إيسين غورال أرغات: علينا إشراك النساء في كل جوانب الحياة إذا أردنا تحقيق أهدافنا!

حوار: جولي صليبا 05 أبريل 2022

• لا يجوز حرمان أي امرأة من العمل بسبب واجباتها العائلية!

• نحرص في مجموعتنا على تمكين النساء في المجتمع وعالم الأعمال والحياة الاقتصادية.

• يجب تشجيع النساء على تعلّم التقنيات الجديدة والرقمنة.

إيسين غورال أرغات، رائدة أعمال تركية ونائب رئيس مجلس إدارة مجموعة "غوروك"، ومالكة منتجعَيّ "جواليمورافاندو" و"جوالي بيينغ" في المالديف. عملت إيسين بدايةً في شركة عائلتها المتخصّصة في صناعة الأواني والتحف الزجاجية،لكنها قررت البحث عن جزيرة مثالية في جزر المالديف لتشييد منتجع جميل يركز على الفن، وافتتحت في العام 2018 منتجع "جوالي مورافاندو" المصنّف خمس نجوم. وبعد ثلاثة أعوام تقريباً، قرّرت إيسين بناء منتجع متخصص في العافية فكان "جوالي بيينغ" أول منتجع مخصّص للباحثين عن الرفاهية في رحلة تحوّلية لاكتشاف الذات والتجدّد بهدف العودة إلى ديارهم وهم يشعرون بالفرح والنشاط.

لا شك في أن منتجعَيّ "جوالي مورافاندو" و"جوالي بيينغ" يفيضان بلمسة أنثوية مميزة تتناغم بشكل رائع مع الطبيعة المذهلة في المالديف، ويركزان في الوقت نفسه على الاستدامة والإصرار على تمكين المرأة. "لها" التقت رائدة الأعمال إيسين غورال أرغات EsinGuralArgat، وكان هذا الحوار.


- ماذا يعني لكِ تمكين المرأة؟

تمكين المرأة بالنسبة إليّ هو استخدام إمكانياتها في تكافؤ الفرص لتتمكّن من كتابة حكايتهابملء إرادتها. ولتحقيق ذلك،لا بدّ من توافر الظروف المؤاتية التيتتيح لكل امرأة اتخاذ خياراتها بنفسها،وتلقّي التعليم الضروريوالحصول على الفرصلتثبت نفسها وقدراتها. وأعتقد أن الدور الفعّال للنساءوانخراطهنّ في الحياة الاجتماعية وعالمالأعمال، الآن أكثر من أي وقت مضى، هو من أبرز عوامل تطور الاقتصاد في الأعوام الأخيرة.

لا بدّ إذاً من توفير العوامل المؤاتية التي تساعد النساء على التوفيق بين الحياة المهنية والحياة الخاصة. ولا يجوز حرمان أي امرأة من العمل بسبب واجباتها العائلية. فحين يتعلّق الأمربتوظيف النساء، يتوجّب على المؤسّسات، مثل دور الحضانة ودور رعاية المسنّين،مساعدة النساء لتحقيق التوازن بين الواجبات المهنية والعائلية.

استناداًإلى حياتي الشخصية، أعتقد أن من المهم وجود نساء في مناصب إدارية عليا في الشركات. فالمرأة التي تدير منصباً تنفيذياً عالياً تحفّز من دون شك النساء الأخريات للعطاء بزخم أكبر. ولا أرى شخصياً أي فارق بين الرجال والنساء في طريقة إنجاز الأعمال أو الأداء. وحتى لو كانت هناك اختلافات، فإن تلك الاختلافات تُعزى إلى الشخصية والتعليم والاهتمامات الشخصية. أعتقد أنه يجب تشجيع النساء أكثر. ويمكن النساء المديرات أن يكنّ نماذج يُحتذى بهاومصدر إلهام وتشجيع للأخريات.

مجموعة أعمالنا تدعم المرأة. فمنذ العام 2015، وقّعنا على شُرعة الأمم المتحدة لتمكين المرأة، ونعتمد لهذه الغاية مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة،ونحرص على تمكين النساء في المجتمع وعالم الأعمال والحياة الاقتصادية.

وبهدف زيادة نسبة الموظّفات والمديرات، نعمد إلى تطوير المشاريع. فمن خلال دعم تعليم الطالبات، ننفّذ مشاريع اجتماعية تضمن المساواة بين الجنسين في المجتمع. كما نحدّد الأجور وفرص العمل والخيارات والترقيات وفقاً لمبدأ المساواة.

- هل تنعكس شخصيتك وأسلوبك في "جوالي مورافاندو" و"جوالي بيينغ"؟

أسلوب العيش الصحي هو من دون شك أولوية أساسية في حياتي. والسبب الرئيس الذي شجّعني على افتتاح منتجع مثل "جوالي بيينغ" هو إيماني الكبير بتأثير الرفاهية في حياة الإنسان والروح.

أنا إنسانة رياضية،وأحب التنزّه والتزلّج والسباحة. أستيقظ باكراً جداً كل صباح، وأمارس اليوغالتنقية روحي. أبدأ نهاري بالاستماع إلى أصوات الطبيعة فيما أشرب قهوتي. أؤمن كثيراً بتأثير الطبيعة في روح الإنسان. أعتقد أن الخير يتحقق من خلال الانسجام بين العقل والجسد. بالإضافة إلى ذلك، يحرص منتجعا"جوالي مورافاندو" و"جوالي بيينغ"على تشجيع الفن، بحيث تُتاح للضيوف فرصة مشاهدة الأعمال الفنية المذهلة والملهمة في أنحاء مختلفة من الجزيرة. ويرتبط كل عمل فني معروض بطبيعة جزر المالديف والفنون المحلية ويأخذ الضيوف في رحلة فريدة من نوعها.

استوديو الفنون الخاص بنا في "جوالي مورافاندو" عبارة عن ورشة عمل تهدف فعالياتها وورش العمل الإبداعية فيها إلى إنشاءعلاقات طويلة الأمد بين الفنانين المحليين وضيوفنا. بالفعل، يدعم المعرض الفنانين المحليين من خلال استضافة هؤلاء الفنانين الذين يبدعون مجموعات مستوحاة من الطبيعة ويعزّزون الجوانب الإبداعية للضيوف من خلال المشاركة وتمكينهم من تجربة الفن.

أما منتجع "جوالي بيينغ"فيعكس فلسفة التركيز على الذاتمن خلال مساحةالاستقبال المعروفة باسم "بوابة الصفر"، التي صمّمها سيشكين بيريم. ترمز هذه المساحة إلى العودة إلى الجوهر والبحث عن الأنقى والأفضل من خلال عبور"بوابة الصفر".



- هل تأثر تصميم منتجعَيّ"جواليمورافاندو" و"جوالي بيينغ" برؤيتك الخاصة للمرأة؟

أؤكد لكِ أنني أشرفت شخصياً على تصميم منتجع"جواليمورافاندو"، من المناظر الطبيعية إلى التصميم الداخلي لكل فيلا وصولاً إلى الفنون الآسرة ومفاهيمالعافية. تم استيحاء تصميم جزيرة "جوالي" من كونها مساحة خاصة جذّابة ومشرقة ومبدعة زُيّنت بأعمال فنية فريدة ومفروشات عالية الجودة من كل أنحاء العالم. حرصنا على تزيين الجزيرة بالكثير من الحب ودقّقنا في كل التفاصيل. نحن النساء نملك منظوراً مختلفاً الى الأمور. وبات معلوماً أن علاقاتنا الاجتماعية، ومهاراتنا في التواصل مع الآخرين، وقدرتنا على التصرف بحسّ سليم، ومهاراتنا القيادية وميلنا إلى التفاصيل تظهر جلياً في كل ما نقوم به. لذا، نتفهم دائماً رغبات الضيوف واحتياجاتهموندقّق في كلالتفاصيل.

بالإضافة إلى ذلك، استوحي تصميم "جوالي مورافاندو" من مبدأ الالتزام بالاستدامة والإيمان بالسفر الرائع. نحتفل بالحياة في كل جوانبها، ونعتبر أن كل تجربة محفورة في القلب والعقل تتحول إلى ذكرى لا تُنسى خلال السنوات المقبلة. منتجع "جوالي مورافاندو" هو المركز الأول والوحيد في المالديف للفن المستدام، بحيث تم تجهيز كل الجزيرة بأعمال فنية مذهلة. أما منتجع "جوالي بيينغ" فيركز على الاستدامة واحترام الطبيعة المالديفية، ونحن فخورون بذلك.

- ما هي الجوانب الفريدة التي تجعل منتجعَيّ"جواليمورافاندو" و"جوالي بيينغ"يختلفان عن المنتجعات الأخرى في جزر المالديف؟

أعتقد أن الخدمات التي يقدّمها منتجع "جوالي بيينغ" هي أفضل ما يمكن الضيوف اختباره في منتجعَيّ "جوالي". فالمنتجع يأخذ ضيوفه في رحلة تحوّلية لاكتشاف الذات والتجدّد تحت إشراف فريق متخصّص من خبراء العافية والمعالجين الفيزيائيين واختصاصيي الحركة، بهدف العودة إلى ديارهم وهم يشعرون بالتجدّد والفرح والنشاط، مع إحساس رائع بـالخفّة.

- مع التزايد المطرد في عدد رائدات الأعمال، هل تعتقدين أن المرأة هي التي سوف تصوغ المستقبل؟

إذا لم يتعاون الرجال والنساء مع بعضهم البعض في كل جوانب الحياة، لن يكون هناك أي مكان ديموقراطي ومناسب للعيش في العالم. نحن بحاجة إلى إنتاجية النساء، وحرصهنّ على التدقيق في التفاصيل، وخصوبتهنّ. علينا الآن أكثر من أي وقت مضى إشراك النساء في كل جوانب الحياة إذا أردنا تحقيق أهدافنا على المستويين الوطني والعالمي.

ومع التطور الهائل الحاصلحالياً في المجتمعات، يجب تشجيع النساء على تعلّم التقنيات الجديدة والرقمنة. نعم، يتوجب على النساء التعرّف على السحابة، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، والترميز، وتجربة العملاء، وسلسلةBlockchain حيث الكثير من الإمكانات والفرص في انتظار النساء. نلاحظ للأسف أن عدد النساء في الوظائف التقنية أقل بكثير منعدد الرجال ويكاد يكون معدوماً. إلا أن النساءيملكن القدرة على التفكير بالتفاصيل، وأداء مهام متعددة في وقت واحد، والمثابرة لتحقيق الهدف. هذه الخصائص تمنح النساء مزايا إضافية في التكنولوجيا.

لذا، يجب توفير ظروف عمل أكثر مرونةً وأماكن عمل مريحة وتبديل المفهوم القائل إنه لا يمكنالموازنة بين العمل والحياة الخاصة في قطاع التكنولوجيا. نعم، يجب توفير ظروف عمل مرنة للمرأة والسماح لها بالعمل عن بُعدوبشكل مريح. يجب تنفيذ ذلك بالفعل وليس بالقول فقط. لقد كانت فترة وباء كورونا بمثابة تجربة مهمّة لعالم الأعمال برمّته. فها هي أنظمة العمل عن بُعد تعمل بشكل جيد، ومن المهم جعل قطاع التكنولوجيا جذاباً للمرأة وتشجيعها على الانخراط فيه في مرحلة مبكرة.

- هل واجهت صعوبات معينة لكونك سيدة تملك منتجعات في جزر المالديف؟

بعد 30 عاماً من الخبرة في قطاع السياحة، أنجزنا استثماراًخارجياً لإنشاء علامة تجارية عالمية. سافرت حول العالم لفهم توقعات الناس وملاحظة الفروقات التي تميزالمنتجعات الفاخرة عن بعضها البعض. وأدركتُ من هذه التجارب أن قطاعَيّ الطعام والخدمات ضروريان جداً في عالم الضيافة الفاخرة، ولكن "الروح" لا تزال مفقودة.

وعلى هذا الأساس، حدّدنا أهدافنا. لم نستثمر فقط في منتجع فاخر كبير، وإنما أردنا إنشاء هوية وحكاية لعلامة تجارية جديدة. كان "جوالي مورافاندو" خطوتنا الأولى. بحثنا عن مكان فريد ومميز ليختبر ضيوفنا علامتنا التجارية. ولا شك في أن جزر المالديف ساحرة بجمالها، والأهم أن السياحة تستمر فيها طوال أشهر السنة.

أود الإشارة أيضاً إلى أنني لم أواجه أية صعوبة لكوني ذات خبرة طويلة في هذا المجال. لا أميّز قط بين الجنسين عند مواجهة أية مشكلات، بل أسعى إلىحلّهاوفق هويتي في العمل. أبذل من دون شك كل الجهود اللازمة لحلّ المشكلة التي أواجهها، وإذا لم أتمكن من حلّها، أضعها جانباً وأمضي قُدماً، لكنني بالتأكيد لا أعيق نفسي. المساواة بين الجنسين لا تقتصر على مكان جغرافي معيّن وإنما هي مسألة تهمّ العالم أجمع. لقد رأيت هذه المشكلة قبلاً في كل أنحاء العالم بحيث تفشل المرأة حتى تنجح بينما ينجح الرجل حتى يفشل. ثمة نساء يتمتعن بالكفاءة وهنّ قادراتعلى إحراز التقدّم والوصول إلى المرتبة الأولى. ولذلك، تضطر المرأة المتعثّرة أو غير القادرة على تحقيق الهدف إلى الانسحاب. لكن لا يجدر بنا نحن النساء اعتبار ذلك بمثابة عائق، لا بل على العكس بمثابة حافزللاستمرارفي تحديد أهدافنا والتركيز على النجاح.