القلب وأمراضه الخلقية والوراثية مع الطبيبة الإماراتية الرائدة غديره سعيد المنصوري

«لها» - أبو ظبي 15 مارس 2023

غديره سعيد المنصوري، طبيبة إماراتية ناجحة، واستشارية متخصّصة في أمراض القلب الخلقية والوراثية، أتمّت دراسة تخصّصها في المستشفيات التعليمية لجامعة تورنتو في كندا، وأنجزت الزمالة من الكلية الملكية البرطانية والكندية. وهي أول طالبة من دولة الإمارات والشرق الأوسط تحصل على منحة التفوّق والتميّز الدراسي من مركز تورنتو في أمراض القلب الخلقية.


- كامرأة إماراتية، ما الذي ألهمك السفر إلى الخارج ودراسة الطب؟

الغربة ليست سهلة، ولكن ما اضطرني للسفر هو السعي للبحث عن الأفضل في مجال الطبّ، وطموحي التخصّص في أمراض القلب الخلقية والوراثية لسدّ حاجة المجتمع في هذا المجال الصعب، ورغبتي في اجتثاث أمراض القلب الوراثية من مجتمعي في دولة الإمارات. أدركت أهمية الابتعاث عبر الالتحاق بأفضل الجامعات العالمية العريقة لاكتساب الخبرات المتعددة، والعودة الى الوطن لاستكمال بنائه، والمساهمة في نهضته. فالمواطن الإماراتي هو الثروة التي يجب الاستثمار فيها، لذا فإن بناء المجتمع ورقيه وتقدّمه تعتمد على ما توليه الدولة من اهتمام بالعنصر البشري باعتباره اللبنة الأساسية لبناء المجتمع، ونشكر قيادتنا الحكيمة على اهتمامها بنا وحرصها على تقدّمنا.

- برأيك، هل أضاف الطبّ الى العنصر النسائي؟ وماذا عن المنافسة في هذا المجال؟

إن عمل المرأة في التخصّصات الطبية كافة شكّل إضافة نوعية إليها، فقد أثبتت المرأة جدارتها في كل مجالات الطبّ والأبحاث العلمية الى حد بات وجودها فيها أساسياً.

شخصياً، أنا إنسانه تزدهر في الأجواء التنافسية، وأرى أن المنافسة تشكّل قوّة دفع إيجابية، تساعدنا على تحقيق إنتاجية أعلى من تلك التي نحققها عند العمل في بيئات غير تنافسية. وأظهرت دراسات عدّة أُجريت في هذا المجال أنّ المنافسة النزيهة تحفّز الفرد على بذل المزيد من الجهد في أداء مهمّاته، وتمنحه شعوراً بالسعادة ليقدّم الأفضل. كطبيبة، أنصح بالتعاون والعمل من خلال فريق متعدد التخصّصات لما فيه مصلحة المريض وعائلته.


- هل كان اختيار التخصّص في أمراض القلب صعباً لجهة تقبّل المرضى والجسم الطبي فكرة أن المعالِج امرأة؟ 

شهدت مسيرة عمل المرأة في مهنة الطبّ إنجازات عظيمة وبصمات واضحة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان للمرأة دور مميز في نهضة الدولة بفضل الدعم اللامحدود الذي حظيت به من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة “أم الإمارات”، حيث ساهمت جهودها في إزالة العوائق من أمام نهوض المرأة ومزاولتها مهنة الطب بكفاءة عالية.

- لماذا تخصّصت في رعاية المرضى المولودين بعيوب خلقيه في القلب؟

أنجذبت إلى هذا المجال الدقيق نظراً لاحتوائه على عدد من التخصّصات الحيوية المهمة والمحفّزه ذهنياً بالنسبة إليّ، فالمعرفة بتشريح القلب وتطوّره خلال فترة نمو الجنين، ثم دراسة التغييرات الطارئه بعد العيب الخلقي، وفهم تأثير المورثات والجينات في عملية تشخيص أمراض القلب وتحليل أسبابها... تمثّل تحدّياً كبيراً لي، لا سيما أنها تُستخدم لهدف نبيل هو إنقاذ حياة إنسان. علماً أن كل مَن يُشخّص بمرض القلب الخلقي أو الوراثي قد يعاني من اضطراب في كهربائية القلب، مشكلة في الصمّامات، وضعف في عضلة القلب في آن واحد.

- تسعين الى تطوير برنامج متكامل لعلاج أمراض القلب الخلقية والوراثية في إمارة أبوظبي، ماذا عنه؟

فخورة بانضمامي الى المجتمع الطبي في الإمارات، وإمارة أبوظبي تحديداً حيث شاركت في تأسيس شبكة من العيادات المتخصّصة للغاية لتقديم رعاية متقدّمة للمرضى المولودين بعيوب خلقيه في القلب. وتماشياً مع توجّهات حكومتنا الرشيده التي تتخطى الحاضر الى أفق مستقبلية واعدة، تم إنشاء عيادة لأمراض القلب الوراثية، أول عياده عالية التخصّص في دولة الإمارات العربية المتحدة في مدينة الشيخ شخبوط الطبية، حيث توفر الفحص الجيني للقلب وأمراض الأوعية الدموية الموروثة وخطط العلاج المتقدّمة لحالات اعتلال القلب واضطراب ضربات القلب والموت القلبي المفاجئ. ويشمل التقييم أسرة المريض وتاريخه العائلي.

- ما هو دورك كطبيبة استشارية في أمراض القلب الخلقية؟

أنتهج مبدأ القيادة بالخدمة، وأؤمن بأن القياده وإدارة النفس جزء من حياتنا اليومية، وجزء لا يتجزأ من عملية صنع قرارتنا. أثناء تخصصي في جامعة تورنتو- كندا، تدرّبت كقيادية في مجالي وانضممت الى برامج تأهيل القادة بالمشاركة مع جامعة هارفارد.

وعند انضمامي الى القطاع الصحي في الإمارات، أدركت أن ليس هناك بنية تحتية لتخصّص أمراض القلب الخلقية الوراثية، فبدأت بدراسة الوضع من حيث عدد الحالات والموارد التشخيصية اللازمه لتقديم خدمات طبية متخصصة. كما توليت مهمة قيادة فريق نقل العناية القلبية من مستشفى المفرق الى مدينة الشيخ شخبوط الطبية كعضو في اللجنة التشغيلية لهذه المدينة، ثم كُلّفت بمهمة المدير الطبي للعناية القلبية، وكان دوراً قيادياً لتنظيم عمل العناية القلبية والتعاون التام مع الجهات المختصه في ذروة جائحة كورونا. 

وبالتعاون مع زملائي في جمعية الإمارات القلبية، أتولى رئاسة مجموعة فريق العمل الخاصة بأمراض القلب الخلقية والوراثية التابعة لجمعية الإمارات لأمراض القلب، حيث نعمل على زيادة وعي الكادر الطبي والمجتمع بشكل عام باحتياجات وأهمية الرعاية الطبية الشاملة لأمراض القلب الخلقية والوراثية وتوضيح تأثيرها في الفرد والمجتمع.

- هل من شخصية مؤثّرة وملهمة في حياة الدكتورة غديرة المنصوري؟

كوني اليوم طبيبة استشارية في هذا المجال عالي التخصّص هو فضل من الله عزّ وجل، ونتيجة جهود والدتي السيدة الفاضلة ميثا غانم شايع المنصوري، فهي شخصيه ثرية فكرياً ولها نظرة مستقبلية، حكيمه مُحبّة للعلم والتعلمّ، قدوة في العطاء والكرم والعمل الإنساني. لقد احتوتني أمي ووجّهت اهتماماتي العلمية.

- ما أصعب موقف واجهته؟

كل مجال عمل وتخصص لا يخلو من التحدّيات، ولكن يتوجب علينا كأفراد استيعاب الواقع، والعمل على تحجيم المشكلة ووضع خطّة للتغلب على التحدّيات التي تواجهنا، والمضي قُدماً نحو تحقيق أهداف منشودة.