AZZI & OSTA خريف وشتاء 2023 بين البحر والضوء

19 يوليو 2022
تشكيلة "قزي وأسطا" لخريف وشتاء 2023 تُجسد الحُلم بكل غواياته. اختصر فيها المصممان جورج قزي وأسعد أسطا كل المسافات والأزمان حين وضعا أساطير الرومان والإغريق تحت مجهر البحث ليحيكا خيوطها التاريخية والفنية بحاضر يتوخى الأنوثة في أقصى حالاتها.

فبين صدى الحكايات والذكريات وجولة بين مآثر اليونان وبطولات هيلينا وأثينا وصولات أفروديت ودايانا وغيرهما من أميرات الأساطير، نسج المصممان خطوطها المنسدلة على أقمشة مترفة تزينها معادن من ذهب بسخاء وفيونكات وكشاكش وشراشيب. فمتعة الثنائي جورج وأسعد تكمن دائما في بحثهما الدؤوب عن معاني الأنوثة والجمال. ومثلما حاول بجماليون، النحات فى الأسطورة الإغريقية، أن يصنع نموذجا من الرخام للمرأة المثالية من وجهة نظره، يحاولان أن ينسجا ويصوغا للمرأة تصاميم تجعلها متسلطنة وواثقة وفي أسمى حالاتها. ولم لا؟ فالأميرات في تصوّرات الإغريق والرومانكما في المخيلة الشعبية، لسن مجرد كائنات فائقات الجمال ومُفعمات بالأنوثة بل هن أيضا قائدات ومؤثرات مُلهمات.

يقول المصممان أن السفر إلى اليونان والاستقاء من تاريخه الغني وقصصه المثيرة، كان دائما يداعب مخيلتهما الإبداعية. لكنهما كانا يترددان. فقد سافر غيرهما إلى هذه الوجهة وغرفوا من صورها الشيء الكثير. لهذا فضًلا التريث إلى أن تتبلور الفكرة بما يعكس جينات دارهما المتميزة. إجازة صيف بين ربوع اليونان مؤخرا كانت الدفعة التي يحتاجانها لاستجماع بنات أفكارهما وتحويل الحُلم إلى مجموعة ملموسة ترجماها بأسلوب رفيع يحمل كل بصماتهما الفنية. فهي أولا وأخيرا من خط ال"هوت كوتور".

فجأة، اكتسبت منحوتات من المرمر والأحجار الجيرية حياة وحركة، ومنسوجات قديمة رائحة زكية، وكأن دفء الشمس أنعشها وبث فيها الروح لتنساب بألوان أثيرية وهادئة. فهذه الألوان تم اختيارها عمدا لتكون بمثابة قماش كانفاس يرسمان عليها قطعا تجمع الرومانسية بالمعاصرة. فهي تبدو منسدلة وخفيفة تكاد تتطاير مع نسائم الهواء، إلا أنها تخفي بين ثناياها وطياتها الكثير، تفصيلا مُحكما ودقيقا وكأن من أنجزها معماري مُحترف. غابت الأحجام الكبيرة هذه المرة باستثناء مجموعة قليلة من الفساتين بتنورات مستديرة أو مُقببة، وحلت محلها أحجام تتبع تضاريس الجسد لتُبرز جمالياته، وفي الوقت ذاته تمنحه حرية حركة تستشفها في كل تصميم.

كان واضحا أن الأولوية لم تكن للأحجام في هذه التشكيلة بل للأقمشة. فكما يحتاج الرسام إلى ريشة والنحات إلى إزميل، استعمل أسعد وجورج الحرير والموسلين إلى جانب التول والكريب الساتان والتافتا، كأداة لصياغة هذه المنحوتات كما تصوراها. وأيضا تطويع الطيات والثنيات بما يناسب العصر. طيات أوريغامي على الظهر أو الجوانب أو حول تنورة مستديرة، إلى جانب معادن من ذهب وتطريزات على شكل غصون غار وغيرها زينت الجوانب والصدر والخصر، كانت أيضا من المفردات التي منحت التشكيلة تأثيرا ساحرا أضفي على كل تصميم فيها ترفا وفخامة.

ورغم أن أول ما يتبادر إلى الذهن عندما تُذكر الأساطير الرومانية والإغريقية هي تقنية الدرابيه، فإن جورج وأسعد اختارا الابتعاد عن الكليشيهات وتطوير هذه التقنية، أو بالأحرى ترجمتها بما يناسب متطلبات العصر. كان مهما بالنسبة لهما الابتعاد عن المألوف لتأتي الصورة كما تخيلاها منحوتة ومرنة، تمازج فيها الدرابيه بشكل خفيف جدا إلى حد لا تُلاحظه، بالتفصيل الذي كان السمة القوية. وهكذا توفرت فيها شروط الرشاقة والأناقة العصرية على حد سواء لتكتمل الأسطورة.