'سيفيتا دي بانيورجيو' الأيطالية: آفاقه أزمنة... تضاريسه تواريخ... وأيامه أحلام!

سيفيتا دي بانيورجيو, ايطاليا, قاعة /صالة / غرفة فندق, قاعة /صالة / غرفة جلوس, قاعة /صالة / غرفة نوم, قاعة /صالة / غرفة طعام, أثاث, الديكور الداخلي

30 نوفمبر 2013

إذا كان يصعب القول إن «سيفيتا دي بانيورجيو» هي مدينة، فإنه يصعب القول أيضاً إنها قرية.  فهي مكان خارج التصنيفات، تحده الآفاق من كل النواحي،  وتحتضنه الأحلام من كل الجهات، وعلى تلك البقعة المبهرة يتمدد تاريخ عريق يزيد عن 600 سنة.
منحوتة في قلب الصخور، شامخة تطل بوجهها الجميل على الوديان والمدن البعيدة، بدون أن تراودها رغبة السفر والرحيل وهجران صخور تلالها الجميلة. ولأن الزمن لا يهادن، فإنه هنا أبقى ما هو أساسي وجوهري، ليرسم بخطوط عفوية ملامح بيوتها وأجواء طبيعتها الساحرة ومناخاتها.


الوصول إلى «سيفيتا دي بانيورجيو» وبيوتها المنحوتة في الصخور، يمر عبر طريق جبلية برية وجسر يصل الى الباب التاريخي القديم الذي تحتمي خلفه المدينة.

جسر يفصل بين عالم المدنية والعصرنة ليقودنا إلى عالم آخر لا تزال تنبض فيه روح القرون الوسطى بذاكرتها المنقوشة فوق وجه الأبنية والبيوت، ومناخاتها الهادئة المدهشة.

وتبدو «سيفيتا دي بانيورجيو» بأحيائها وبيوتها الجميلة وكأنها مصاغة من الذهب والفضة. ذهب يفترش الصخور والبيوت المنحوتة فيها وفضة تتلبس الشوارع المرصوفة بالإسفلت اللامع الذي يبرق تحت اشعة الشمس بتوهج مدهش مثل الجواهر.

فهنا في هذه المنطقة المطلة على أجمل المناظر الطبيعية، قرر المهندس الإيطالي باتريسيو فرادياني ابتكار مكان في قلب التاريخ، مخصص لتمضية الإجازات والراحة في مكان يعتبر من أكثر الأماكن سحرا وعراقة في العالم.

وبترميم جزء  صغير من هذه «المدينة» ساهم في تقاسم إرث مثير من التاريخ مع آخرين جذبتهم تلك الأجواء اليها.
فكان ترميمه لأحد المنازل كبادرة تكريم لمدينة  صمدت وعاشت رغم الزلازل والجوع والحروب التي تعرضت لها تلك المنطقة في الأزمنة الغابرة، ليكرس لها مكاناً لائقاً وسط هذا «العالم» الحديث.

ترميم هذا المنزل الذي يتنفس التاريخ، كان تجربة هندسية وزخرفية فريدة من نوعها، استمد فرادياني ايحاءاته من أجواء الطبيعة الساحرة وروح المكان، من دون أن يهمل اللعب على ورقة التناقض بجمعه بين أجواء المنزل القديم وقطع الأثاث الحديثة بأسلوب رومانسي جميل، فيه  نفحة من الدعابة.

فهذا المنزل الذي يرجع تاريخه إلى القرن الرابع عشر، يقع فوق كهوف «اترورية» وآبار مياه تعود إلى عهد الرومان، يمكن الوصول إليها من داخل المنزل الذي يطل بأدواره الأربعة على منحدرات بديعة و حديقة رائعة.
ويعود تاريخ الكهوف «الأترورية» إلى أكثر من 2600 عام. أما الآبار الرومانية فلا يزيد عمرها عن 2000 عام، وقد واجه فرادياني صعوبة خلال عملية الترميم والجمع بين مختلف أجزاء المنزل وذلك بهدف الحفاظ على طابعه التاريخي.
كما أراد الحفاظ على طابع الأشياء الجميلة الموجودة في المنزل مكتفياً بترميمها وتنظيفها، إضافة الى ابتكار درج للربط بين أدوار البناء الثلاثة.
كما تم طلاء الجدران باللون الأبيض مع ترصيعها ببعض العناصر الزخرفية المصنوعة من النحاس الأصفر، «الليتون» المطلي باللون الرمادي، كما تسللت إلى الديكور نفحات من الألوان الزاهية الحية والتي اضفت على بساطة الأجواء لمسة مفاجئة من الدفء والرومانسية.

يتألف كل دور في المنزل من ثلاث غرف نوم، كل منها مع حمامها الداخلي الخاص  ومكتب وصالة للجلوس تزينها مدفأة قديمة الطابع، مطبخ وصالة صغيرة ملحقة به تشكل ركنا حميما لتناول وجبة عائلية.
وقد تم تنسيق بعض الكهوف المطلة على الحديقة بمسبح يتمتع بماء ساخن و جاكوزي،  بينما تحول أحد الكهوف الكبيرة الى قبو واستخدمت الكهوف الأخرى للتخزين.

تحيط بالمنزل حديقة منسقة على الطريقة الإيطالية يزينها نافورة قديمة، وزعت حولها جلسات انيقة. وقد نسقت في هذه الحديقة شرفة للشواء لتناول الطعام في الهواء الطلق.

وهكذا نال هذا المكان حياة جديدة، لم تغب عنها ملامح الماضي، بل بقيت حاضرة في كل ركن وزاوية. ولكنها أيضاً تستفيد من كل منجزات الحداثة والحياة العصرية وما توفره من عناصر راحة ورفاهية.