مهندسة التصميم الداخلي سيما ملك: تصاميمي تحمل هويتي وبصمتي السعودية

جدة: آمنة بدر الدين الحلبي 28 نوفمبر 2023
الانطلاق من محبس المادة إلى الفضاء الرحب يخلق عرشاً من الجمال يتميز بألوانه الهادئة والمرصوفة بكل اتزان، ومدروسة بتصميم راقٍ يحمل الإبداع من خيالٍ واسع رسمته أنامل مهندسة التصميم الداخلي سيما ملك ويجمع بين هدوء الطبيعة وألوانها، وجمال السماء وزرقتها، وكأن البحر يستمد هدوءه منها.

"لها" التقت بسيما ملك في حوار صريح تحدّثت خلاله عن الجمال الذي رسمته بأناملها، ورصّعته من خيالها الواسع بأجمل التصاميم الحديثة والبارزة في أعمالها وألوانها الجميلة.


- تصاميمك تتميز بأسلوب حضاري، كيف بدأ هذا الخيال يتشكّل وعلى ماذا اعتمد؟

نقطة انطلاقتي كانت في سبعينيات القرن الماضي من الرياض التي منحتني خيالاً واسعاً، وأكسبتني أفقاً لا محدوداً، من صحرائها البكر ورمالها الجميلة التي تضجُّ باللون الأحمر المتفرّد، وزُرقة سمائها الصافية التي تتلألأ فيها النجوم كمصابيح تفرد نورها على الكون بمثابة لوحة رائعة الجمال أمام ناظري فاستوطن الجمال في جسد ذاكرتي، ونقلته عيناي فتشكّل تصميماً إبداعياً مميزاً مع بساطة ورقي جميل، منذ كنت طالبة في المدرسة، مما دفعني لمتابعة دراستي للتصميم الداخلي في الولايات المتحدة الأميركية.

- تطغى على التصاميم روح الإبداع وتظهر جلية في الخطوط الدائرية تارة والمستقيمة تارة أخرى، كيف تصفين أسلوبك في مجال التصميم؟

درست في الرياض، والمدرسة التي تتلمذت فيها تركت أثراً كبيراً في نفسي وروحي من حيث الانضباط والاتّزان، مما ساعدني على متابعة دراستي في أميركا بنظام متقن ومدروس، وبثقافة مميزة جعلتني أحقق نتائج بسيطة جداً. وتلك الخطوط الدائرية والمستقيمة تدل على مدى انضباطي الذي دفعني لوضع تصاميمي المميزةالتي تحمل هويتي وبصمتي السعودية حين مزجت بين الشرق والغرب بأسلوب أنيق.

- ما الذي يميّز أعمالك في التصميم الداخلي؟

في شركتنا نراعي البساطة والأناقة في التصميم بعيداً من الزخارف المعقدة مع الأخذ بالاعتبار اللمسات الأخيرة الجيدة التي تُظهر العمل بوضوح للعيان، سواء كان التصميم يحتاج الى ورق الجدران أو بعض الإكسسوارات أو السجّاد...فالكل يأتي في مكانه بذوق رفيع وعمل متقن.

- هل الانسجام والترتيب بين العناصر المادية كالألوان والخطوط والصور... هو لتحقيق المثالية والكمال في التصميم؟

هذا ما نعمل عليه،ونحرص على التوازن والانسجام في التصميم ليخرج مثالياً ومحققاً أعلى درجات الكمال كي يرضي العميل ويوافق عليه.

- هل تتبع تصاميمكم المدرسة الكلاسيكية؟

ليس بالمفهوم الحَرفي للمدرسة الكلاسيكية، لكن صمّمنا مشاريع بسيطة نطلق عليها "New Classic" البسيط، ونحن نعمل على خليط نطلق عليه "Eclactic Style" الأسلوب الانتقائي والممزوج بين الاثنين، ونبذل قصارى جهدنا لإرضاء العميل، حتى نضمن الجمال النهائي بانتقاء الأفضل في القطع المدروسة، ليبقى التصميم دائماً يحتمل التجديد أو الإضافة في القطع الجميلة.


- التصاميم تختلف من بيت إلى آخر... ما هو الرائج في البيوت السعودية اليوم؟

جيل اليوم تأثر بالتصاميم الحديثة والألوان الرمادية والبيضاء، لأن الهندسة المعمارية والتصميم الداخلي و"الفاشن" كلها تلتقي في بوتقة واحدة وتُستخدم فيها نفس الألوان إلى حد ما، سواء للستائر أو الكنبات، وكل بحسب تأثره بما يشاهد محلياً أو عالمياً.

- ما هي ألوان الموضة الدارجة اليوم؟

اللون الرمادي الفاتح مع اللون الأبيض والبيج الفاتح، وربما يتداخل معه اللون الأحمر العنابي والأخضر، وفي كثير من الأحيان درجات اللون الأزرق.

- هل تفرضين ذوقك على العميل؟

البيت للعميل وهو الذي يقطن فيه، لكنني أستطيع إقناعه بما يتناسب مع ذوقه، إن وجدت لديه اختيارات خاطئة، من خلال مشاريع قديمة أو صور من أعمالنا، لأن العين هي التي ترصد ما تريد لأحقق الذوق الجميل.

- كيف تطوّر الذوق السعودي؟

الجميل في المملكة العربية السعوديةأنها مزيج من الثقافات المختلفة، فهناك العائلات النجدية، وهناك العالات الشامية واللبنانية والفلسطينية والمصرية والأجنبية بتنوعها، وهناك العائلات التي انصهرت مع بعضها البعض، مما يؤثر مباشرةً في البيئة وفي الذوق العام. وعموماً، الشعب السعودي شعب راقٍوحضاري، انفتح على العالم وتأثر وأثّر في ثقافات متعددة ومتنوعة كالثقافة المعمارية والهندسية والفنية والثقافية والأدبية والفكرية، إلى جانب الزيجات المتنوعة والسفر، مما ساعده على الاختيار بأريحية مطلقة والانتقاءمن كل ثقافة ما يراه جميلاً.

- هناك طلبات لتصاميم داخلية مع الإكساء والفرش والإكسسوارات، هل تلبّونها؟

بالتأكيد، نتابع مع العميل خطوةً بخطوة، ونعمل كل ما يلزم للمكان سواء كان غرفة أو فيلا، ودائماً نقدّم الأفضل في التصميم الداخلي والأجمل في المفروشات والإكسسوار، ونختار اللوحات بما يتناسب مع التصميم.

- ما هي الألوان التي تختارها المهندسة سيما للأطفال؟

أختار الألوان وفقاًلعمر الطفل، لأن شهادة البكالوريوس نلتها في التصميم الداخلي، لكن الماجستير كانت عن تأثير الألوان في الأشخاص والأماكن الداخلية، لذلك أمزج بين الألوان الباردة والحارّة، فإذاكان الطفل في السابعة من عمره وما فوق، أجلس معه وأعرف ما يحب، مع توجيهي المستمر له نحو الأجمل والأحلى من خلال صور وألوان وكيفية تناسبها مع بعضها البعض.


- بين الأمس واليوم، كيف تقرأ سيما عمل المرأة السعودية في مجال التصميم الداخلي؟

المرأة السعودية تتمتع بشخصية قوية وفكر منفتح، وخاصة اليوم مع رؤية 2030 وعرّابها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حيث أخذت دورها الحقيقي، وفُتحت أمامها كل المجالات الطبية والأكاديمية والمعمارية والفكرية والإعلامية بعدما كان عملها مقتصراًعلى المدارس والمستشفيات، وقد أثبتت وجودها في مجال التصميم الداخلي والتصميم المعماري والديكور وحققت نجاحات كبيرة على كل المستويات.

وحين بدأت بالعمل، كنت وحيدة مع صديقتي، واليوم هناك عشرات المهندسات في كل المجالات، مما خلق تنافساً شريفاً في السوق السعودي، ودفع الجميع للعمل بجد ونشاط.

- ماذا حققتِ بعد مسيرة طويلة في التصميم الداخلي؟

مسيرة تعجُّ بالعمل والعطاء، ويسعدني أنني استطعت تدريب الكثير من الطالبات في جامعة الأمير سلطان- قسم التصميم الداخلي، وهنّاليوم في أوجّ عطائهن من خلال مكاتبهن، ومازلنا نتواصل وندعم بعضنا البعض.

ومن خلال العمل في شركتنا، حقننا نجاحاً في المملكة ودول الخليج العربي وفي أوروبا وأميركا وشرق آسيا، وحصلنا على جائزة أفضل تصميم في البحرين.

- لكل برج لونه، هل برجك يعشق اللون الأزرق؟

لوني المفضل هو الأزرق المائل إلى البنفسجي.

- ماذا تقولين للمرأة السعودية؟

مع رؤية 2030 انفتحت كل المجالات أمامك وتهيّأت فرص العمل في كل القطاعات الهندسية والطبية والأكاديمية والعملية... استمري واستثمري وليكن النجاح حليفك.