فراس إبراهيم: التحدي هو عنوان حياتي...

فراس إبراهيم, دراما سورية, محمود درويش, أعمال رمضانية, شخصية , الوسط الفني السوري

12 يناير 2012

ثلاث سنوات قضاها الفنان فراس إبراهيم في محاولة اكتشاف عوالم الشاعر الأسطورة محمود درويش، لدرجة تماهيه مع تلك الشخصية ومواقفها، لكنه صدم وقبل أن يبدأ مشروعه بردود الفعل التي جاءت قاسية في أحيان كثيرة ولدرجة إطلاق السباب والشتائم على العمل وبطله.
لكن وعلى الرغم من موجة الغضب التي رافقت العمل استطاع الفنان فراس الاستمرار بالتصوير وتقديم العمل في رمضان الماضي في عدة محطات ومنها محطة تلفزيون فلسطين.
ردات الفعل المختلفة التي أثيرت قبل العمل وبعده شكلت صدمة للفنان فراس إبراهيم لكنه قبل التحدي وتجاوز الموضوع بكل هدوء بعد الآراء الايجابية التي سمعها بعد عرض العمل من الكثير من الناس، هذا العمل الذي كرس له الفنان إبراهيم وقته وجهده وتفكيره وحتى ماله، فلقد رصد له كل ما جناه في حياته بعد أن انسحب الشركاء من العمل، ليتحمل نفقاته كاملة.
عن محمود درويش الإنسان وعن العمل الذي تناول سيرة حياته، حدثنا الفنان فراس إبراهيم، بكل شفافية ليرد على استفساراتنا وليبدي وجهة نظره الخاصة...


- الآن وبعد عرض مسلسل محمود درويش، هل فهمت تماماً ما حصل، أقصد الهجوم العنيف الذي تعرضت له، ما الذي حصل حقيقة؟
أكيد ليس هناك سبب له علاقة بالعمل، أما عن الهجوم فلم يبدأ مع بداية العمل، بل قبل أن تبث الحلقات الأولى من المسلسل، ومن ثاني يوم عن الإعلان عن المشروع، وأنا بصراحة لا أحب أن أعطي هؤلاء الناس الفرصة، وأريد تجاوز هذه القصة مع أن مشروع محمود درويش سيبقى حاضراً أمامي، أما عن السباب والشتائم التي قيلت فسأرميها وراء ظهري.
فلو أني سمعت هذه الآراء بعد أن تمت مشاهدة العمل لكنت ناقشتها بكل سعة صدر، أما أن يتم تشويه العمل قبل أن يبدأ عرضه فهذه مؤامرة تتناولني شخصيا ولا أريد العودة إليها.

- شعرنا من خلال هذا الهجوم كأن هناك ثأر شخصي منك؟
الحقيقة أنهم يريدون الثأر من محمود درويش وليس مني، لكن ما حصل أنهم لم يستطيعوا النيل من قضية محمود درويش فاتجهوا إلى الحلقة الأضعف وهي أنا، لذلك شنوا هذا الهجوم، لكنهم لم يعروفوا أني لم أكن يوما ضعيفا حتى تنال مني تلك الانتقادات السيئة، فالتحدي عنوان حياتي، وبالنسبة لهذا المشروع الذي حضرت له ثلاث سنوات، فمن الصعب أن يقف أحد أمامي.

- هل شعرت انه هناك طرف مستفيد من ذلك؟
أعرف من قام بهذه الزوبعة وبالأسماء، لكن لن أذكرهم لأني لا أريد أن أكبرهم، والآن بعد عرض العمل سمعت كلمات الناس وما هو شعورهم الحقيقي حيال العمل، فقد لاقى المسلسل القبول والاستحسان، وكانت بالمجمل ردات الفعل إيجابية.
أما بالنسبة لي فتجربتي مع محمود درويش كانت تجربة إنسانية، فلم يكن الهدف أن أقف أمام المرآة وأقلّد محمود درويش وإلا لكان فقد العمل جوهره وقيمته.

- ألم تخفك المظاهرة التي تمت من قبل ألفين من مثقفي رام الله أمام تلفزيون فلسطين لوقف عرض العمل؟
في الحقيقة لم يتعدوا العشر أشخاص وليس بالألوف كما أشيع، لكن الألفين هم من وقعوا، وكل هذا قبل عرض العمل مما يؤكد أنها لعبة، فالفلسطينيون هم أناس مثقفون على أعلى مستوى ولا يمكن أن يقوموا بذلك، فهم من يحاربون الظلم والقهر والشعب الفلسطيني أكبر من ذلك.

- وماذا عن مؤسسة محمود درويش، وبماذا تعنى هذه المؤسسة، ولماذا هذا الموقف المعادي منك ومن العمل برأيك؟
هي ليست مؤسسة محمود درويش بل هم بعض الأشخاص بالمؤسسة ولو هناك عداء للعمل كامل لما عرض العمل في التلفزيون الفلسطيني ومؤسسة محمود درويش هم أول الناس الذين وصلتهم نسخة النص، والتقيت بأهله وكانوا جدا مرحبين ولكن هناك اسمين ولا يشرفني أن اذكرهما ولا يناسبهما أن يعرض العمل لان لديهم علاقات مع جهات مشبوهة.

- كان معظم النقد يتناول ضعف صوتك وركاكة الإلقاء، والتشاؤم والمأساوية التي ظهرت بها شخصية درويش والمغايرة تماماً لشخصيته الحقيقية فهو غير مدعٍ، وعشقه صامت، وذاته متألمة بكبرياء، ما هو رأيك؟
من كتب هذا الكلام لم يشاهد العمل ولا يعنيني، فهو كتب هذه الملاحظات بركاكة واضحة، وقد تمت كتابتها قبل عرض العمل بسنتين، والظلم هنا واضح، وهناك اليوم شهادات تقف بوجه هذه الكتابات، من أناس مختصين حول طريقة إلقائي وصوتي الذي لم يكن ضعيفا أبداً.
وقد أضفت بعض الأشياء على شخصية محمود درويش! فلا ينفع أن تكون شخصية درامية، بمعنى أن شكله يجعله يبدو قليل العاطفة، فلا نستطيع تقديمه كدراما نلتقط ما بداخله من بكاء وعواطف وحب وألم ومشاعر نبيلة، بمعنى أنسنته دراميا، وهو إنسان مهم ولكن كصورة درامية كان علينا نقل داخله الغني بالمشاعر إلى شكله الخارجي، ولو عرضناه بالشكل الكامل لمحمود درويش سيقال إن هناك جموداً، لذلك كان هناك اتفاق من كادر العمل بأن نذهب باتجاه الروح لدى محمود درويش الرائعة التي نسجت «أحنّ إلى خبز أمي».

- طال نقد العمل أيضاً مارسيل خليفة وأميمة خليل وكيف أنهما يشاركان في هذه الجريمة بحق درويش، هل لاحظت شيئاً من الندم من قبل مارسيل وأميمة؟
هم وقفوا مع محمود درويش وساندوا العمل، ولا أريد الآن أن أدافع عن العمل لأن العمل يمرّ بمرحلة جديدة بعد عرض رمضان وأرى آراء ايجابية، هذا ما يرد على كل ما قيل وقال.

 

- هناك من قال أن تلك الأقاويل زادت من شعبية العمل وتعريف الناس به أكثر؟
نعم أعطى ذلك شهرة غير مسبوقة للعمل ولكن صدقا لم أكن أتمناها أبدا، فلقد صدمت بردة فعل الناس والمؤامرات التي أحيكت والصفعات التي تلقيتها، فقد كنت أعتقد أنا الناس ستقف معي يد واحدة، لكن للأسف ما حصل شيء غير متوقع، وهذا دليل على أن تجربتي هي المستهدفة وليس العمل، لا أريد أن أتحدث بهذا الموضوع لأني والحمدلله اعتمدت على الله فقط، ورغم الحادث الذي تعرّضت له ورغم المؤامرات ورغم الشركاء الذين انسحبوا ولن أذكر أسماؤهم نجحت وقدمت العمل، ولم أعطِ في هذا العمل من فني وجهدي فقط، بل وضعت كل ما جنيت في عمري بهذا العمل، أي صفرت العداد، وبالمقابل كان هناك زملاء وقفوا إلى جانبي وقفة محبة مثل الفنانة سلاف فواخرجي التي جاءت وقدمت العمل حتى بدون توقيع العقد، وكذلك الفنانة لينا حوارنة ودينا هارون.

- ما هي اللحظات التي قدمتها في هذا الدور وأثرت فيك كثيراً؟
عندما ودع أمه المتعلق بها كثيرا وأراد أن يذهب لإجراء عملية القلب المفتوح، فقالت له لا تذهب، فقال لها: لا أطيق الانتظار حتى للموت، وهذه قمة الشجاعة والتحدي، كان مشهدا مؤثرا، هو شخص خجول له طقوسه الخاصة، يخفي أحاسيسه، فعندما مثلا كان يريد أن يكتب كان يستحم و يلبس بكل أناقة ويكتب، كان لا يحب أن يعيش لوحده، ولا يعيش مع أي امرأة طويلا، كانت له خصوصية معينة.
قدمت محمود درويش بأدق تفاصيله الخاصة وحررته من الشكل المقولب أمام الناس وأظهرناه كيف هو وراء الكواليس شخص يحب المرأة، خفيف الظل، ويغازل ويمزح، أي قدمناه بطبيعته.

- كيف كانت تجربتك مع المخرج نجدت أنزور، وهل كان هو الأصلح لإخراج هذا العمل؟
بلا شك أن العمل مع المخرج نجدت أنزور يترك إضافة وميزة، ولكن لا أعرف لأي حد أعطى من طاقته للعمل، لا استطيع الوصف فعلا، ولكن بلا شك نجدت طريقته بتقديم الأعمال تخدم العمل دائما، لكن سؤالي هل نجدت كان من الممكن أن يقدم المزيد من الوقت والاحتواء لهذا العمل؟ وبالنهاية هو مخرج كبير وبصماته واضحة.

- ما هو سر ارتباطك بمحمود درويش وانسجامك مع شخصيته وما هو السر الذي دفعك لتعطي محمود درويش درامياً هذا الطابع الروحاني؟
علاقتي فيه مرتبطة بمرحلة الشباب بالأغاني والقصائد، كنت أغني مارسيل خليفة، وعند دخولي المعهد العالي للفنون المسرحية قدمت قصيدة جواز سفر فكانت جواز سفري للمعهد، وبالفترة الأخيرة لي بمصر أثناء تصوير مسلسل أسمهان، عندما مات محمود درويش أصابني حزن وصدمة، لكن الصدمة الكبرى كانت عندما بدأ الناس يسألونني ما بك؟ فكنت أقول لهم مات محمود درويش، فسألني ما يزيد عن العشرة أشخاص، من هو محمود درويش، هل هو قريبك أم من الوسط الفني؟، عندها شعرت ألا يستحق شخص مثل هذا أفرحني بشبابي وأحزنني بموته أن يكرّم بعمل مميز للتاريخ، وعندما دخلت عالم محمود درويش صاحب القضية المقدسة فوجئت وعرفت لماذا قال أحنّ إلى خبز أمي، وقال سجّل أنا عربي، وقال ريتا وعيوني، كل هذا جعلني أتعلّق بالشخصية، أكثر من ثلاث سنوات عشت مع محمود درويش، لذلك لا احد يقول لي أنت لم تقدمه مئة بالمئة.
كان عندي قدرة أن أقدمه أكثر من مئة بالمئة لكني لم أذهب إلى ذلك الاتجاه حتى لا أصل إلى مطب التقليد.

- خسرت أموالا طائلة من اجل هذا العمل ولم تستردها، هل أنت نادم على ذلك؟
أنا لا اعرف الندم أبداً، وضعت كل ما أملك ولكن لا أتراجع بل أنظر للأمام، وفراس إبراهيم يعني تحدياً وتفاؤلاً وطموحاً، فما زلت متفائلا لا أقف عند أي شيء، علما أني لم أتلق مساعدة حتى من أصحاب القضية أنفسهم، وقالوا لي انك لست فلسطينياً والفلسطينيين أنفسهم لم يقدموا أي شيء للعمل، وقلت إذا انكفأت أنا عن تقديم القصة، فلمن سأترك هذه الشخصية وغيرها من الشخصيات المهمة، لذلك أنا لست نادما، مع أن المحطات أيضاً حاربتني، والسبب أن أي عمل سيدعم القضية بالتأكيد سيقفون بوجهه وسيضعون أمامه العديد من الحواجز.

- ما رأيك بما قدم من أعمال في الدراما السورية لهذا العام؟
هناك أعمال جيدة جدا، فالدراما لم تحقق أي قفزة نوعية ولكن بدون تراجع، لكن بشكل عام وجدت أن الناس ملّت الأعمال الاجتماعية التي تعرض الواقع الأليم والقاسي عن المجتمع السوري، ولسنا بحاجة لتكرار مثل تلك الأعمال.

- وهل برأيك اتساع ساحة الأعمال الكوميدية جاء ليضيء بقعة السواد في تلك الأعمال؟
هذا جيد و نحن بحاجة للكوميديا وبالتالي كل جديد يقدم للدراما يدفعها بشكل ايجابي.

- لماذا أنت بعيد عن إنتاج الأعمال الكوميدية، هل لأنها لا تروقك، أو لأنك لا يمكن أن تكون بطلاً فيها؟
أنا متعلق بالكوميديا و ممكن أن أكرس دورا كوميديا مناسبا، وأثق بنجاحه ووصوله.

- هناك الكثير من الفنانين المنتجين يعطون الفرصة لغيرهم من الفنانين ليمثلوا بطولة عمل من إنتاجهم، لكن نرى أنك تبحث دائماً عن البطولة، هل السبب في عدم اختيارك في أعمال منتجين آخرين، أم ماذا؟
هذا كلام غير وارد أنا عندي مئات البطولات، ولو كنت أريد البطولات لكنت بقيت بالفن كممثل ولم أشغل نفسي بالإنتاج، خاصة أن علاقاتي ممتازة بالجميع وتجاربي الفنية مميزة وتركت آثارا كبيرة، هذا كلام غير مقبول.

- من برأيك هم نجوم الدراما السورية من فنانين وفنانات؟
سلاف فواخرجي والشباب أغلبهم جيدون.

- هل تفكر بأعمال مصرية سورية مشتركة من إنتاجك؟
نعم هناك مشاريع بهذا المجال.

- ما هي مشاريعك القادمة، وهل من أعمال تقرأها حالياً؟
عندي عمل اجتماعي جرئ جداً ويلمس الواقع الحالي.

- ماذا عن عائلتك ودخول ابنك الوسط الفني، هل أنت من قرر له ذلك؟
عائلتي متفهمة ومحبة وأنا متعلّق بها، وابني هو من قرر دخول الفن وهو يدرس الصيدلة بالإضافة إلى العمل الفني.

- هل تشجعه على العمل خارج دائرتك، وهل من فرص لعمله خارج تلك الحدود؟
نعم أنا مع خروجه من دائرتي وهو بدأ بذلك وأنا أشجعه.

- هل ستشجع ابنتك على دخول الفن أيضاً؟
ابنتي لا توجهات فنية لديها إطلاقا، بل اهتماماتها علمية.