الفساد ضمنها لأنه منغمس في علاقاته النسائية وتزوير شهادات الدكتوراه، فهو شخصية سلبية وآخر همّه التعليم وبناء جيل مثقف'.


الفنان باسل خياط

أدّى الفنان باسل خياط دور حسيب السلموني المُلقب بالمختار، وهو ثلاثيني ومازال طالباً في الجامعة يدرس في قسم اللغة الإنكليزية.
سارت حياته الدراسية بشكل طبيعي وكان يحصد النجاح حتى وصل إلى السنة الرابعة حيث تعرّض لمشكلة أوقفت تخرجه خمس سنوات.
ولكنه استمر بالذهاب إلى الكلية بسبب مكونات شخصيته الفضولية وقيامه بتصميم موقع خاص على الانترنت ليفضح من خلاله الفساد في الجامعة عبر نشر ما يحصل فيها بشكل مباشر.
كما أن لديه أسباباً تجعله يتردد على الجامعة فهي المكان الذي شهد قصة حبه المحرمة اجتماعياً وشهد انطفاء قصته وآلامه، وهو يقيم نهاراً في الجامعة ويذهب ليلاً إلى العمل، فهو يعيش في عالمين منفصلين تماماً من نواحي المستوى الثقافي والبيئة الاجتماعية والأجواء العامة. عن دوره يقول:
'أدّيت دور طالب جامعي يدعى مختار وضعه الاقتصادي أقل من وسط ويضطر للعمل في مصبغة جلود إلى جانب دراسته بسبب احتياجه للمال ورسوبه في إحدى المواد بسبب أحد أساتذة الجامعة وهو على مشارف التخرج، مما يؤدي به إلى الانتقام'...