عائلة وديع جورج وسوف تروي لـ«لها» تفاصيل الفاجعة ورحيل «الحنون»

بيروت - أمين حمادة 26 يناير 2023

لربما احتاجت الأسطورة الى ذروة تراجيدية كي تكتمل، فتصبح مأساةً انسانيةً تتخطى حدود الفن والصوت والنجومية والشهرة الجماهيرية، بل حتى خطوط الحزن الأسود. بعد أيام قليلة على احتفاء أبرز نجوم العالم العربي بضيف الشرف في حفل «تريو نايت الرياض»، الفنان الكبير جورج وسوف، خسر الأخير نجله الأكبر وديع بفاجعة طاولت الجميع، ابتداءً من العائلة وصولاً إلى قلوب ملايين المحبّين في العالم العربي. مصيبة جديدة تُثقل كاهل «الوسوف» الذي شقّ طريقه بدايةً من «طفل معجزة» إلى ظاهرة فنية استثنائية لا مثيل لها، قبل مروره بمرحلة تغيّر الصوت، ثم معاناته من أزمات صحية متتالية، من جلطات إلى شلل في بعض الأعضاء، من دون أن يخسر وهجه... كل ذلك جعل المصيبة جامعةً من المحيط إلى الخليج، إلى درجة تلاوة القرآن الكريم في الكنيسة خلال مراسم العزاء.


رحل وديع...

توقّف قلب الشاب وديع عن عمر ناهز 39 عاماً يوم الجمعة الماضي في مستشفى «مار يوسف»، الذي دخله بسبب معاناته من مضاعفات بعد عشرة أيام من خضوعه لجراحة تكميم المعدة. قبل ذلك، كان الراحل في صدد السفر رغم شعوره ببعض التوعّك، فأصرّت عليه والدته شاليمار شبلي لعمل فحوص طبية للاطمئنان على صحته، ففعل ليُصدم بوجود نزيف داخلي استدعى استغاثة فنانين كثر لطلب التبرّع بالدماء له، ولكن جسمه لم يتحمّل المضاعفات فدخل في غيبوبة لساعات قليلة قبل وفاته. سارع الفنانون إلى الوقوف بجانب جورج وسوف في مصابه الأليم، ابتداءً من مراسم العزاء في كنيسة القديس نيقولاوس للروم الأرثوذوكس في العاصمة اللبنانية بيروت، حيث حضر نقيب الفنانين اللبنانيين نعمة بدوي، والنجوم: وليد توفيق وماجدة الرومي ونجوى كرم وهيفاء وهبي ونانسي عجرم ومايا دياب وعلي الديك ومعين شريف ورامي عياش ووائل جسار وغيرهم الكثير... لوداع الراحل قبل نقل جثمانه إلى مسقط رأسه في قرية كفرون السورية، حيث ووري الثرى يوم الأحد الماضي في تأبين شعبي حاشد وجنازة مهيبة، تحوّل فيها بشكل سوريالي وعاطفي الفقيد إلى «عريس»، والمأتم إلى عرس حزين.

العائلة تستذكر وتروي ما حصل مع «الحنون»

قالت سوسن شقيقة جورج وسوف في حديث لـ»لها»: «لا أذاق الله هذه الحرقة لأحد من عباده، ولكن ما يصبّرنا بعض الشيء هو إيماننا بأن وديع قد ذهب إلى مكان أفضل، ونسأل الله المزيد من الصبر لتحمّل هذا المصاب الأليم».

وعن تفاصيل مجريات الأحداث التي سبقت وفاة وديع وسوف، أوضحت سوسن أنها لازمته في المستشفى خلال الأيام الأخيرة، حيث توقّف قلبه قبل أن ينبض من جديد، ولكن بدخوله في غيبوبة، ثم توقّف قلبه ثانيةً بعد ساعات قليلة، قبل نوبة قلبية ثالثة دهمته في المساء وأنهت نبضه للمرّة الأخيرة، «ليوقف قلوبنا جميعاً معه»...

وأضافت باكيةً: «هذا نصيبه، عمره انتهى، وفاته كسرت ظهورنا». وتحدثت العمّة المكلومة عن صفات ابن شقيقها، مشدّدةً على ميزة الحنان لديه إذ قالت: «حنون مع والده، حنون معنا، حنون مع الجميع، رحيله حرقنا».

وأسرّت سوسن وسوف ببعض الكلمات التي واست بها شقيقها: «صبّرك الله يا أخي يا نور عيوني، فأنت لا تستأهل هذا الجرح الكبير، ولكن الله قدّر وما شاء فعل، هذه حكمته». وبدوره، عبّر الفنان والعازف جودي وسوف ابن شقيقة جورج وسوف عن صدمته بوفاة ابن خاله، لا سيما لقربهما من بعضهما البعض وتواصلهما الدائم بسبب عزفه مع فرقة «سلطان الطرب» الموسيقية لسنوات طويلة.

وقال جودي متحسّراً: «نحن كلنا وديع، بالنسبة إلينا، وديع لم يمُت، بل هو حي في قلوبنا، رغم أنه كسر قلوبنا جميعاً، لم أعد أعرف ماذا أقول... انتهى الكلام».

ماذا يقول الطب؟

إن عملية تكميم المعدة أو الـ Sleeve ليست ضمن فئة العمليات الجراحية الخطِرة والمعقّدة بالمبدأ، ولكنها رغم بساطتها تجعل المريض أحياناً عرضةً لمضاعفات لا يُستهان بها، على غرار النزيف الذي قد يحدث بنسبة واحد من مئتي مريض، وغالباً ما يحتاج المُصاب الى نقل الدم، وقد يؤدي فقدان نسبة معينة من الدم إلى الدخول في غيبوبة غير مستعاضة غالباً. ولتلافي هذا الاحتمال، يؤكد الأخصائيون أن على المريض الخضوع لفترة مراقبة طبية قد تصل إلى ستة أشهر، واتباع التعليمات الصحيّة بدقّة، كالابتعاد عن التدخين إذا كان المريض مدخّناً، والالتزام بحمية غذائية صارمة وترتكز على السوائل والتعدّد خلال الأسابيع الأولى من الجراحة.

ويشير أخصائيو جراحة السُّمنة إلى خطر آخر يحدث بنسبة واحد في المئة في الجراحة التي تحوّل المعدة من مخزن إلى مجرد أنبوب أو ممر للطعام، ويتمثل هذا الخطر بحدوث تسريبات غير مسيطر عليها في مناطق التدبيس (الخطوط الأساسية). وهذا التسرّب يجب أن تتم إدارته من جانب جرّاح السمنة المتمرّس، من خلال قسطرة مع USG ووضع دعامة باريتية مع التنظير الداخلي.


مَن هو وديع جورج وسوف؟

وصف جورج وسوف ابنه البكر في تصريحات إعلامية سابقة بالقول: «هيدا دمعة عيني، هيدا حبيب القلب من جوا، هيدا الحنين تبعي، هيدا الغالي وديع... أنا أبو وديع». وحظي الراحل بمكانة خاصة لدى والده، فهو أول العنقود في ذرّيته، وساعده الأيمن، بخاصة في السنوات الأخيرة، إذ شدّ عضده في أزماته الصحية ولازمه في كل حفلاته وأعماله.

تخرّج وديع في الجامعة اللبنانية- الأميركية في بيروت عام 2005 ونال شهادة في التسويق وإدارة الأعمال، ثمّ أسّس شركته WW لتنظيم الأحداث الفنية، ولكن بسبب ضعف سوق العمل في لبنان، اضطر وديع للسفر إلى قطر حيث عمل باختصاصه في عدد من الشركات الكبرى، إضافة إلى إدارته قسم الترفيه في عمله الأخير في شركة A2Z Media، فغنّى له «الوسوف» حينها أغنية «أصعب فراق».

وأقام وديع جورج وسوف منذ سنوات عدّة علاقة عاطفية مع الفنانة رولا شامية، لم يرضَ عنها والده، لأن الأخيرة تكبُر نجله في السنّ بـ12 عاماً.