سلطان الخير

الأمير سلطان بن عبد العزيز, أعمال خيريّة

13 فبراير 2012

ورغم الألم والمرض اللذين حاصرا الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله -  خلال العامين الأخيرين من حياته، لم تتوقف أعماله الخيرية حتى وهو على فراش المرض. فقد شيد لأهل قرية الحائط في مدينة حائل في شمال السعودية 150 وحدة، وهو مشروع إسكان الأمير سلطان الخيري بكلفة أكثر من 30 مليون ريال شاملة كل مرافقه وخدماته الإنسانية، وإنشاء وحدات سكنية للمواطنين، وسبعة مجمعات ثقافية، ومساجد ومحطات لتحلية المياه وآبار لإنتاج المياه وغيرها من الأعمال التي توزعت على المناطق الشمالية.


تضمنت الأعمال الخيرية لولي العهد توقيع عقد تنفيذ 100 وحدة سكنية في مدينة تبوك بكلفة تجاوزت 50 مليون ريال، إضافةً إلى مشروع الإسكان الخيري الذي نفذته جمعية برنامج الأمير فهد بن سلطان الاجتماعي في تبوك، وتبلغ مساحة الأرض لكل وحدة سكنية 600 متر مربع، فيما تبلغ مساحة المباني 142 متراً مربعاً، وتضم كل وحدةٍ سكنية غرفتين للنوم ومجلساً وغرفة طعام وصالة ودورات مياه ومداخل للرجال وأخرى للنساء، إضافةً إلى تجهيز كل وحدة سكنية بالفرش والأثاث والأجهزة الكهربائية مع توافر المياه والكهرباء وخطوط الهاتف.

وإلى جانب تلك المشاريع، جرى توقيع عقد تنفيذ جامعين كبيرين في كلٍ من مركز البدع ومركز البير تبلغ المساحة الإجمالية لكل منهما 900 متر مربع وملحق بكل منهما مصلى للنساء ودورات مياه وأماكن للوضوء، وتوقيع عقد تنفيذ محطة تحلية لإنتاج 500 متر مكعب من المياه يومياً على ساحل البحر الأحمر، إضافةً إلى توقيع عقود تنفيذ ثلاثة مجمعات ثقافية تفوق مساحة كل منها 35 ألف متر مربع.

وامتدت مشاريع الراحل إلى محافظات تيماء وحقل والبدع وضباء والخريبة والوجه وتبوك والقليبة والجهراء لتضم 350 وحدة سكنية، تنفيذ أكثر من 15 بئراً ارتوازياً، وتنفيذ ثماني محطات لتحلية المياه على ساحل البحر الأحمر بطاقة إنتاجية يومية لكل منها تبلغ 5000 متر مكعب من المياه المحلاة والعذبة، إضافة إلى إمداد كل المراكز والهجر والقرى المجاورة عبر صهاريج يتم من خلالها توزيع هذه المياه العذبة.

وقال المواطن نواف الشمري (42 عاماً) احد المستفيدين من الإسكان الخيري لمجلة «لها»: «لم نكن نحلم بأن نملك مساكن خاصة في ظل ظروفنا المادية، وكنا نسكن بالإيجار وندفع سنوياً 20 ألف ريال سعودي. قدمنا طلبا الى الإسكان الخيري وحصلنا على فيلا مجهزة بالخدمات بعد سنين طويلة من الأسى والتعب والمعاناة من التنقل وسط الصحراء القاحلة. ادعوا الله أن يجعل ما بذله في سبيل الخير وراحة المحتاجين في موازين حسناته».

أما خالد الحائطي (60 عاماً) فيقول لـ «لها»: «كانت أسرتنا قبل تبرع الأمير سلطان تسكن في بيت مهترئ وخرب في الحائط، وتم انتشالنا  من الفقر  والحاجة بفضل من الله وأمن لنا مشروع الأمير سلطان للإسكان الخيري السكن المناسب الذي غير حياتنا بعد أن كانت متدهورة، وتبرع لي بمبلغ 20 ألف غير السكن. والمؤسسة الخيرية لم تكتف بتأمين السكن، بل أوجدت المدارس والسوق والمركز الصحي والحديقة».

وفي موقف إنساني لولي العهد، قالت أم محمد من أملج (55 عاماً): «بعثت برقية إلى سلطان الخير عندما أصيب ابني في حادثة سير عنوانها (من أم عاجزة إلى سلطان الخير) ليأتني في اليوم نفسه اتصال ليتعرف على الحالة، ثم برقية عاجلة بنقل ابني إلى مستشفى متخصص في العاصمة. بعد أن أمضى ابني في العلاج في المستشفى مدة شهر قال الأطباء انه يجب أن يسافر الى الخارج، عندها بعثت ببرقية ثانية للأمير وذكرت فيها عبارة (خيرك وصل إلى الداخل فهل يصل لابني في الخارج). وفي اليوم التالي تم الاتصال بي فأتى أمر نقله إلى الخارج لمدة ثلاثة أشهر وتم علاجه وهو في حالة صحية جيدة ولله الحمد بفضل مساعدة سلطان الخير رحمه الله».

وحظي الشقيقان فارس ورادا الخليفي باهتمام وحرص من الأمير سلطان، فالشقيقان أظهرا إمكاناتهما العلمية وقدرتهما على ابتكار الأجهزة وتطويرها، فعملا على جهاز أمني عالي الدقة، يتمثل في إرسال رسائل تنبيهية في حال تعطل المركبة أو حدوث حال إغماء للسائق، فتصل هذه الرسائل إلى مكان يتم تحديده مسبقاً مثل المنزل، إلا أن فارس ورادا كانا قد رفضا الكشف عن هذا الجهاز إلا بعد عودة الأمير سلطان من أميركا.

ولم يحظ فارس ورادا الخليفي بلقاء ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز لعرض ابتكارهما عليه، إذ جاء الموت ليسبقهما إليه، بعد أن كانا في انتظار وترقب لعودته من رحلته العلاجية، خصوصاً أن الراحل كان داعماً لهما ومتكفلاً بهما منذ الصغر.
يقول فارس الخليفي: «وصل دعمه وعطاؤه إلى المبتكرين والمخترعين، نظراً لاهتمامه بالجانب العلمي. ولهذا الإنسان العظيم دور في صقل مواهبي، إذ قدم لي الدعم المعنوي والمادي وله الفضل بعد الله في وصولي إلى العالمية. والدي سلطان باقٍ في قلوبنا وعقولنا، فهو رمز كبير تشهد له الأمتان العربية والإسلامية بالخير، وإسهاماته تظهر بوضوح. أنه سلطان الخير».

بدورها قالت رادا الخليفي: «كيف يمكن أن أعبر عن إنسان غمرني بالحنان والدعم؟ سلطان الخير صاحب البصمات الكبيرة، دعم المحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة والمبتكرين وغيرهم، فهو موجود في قلبي، وفي مدرستي وفي كل مكان أكون فيه، فقد زرع الخير في أنحاء المملكة والعالم. سأعمل على تقديم الكثير كما وعدت الفقيد، رحمك الله يا والدي».


من أعمال الأمير سلطان الإنسانية... شهادة القبطي ميشيل فرج

من الأعمال الإنسانية في حياة «سلطان الخير» وفي بادرة إنسانية، وجه الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله - بعلاج الخبير المصري القبطي ميشيل فرج، في المستشفى العسكري في الرياض، بغض النظر عن دينه أو لونه. «لها» التقت الخبير القبطي ميشيل فرج.
يقول فرج: «مررت بأزمة قلبية حادة قبل 35 عاماً، وفي ذلك الوقت لم يكن في السعودية تأمين طبي، ولم أجد أحداً يسعفني بعد الله سوى الأمير سلطان. ولم يكن ثمة طريقة للتواصل معه إلا عن طريق الشيخ حمد عبدالعزيز الجميح، والشيخ محمد العبدالله الجميح، رحمه الله، اللذين نقلا إلى الأمير سلطان تقريراً عن حالي الطبية، فوجه وفي أقل من 24 ساعة بنقلي إلى المستشفى العسكري في الرياض، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن وأنا أحظى بالرعاية الطبية المناسبة بتوجيه من ولي العهد».

وأضاف: «الأمير سلطان وفور علمه بالخبر، واطلاعه على التقارير الطبية، وجه بتوفير كل الإمكانات لي، وتذليل أي صعاب إدارية، وقال رحمه الله أن المملكة تمد يدها لكل محتاج، بغض النظر عن دينه أو لونه، وان الإنسان في قيمته هو المقدم لديه وليس أي شيء آخر، مجسداً بذلك أجمل معاني الإنسانية المسلمة».
ويختم: «رحل  صاحب الأيادي البيضاء الذي كفكف دموع اليتامى، وواسى الأرامل، وأعان الفقراء، ورسم الابتسامة على وجوه ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال أعماله ومشاريعه ومؤسساته الخيرية والإنسانية التي لم تقتصر على أهل هذه البلاد بل امتدت لتشمل المحتاجين في أقطار العالم». وأشار إلى أن كثيراً من العائلات القبطية في كنف المملكة تعمل وتعيش من خيراتها، وتشملها الرعاية الطيبة والانسانية.