من ميلانو إلى أنتورب
مقابلة, خطوط الموضة, إيطاليا, تصميم أزياء, مواهب فنية, عروض ميلانو, فرانكا سواتزاني, مجلة فوغ, ديزيريه بولييه, أنوك لوبير, Chic Outlet Shopping
25 نوفمبر 2011الرئيسة التنفيذية لشركة Value Retail ديزيريه بولييه لبنانية الأصل، غادرت لبنان إلى فرنسا في الخامسة عشرة من عمرها، انتماؤها الأول إلى الشرق ونشأتها في أوروبا منحاها القدرة على فهم الأسواق في مناطق مختلفة من العالم. تشرف ديزيريه على إدارة القرى التسع التي تستقطب أكثر من 26 مليون زبون من مختلف دول العالم. أكثر من ثلاثين في المئة من زبائن قرى Chic Outlet Shopping هم من السيّاح. ونسبة كبيرة من هؤلاء تأتي من البلدان العربية.
- من هم الزبائن الذين يقصدون قراكم، قرى Chic Outlet Shopping؟
سأتكلّم عمّن تقصدنا. هي امرأة فريدة، لا تشبه غيرها، عمرها بين 25 و65 عاماً، حرّة في طريقة تفكيرها وذوقها في الأناقة حرّ، تحبّ السفر واكتشاف الجديد. وهي تبحث عن الجودة وتقدّرها، وتعرف أننا نقدّم الأفضل بالنسبة إلى السعر الذي تدفعه. وهي تثق بنفسها إلى أبعد الحدود. يمكنها في قرى Chic Outlet Shopping أن تعيد اكتشاف القطعة التي رأتها على المنصّة في الموسم السابق ولم تجدها.
- ماذا عن مستواها الاجتماعي؟
ليس السعر المسألة التي تدفع إلى تجربة التسوّق، معدّل إنفاق الزبونة من الشرق الأوسط في العملية التجارية الواحدة 170 يورو، لكن ما يهمّها فعلاً هو التجربة، تجربة التسوّق بترف. فهي تدخل المحلّ في القرية لتجد أنه نسخة من المحلّ الأصلي، وأن طريقة عرض الأزياء لا تختلف عن طريقة المحل الأساسي، لذا هي تقدّر تجربة التسوّق بترف.
- فعلاً هي فكرة ذكية تنتمي إلى عالمَيْ الأعمال والسياحة. كيف بدأت هذه الفكرة؟
بدأنا عام 2003 بفكرة Chic Outlet Shopping وبوضع خطة العمل، وعام 2004 انطلقنا. مواقع القرى في أمكنة جميلة ومناسبة لتمضية نهار كامل فيها، يمكن في هذه القرى التسوّق والترفيه ضمن إطار يشبه إطار المدينة الأوسع، فهندسة القرية وشكلها مستوحيان من روح المدينة الأوروبية التي تستضيفها.
- القرى بعيدة قليلاً عن المدينة، كأنها سرّية أو حصرية، وهي في الوقت نفسه تتبع مفهوم التسوّق الأميركي، كيف جمعتم بين هذين النمطين؟
هي أمكنة شبه سرّية، كل قرية من قرانا مختلفة عن الأخرى مع أن المبدأ أو الإطار العام يتشابه في كلّ منها. وكلّ من القرى تضمّ محالاً مختلفة، أسماؤها وماركاتها مختلفة، ففي القرية الإيطالية تجدين أبرز الأسماء الإيطالية المعروفة، وفي القرية الفرنسية تجدين أبرز الأسماء الفرنسية المعروفة...
وكما قلتِ عملنا ينتمي أيضاً إلى السياحة، وليس فقط إلى عالم تجارة أو عالم الموضة. ننسّق دوماً مع منظّمي الرحلات، وننسّق معاً سلّة متكاملة. ما يريده السائح خلال رحلته هي تجربة تسوّق رائعة قد تكون في مونتي نابوليوني في ميلانو ثم في قرية فيدينزا القريبة من بارما، يريد أيضاً طعاماً جيداً وهنا في القرى، لدينا فروع من أشهر وأفضل المطاعم. كما يودّ السائح أيضاً الاستمتاع بالمكان، بمنظره وطبيعته، ونحن قرانا في قلب المكان، تقدّم صورة جميلة عنه. لقد ابتكرنا مفهوم التسوّق الأميركي هذا بطابع أوروبي، لكن التجربة عالمية.
- هل تفكرون في التوسّع في مدن العالم؟
قبل أسابيع قليلة فقط وقّعنا أوراق تثبيت أنفسنا في الصين. في أوروبا كلّّها لدينا 9 قرى فقط، وسيكون الأمر مماثلاً في الصين، أؤمن بأن تقديم الرقيّ يفرض ألا نكون موجودين في كلّ مكان. يجب أن نكون حذرين، سنفعل ما فعلناه هنا، نختار الوجود قرب العواصم وكبرى المدن، هذا ما سنفعله في الصين. نفضّل أن نكون الأفضل على أن نكون الأكثر وجوداً.
- هل أثرت الأزمة الاقتصادية العالمية في شركتكم؟ فالتأثير في مجالكم يمكن أن يكون إيجابياً؟
ما سأقوله هو أن الشركة نجحت في السنوات العشر الأخيرة في أن تقدّم للمستثمرين أرباحاً، قبل الأزمة وبعدها. نحن لا نتأثّر بالأزمات، في أوقات الازدهار نُقصد وفي الأزمات أيضاً. لقد بنينا سمعة جيدة. الآن أصبحت الأسماء والماركات المعروفة تقصدنا، كما أننا نقصد الماركات، هي شراكة متكاملة. نساعدهم عبر خدماتنا، لكنها محالهم، الأجواء فيها هي أجواؤهم، وهم يؤمّنون العاملين المدرّبين لديهم. ونحن أيضاً نساهم في التدريب كي تكون تجربة المتسوّق ناجحة بل رائعة، خصوصاً الزبون الشرق أوسطي الذي يتوقّع منا الأفضل دوماً.
- بين التجارة والموضة، أين تجدين نفسك؟
أحب المزج بينهما، أؤمن بهذا المزيج. أشغّل الجزءين من دماغي، اليمين واليسار، حين أكون مع الفريق الإبداعي، ألتفت إلى قدرتي الإبداعية، وحين أكون مع فريق البيزنس، يتجّه عقلي إلى عالم الأعمال. لكن ما يهمّ في كل هذا هو أن القيم التي أومن بها ونؤمن بها في Value Retail هي التفكير الإبداعي، الإبداع، وروح الفريق الواحد.
تخيّلي أنك في قرية بيوتها محالّ بأسماء أشهر دور الأزياء والماركات العالمية. هذه القرية موجودة فعلاً، في أوروبا، وهندسة محالّها تتبع طابع المدينة الأوروبية التي تتركّز فيها. هي تسع قرى للتسوّق الذكي والأنيق Chic Outlet Shopping. أنيق لأنه يقدّم تجربة التسوّق في أشهر محالّ الأزياء والأكسسوارات، وذكيّ لأنّ أسعار البضائع التي هي بضائع الموسم الماضي أقلّ بستين في المئة من سعرها الأول. 900 محلّ في القرى التسع تعرض تصاميم أشهر الأسماء في عالم الموضة.
Value Retail هي الشركة التي تدير هذه القرى في تسع بقع أوروبية: قرية فيدينزا القريبة من ميلانو (إيطاليا)، قرية ماسميكلين القريبة من مدينة أنتورب عاصمة الموضة في بلجيكا، قرية لا فاليه القريبة من باريس، قرية بيستر القريبة من لندن، قرية كيلداري القريبة من دبلن (إيرلندا)، قرية لاس روزاس القريبة من مدريد، قرية لا روكا القريبة من برشلونة، قرية فيرثايم القريبة من فرانكفورت، قرية إنغولشتاد القريبة من ميونيخ.
قامة فرانكا سوتزاني قصيرة، مظهرها أنيق ببساطته، وجهها عار من الألوان يؤطّره شعرها الطويل كشعر امرأة الأساطير القديمة. فرانكا سوتزاني رئيسة تحرير مجلة «فوغ» الإيطالية منذ 23 عاماً، تعشقها إيطاليا ويعشقها من يقدّرون فن ابتكار مجلّة هي قبل كل شيء عمل فنّي، بصورها وتيماتها التي ليست سوى قنابل سياسية. لا تخاف سوتزاني من تجاهل الديبلوماسية أو من قول ما لا يجب قوله. لقد حاولت أن تدافع عن المصمّم البريطاني جون غاليانو حين نبذه العالم كلّّه. نقول «حاولت» لأنها لم تستطع المضي في الدفاع عنه، سرعان ما توقّفت محاولاتها، ربما لأنها وجدت نفسها تشرح ما ليست مضطرة لشرحه. وفي موقف «مختلف» آخر، دافعت فرانكا عن المرأة الممتلئة بتكريس عدد كامل لعارضات يعتبرن في عالم الموضة على حافة البدانة. وكانت قد أهدت عدداً كاملاً إلى العارضات صاحبات البشرة الدكناء اللواتي ما زلن لا يحظين بفرص عارضات «المظهر الأوروبي».
فرانكا محاربة، وتعترف بأنها أكثر جرأة من رئيسة تحرير النسخة الأميركية من مجلة فوغ «النجمة» آنا وينتور التي يحرص المصمّمون على إرضائها. آنا وينتور في أميركا محكومة بأن تكون دوماً في المنطقة الخضراء في ما يتعلّق بالقضايا السياسية الاجتماعية. Politically Correct تقول فرانكا التي نجحت في ألا تفقد حريّتها، وجمعت بين مادية عالم الموضة وعمق الفنّ من أجل أن «تنجز»، كما قالت. وقد أنجزت...
التقيناها قبل الضربة التي وجهت إلى رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني الذي قالت لمجلة «تايم» إن «فضائحه عكست للعالم فكرة أن إيطاليا كازينو كبير». كانت هناك في قرية فيدينزا إحدى قرى Chic Outlet Shopping حيث افتتحت مع الرئيسة التنفيذية لشركة Value Retail ديزيريه بولييه «متجر الموهبة» The Talent Store الذي يعرض إبداعات مصمّمين شباب موهوبين. «مواهب فوغ» Vogue Talents اختارت هؤلاء المصمّمين تنفيذاً لسياسة مجلة فوغ الإيطالية الداعمة للمواهب الشابة.
رئيسة تحرير «فوغ» الإيطالية فرانكا سوتزاني: العالم العربي يدهشني
حديث فرانكا سوتزاني يحرّر الموضة وصنّاعها من تفاصيل المظهر التي يمكن أن يرى البعض أنها لا تعني الجميع. تتعامل فرانكا مع الموضة على مستويات مختلفة. المناسبة التي شاركنا فيها على سبيل المثال تهدف إلى إلقاء الضوء على إبداعات مصمّمين شباب من جنسيات مختلفة عبر افتتاح ما سُمّي Talent Store في قرية فيدينزا إحدى القرى التي تديرها شركة Value Retail.
- هل موقعك كرئيسة تحرير فوغ الإيطالية يحمّلك مسؤولية البحث عن مواهب جديدة في عالم تصميم الأزياء؟
أعتقد أن البحث عن مصمّمين جدد مسؤوليتنا جميعاً، لا مسؤوليتي وحدي. أؤمن بأن الإبداع والتفوّق يجب أن يحظيا بدعم المكرّسين. لا يمكن أن نكتفي بالأفضل، حتى لو كان لدينا أفضل المصمّمين. نحتاج إلى دم جديد ورؤى جديدة. لكن بكل صراحة لا أحد يريد أن يساعد مَن هم في بداية الطريق، لأنّ مهمة دعمهم ليست سهلة، وتحتاج إلى طاقة جبّارة، كما أنّ القادرين على المساعدة لا يريدون المجازفة خصوصاً أنهم لا يمكن أن يتأكدوا من نجاح المواهب الجديدة.
- ما الذي يسمح لك موقعك بإنجازه؟
أستطيع أن أقول إنني أنجز الكثير وأقوم بأمور مختلفة في الوقت نفسه، وألتقي أشخاصاً كثيرين. ألتقي المصممين المشهورين وأيضاً المصمّمين الشباب والعاملين في كواليس العروض. ونحن نجهّز أيضاً للمسابقات التي يتسنّى عبرها التعرّف إلى المواهب، وأنا أؤمن بالمسابقات. ثم نمنح هذه المواهب فرصة أن تنضج. أسعى في عملي للوصول إلى الصورة وإلى ما بعدها، إلى ما يتخطّى الصورة، إلى إبراز المواهب التي ساهمت في ولادة الصورة.
- أنت أول سفيرة نيات حسنة لمنظّمة Fashion 4 Development، كيف يمكن أن تساعدي الأقلّ حظّاً من خلال عملك في الموضة؟
يجب أن أساعد، ويجب أن أحقّق أهدافي من خلال دوري كأول سفيرة لمنظمة Fashion 4 Development. أؤمن بأهمية التركيز على المشاريع الصغرى، المشاريع الكبرى لن تفيدنا. يجب أن يتاح لهؤلاء الأقلّ حظاً الذين ندرّبهم على العمل الحرفي وصناعة الأكسسوارات والأزياء، تعلّم التقنية واعتماد أسلوب عمل مثمر، وأن يكون ذلك مرتبطاً بتراثهم وتقاليدهم خصوصاً في أفريقيا. حيثما ذهبت في أفريقيا للتراث وجوده ودوره البارز، لكنهم لا يعرفون دوماً الاستفادة منه في أمور كهذه. لذا يلتقيهم اختصاصيون من أوروبا قادرون على تدريبهم كي يصبحوا جاهزين للعمل. وما نركّز عليه هو احترام كرامة المتدرّبين، فهم يعملون من دون أجر، ويبيعون ما يصنعونه للسيّاح الذين قد يناقشونهم في أسعار منتجاتهم اليدوية ساعين إلى خفضها.
- تهتمّين بما يتجاوز الموضة التي هي أساس مجلّتك، وتنجحين في جعلها مجلة الموضة الأولى ومن المجلات الأكثر مبيعاً...
نعم، «فوغ إيطاليا» من المجلات الأكثر مبيعاً، وهي منتشرة بكثافة، وتحقّق أرقام مبيعات مرتفعة. أؤمن بأننا موهوبون، نحن فعلاً مُنحنا امتيازات كثيرة، المال، وفرصة العمل الناجح، يمكنني أن أسافر إلى حيثما أريد، لديّ كل ما يمكن أن أبتغيه، فلم لا أعطي؟ لقد حان وقت العطاء الذي هو الآن الترف الجديد.
- هل أنت دوماً راضية عن أعداد «فوغ» وهل تغيّرين رأيك في ما يخصّ غلاف العدد أو قصّته الأساسية؟ وهل تعتذرين للقارئ عن موقف ما اتخذّته؟
لا يمكن أن أرضي الجميع. مَن لا يحب عدد هذ الشهر قد يعجبه عدد الشهر المقبل. ونعم، أتراجع عن آرائي وأفكاري مرات كثيرة وأعتذر من القرّاء. وأوضح أنني أتراجع عن فكرة سبق لي تبنّيها، وأعترف بأنني أخطأت، كما أغيّر رأيي مرات عديدة، ولا ترجع إليّ الفكرة نفسها بل أبدّل أفكاري دوماً. أحياناً قبل أسبوعين من صدور العدد أغيّر كلّ شيء، وأرفض صور أهم مصوّري الموضة. لا تهمّني أسماء المصوّرين المشهورين، ما أريده هو قصّة تمسّ حياة القارئة.
- ستيفن ميزل هو مصوّر أغلفة «فوغ إيطاليا» التي ما زالت معروفة بأنها مجلة «موضة» أو المجلة في مجال الموضة ولا تعتمد على أخبار الفنانات المشهورات وصورهن...
نعم مجلتنا مجلّة موضة، وليست مجلّة ثرثرة، ولا أريدها مجلة تطارد أخبار المشاهير. أريد أن أعثر على المظهر الذي سيصنع الموضة، وهذا ما أفعله، أستشرف الرؤية المقبلة وما يمكن أن يحدث لاحقاً في عالم الأزياء والموضة. أريد أن أخاطر، وأنا أجازف دوماً، فيمكن أن يكره القرّاء ما أعتبره رائعاً وأظنّهم يمكن أن يحبّوه. أحياناً أهاجَم بسبب أزياء العارضة، أحياناً أخرى أهاجَم لأسباب لا أفهمها، لا يمكن أن أعرف، ولا أريد بصراحة أن أرضي الجميع. إذا أردت أن يعجب الجميع بعملك، فلن تقومي بأي عمل ولن تنجزي أي شيء. هذا ما أقوله للمصمّمين الشباب، قوموا بما ترونه يلائم رؤاكم، عندها يلحق الجميع بكم.
- ما هو تعريفك للموضة؟ وما رأيك بانسياق الوفيّات للموضة إلى تقليد بعضهن عبر امتلاك النسخة نفسها من هذه الحقيبة أو تلك لأنها تحمل توقيع دار مهمّة؟
تختلف رؤيتي للموضة باختلاف النساء اللواتي يعتمدنها، ليس لديّ رؤية واحدة. أظنّ أن مهمتي هي أن أعطيهن الفكرة والرؤية والاقتراح. وأنا أنصح دوماً بالمزج بين الراقي والأقلّ رقيّا من أجل مظهر مرتاح وجميل. ما أرفضه هو الالتزام بالنسخة نفسها لأنه يأسر المرأة ويحوّلها إلى نسخة مملّة من غيرها. فلترتدِ المرأة الغالي والأنيق لكن من دون أن تقع في فخّ الاستهلاك. المزج هو الحلّ للصورة الموحّدة.
- حين تنظرين إلى الأعوام الثلاثة والعشرين الماضية التي أمضيتها في «فوغ»، ماذا تقولين؟
أرى أنني كنت شجاعة. لم تكن الرحلة سهلة، لقد تعلّمت وعلّمت وجازفت. وأنا لم أركّز على رئاسة تحرير فوغ فقط، لقد وضعت كتباً وأشبعت اهتمامي بالفن. لا أحبّ أن أركّز على عمل واحد فقط، هذا أما أقوله دوماً، التركيز على عمل واحد يجعلنا مهووسين به. يشبه الأمر إنجاب طفل واحد، أمّ الطفل الواحد ترى أن ابنها أو ابنتها الأجمل والأذكى. لا يجوز أن تعطي عملاً واحداً كلّ ما لديك. يجب التوقّف في مكان ما، ويجب أخذ الأمور بسلاسة وبساطة.
- أنت مدوّنة وناشطة على تويتر وفايسبوك، أتتابعين ما يجري في منطقتنا؟
أتعلمين؟ يدهشني ما يجري في العالم العربي. أحترم نداءات الحرية، فلا يحقّ لأحد أن يفرض على الآخرين أسلوب حياتهم أو تفكيرهم. لكن الطريق ما زالت طويلة في هذه البلدان، وما يهمّ الآن هو أن الشباب قد التزموا التغيير، هم فجّروه، لننظر إلى ما فعلوه من خلال الإنترنت، الفايسبوك والمدوّنات. لننظر إلى الصبية اليمنية (توكّل كرمان) التي استحقّت نوبل للسلام.
أنا أيضاً اخترت القتال من خلال هذه الوسائل، لديّ مدوّنة وأستفيد من وسيلة مثل التويتر لأتناول قضايا تؤثر في حياتنا هنا في إيطاليا، فالقمع لا يحصل فقط في الدول العربية أو في أفريقيا، هناك قضايا اجتماعية ما زال الكلام عنها محرّماً في إيطاليا.
- الرؤساء التنفيذيون في المجموعات الإعلامية الإيطالية كلّهم رجال أليس كذلك؟
النساء يرأسن تحرير المجلات النسائية. يستطيع رجل أن يكون رئيس تحرير طبعاً، لكن المرأة أكثر قدرة على فهم الموضوعات المتعلّقة بالنساء. لكن الرؤساء التنفيذيين ما زالوا كلّهم رجالاً.
عارضة الأزياء البلجيكية أنوك لوبير: أعتبر نجاحي في عرض الأزياء فوزاً باليانصيب
ولدت العارضة أنوك لوبير في أنتورب، المدينة البلجيكية التي توجهنا إليها قبل أن نقصد إحدى قرى Chic Outlet Shopping القريبة منها، وهي قرية ماسميكلان التي تحتفل بعيد ميلادها العاشر مع أنوك سفيرتها الرسمية للأعوام المقبلة. أنوك العارضة التي كانت تدرس الهندسة المعمارية حين اكتشفها مواطنها المصمّم دريز فان نوتن قبل نحو عشرة أعوام، فلمعت في مهنتها الجديدة وجالت في مدن العالم. وقد بدت سعيدة بأن تكون قريبة من مدينتها الأولى، وبالمشاركة في احتفال قرية ماسميكلان.
خلال سهرة الاحتفال أُعلن اختتام مسابقة Fashion in Style التي نُظّمت بالتعاون مع معهد الموضة العريق Flanders Fashion Institute عبر اختيار تصاميم لعشرة من المصمّمين الشباب خرّيجي المعهد والتصويت لاختيار تصمَيْمن فائزين. وقد كشفت العارضة أنوك عن التصميمين الفائزين، ثم بيعت التصاميم في مزاد علني قُدمت عائداته لجمعية كاغينو Kageno الخيرية التي تتبرّع العارضة بالعمل فيها، وهي جمعية غير ربحية تهدف إلى مساعدة سكّان المناطق الفقيرة في كينيا ورواندا.
قبل الوصول إلى مركز الحفلة، تحدّثت سريعاً مع العارضة التي مثّلت أشهر الأسماء العالمية، من فالنتينو إلى تومي هيلفيغر مروراً ببرادا وجيمي تشو وهوغو بوس، وشاركت في عروض أبرز دور الأزياء العالمية وظهرت على أغلفة أشهر المجلات مثل «هاربرز بازار» و«ماري كلير» و«فوغ» الإيطالية، وصوّرتها عدسة أشهر مصوّري الموضة مثل باتريك دومارشولييه وبيتر ليندبرغ وماريو تستينو. وقد دار معظم حديثها حول عملها في الجمعية الخيرية كاغينو.
- أنوك التي تعشق تصاميم كارل لاغرفيلد وزاك بوزن وبرادا وفالنتينو وسيلين، أخبرتني أن عملها في عرض الأزياء منحها أجمل أيام عمرها.
«السنوات العشر من عمري كانت رائعة، لم يكن ممكناً أن أتوقع أن كلّ هذا سيحدث لي، عشت وأعيش تجارب رائعة. هذه المهنة سمحت لي بأن أقوم بأمور أخرى كثيرة إلى جانبها. حين أفكر في حياتي الآن أرى أن دخولي مجال عرض الأزياء كان بمثابة فوز في «اليانصيب». ولم يقل لي أحد في البداية أنني يمكن أن أبرع في هذا المجال، كما أنني بدأت في سنّ متأخرة، كنت في الحادية والعشرين. عملي قدّم لي فرصة السفر والتعرّف إلى أشخاص ينتمون إلى ثقافات مختلفة، الآن تعرّفت إليك، أنت من لبنان. على فكرة لم أزر لبنان بعد، زرت سورية والأردن لكنني لم أزر لبنان بعد، الكل يقول إنه بلد رائع».
- أما عملها في جمعية كاغينو الخيرية لمساعدة الأقلّ حظاً خصوصاً الأطفال في رواندا، فقد دفعتها إليه القصص التي سمعتها من قائمين على جمعيات خيرية عن المآسي التي يرونها في بعض البلدان.
«إحدى زميلاتي العاملات في الموضة تطوّعت للمساعدة في منظّمات خيرية، وقد أخبرتني الكثير عن عملها وألهمتني لخوض هذه التجربة. أردت أيضاً بصراحة أن أدخل نوعاً من التغيير إلى حياتي، بعد 9 أعوام من عرض الأزياء أحسست بأن الوقت قد حان لإدخال التغيير إلى حياتي. أردت تحدّياً جديداً، بدا الذهاب إلى أفريقيا مثيراً بالنسبة إليّ».
ذهبت إلى رواندا وحدها، «ذهبت وحدي وكنت قلقة. بدأت العمل منذ عامين، وقد تغيّرت حياتهم منذ بدأت الجمعية (قبل 7 سنوات). كانوا هناك من دون كهرباء، الأطفال يعانون سوء التغذية والإعاقات، الكلّ يعيش في فقر مدقع، الآن لديهم مستشفى ومدرسة ومركز اجتاعمي وصالون تجميل، أصبحوا يحتفلون في المركز بأعراسهم. لقد عملنا بطريقة سريعة ومباشرة، يهمّنا أن يصل المال مباشرة إلى مَن يحتاجونه. وجودي في هذه المناسبة فرصة لجمع المزيد من المال لجمعية كاغينو عبر المزاد الخيري الذي عرض للبيع قطع المصمّمين الموهوبين».
- هل حياة العارضة سهلة كما يمكن أن نتخيّل؟
«ليست حياة العارضة سهلة، كما يظنّ البعض، لكنها أحياناً سهلة، فلأعترف، ما يقلق فيها هو أنني يجب أن أدير أعمالي بنفسي، يجب أن أكون مستقلّة عن الآخرين».
- ماذا يعني لك أن تمثّلي اسماً مشهوراً أو ماركة مشهورة؟
«تمثيل اسم ما هو عمل أؤديه، وأحاول أن أقدّم في العمل أفضل ما لدي»ّ.
- أيّ غلاف لك تعتبرينه غلافك المفضّل؟
«أحبّ معظم الأغلفة التي صوّرت لي، وأفضّل غلاف مجلة «بلاي بوي» الفرنسية!!! كان إنجازه ممتعاً! وغلاف «فوغ» الإيطالية أيضاً».