قصة سقوط المطربة حنين...

جريمة, حنين, خطف, قضية / قضايا إجتماعية, صلاح الشرنوبي

23 أبريل 2012

بعد رحلة هروب قاربت عشرين يوماً، سقطت المطربة الشابة حنين، وهي المتهمة الهاربة في قضية الملحن صلاح الشرنوبي الذي تم استدراجه إلى خارج مكتبه عن طريق حنين وشركائها، ليتم احتجازه بضعة أيام ويطلب الخاطفون مليوني جنيه فدية. الشرطة استطاعت تحرير الشرنوبي والقبض على بعض المتورطين في خطفه فيما ظلت حنين هاربة، لكن أجهزة الأمن لم تغلق ملف القضية، ولاحقت المطربة الشابة حتى ضاق الخناق عليها، ولم تجد مفراً من تسليم نفسها.


شتان ما بين المشهدين، حين كانت المطربة الشابة حنين في أبهى صورها، تضع باروكة شقراء، وترتدي ملابس بالغة الأناقة وتضع عطراً باريسياً غالياً وتتحدث لغات، وتستقل سيارة فارهة، وبين تلك اللحظة التي دلفت فيها إلى قسم شرطة القناطر متجهة إلى السجن تنفيذاً لقرار النيابة بحبسها أربعة أيام على ذمة القضية. الذهول كان يكسو وجهها، القيود الحديدية كانت تحيط معصميها، وشرطي يمسك بيدها حتى لا تحاول الهرب... فشلت في حبس دموعها حزناً على مصيرها المحتوم، فقبل أيام كانت تحلم بالثراء، وكم كان هذا الحلم قريباً منها. لكنها لم تحسب الأمور بشكل عقلاني، لأن سنها لم تتجاوز العشرين، وقلة خبرتها دفعتها إلى السقوط في الوحل. ظنت أنها ستحصل على آلاف الجنيهات بعد أن تؤدي دورها، حين طلب منها صديقها الهارب عبد الرحمن أن تنجح في خداع الملحن الشهير صلاح الشرنوبي.

صديقها صارحها بأن المهمة لن تكون سهلة، لأنها ستحاول خداع محترف في الوسط الفني، لكن حنين أكدت له أنها ستقوم بدورها على خير وجه ولن يكشفها أحد. وكادت الأمور تسير في الإطار الذي رسمه عبد الرحمن، لولا أن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، فسقطت العصابة وهربت حنين، وكانت تحاول الابتعاد حتى تهدأ أجهزة الأمن وتكف عن البحث عنها، لكنها اكتشفت أن الشرطة تضيق الخناق عليها وتقترب منها رويداً رويداً، فلم تجد أمامها سوى تسليم نفسها إلى نيابة القناطر، واعترفت تفصيلياً بدورها في جريمة خطف صلاح الشرنوبي.


مشهد واقعي

اسمها الحقيقي سمر السيد، عمرها 19 سنة فقط. لم تكن قانعة بعملها كسكرتيرة في إحدى الشركات، وكانت تعشق الغناء وتتقرب دائماً من الوسط الفني، تبحث عن أخباره بشكل مستمر، تشارك في كل الحفلات واللقاءات والندوات التي يحضرها أهل الفن والغناء.
كانت حنين، وهو اسم الشهرة، تحلم بأن تدخل الوسط الفني من أوسع أبوابه، لكن الفرصة لم تكن مؤاتية، رغم أنها كانت ترى في نفسها موهبة أفضل بكثير من مواهب الكثيرات من المطربات الشهيرات، وظلت تمني نفسها بالحصول على تلك الفرصة. كانت تغني في بعض الملاهي الليلية والفنادق مع صديقها المطرب الشاب سامح، لكن هذا الطريق لم يحقق لها أهدافها مطلقاً، ولم يكن يرضي طموحاتها، وبدأت تفكر في وسيلة تقتحم بها عالم الكبار.

وفي أحد الأيام جلست مع صديقها سامح، وأفضت إليه بما يجيش في صدرها، فأخبرها بأنه يحمل إليها حلاً سحرياً يحقق لها كل أحلامها في خبطة واحدة، وفي عملية لن تستغرق سوى أيام. ظهر الترقب على وجه حنين وأبدت استعدادها التام للاستجابة لكل طلبات سامح الذي بدأ يشرح لها فكرته بحضور جارهما محمد حسن. وقال سامح انهم سيذهبون إلى الملحن الشهير صلاح الشرنوبي ويخدعونه بذريعة الاستعانة به لإنتاج أغنية للمطربة الشابة حنين بتمويل من أمير خليجي. تحولت مشاعر الترقب إلى قلق كسا وجه حنين، لكن سامح أكد لها أن العملية مدروسة جيداً، وكل دورها سينحصر في استدراج الشرنوبي وإقناعه بصدق هذا العرض، وأخبرها أنه سيشتري لها ملابس أنيقة ويستأجر سيارة فارهة لاستخدامها في خداع الشرنوبي.

أضاف سامح أنه لن يظهر خلال الجولة الأولى، بل قرر الاستعانة بصديقه عبد الرحمن الذي يجيد اللهجة الخليجية بشكل متقن من الممكن أن يخدع أي شخص، فوافقت حنين وبدأت تتدرب على أداء دورها. التقت عبد الرحمن واستعرضت معه سيناريو اللقاء مع صلاح الشرنوبي، واطمأن سامح إلى أن جميع أفراد عصابته حفظوا أدوارهم بدقة، وطلب من حنين أن تستعد لساعة الصفر، وبعد مراقبة لمكتب صلاح الشرنوبي في المهندسين حدد أفراد العصابة أفضل توقيت للالتقاء به. صدف وجود المنتج عمرو زهرة، وطلبت حنين التي كانت في أبهى صورها مقابلة الشرنوبي الذي استقبلها بترحاب، فأكدت له أنها مطربة شابة تسعى لإنتاج أغنية مميزة من تلحينه، وأكدت أن صديقها الثري الخليجي سيتولى إنتاج الأغنية على نفقته، وأنه لن يبخل عليه بأي أموال يطلبها.

وأجاد عبد الرحمن تمثيل دوره بشكل أقنع الشرنوبي، كما أقنعته حنين التي أدت دور المطربة العاشقة للفن التي تتحين أي فرصة، وطلبت منه أن يرافقهما إلى مكتب الثري المزيف لكتابة العقد. ظهر التردد على وجه الشرنوبي، لكن حنين نجحت في إقناعه بأنها ستصطحبه في سيارة الثري المزعوم، والأمر لن يستغرق سوى ساعة واحدة. وأمام أسلوب حنين المقنع استجاب الشرنوبي الذي طلب من صديقه عمرو زهرة أن يرافقه.


الفدية

توقفت السيارة أمام شقة في منطقة الهرم، وظهرت علامات القلق على وجه الشرنوبي، لكن حنين ابتسمت بوداعة وطلبت منه الترجل من السيارة لإنهاء إجراءات العقد. ولم تمض دقائق حتى توالت الأحداث المثيرة، خلعت حنين رداء الرقة وبدأت تهدد الشرنوبي وصديقه وشاركها أعضاء العصابة، واحتجز الجميع الملحن الشهير. في هذه الأثناء تلقت زوجة صلاح الشرنوبي مكالمة من أفراد العصابة طلبوا فيا فدية مليوني جنيه مقابل إعادة الملحن سالماً، فأبلغت الزوجة الشرطة التي طلبت منها مجاراة الجناة. ووُضع هاتف الزوجة تحت المراقبة، واستدعت الشرطة مجدي الناظر، صديق صلاح الشرنوبي الذي أكد أن مطربة شابة وثرياً عربياً وراء استدراج الشرنوبي. وتلقت الزوجة المكالمة الثانية، وبدأت تتفاوض مع خاطفي زوجها لخفض المبلغ، ووصلت قيمة الفدية إلى نصف مليون جنيه، وبدأت الاتصالات تأخذ منحى جديداً لتحديد مكان لتسليم الفدية.

في هذه الأثناء نقلت العصابة الشرنوبي إلى منطقة أخرى، لكن الشرطة حددت الشقة التي احتُجز فيها، فدهمتها وحررت الشرنوبي وقبضت على معظم أفراد العصابة باستثناء حنين وعبد الرحمن. وبدأت رحلة البحث عن المطربة الشابة التي استأجرت مجموعة من الشقق وبدأت تتنقل بينها حتى تضلل أي شخص يحاول ملاحقتها، لكن أجهزة الأمن كانت ترصد مكالماتها وتسعى للقبض عليها. وعندما شعرت حنين بأن الدائرة تضيق عليها قررت تسليم نفسها، واعترفت بالمشاركة في جريمة استدراج صلاح الشرنوبي مقابل 50 ألف جنيه.