بعد غيابها فترة طويلة...
مهرجان الموسيقى العريقة, حفلات غنائية, متعهدو الحفلات, الفرق الغنائية العربية, موسيقى غربية, الفرق الغنائية المصرية
23 نوفمبر 2012«بلاك تيما»
استطاع فريق «بلاك تيما» إحداث نقلة نوعية في شكل الفرق الغنائية، وذلك بسبب اعتماده بشكل كبير على تنمية الفن النوبي المصري، ونجح في اكتساب شعبية جيدة لدى الجمهور منذ أن تشكل عام 2004.
والفريق يتكون من ثلاثة مطربين، هم أمير صلاح الدين وأحمد بحر ومحمد عبده.
يقول أمير صلاح الدين عن الفريق: «كان لديَّ هاجس كبير منذ صغري، وهو نشر الفن النوبي الذي تربيت عليه في بقية محافظات مصر، وكنت أعلم جيداً أن هذا الأمر قد يستحيل تحقيقه بسبب حب الجماهير لسماع الأغاني الخفيفة السهلة التي لا تهدف إلى أي شيء.
ولذلك أمر تكوين الفريق لم يكبر بداخلي إلا عندما وجدت أشخاصاً آخرين يسعون الى تحقيق الفكرة نسها، ويريدون إيصال فنهم النوبي إلى القاهرة.
بالفعل قررنا الذهاب إلى القاهرة وتقديم فننا، ليس فقط باللغة النوبية لكن بلهجتنا العامية، لكي نثبت للجميع أننا نملك موهبة مختلفة».
وعن كيفية نجاح الفريق يقول: «من السهل أن تشكل فريقاً غنائياً، ومن السهل أيضاً أن تقيم حفلات غنائية في مختلف الأماكن الجماهيرية، لكن من الصعب أو من المستحيل أن تقيم حفلات غنائية وبأسعار تذاكر غالية الثمن ويحرص الآلاف على حضورها لكي يستمعوا إلى أعمالك الفنية الجديدة.
فمن يريد تقديم فريق غنائي عليه أن يبتعد عن الفن السهل الذي يقدمه المطربون العاديون، بل عليه أن يختار نوعاً من الفنون الذي يمكن أن نطلق عليه السهل الممتنع، أي أن يقوم عضو الفريق باستغلال الموهبة التي أنعم الله بها عليه دون غيره، ونحن في «بلاك تيما» نجحنا تماماً في استغلال ذلك». ويكمل: «اتفقنا على تقديم أغانٍ تلمس شعور المواطن المصري، وكان شعارنا الدائم هو متعة الغناء بلا حدود، فنحن لا نغني للناس، بل نغني مع الناس.
وكان أهم أهدافنا أن نقدم أغاني مصرية بديلة، بمعنى أن نقدم أغنية مختلفة بشكل ما عما يتم تقديمه الآن، ونحن اخترنا ذلك لنكون مختلفين، ولنجد مكاناً وسط الكبار.
ونحن نقدم حفلاتنا في الأماكن الثقافية، مثل ساقية الصاوي ومكتبة الإسكندرية ودار الأوبرا المصرية».
ويضيف: «نجاح الفرق الغنائية لا يتوقف على الأعضاء وحدهم، لكن على المستمعين، ولا أستطيع أن أنكر أن الجيل الحالي من الشباب هو السبب الرئيسي وراء نجاح «بلاك تيما» والفرق الأخرى، وذلك بسبب حبهم للاستماع الى الفن النادر الذي لا يستطيعون أن يجدوه في ألبوم أو محطة إذاعية».
رغم أن الفرق الغنائية كان لها وجود قوي من قبل، بل وكانت تنافس نجوم الغناء، مثلما حدث مع فرق «المصريين» و«فور إم» و«أميركانا شو»، فإن تلك الفرق تراجعت مع الوقت واندثرت ولم تستطع الصمود في سوق الغناء طويلاً.
وكانت هناك محاولات بين فترة وأخرى لإحياء الفرق الغنائية من جديد، إلا أن الفترة الأخيرة بدأت تشهد عودة الفرق الغنائية بشكل ملحوظ وظهرت فرق جديدة نجحت في صناعة موسيقى وأغانٍ مختلفة، وأصبح لها جمهورها.
فما هي أبرز تلك الفرق؟ وماذا يقول أصحابها عن التحديات التي تواجههم؟ خلال القرن الماضي ارتبطت أذهان المستمعين بعدد كبير من الفرق الغنائية، لكن رغبة أعضاء بعض تلك الفرق في الانفصال والاستقلال والسعي وراء النجومية المنفردة كانت سبباً رئيسياً لاختفائها.
فكان من أشهر تلك الفرق حينذاك فريق «المصريين» الذي كان يقوده الموسيقار هاني شنودة والذي قدم أكثر من ألبوم، لكن بسبب اعتزال المطربات اللواتي كن يشاركنه الغناء اختفى الفريق من الساحة الغنائية، وأيضا فريق «أمريكانا شو» الذي كان يضم هشام عباس والملحن أحمد الجبالي، فبعد انفصال هشام عباس انتهت قصة الفريق.
وهناك أيضاً فريق «فور إم»، الذي كان يقوده الفنان عزت أبو عوف ويضم أخواته البنات الأربع، وفرقة «النهار» التي أسسها الفنان الراحل محمد نوح بعد حرب أكتوبر، وكان يقدم من خلالها أغنيات وطنية حماسية من أشهرها «شدي حيلك يا بلد».
لكن مع تراجع الإنتاج الغنائي بسبب القرصنة وسرقة حقوق الملكية الفكرية، اختفت الفرق الغنائية لعدم وجود راعٍ لها.
إلا أنه مع بداية القرن الجديد بدأت بعض الفرق الحديثة تسطع في سماء الغناء العربي، وتحاول أن تصنع لنفسها خطاً تلامس به أفكار الشباب لكي تكون في الساحة وتحاول أن تستمر في تقديم فنها، وتعيد الحياة إلى عالم الفرق الغنائية.
عودة «المصريين»
رغم اختفاء فريق «المصريين» أواخر التسعينات من القرن الماضي، أراد قائده الموسيقار هاني شنودة أن يعود الى الغناء، فتبنّى عدداً من المواهب الشابة وعاد بفريق سمّاه «المصريين رجعوا».
يقول شنودة: «أحمد الله أنني أول من أدخلت فكرة الفرق الموسيقية في مصر من خلال فرقة المصريين التي خرجت إلى النور في كانون الأول/ديسمبر 1977، ورغم نجاح الفريق وحصده الجوائز كنت أعلم جيداً أنه سيأتي يوم وينتهي فيه كل شيء، فهذه طبيعة الأشياء».
وعن أهمية وجود الفرق الغنائية في الساحة الغنائية واختلافها عن الغناء الفردي، يقول: «نجاح أي فريق غنائي يستند في الأساس إلى كيفية تأقلمه مع الزمن الذي ظهر فيه، فكل فترة لها ظروفها.
مثلاً عندما ظهرت «المصريين» في القرن الماضي كان عليَّ أن أظهر بشكل خفيف، من خلال تقديم الأغنية الفكاهية التي تتكلم عن مشكلات أبناء ذلك الوقت.
لكن عندما قررت أن أعود بـ»المصريين رجعوا» كان صعباً أن أكرر ما قدمته من قبل، خاصة أن الثورة كشفت جانباً آخر من الشعب المصري، فإذا نجحت في تقديم أغانٍ تلامس الحس الوطني والثوري لدى المستمع المصري سأنجح بفرقتي».
وعن كيفية بقاء الفرق الغنائية في الساحة وعدم اندثارها، يقول: «أعتقد أن جيل الشباب الحالي قال كلمته وأثبت للجميع أنه يريد سماع الفن الجيد، ولذلك فالفرق الغنائية ستجد مكاناً متميزاً لها، وما يؤكد ذلك أننا نجد بعد الثورة أن مطرباً مثل حمزة نمرة، بسبب غنائه الثوري وتقديمه أغنيات تعبر عن مشاكل المصريين، استطاع أن يتخطى ألبومات فنانين كبار في المبيعات».
«كايروكي»
رغم أن فريق «كايروكي» ظهر منذ عشر سنوات، فإنه لم يعط انطباعاً بوجوده لدى المستمع المصري والعربي إلا بعد ثورة «25 يناير»، لكنه في الوقت نفسه من أكثر الفرق طرحاً لألبومات غنائية منذ عام 2003.
يتكون اسم الفرقة من كلمتين «كايرو»، «كي»، مما يعني الغناء طويلاً مع القاهرة. واسم «كايروكي» ليس هو الاسم الأول للفرقة، اذ كان اسمها في البداية «النجمة السوداء» وكانت تقدم غناءً بالإنكليزية. يلعب هذا الفريق موسيقى «الروك» ويتكوّن من خمسة أعضاء، هم أمير عيد عازف غيتار ومغنٍ، وشريف الهواري عازف إلكتريك غيتار، وتامر هاشم عازف إيقاع، وآدم الألفي عازف غيتار باص، وشريف مصطفى عازف كيبورد.
يقول أمير عيد عن الفريق: «نحن خمسة أصدقاء كان الغناء شاغلنا الوحيد في وقت الدراسة، فقررنا بعد أن أنهينا مرحلة الجامعة أن نظهر من خلال فريق غنائي شاب.
اعتمدنا في بداية ظهورنا على تقديم الأغاني الأجنبية من خلال موسيقى الروك، لكننا لم نستطع ترك بصمة واضحة مع الجمهور في ذلك الوقت، ونعترف بأن الفرق الغنائية الأخرى التي ظهرت في ذلك الوقت نجحت في سحب بساط النجومية من تحتنا، إلى أن جاءت الثورة المصرية ونجحنا في إيصال فننا من خلالها».
عن عوامل نجاح الفرق الغنائية يقول: «قبل ظهور الفريق الغنائي يجب على أعضائه وضع دراسة لسوق الغناء الذي سيطرح نفسه فيه، وعلى الفريق أن يحدد جيداً ماذا يريد؟ فمثلاً عندما فكرنا في طرح فن جديد بلغة مختلفة لم ننجح بشكل فعال في استقطاب الجمهور، لأن الجمهور في ذلك الوقت كان يريد فناً آخر وهو الفن الثوري، وعندما قدمنا فناً ثورياً بشكل مختلف أتى إلينا الجمهور ولم يعد يفارقنا».
«وسط البلد»
استطاع فريق وسط البلد منذ ظهوره أن يحجز لنفسه مكاناً مختلفاً، ونجح الفريق الذي يتكون من سبعة أعضاء أن يتميز بموسيقاه، لأن كل عضو فيه يحترف العزف على آلة موسيقية مختلفة، فيلعب هاني عادل الغيتار، ويلعب أحمد عمران العود وفلوت إيرلندي، وأحمد عمر يلعب غيتار باص، وإيهاب عبد الحميد ومحمد جمال الدين إيقاعات، وأسعد نسيم غيتار، والمطرب الوحيد في الفرقة هو أدهم السعيد.
وعن الفريق يقول قائده هاني عادل: «فريق وسط البلد» كان سبباً رئيسياً لظهور كل الفرق الغنائية الموجودة حالياً في مصر، وذلك لأننا أول من كان لديه الجرأة في تقديم فن ثوري وسياسي يصاحبه لون موسيقي مختلف تماماً على الأذن المصرية والعربية. وكان ظهورنا في الشارع المصري عام 2004، وطرحنا أول ألبوم غنائي بعد ذلك بثلاث سنوات.
ونجاح الفرق الغنائية في الوقت الحالي لا يتوقف على اختيار كلمات أغنية جميلة وهادفة ولحن موسيقي جديد، لكن على الفرق أن تحاول استغلال كل العوامل المساعدة لديها.
مثلا فريق «وسط البلد» كان سبباً رئيسياً في شهرته دخوله عالم السينما من خلال فيلمَي «عودة الندلة» و«ملاكي إسكندرية».
وأيضاً لا أستطيع أن أنكر فضل مؤسسات أخرى علينا وفرت لنا المكان المناسب للغناء، مثل ساقية الصاوي ودار الأوبرا المصرية».
وأضاف: «من العوامل أيضاً التي تساعد على بقاء الفريق الغنائي، نجاح الفريق في نَسج تواصل بينه وبين المطربين المشهورين، فمن خلال ذلك يستطيع أن يكتسب شعبية، مثلما فعلنا عندما غنينا مع المطربة أصالة».
«واما»
يعد فريق «واما» أشهر الفرق الغنائية الموجودة حالياً. تأسس عام 1998 وأطلق أول ألبوم غنائي بعنوان «يا ليل» عام 2002، ويتكون من أربعة مطربين، هم محمد نور وأحمد فهمي ونادر حمدي وأحمد الشامي، يلحنون ويوزعون أغنياتهم بأنفسهم.
يقول محمد نور: «فكرة تأسيس الفريق ولدت مع أول مقابلة جلست فيها مع فهمي ونادر والشامي، وعقب تخرجنا في الجامعة اجتمعنا واتفقنا على أننا يجب أن نعمل في المجال الذي عشقناه طيلة حياتنا، وأن نجعل الغناء والتلحين والتوزيع طريق نجاحنا.
وبالفعل بدأنا نخوض في ذلك المجال الصعب، خاصة أنه في ذلك الوقت كانت قد اندثرت الفرق ولا يوجد فريق غنائي يجعلنا نصعد في ظله سوى بعض الأغاني الجماعية التي خرجت وقتها للأطفال مثل «بابا فين».
كانت أهم أهداف مرحلة تكوين الفريق كيفية الوصول إلى جيل الشباب، وكان تركيزنا على تقديم أغانٍ تلمس شعور الشباب الذي يمر بمرحلتيْ الثانوية والجامعة وما بعدهما. وبالفعل مع أول ألبوماتنا الغنائية في عام 2002، نجحنا في تحقيق شعبية كبيرة لدى المستمعين المصريين والعرب، وأصبحنا تقريباً الفريق الغنائي الوحيد في الساحة وأصبح الطلب علينا كبيراً».
ويضيف: «الفرق الغنائية لابد أن تقدم فناً مختلفاً تماماً عما يقدمه المطربون، لأن الفرق الغنائية دورها الأساسي نشر أفكار غنائية جديدة من حيث الكلمات والألحان، وليس تقديم أغانٍ وألبومات لكي تبقى موجودة.
وإذا فكرنا في إصدار أغان لمجرد الوجود فستكون هنا نهاية الفريق، لأننا لن نستطيع أن ننافس نجوم الغناء».