طبيبة توضح تأثير عدم التلقيح في فترة ما بعد كورونا عند الأطفال

فرح جهمي 11 يونيو 2022

بينما تتخذ حكومات الدول العربية والغربية قرارات متتالية لرفع القيود الاحترازية المتعلقة بوباء كورونا، لا يزال هذا الفيروس يُعدّ مرضاً خفيفاً نسبياً لمعظم الأشخاص وخاصة الأطفال منهم، الذين يُظهرون رغم انخفاض عدد الإصابات حول العالم بعض العلامات الواضحة من الأعراض الشبيهة بالأنفلونزا والتي تجعل بنيتهم الجسدية ضعيفة لفترة من الوقت. ورغم أن الدول فرضت التلقيح على كل الفئات العمرية وتتجه إلى إعادة الحياة لفترة ما قبل الكورونا، إلا أن هناك الكثير من الأمهات اللواتي رفضن إعطاء اللقاح لأطفالهن على اعتبار أنه غير آمن وله أعراض جانبية كثيرة، سواء على صحتهم البدنية أو النفسية والتي قد تظهر على الأطفال على الأمد الطويل. وللردّ على كل هذه الأسئلة، أجرت "لها" حواراً مع دكتورة الأطفال جلنار يوسف ديب، للحديث عن كل ما يخصّ لقاح كورونا وتأثيره في الأطفال ومرحلة ما بعد الفيروس والتجارب التي عاشتها بعض العائلات بسبب اللقاح والوباء، وسبل تجنّبها في المستقبل.


- إذا كان الأطفال أقل عرضةً للإصابة بأعراض كورونا، فلماذا يحتاجون إلى اللقاح؟

يتواصل الحديث والادّعاء بأن "الأطفال ليسوا في خطر" من المرض نفسه، لكن هذا غير صحيح. ففي تقريرها الأسبوعي الأخير حول المرضى والوفيات، ذكرت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) أن "كوفيد-19" يمكن أن يؤدي أيضاً إلى نتائج خطِرة لدى الأطفال والمراهقين، وعلى الأهالي التنبّه من هذا الأمر. ورغم رفع القيود الاحترازية، يؤكد موجز علمي أصدرته CDC أن الأطفال والمراهقين يمكن أن يصابوا بفيروس كورونا بكل حالاته بل ويمرضوا ويؤثر في قوتهم البدنية والنفسية، ومن الضروري أن يعلم الأهالي الذين لم يعطوا اللقاح لأطفالهم أنه لا يزال هناك أكثر من 8300 حالة دخول إلى المستشفى مرتبطة بفيروس كورونا في الفئة العمرية من 5 إلى 11 عاماً، وحوالى 100 حالة وفاة، وبالتالي فإن "كوفيد 19" هو أحد الأسباب العشرة الأولى لوفاة الأطفال في هذه الفئة العمرية، ولا بدّ من التلقيح حتى في فترة ما بعد كورونا.

الإجراءات الوقائية ضرورية في فترة ما بعد كورونا

- أغلب الدول اعتبرت كورونا كالزكام، هل ينبغي على الأمهات مواصلة تنفيذ الإجراءات الوقائية؟

‏رغم قرار التخفيف من الإجراءات الوقائية، يجب على الأمهات مواصلة حماية أطفالهنّ ووقايتهم بواسطة الكمامة والتعقيم خاصة في المواصلات والأماكن العامة وخلال السفر. كذلك يجب اتباع الإرشادات التي تصدر عن وزارات الصحة واللجان الخاصة بمتابعة فيروس كورونا. إضافة إلى ذلك، من المهم إعطاء الأطفال جرعات اللقاح المطلوبة، خاصة أن نسبة التطعيم في البلاد التي تعتبر كورونا زكاماً باتت تصل إلى أكثر من 80 في المئة، أما في لبنان مثلاً فإن نسبة التطعيم ‏لا تتخطى الـ 40 في المئة.

- عدم حصول الأطفال على اللقاح، هل يؤثّر في صحتهم؟

مع وقف الإجراءات الاحترازية الصارمة، يبقى الأطفال عرضة للإصابة بالمرض، وفي بعض الأحيان يصابون بمضاعفات ‏قد تُدخلهم المستشفى، فعلى الرغم من أن "كوفيد-19" عند الأطفال يكون في العادة خفيفاً وأكثر اعتدالاً من البالغين، فإن بعض الأطفال يمكن أن يصابوا بمرض شديد وأن تكون لديهم مضاعفات أو أعراض طويلة الأمد تؤثر في صحتهم وحركتهم. وهناك سبب آخر لإعطاء الطفل اللقاح، وهو يتمثل بحماية صحة المجتمع الأوسع، فكل طفل أو بالغ مصاب بفيروس كورونا قد يكون مصدراً أو فرصة لتحوّر الفيروس وإنشاء متغيّر قد يكون أكثر خطورةً أو مقاوماً للقاحات والعلاجات المتاحة.


هل يسبب لقاح الفايزر العمى للأطفال؟

- من الناحية الطبية، هل من آثار جانبية محتملة لتلقيح الأطفال؟

الأعراض الشائعة هي الألم في موقع الحقن، وبعض التورّم والاحمرار الموضعي، وأحياناً الصداع وآلام العضلات والحمّى. ولكن في هذه المرحلة، ليس هناك دليل علمي يشير إلى أن لقاحات "كوفيد-19" خطِرة على الأطفال الصغار. لا يزال من السابق لأوانه تقييم ما إذا كانت هناك آثار صحية سلبية خطِرة بعد فترة من التطعيم. أما في ما يتعلق بالتأثيرات طويلة المدى، فهو أمر غير متوقع، لأن الحمض النووي الريبوزي الموجود في اللقاح يتحلّل في غضون ساعات أو أيام. وبالتالي لا يمكن أن يؤثر في بنية الحمض النووي البشري في المستقبل.

- في فرنسا، أصيب طفل بالعمى بعد تلقيه لقاح الفايزر، هل يُحتمل أن يكون التطعيم هو السبب؟

لا دليل حتى الآن على التشكيك بالتطعيم وبلقاح الفايزر، ففي حالة المراهق الذي أدلى بشهادته في مقطع فيديو تم بثّه على مواقع التواصل الاجتماعي، المسألة غير واضحة ولا يمكن تأكيد هذا الأمر، ومع ذلك فإن البحث في الموضوع لا يزال قائماً.

ولكن في الحقيقة، منذ إطلاق الحكومات حملة التطعيم للذين تزيد أعمارهم عن 12 عاماً حول العالم، كان هذا التقرير الوحيد من هذا النوع الذي سجلته منظّمة اليقظة الدوائية الفرنسية، من بين حوالى 5 ملايين تم تطعيمهم في الفئة العمرية من 12 إلى 15 عاماً، وبالتالي فإن التشخيص الأكثر احتمالاً، الذي تم تحديده بعد رأي طبيب عيون متخصّص، هو pseudo dystrophie rétinienne، وهو مرض غير محدّد، وقد تكون إصابة المراهق ناجمة عن أمراض وراثية أو جرثومة تتسبب بمشاكل في العيون وفقدان البصر.

تخوّف الأهالي من التطعيم طبيعي ومفهوم

- برأيك، ما هي الأسباب التي تدفع الأمهات للخوف من فكرة إعطاء اللقاح لأطفالهنّ؟

في الحقيقة هذا الخوف مفهوم ومقبول، ولكن لا بدّ من القول إن هذا الخوف ظهر مع كل لقاح. ولقاح "كوفيد-19" هو ليس اللقاح الأول في تاريخ البشرية، بل هناك عشرات اللقاحات التي تظهر كل فترة وتُثبت فعاليتها على الرغم من خوف الناس منها في البداية. هذا خوف إنساني مقبول، ولكن لا يمكن اعتماد لقاح من منظمة الصحة العالمية أو الجهات العلمية المعتبَرة بدون التأكد التام من أمانه على الصحة العامة.

- كيف للأهل أن يثقوا باللقاح الذي تم تطويره في وقت قصير؟

لقد خضعت لقاحات كورونا لعملية اختبار ومراجعة صارمة ووجدوا أنها آمنة. فهي فعالة بنسبة تزيد عن 90 في المئة مع الحد الأدنى من الآثار الجانبية النادرة. والأعراض الشائعة كانت بسيطة عند القسم الأكبر من الملقّحين. وبالتالي فإن مزايا تلقي اللقاحات تفوق المخاطر المتوقعة. وفي النهاية سيتعيّن على الآباء والأمهات تحديد ما يرونه الأفضل لأطفالهم، لكن النصيحة واضحة بأن تطعيم الأطفال سيحمي صحتهم ويسمح لهم أيضاً بالمشاركة الكاملة في كل الأنشطة المهمة للغاية لصحتهم الجسدية والنفسية ولنموهم. كما أن اللقاح سيمكّن الأطفال من زيارة الأصدقاء والعائلة بأمان، وبالتالي العودة إلى حياتهم الطبيعية بدون قلق.