المصمّمة السعودية هنيدة الصيرفي تروي تفاصيل فستان الأميرة رجوة لليلة الحنّاء 

حوار: فاديا فهد 25 يونيو 2023

كلّ أسرار أناقة الأميرة رجوة آل سيف في ليلة الحنّاء، وذوقها وشخصيتها الجميلة تكشفها لنا المصمّمة السعودية المبدعة هنيدة الصيرفي في هذه المقابلة الخاصّة، هي المعروفة بأسلوبها الفريد والراقي والمطعّم بالمشغولات الحِرفية السعودية الأكثر ندرةً.   


- كيف تم اختيارك لتصميم فستان الأميرة رجوة؟

بعد ترشيحي من خلال صديقة لي لتصميم فستان ليلة الحنّاء للأميرة رجوة، تواصلت معي والدة الأميرة رجوة السيدة عزة السديري التي سعدتُ بتصميم فستان لها أيضاً لأمسية الحنّاء. 

- أيّ صداقة تربطك بالعروس وأهلها؟

تربطني صداقة جميلة بالعروس وأهلها، وفي لقائهم كل مرّة كنت ألتمس حفاوة الاستقبال، وهكذا توطّدت العلاقة أكثر.

- الأبيض والذهبي... هذا المزيج اللافت كيف اخترته للعروس؟

تم اختيار الألوان بناءً على فخامة المناسبة ومعاني ليلة الحنّاء التقليدية وتأثّراً بطباع العروسين. فاللون الأبيض يدلّ على النقاء والخير، وهو انعكاس للرقيّ، أما اللون الذهبي فيدلّ على الرقي والإنجاز والكرم والوفاء والتألّق، وكلها صفات تحاكي شخصية كلٍ من العروسين.

- الفستان مشغول بحِرفية عالية ومطرّز بخيوط من ذهب، كم استغرق العمل عليه؟ وأي خيوط استُخدمت له؟ وماذا عن القَصّة؟

قَصّة تصميم الفستان جمعت بين جمال ثقافة المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية، ومزجت جزءاً من حضارة كلٍ منهما لتلخّص قِصّة حبّ أبدية في تصميمٍ لفستان ليلة الحنّاء التقليدية. فجاء تصميم الفستان المستوحى من طابع تراثي في تنسيق تام بين الأمس والحاضر، وهو الثوب النجدي المعروف بالثوب السحابي من منطقة نجد السعودية. طرحة العروس نُفّذت في وقت قياسي بلغ حوالى 760 ساعة من العمل المتواصل مع فريق مختص من الخبراء والنساء الحِرفيات، وقد تم استخدام 10 أمتار من قماش التول المشغول يدوياً بالكامل لهذه المناسبة، وهي عملية تستغرق عادة حوالى 2000 ساعة عمل، بينما احتاج الفستان الى أكثر من 340 ساعة من العمل المتفاني من البداية حتى التنفيذ الفعلي. والتطريز الذهبي مشغول بخيوط حرير متنوعة من الكنتيل والتلي باللون الذهبي ودرجاته المختلفة، وغرز لتطريز يدوي من خيوط القصب النجدية الكثيفة المشهورة... وبأناقة ملكية ورومانسية عالية يتدفّق التطريز ثلاثي الأبعاد على الثوب بأكمله بورود ناعمة تحاكي شغف جمال قصة الحُبّ الأبدية. 

- ماذا عن التقنيات الحِرفية المستخدمة؟

وهل نُفذت بأيدي نساء سعوديات؟ الرسوم والتقنيات المستخدمة كلها مستوحاة من مزيج بين التراث السعودي النجدي والتراث الأردني العريق، كتطريز النخلة، وهي أحد رموز السعودية الشهيرة وعصب الحياة وتدل على العطاء والرخاء. تم حبكها بدقة بأيدي محترفين باستخدام الأبعاد الثلاثية والاختلاف في تدرجات اللون الذهبي وفي ارتفاعات التطريز وسماكة القماش لتزيد من قوة الحضور. أما تطريز السبع نجمات على طرحة العروس فيرمز إلى النجمة السُّباعية الأردنية، المستوحاة من عَلَم المملكة الأردنية الهاشمية، وترمز النجمة السباعية في منتصف المثلث الأحمر إلى السبع المثاني في فاتحة القرآن الكريم، أي أن سورة الفاتحة من سبع آيات قرآنية، وتشير السبعة رؤوس الى السبع المثاني، وهو لقب هذه السورة الكريمة، سورة الفاتحة لمباركة الزواج بحفظ الرحمن. كما وتدل النجمة على جبال عمان السبعة الشامخة بجمالها.

- الجملة التي طُرّزت على الفستان «أَراكِ فَتَحْلو لَدَيَّ الحَيَاةُ»، مَن اختارها؟

اخترتُ هذا البيت الشعري كترجمة لهذا الارتباط المبارك «أَراكِ فَتَحْلو لَدَيَّ الحَيَاةُ». وهو عنوان قصيدة للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي المعروف بنفحاته الأندلسية، واخترتُ هذا البيت الشعري لقربه من القلوب وكدلالة على التقدير والحب الذي يصل إلى أكبر عدد ممكن من الناس.


- ماذا تخبرينا عن رجوة وذوقها وشخصيتها من وحي تعاملك معها؟

شخصية الأميرة رجوة مميزة ومليئة بالحيوية واللطف. وهي تهتم بأدقّ التفاصيل وتُتقن الأناقة الراقية. فجمالها ونعومة ابتسامتها في أساس إلهام التصميم.

- تربطك برجوة وبأسرتها علاقة خاصة، خصوصاً أنك كنت مدعوة إلى عرسها؟ هل من تفصيل لفتك في هذا العرس الحلم؟ وماذا عن حفل الحنّاء؟

كان الفرح يملأ قلوب الجميع في هذا الحدث الملكي العالمي بحضور جلالة الملك الأردني والملكة رانيا العبد الله وأهل العروس الأميرة رجوة، وقد سررتُ بالمشاركة في فرحهم وسط حضور لافت لضيوف من كل أنحاء العالم حيث عمّت أجواء المودّة والمحبّة والانسجام، كما لفتني سرّ هذا الزفاف الملكي الكامن في بساطته وإحيائه للعادات والتقاليد العربية التي أضفت البهجة والسرور على الأجواء.


- فستان أم العروس لليلة الحنّاء كان باللون الأزرق، مع تطريزات من الورود. حدّثينا عن هذا الفستان وتفاصيله؟

تألقت السيدة عزّة السديري والدة الأميرة رجوة في أمسية الحنّاء التقليدية بإطلالة راقية ذات طابع تراثي سعودي مستوحى من الزي التقليدي تحديداً من المنطقة الجنوبية والمعروف بـ»المجنب». تألف الفستان من قطعتين باللون الأزرق الداكن (المعروف بالأزرق البترولي)، وتميز بتطريزاته بخيوط حرير ذات ألوان متنوعة كالأحمر والأزرق وكذلك الأخضر في منطقة الصدر والأكمام والجانب، وكلها مستوحاة من ألوان الطبيعة ودلالاتها في الثقافة المحيطة بالمنطقة الجنوبية. أما الثوب فمصنوع من قماش الكريب المشغول يدوياً، ترافقه سترة طويلة مطرّزة بنقوش ورسوم عسيرية، ويُعرف القط العسيري بأنه أحد الفنون التجريدية التي نشأت في منطقة عسير في السعودية، ويعتمد على الزخارف والنقوش والأنماط الهندسية وعلى تصاميم مختلفة متناسبة لإنجاز طبقات فوق بعضها البعض يتشكل فيها العديد من الخطوط والرسمات. 

- للمصمّم الكلمة الأخيرة في أناقة العروس، أخبرينا أكثر عن تأثير المصمّم أو المصممة في خيار العروس وعن العلاقة الوطيدة التي ينسجها مع العروس لنجاح تصميم الفستان؟

طبعاً العلاقة القوية بالعروس ساهمت في معرفة شخصيتها التي كانت لها الحصة الأكبر من التصميم، وبالتالي تم إبراز جوانب الشخصية وانعكاس جمالها في كل التفاصيل، إن لناحية اختيار هوية التصميم ونوع القماش وكذلك الألوان والتطريزات. فاعتمدت العروس بطلّتها على ثوب تراثي بلمسة عصرية.

- التراث السعودي العربي حاضر في أعمالك تترجمينه في تصميمك للتطريزات المختلفة المستوحاة من العمارة السعودية والتقاليد المتوارثة في مجال التصميم، كيف أثّر فيك هذا التراث وطبع هويتك كمصمّمة؟

التراث السعودي غني بدلالاته وجماله الخلاّب، وبالتالي فهو يعبّر عن هويتنا وحضارتنا العريقة، وكمصمّمة أستلهم دوماً من هذا التراث الذي لا مثيل له، وإحياؤه عبر التصاميم هو حاجة ملحّة كي نضمن استمرارية وجوده ونقله إلى الأجيال القادمة كي تحافظ عليه وتنقله إلى العالمية. 

- هند صبري لبست أيضاً من تصاميمك في «كان»... ما هي الفكرة وراء فستانها؟

وماذا عن تجربتك في «كان» هذا العام؟ تجربة جميلة، فـ«مهرجان كان السينمائي» في دورته الـ 76 حيث الإبداع يلتقي بالجمال والفن، كانت له نكهة خاصة هذا العام مليئة بالفخر والسعادة، كوني مشاركة كسفيرة لدار «شوبارد» في المملكة العربية السعودية. كما أطلّت الفنانة هند صبري بفستان مخملي بكتف واحدة من مجموعة «شهبانو» لموسم خريف وشتاء 23، وذلك خلال حفل استضافه «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» احتفاءً بالأصوات النسائية البارزة في السينما.