الشيخة ماجدة الصباح: أطمح الى عالم يُقاس فيه نجاح المرء بما يقدّمه لخير البشريّة!

حوار: فاديا فهد 28 نوفمبر 2022
الشيخة ماجدة جابر الحمود الصباح، سيدة أعمال ناجحة وأمّ لأربع بنات، رائدة أعمال، وناشطة مناضلة من أجل التوعية حول الاهتمام بالصحّة النفسيّة، تتمثّل رؤيتها الإنسانية في "عالم تتكسّر فيه الحدود والقيود، وتُعتنق ثقافة الاختلاف، عالم يُقاس فيه النجاح بالمساهمات الإيجابية للبشرية جمعاء". مبادرتها اليوم حول دعم خدمات الصحّة النفسيّة في دول مجلس التعاون الخليجي، تلفت النظر الى حسّ المسؤولية الاجتماعية الذي تتمتّع به، والرسالة الإنسانية الصحّية التي تحملها الى النساء والرجال في منطقتنا، الذين يعانون وحيدين وبصمت من آلام نفسيّة عميقة. التفاصيل في هذا الحوار الشيّق.


- بدايةً، ما الذي قادك إلى موضوع الصحّة النفسيّة والانخراط في التوعية حولها؟

لم أكن أفقه أي شيء يتعلّق بالصحّة النفسية إلى أن أصابتني نوبة اكتئاب قويّة، وذلك بعد إصابة والدي بجلطة دماغية. اكتشفت حينها أن الاكتئاب مرض عصيب يُشعر المرء بالوهن والتعب الجسدي. حاولت كعادتي تقصّي المعلومات من المحيطين بي، لأتفاجأ بأنهم ليسوا فقط غير ملمّين بأي معلومة تمتّ الى أيّ مرض نفسي بصلة، بل إنّهم جميعاً يرفضون الحديث عنه رفضاً تامّاً، وذلك بسبب وصمة العار التي فرضتها مجتمعاتنا على المريض النفسي. ومن هنا أخذت على عاتقي هذا الدور التوعوي، بغرض حماية الأشخاص من مواجهة تلك التحديات النفسية وحيدين، وتزويدهم بسلاح الوعي والمعرفة. كذلك أسعى لكسر الحواجز وتذليل العقبات التي تقف بين صحّتنا السليمة والاضطراب النفسي. رسالتي هي أن أساعد الناس في التعافي الشامل من خلال نشر الوعي عن الصحّة النفسيّة والجسدية.


- أخبرينا أكثر عن منصّة "هُنا"، للتوعية حول الحاجة الملحّة لدعم خدمات الصحّة النفسية في دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط؟

الواقع أنه بسبب قلْة المصادر العربية في موضوع الصحة النفسية، واعتقادي بأن ما من أحد بيننا لا يمرّ بتغيّرات في المزاج ومخاوف وإحباطات، وإيماناً منّي بأن جميع الناس يستحقّون بأن تكون لهم القدرة على الاطلاع على المعلومات والحصول على الدعم والمصادر الكافية لتخطّي الصعاب من أجل تحقيق الإمكانيات الكاملة وإيجاد الحياة الصحّية الشاملة، أنشأت منصة "هُنا" التي تشمل المعلومات والخدمات المتعلّقة بالصحّة النفسيّة، لتكون واحةً للمعرفة والدعم والتوجيه والمشاركة. منصّة "هُنا" تجمع مختلف المصادر والمعلومات المتعلّقة بالصحّة النفسيّة تحت مظلّتها، كما توفّر مجموعات الدعم والفعاليات المتخصّصة في الصحة النفسية.

- هل المرأة أكثر عرضةً للمشاكل النفسية من الرجل؟

أرى أن المشاكل النفسيّة لا تفرّق بين رجل وامرأة. جميعنا معرّض للضغوط والتحدّيات النفسية.

- من الملاحظ أن الرجل لا يدعم المرأة في محنتها النفسية، ما هي الأسباب برأيك؟

نحن سواسية ولا فرق بين رجل وامرأة في المعاملة الإنسانية، جميعنا نمرّ بظروف نفسية صعبة، ومساعدة بعضنا البعض سوف تزيل التفرقة السلبية بين الرجل والمرأة.

- الإيجابية التي تنادين بها، هل هي علاج للأمراض النفسية؟

نعم، للامتنان والتفاؤل والإيجابية الحقيقية تأثير ليس له مثيل في الصحّة النفسية. وهنا لا نتحدّث عن الإيجابية المُسرفة أو تلك المزيّفة... بل عن الإيجابية الواقعيّة التي نختبرها بأنفسنا ونناضل من أجلها ونتمسّك بها. في رحلتي مع الاكتئاب، أردت التعرف على أساليب العلاج السلوكي التي يتبعها الفرد بنفسه للتعايش مع الاضطراب النفسي، ومن خلال أسلوب التجربة، استطعت التوصّل الى الحلول والسلوكيات التي تضمن استقراري النفسي، فكانت الإيجابية المُسرفة العدو اللدود لها، فهي تعزّز فكرة الكمال التي تعتبر فكرة غير واقعية ولا تمتّ الى المنطق بأيّ صلة.

- كيف أثّرت والدتك الشيخة أمثال الأحمد الجابر الصباح المعروفة بالعمل التطوعي الإنساني والبيئي، في خياراتك الاجتماعية؟

تربطني بوالدتي علاقة قوية جداً، تميّزها الصراحة وتبادل الآراء والأفكار، وقد تأثّرت بشخصيتها القوية بشكل طبيعي ومن دون علم منّي. وتعلّمت منها المثابرة والالتزام في مشاريعي مهما كانت التحدّيات، وأن أؤمن بأهمية أهدافي حتى وإن لم تكن متعارفاً عليها في حينه. وبالتأكيد، فإنّ انخراطها في العمل الاجتماعي والإنساني التطوعي جعلني أسلك طريق التوعية بالصحة النفسية، إيماناً مني بمبدئها القائم على مساعدة أفراد المجتمع وخدمة الإنسانية.

سيدة أعمال وأمّ لأربع بنات

- كيف بنيت نفسك كسيدة أعمال لها ثقلها في عالم الرجال؟

في عام 2007، رأيت الحاجة إلى إطلاق "ASAP"، وهي علامة تجارية لمنتجات تجميلية صديقة للبيئة في الوطن العربي، وهكذا بدأت رحلتي في قطاع ريادة الأعمال الواعية والهادفة. اتبعت أسلوباً قيادياً أنثوياً Feminine Leadership يرتكز على التعاطف مع الآخرين والتواصل معهم، بالإضافة الى التمكّن من مهارات بناء العلاقات المثمرة، لجعل بيئة العمل أكثر مرونةً، وتقوية الروابط بين أفراد فريق العمل.

- ما هو السرّ وراء نجاحك كسيدة أعمال والذي يمكن أن تتشاركيه مع النساء العربيات؟

أسباب النجاح كثيرة، ولكن تعلّمت دروساً عدّة من خلال عملي، أهمّها الشجاعة في اتخاذ القرارات وتحدّي الذات. وتعلّمت أيضاً أن الاستثمار في الإنسان هو العائد الأمثل للأعمال في شتّى المجالات. أن يحيط الشخص نفسه بفريق عمل داعم يحمل القيم نفسها التي وضعتها نصب عينيك، أمر أساسيّ ومهمّ جداً لنجاح أيّ مشروع.

- ماذا عن نجاحك على السوشيال ميديا؟ وهل للسوشيال ميديا قواعد رسمتها بنفسك؟

السوشيال ميديا هي سلاح ذو حدين، طريقة استخدامك لها تحدّد أثرها في حياتك. لاحظت من خلال مشواري في مجال الصحّة النفسيّة أن الكثير من الناس، خصوصاً المراهقين، يتأثرون سلباً بوسائل التواصل الاجتماعي، لعدم معرفتهم بطريقة الاستخدام الصحّية لها. فنرى معظم الشبان والشابات يتأثرون دائماً بما يرونه على صفحات التواصل، مكوّنين فكرة محدّدة عن معايير الجمال والنجاح التي قد تكون خاطئة وغير حقيقية في معظم الأحيان. وفي المقابل، هناك مَن استفاد من وسائل التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي مثلي أنا شخصياً، فمتابعيّ هم مصدر إلهام لي في عملي ومشاريعي المتعلّقة بالصحة النفسية.

كذلك أحرص على فهم النقد الموجّه إليّ بكل أشكاله، فلولاه لما وصلت الى ما أنا عليه الآن. لم أكن على دراية بمدى حب الناس للتعرف على أسرتي وحياتي اليومية، فأكثرت من مشاركة ذلك معهم، ولم أكن أعلم أن هناك من ينفر عندما أتحدث باللغة الإنكليزية ويفضّل تقبّل المعلومات مني بلغّتنا العربيّة الأم... تمرُّسي في التحدّث والكتابة باللغة العربية حسّن أسلوبي وطوّره كثيراً.


- أنتِ أم لأربع بنات، كيف تربّيهن؟

أنجبت بناتي في عمر صغير، واعتمدت أن نعيش تجربة الحياة سويّاً، ونتعلم من أخطائنا بأسلوب متسامح من دون أحكام، ونستفيد من تجاربنا سوّياً.

- هل يعشقن الموضة مثلك؟ ماذا عن العمل الاجتماعي؟

لا أرى نفسي عاشقة للموضة، بل أحب فقط أن أرتدي ما يناسب مزاجي في اليوم نفسه... وبناتي كذلك. العمل الاجتماعي هو أولوية لي ولبناتي بالتأكيد.

- ماذا عن طموحاتك وأحلامك؟

حلمي هو عالم بلا حدود ولا قيود، لا يُقاس فيه نجاح أفراده بالإنجازات، بل بما يقدّمونه لخير البشرية.

سين وجيم

- لونك المفضل: الأبيض.

- حجر كريم تعشقينه: الماس الأزرق.

- فصلك المفضل: الربيع.

- مصمّمك المفضل: دينا شاكر.

- مدينتك المفضلة: نيويورك.

- كتابك المفضل: Sapiens.

- شاعرك المفضل: الأمير خالد الفيصل.

- فيلمك المفضل: The Godfather.

- مسلسل قديم يسكن ذاكرتك: "درب الزلق".

- أغنية تردّدينها في وحدتك: "كان يا ما كان" لميادة الحناوي.

- لوحة لا تفارق مخيلتك: أي عمل للفنانة Njideka Akunyili Crosby.

- حكمتك المفضلة: لا أنضمّ الى فريق ضد آخر، ولا أحكم على الناس من خلال ماضيهم أو توجّهاتهم، بل من أسلوب تعاملهم معي.

- أمنية تتمنّين من قلبك أن تتحقق: نشر ثقافة العناية بالحالة النفسية والذهنية في كل أنحاء العالم، لما لها من تأثير بالغ في تحسين مستوى العيش لدى الشعوب، والذي بدوره يؤدي إلى نشر ثقافة الرحمة والسلام في ما بينهم.