الجدة الأم البديلة أحياناً
سوسن بدر, سمية الألفي, شويكار , الأمير خالد الفيصل, إختيار الأم, سهير البابلي, د. فرخندة حسن, عيد الأمهات, ناهد حمزة
21 مارس 2013صديقة
وتقول شويكار عن حفيدتيها: «لديَّ حفيدتان هما هند وفرح، والعلاقة بيننا مبنية على الصداقة، فهما لا تعتبرانني جدتهما، بل صديقتهما الكبرى التي تلجآن إليها في كل كبيرة وصغيرة، فأنا كاتمة أسرارهما وأكثر عضو في الأسرة يعرف كل شيء عن تفاصيل يومهما، لأنهما تثقان بآرائي وتعرفان أنني أخاف على مصلحتهما.
كما أختار الملابس الخاصة بهما وأبدي لهما رأيي في ألوانها وتصميماتها، خصوصاً في المناسبات مثل حفلات الزفاف أو أعياد الميلاد. كما أذهب معهما لشراء ملابسهما وأنواع الماكياج الذي تستخدمانه، والحلي التي تتزينان بها حتى الآن، لأنهما تعتبرانني مثالاً للشياكة والموضة.
وعلاقتي بحفيدتيَّ لا تتدخل فيها ابنتي، لأنها تعلم مقدار حبي الشديد لهما، وأعتبر نفسي أمهما البديلة في حالة عدم وجود والدتهما، فأكثر اللحظات السعيدة التي عشتها بحياتي كانت معهما عندما حضرت حفلة تخرجهما في الجامعة.
وهناك عدد من الصفات التي ورثتاها مني حفيدتاي، وهي الصراحة والوضوح والثقة بالنفس والطيبة.
وفي مواقف كثيرة أجد شبابي فيهما عندما أجدهما تقومان بالتصرفات التي كنت أقوم بها، وأحاول أن أغرس فيهما المبادئ والقيم التي تربيت عليها وربيت أمهما عليها أيضاً».
وتضيف: «يوم الجمعة من كل أسبوع هو اليوم الذي يجتمع فيه كل أفراد العائلة، وأجلس فيه أطول وقت ممكن مع حفيدتيَّ اللتين تشتريان الهدايا لي، وعادة ما تكون أحد أنواع الشوكولاتة، لأنهما تعلمان حبي الشديد لها.
وكل ما أتمناه أن تعيش حفيدتاي حياة سعيدة، وأن تحققا النجاح في مستقبلهما وتتمتعا بصحة جيدة، وأن يمتد بي العمر حتى أرى هند وفرح بفستان الزفاف».
غيرة ابنتي
أما الفنانة سوسن بدر فتقول: «إحساسي بحفديّ مختلف تماماً عن إحساس الأمومة الذي تذوقته مع ابنتي ياسمين، فأنا لديَّ حفيدان هما ملك ويوسف، ولم أكن أتخيل أن ارتباطي بهما سيكون أكثر من ارتباطي بوالدتهما ياسمين، فعندما أذهب لزيارة ابنتي لا أجلس معها طويلاً، لأنني أكون مشغولة باللعب مع حفيديَّ في غرفتهما الخاصة، حتى أن ابنتي تغار من شدة اهتمامي بهما في بعض الأوقات، فهما الوحيدان اللذان يستطيعان تعطيلي عن عملي وتأخيري عن مواعيد التصوير، وعندما أجلس معهما أنسى كل شيء ولا أتذكر مواعيدي، رغم أنني حريصة ودقيقة جداً في مواعيد عملي، وأصل إلى أماكن التصوير قبل الميعاد المحدد بساعة تقريباً.
وأعترف بأنهما أصبحا مصدر السعادة الحقيقية لي، وأحرص يومياً على متابعة أخبارهما من خلال ابنتي في حالة انشغالي بتصوير أعمال فنية جديدة، وأسعد عندما تخبرني بأنهما نجحا في دراستهما أو اجتازا الامتحان بالتوفيق».
وتضيف سوسن بدر: «ابنتي لم تتدخل في علاقتي بحفيديَّ، لأنني أتعامل معهما كأنهما ابناي وليسا حفيديَّ، فدائماً أكون بديلة لوالدتهما في حالة عدم وجودها، وأذاكر معهما دروسهما وأحضّر لهما الطعام بنفسي وأشاركهما أوقات لعبهما، وأهتم بأن أغرس فيهما الصراحة والوضوح والاعتراف بالخطأ».
وعن عيد الأم تقول: «يشتري حفيداي الهدايا لي، ففي عيد الأم يحضران مع والدتهما ويصران على شراء الهدايا لي معها، وهذا يجعلني أشعر بأنني أنجبت ثلاثة أولاد وليس بنتاً واحدة فقط.
وأتمنى أن يمتد بي العمر حتى أراهما بصحة جيدة ومستقبل باهر، وأرى حفيدتي ملكة بفستان الزفاف».
صفات مشتركة
تؤكد الفنانة سمية الألفي أن علاقتها بحفيدتها لينا قائمة على الصداقة وتقول: «لولي أصبحت كل شيء بالنسبة إلي في الحياة، ولا يمكنني العيش بدونها، فعلاقتي بها ليست علاقة جدة بحفيدتها، بل علاقتنا قائمة على الصداقة والصراحة والوضوح، وقد ربيتها على ذلك منذ طفولتها، لأنني كنت أتعامل مع والدها أحمد الفيشاوي بالطريقة نفسها.
كما أحاول غرس العديد من الصفات الأساسية فيها، كالرحمة وتقبل الرأي الآخر واحترام الكبير والوفاء والولاء لبلدها.
وهناك الكثير من الصفات التي تتشابه فيها حفيدتي مع والدها أحمد، سواء في الشكل أو الطباع، ومنها إصراره على فعل الشيء وعدم الاقتناع إلا برأيه، فهي عبارة عن نسخة مصغرة منه».
وتضيف سمية: «أرفض مصطلح الأم البديلة، لأن لقب جدة هو الأقرب إلى قلبي. وأنا مؤيدة للمثل الشعبي الذي يؤكد أن أعز من الولد ولد الولد، فمشاعر الجدة تجاه أحفادها أقوى بكثير من مشاعر الأم، فالأم تقع على عاتقها مسؤولية التربية، أما الجدة فتكون منبع الحنان والمحبة والرحمة.
وأسعد اللحظات التي أعيشها عندما أذهب مع لولي إلى أحد الأماكن العامة أو التنزه في الملاهي، لأنني أجد الفرحة الحقيقية في عينيها.
ومن الأشياء التي لا أستطيع فعلها أبداً مع حفيدتي ضربها أو الصراخ في وجهها، وحتى عندما يفعل والدها ذلك أمامي أشعر بحزن شديد وأحاول تهدئتها، لأنني لا أستطيع أن أراها وهي تبكي».
رغم فروق الأجيال وما يعنيه هذا من اختلافات في الكثير من تفاصيل الحياة، تلعب الجدة أحياناً كثيرة دور الأم البديلة، فهل تعاني في هذا الدور بحكم الفروق الكثيرة بين جيلها وجيل أحفادها؟ وهل تقوم بتربيتهم بالطريقة التي ربت بها أبناءها؟ وهل يتقبل الأحفاد بسهولة طريقة الجدة في التربية بكل ما تحمله من فروق في أسلوب التفكير؟
الدكتورة فرخندة حسن، أستاذة الجيولوجيا في الجامعة الأميركية في القاهرة والأمينة العامة السابقة للمجلس القومي للمرأة المصرية، تؤكد أن اختلاف الأجيال بدأ مع أولادها وتواصل مع أحفادها، وتقول: «حرصت على تنظيم الأسرة ولم أنجب سوى ولد وبنت، لكنهما تمردا على ذلك التنظيم فأصبحت جدة لسبعة أحفاد يُدخلون البهجة والسرور إلى قلبي».
العناد والمهارة التكنولوجية والشخصية المستقلة أبرز فروق الأجيال التي تراها الدكتورة فرخندة حسن في أحفادها، وتقول: «فضلاً عن الفروق السابقة، هناك فروق صنعتها بنفسي ألا وهي زيادة الحنان، فلدينا مثل شعبي يقول «أعز من الولد ولد الولد»، وهذا لمسته في تدخلي في تربية أحفادي، فكنت أنهر ابنتي دائماً عن ضرب أبنائها لتنشب بيننا الخلافات الدائمة، فتذكرني كيف كنت أضربها وأنهاها عن التصرفات الخاطئة».
وتضيف: «الجيل الجديد لمَّاح جداً وأكثر تفتحاً، فنظراً للانفتاح التكنولوجي من حوله يكفي للأم أن تتحدث معه بطريقة عقلانية ليستجيب لها، فأولاد اليوم دائمو النقاش وعقولهم أكبر من أعمارهم».
يأخذ الاحتفال بعيد الأم في منزل الدكتورة فرخندة شكلاً مختلفاً بعد ولادة الحفيد رقم سبعة، وتقول: «أصبح عيد الأم بالنسبة إلي أكثر بهجة وسعادة، فبعدما كان يحتفل بي اثنان فقط أصبحوا تسعة أعمارهم مختلفة، فأكبرهم خالد تزوج اخيراً وعمره 30 عاماً، وأصغرهم عمره 19 عاماً، ورغم فارق الأجيال بينهم فأنا صديقتهم جميعاً».
تعشق الدكتورة فرخندة البساطة، لذا ناشدت أحفادها تقديم الهدايا البسيطة فقط لها، وتقول: «نحن أسرة بسيطة غير متكلفة لا تهتم بالمظاهر، وأنا أعشق البساطة وأقدر الهدية بقيمتها لا ثمنها، فما زلت محتفظة بأول هدية قدمها لي خالد، حفيدي الأكبر حين كان عمره أربع سنوات وتعلم في الحضانة رسم قلب وداخله وردة وأهداني لوحته في عيد الأم، فأنا حالياً أراها أجمل وأغلى هدية قدمت لي في حياتي... الأحفاد هدية الله لنا عندما نتقدم في العمر، ففي مرحلة الشباب كان السفر وقت الإجازة أو التنزه في مكان رائع أو شراء أزياء جديدة مصدر السعادة، وبعده الحب والزواج والإنجاب، ثم في مرحلة متقدمة من العمر تكون السعادة في استعداد المرأة لتزويج ابنتها، أما في السن الكبيرة فالأحفاد زينة الحياة ومصدر البهجة».
جيل عملي
«فروق في الشخصيات والهوايات والانفتاح على العالم وفي طريقة الاحتفال بعيد الأم أيضاً»، بهذه الكلمات عددت الكاتبة ناهد حمزة فروق الأجيال بين حفيداتها وأبنائها، وتوضح: «لم يرزقني الله بنات فعوضني بثلاث حفيدات، تطلعت من خلالهنَّ على حياة مختلفة لم أعشها مع أولادي الرجال، فهنَّ أكثر مرحاً ويضفين بهجة على المنزل أينما وجدن.
حتى الاحتفال بعيد الأم معهنّ مختلف، فمراسم الاحتفال قديماً لم تتعد تحضير تورتة والاجتماع حولها، إلا أنهنَّ أكثر تطلعاً وجرأة يهاتفنني قبل الحضور ويسألنني عما سأحضره لهنَّ في يوم عيد الأم، ولا مانع من أن يطلبن ما يشتهين ويشأن، وبالطبع لا أملك إلا الاستجابة بكل سعادة.
وبناء عليه تغيرت أيضاً طقوس الهدية، فهدايا آبائهنَّ كانت ترتكز على المفاجأة، إلا أن جيل البنات أكثر مصارحة ومكاشفة، فيسألنني عن احتياجاتي ويقدمن لي هدية عملية، غالباً ما تكون منزلية، مثل مستلزمات ديكور أو أدوات مطبخ أو جهاز كهربائي، حسب حاجتي».
الصداقة والحب طريق ناهد حمزة إلى قلوب حفيداتها وأمهاتهنّ، وهي تؤكد أنها تتدخل في تربية البنات بالتنسيق مع أولادها وزوجاتهم، وتقول: "أنا صديقة زوجات أبنائي، وأتدخل في تفاصيل تربية البنات كخبيرة استشارية يرجعن إليها نظراً لصداقتي الوطيدة بزوجات أبنائي، واكتشفت مع تربيتي للبنات اختلافات الأجيال واختلاف متطلبات الحياة، فقد كنت أكثر حرصاً على أن تتعلم البنات لغات مختلفة، نظراً لأن سوق العمل يميز في تعيين النساء ويفضل الرجال، كما فضلت أن يدخلن مدارس ذات مستوى اجتماعي جيد، فضلاً عن اهتمامي البالغ بالهوايات والرياضة، فأنا مؤمنة بأن الرياضة تنشط العقل وتهذب الروح، فحفيدتي الكبيرة «لينا» عمرها 14 عاماً تعشق رياضة الباليه، ويجب أن أحضر حفلتها السنوية كل عام في دار الأوبرا المصرية، والحفيدة الوسطى «جنى» عمرها 12 عاماً، تمارس رياضة كرة اليد وأحضر معها المباريات المهمة، ولا مانع من حضوري بعض التمرينات في النادي لأشجعها على بذل مجهود أفضل، أما الحفيدة الصغيرة «سهيلة» وعمرها 11 عاماً فهوايتها الغناء ومنضمة إلى كورال المدرسة«.
وتلفت الكاتبة ناهد حمزة إلى أن الصداقة بين الجدة وأحفادها تلغي فوارق اختلاف الأجيال، وتوضح: «أموت رعباً من انفتاح البنات على الفضاء الإلكتروني والثورة التكنولوجية، خاصة أنهن يتابعن تطور هواياتهن عالمياً ويتابعن الفرق الموسيقية والرياضة عالمياً، فحفيدتي الكبرى أنشأت لي حساباً على موقع «فيسبوك»، والتواصل بيننا في الفضاء الإلكتروني لا ينتهي. لذا أرى أن الصداقة مصدر الأمان، خاصة أنها ليست وليدة اللحظة بيننا، بل عملت على تعويدهنّ على التحدّث إليّ والفضفضة منذ نعومة أظفارهنّ».
في نهاية حديثها تنصح ناهد حمزة الجدات بضرورة التواصل الحسن مع زوجات أبنائهنّ، قائلة: «انتهى عصر جبروت الحموات، وعليك مصادقة زوجات أبنائك لتكوني أكثر قرباً من أحفادك، فما بينكنَّ دم مشترك. عليكِ أيضا الاقتراب من أحفادك وتوطيد علاقتك بهم بأن تجعلي بينكم تاريخاً مشتركاً وذكريات تعلق في أذهانهم، فمثلاً شاركيهم في نشاطهم، أو اصطحبيهم إلى الملاهي والمتاحف والزيارات الأثرية وغيرها، المهم أن تكون هناك صداقة حقيقية بينكم».
أبناء أحفادي
أما الفنانة سهير البابلي فتقول: «لديَّ ثلاثة أحفاد، هم ياسين وسارة وسهير، والعلاقة بيننا تتميز بالأخلاق والأدب وتعاليم الدين كما علمتهم ابنتي نيفين، فهي الوحيدة التي لها الفضل في ذلك، لأنني لم أكن في يوم من الأيام بديلة لها لحرصها المتواصل على دورها كأمٍّ وعدم مشاركة أي شخص معها بهذا الدور.
لكن كان لديَّ دور آخر مع أحفادي يتلخص في ارتباطي بهم وحبي لهم وتقديمي النصائح، نظراً للخبرة الحياتية التي اكتسبتها، ومنها الصدق في كل الأمور والعطف والحنان على كل من يستحق ذلك، مثل الفقراء والمساكين، وعدم الخوف إلا من الله سبحانه وتعالى وحب الخير لكل البشر.
وارتباطي بأحفادي وثيق، فنحن دائماً نجلس معاً وحتى عندما أسافر إلى المملكة العربية السعودية يقومون بزيارتي هناك أو يتواصلون معي يومياً عبر الإنترنت لنشاهد بعضنا البعض ويطمئنوا إلى صحتي.
كما أنني أعيش الآن مرحلة جديدة في حياتي، وهي التمتع بتمضية أسعد اللحظات مع أبناء أحفادي، فقد رزق ياسين طفلة اسمها حبيبة، وأخذ هذا الاسم من مسلسلي «قلب حبيبة»، وأنجبت سهير طفلة تدعى فرح، وأشعر من خلال جلوسي معهما كأنني طفلة مثلهما وأستمر في اللعب معهما ساعات طويلة دون ملل، وهذه هي السعادة الحقيقية بالنسبة إلي.
وأتمنى أن أغرس فيهما العديد من الصفات التي يتحلى بها أحفادي، ويمتد بي العمر لأشاهدهما يكبران أمامي».