اكتشافات طبية استثنائية لعلاج الأمراض الخطِرة في 2023

فرح جهمي 04 فبراير 2023

تتوالى البحوث العلمية والاختبارات في كل يومٍ بغية التوصل إلى اختراعات جديدة أو اكتشافاتٍ طبية مفيدة لعلاج الأمراض الخطِرة. وقد شهدت المختبرات ومراكز الأبحاث في العامين المنصرمين جهوداً علمية متسارعة وحثيثة بالتزامن مع انتشار فيروس كورونا لابتكار عقارات فعّالة لوضع حدّ لانتشاره حول العالم وإيجاد العلاج اللازم له. وبالتالي كان 2022 عاماً مثمراً في مجال العلوم والابتكارات العملية، سواء في الفضاء أو الطب. ولكن على الرغم من التقدّم العلمي وسرعة الأبحاث الطبية، تبقى الأورام السرطانية الأكثر غموضاً وصعوبةً لإيجاد العلاجات الكاملة لها، لذلك يسعى دائماً الكثير من العلماء إلى تطوير آليات قديمة وابتكار تقنيات جديدة بهدف الوصول إلى علاج فعّال ونهائي.


في خضم الحديث عن عودة انتشار متحوّرات مختلفة لفيروس كورونا تتراوح بين ما وُصف بـ»القاتل» وما اعتُبر أنه زكام عادي يمكن علاجه بسهولة، ارتأينا أن نسلّط الضوء على الجانب المضيء من عالم الطب في ظلمة الجائحة، ونحاول إيجاز أهم الإنجازات الطبية والصحية التي ستطبع العام 2023.

الجيل القادم من لقاحات mRNA لعلاج السرطان

كشفت دراسة حديثة أن لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA)التي أدت إلى إنتاج لقاحات مضادة لفيروس «كوفيد 19» تم تطويرها وتحضيرها لتناسب مجموعة واسعة من الاستخدامات. ومكّن التقدّم في إنتاج الحمض النووي الريبي وتنقيته وإيصاله إلى الخلية من تطوير علاجات مستقبلية لأمراض مميتة مثل السرطان وعدوى فيروس زيكا. وتتّسم هذه التقنية بالتكلفة المعقولة والسهولة النسبية في التصنيع، كما أنها تُنتج المناعة بطريقة جديدة، وهو ما يعطي أملاً في مجال معالجة السرطان.

وتستخدم اللقاحات القائمة على (mRNA) شكلاً مهندساً وراثيّاً من الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA) لإعطاء خلايا جسم الإنسان تعليمات حول كيفية صنع بروتين (S). وبعد أخذ اللقاح، تبدأ الخلايا بصنع أجزاء البروتين وإظهارها على أسطح الخلايا، ويحفّز ذلك الجسم على تكوين الأجسام المضادة لمحاربة المرض عند الإصابة به في المستقبل.

ويؤكد الخبراء أن الخلايا السرطانية تصنع بروتينات يمكن أن تكون هدفاً للقاحات (mRNA) أو لقاحات الحمض النووي الريبوزي. وتكمن أهمية تقنية «الرنا المرسال» في إيجاد لقاح ضد السرطان، فهي تقنية مرنة، حيث يمكن ترميز «الرنا المرسال» بأي بروتين يمكن تخيّله، كما يمكن إيصال «الرنا المرسال» إلى الخلايا السرطانية بحيث يعبّر الورم عن البروتينات التي ترسل إشارات الى الجهاز المناعي لمهاجمة الخلية السرطانية كجسم غريب يجب إزالته.


العلاج بالخلايا الجذعية لعدد كبير من الأمراض

وفي السنوات الأخيرة، باتت تتكرر بكثافة عبارة الخلايا الجذعية، وعادة ما يقترن ذلك بالأمل في إيجاد علاج فعّال للعديد من الأمراض الصعبة التي قد تودي بحياة الإنسان. ولذلك يعِد الباحثون بأن العام الحالي سيحمل الكثير من المفاجآت وستظهر نتائج واعدة في علاج بعض الأمراض التي لا علاج لها حالياً، وذلك من طريق ما يُعرف بـ»العلاج بالخلايا الجذعية».

والخلايا الجذعية هي خلايا ليس لها دور محدّد، ويمكن أن تصبح تقريباً أي نوع خلية مطلوبة، وتنشأ الخلايا من مصدرين رئيسيين هما: أنسجة الجسم والأجنّة البالغة، ويصنّفها الباحثون بناءً على قدرتها في التمايز إلى أنواع أخرى من الخلايا. وتُعدّ الخلايا الجذعية الجنينية الأكثر فعاليةً، حيث إنها بطبيعتها مهيّأة لتصبح كل نوع من خلايا الجسم.

ويرى الباحثون أن حقن الخلايا الجذعية يمثل مجالاً مثيراً للاهتمام في عالم الطب بسبب قدرتها على تجديد الأنسجة التالفة وإصلاحها، ويسعى العلماء إلى اعتماد تقنيات متطورة لتأمين العلاج لبعض الأمراض، مثل زرع نخاع العظام لمساعدة الأشخاص المصابين بسرطان الدم والأورام اللمفاوية. ويمكن أيضاً استخدامها لعلاج الورم الأرومي العصبي والورم النخاعي المتعدد، وتتواصل الدراسات والتجارب السريرية حول استخدام العلاج بالخلايا الجذعية لأنواع أخرى من السرطان.

ويعِد العلماء أيضاً الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول بتلقي خلايا البنكرياس لاستبدال الخلايا المنتجة للأنسولين التي دمّرتها أجهزة المناعة لديهم.

عقار جديد وفعّال لسرطان البروستاتة

بعد حصوله على موافقة رسمية من إدارة الغذاء والدواء الأميركية نتيجة نجاح التجارب السريرية، من المتوقع أن يبدأ هذا العام تطبيق عقار «دارولوتاميد» مدمج مع Docetaxel لعلاج المرضى الذين يعانون من سرطان البروستاتة النقيلي الحسّاس للهورمونات (mHSPC)، وفي الحالات المتقدّمة يمكن دمجه مع العلاج الكيماوي «بالدوسيتاكسيل» لعلاج سرطان البروستاتة الحسّاس للإخصاء النقيلي. ويؤكد الأطباء أن هذا العلاج سيقتل الخلية السرطانية من دون أن يؤثر ذلك في الأنسجة المحيطة بها.

و»دارولوتاميد» هو جيل جديد من العقاقير غير الستيرويدية المضادة للأندروجين (NSAIDs) التي يتم تطويرها لعلاج سرطان البروستاتة، كما أنه من البدائل المقترحة كعلاج نهائي للأورام السرطانية، حيث يعمل هذا العقار من طريق منع مستقبلات الأندروجين (الخضراء) في الخلايا السرطانية من الارتباط بالأندروجين (الأصفر)، وهو ما يمنع الإجراءات التي يمكن أن تسمح للخلايا السرطانية بالبقاء والنمو.

روبوت مغناطيسي لزج لعلاج الأعضاء

إلى ذلك، ابتكر علماء صينيون روبوتاً لزجاً يمكنه دخول الجسم لأداء مهمات خاصة، مثل استرجاع الأشياء التي تم ابتلاعها من طريق الخطأ. ويمكن أن يتحرك ​الروبوت​ داخل الجسم من طريق المغناطيس، ويحيط بالأشياء على شكل C أو O ويلتقطها، ويمكنه أيضاً ربط الأقطاب الكهربائية. والروبوت الذي من المتوقع البدء في استخدامه من جانب الجرّاحين خلال هذا العام مصنوع من مزيج من «البوليمر» وجزيئات مغناطيس «نيوديميوم»، وله خصائص لزجة ومرنة، مما يعني أنه أحياناً يمكن استخدامه كمادة صلبة، وأحياناً يتصرف مثل السائل.

كرة من السيليكون لعلاج الحرقة المزمنة

توصلت مجموعة من العلماء إلى حلّ فعّال يساعد المرضى الذين يعانون من الحرقة المزمنة في المعدة، وذلك من طريق زراعة كرة صغيرة من السيليكون في المعدة، وهي أصغر من حجم كرة التنس بقليل وتساعد على التخفيف من آلام الصدر الناجمة عن الارتداد المعدي المريئي، والذي يسبب تراجع حمض المعدة إلى الحلق.

ويُطلق على الجهاز الجديد اسم RefluxStop، وهو يعالج المشكلة من طريق الضغط البسيط على الصمّام المعيب في الجزء العلوي من المعدة لمنع الحمض من الارتداد. ويعمل هذا الجهاز من خلال إدخال كرة من السيليكون في المعدة، ثم الضغط على العضلة العاصرة المريئية السفلية لإبقائها مغلقة، ما يوقف تسرب الحمض، لا سيما أن حرقة المعدة أمر شائع ويحدث بسبب تناول أطعمة معينة، إلا أنها يمكن أن تسبب أضراراً ومضاعفات خطِرة، بما في ذلك الإصابة بالسرطان.

لاصق طبي من الطبيعة لعلاج النزيف

يطوّر عدد من الباحثين مادة لاصقة طبية مؤلفة من مكونات طبيعية مثل بلح البحر والديدان، ويتم وضع هذه المادة المبتكرة على مكان النزيف، فتقوم بعملية الشفط لامتصاص الدم وتنظيف السطح للالتصاق والربط بين الأنسجة لتوفير مانع تسرّب مادي. وتتم هذه العملية بسرعة وفي وقت قصير من دون الحاجة إلى الضغط على موضع النزيف، وبالتالي هي مناسبة لحالات النزيف غير القابل للانضغاط، والتي غالباً ما تهدّد الحياة.

وفي التجارب الأولى لهذه المادة اللاصقة، تبيّن أنها تعزز تخثّر الدم. كما يمكن إزالتها من دون التسبّب في إعادة النزيف، ولذلك يسعى العلماء إلى تطوير هذا الابتكار خلال هذا العام، ومن المنتظر أن يحلّ مكان خيوط الجروح لتوفير السرعة في العلاج.