الإماراتية منيرة الملا.. البلاستيك في أشكال صديقة للبيئة

حوار: فاديا فهد 09 ديسمبر 2023

منيرة الملا، مصمّمة إماراتية متعدّدة الاختصاصات. عُرضت أعمالها طوال رحلتها الأكاديمية في معرض الخرّيجين العالمي، ومعرض سكّة الفني، ومهرجان القوز للفنون.

أسّست أخيراً استوديو للتصميم الخاص بها يركز على تصميم الأثاث. منذ أن بدأت رحلتها في عالم التصميم، أظهرت منيرة اهتمامها بالتصاميم التعبيرية، التي تتميز بالأشكال الدائرية، والألوان الحيوية الاستثنائية، مع التركيز على الوظائف المتعددة. إذ أصبح هذا المزيج الفريد من العناصر الفنية سمةً مميزة لأعمالها في مجموعتها الفنية الأولى بعنوان O-Collection.


- كيف كانت البدايات، وبمَن تأثرت من المصمّمين العالميين؟

بدايتي مع التصميم عنوانها الشغف. تلهمني المفاهيم والمبادئ المستمدّة من حركة الباوهاوس. إحدى القطع الجديرة بالملاحظة والتي أثّرت في مجموعتي الأخيرة هي “مهد الطفل” الشهيرة لبيتر كيلر، والتي تحتفل بالأشكال الهندسية النقية، وإطاراتها الفولاذية الأنبوبية، والتركيز على البساطة والأداء الوظيفي. بالإضافة إلى ذلك، كنت أكنّ منذ فترة طويلة تقديراً عميقاً للمهندسين المعماريين اليابانيين، وكنت دائماً أجدهم مصدر الإلهام في إبداعات التصميم الخاصة بهم. المهندسون المعماريون مثل جونيا أشيغامي والشركة المعمارية الشهيرة “سانا” (سجيما ونيشيزاوا وشركاؤه)، يجسد عملهم البساطة، والشعور غير المسبوق بالسيولة وإتقان الأشكال المنحنية. في نهاية المطاف، أستمد الإلهام في أعمالي الإبداعية من الحياة اليومية، مثل الشكل البشري وكيف نميل إلى التفاعل مع الفضاء والمواد والأبعاد. وتميل هذه الملاحظات إلى تشكيل تصميماتي، مما يفسر التركيز القوي على الوظائف العملية في أعمالي.

- كيف استوحيت من البلاستيك قطعاً تفيد البيئة والإنسان في الوقت نفسه؟

مجموعة “O-Collection: نسخة إعادة استخدام البلاستيك” هي مفهوم مبتكَر لتصميم الأثاث تم تطويره خصيصاً لنسخة هذا العام من معرض “مصمّمون من الإمارات” ضمن فعاليات “أسبوع دبي للتصميم”، تحت شعار “من أجل مساحات معيشية مستقبلية”، وهو موضوع يتضامن بشكل كبير مع التزامنا نحو الاستدامة والمواد المستخدمة، مما يعكس الوعي المتزايد بالأثر البيئي لبنية بيئتنا المحيطة. ومن ثم، قرّرنا معالجة الشؤون البيئية من خلال اختيار المواد المناسبة، مع التركيز على دمج مواد من مخلّفات البلاستيك المُعاد تدويرها في تصميم قطع الأثاث لدينا. في كل عام، يتسرّب حوالى 12 مليون طنّ متري من النفايات البلاستيكية إلى محيطات العالم، مما يشكل تهديداً كبيراً للنُظم البيئية البحرية والبرية. وقد تعاونّا مع شركة Smile Plastics الرائدة في إنتاج ألواح من النفايات البلاستيكية المُعاد تدويرها، إذ تتميز مجموعة O-Collection بألواح مستدامة متعددة الألوان، مستمدة بالكامل من النفايات البلاستيكية المستهلكة. وتتميز المقاعد ومساند الظهر المنجّدة بمادة خاصة ومبتكرة، حيث يحتوي كل متر من القماش على ما يعادل 26 زجاجة بلاستيكية، مما يؤدي بشكل فعال إلى إعادة استخدام هذه المواد التي قد تتسبّب في النهاية بتلويث المحيط. فمن خلال تشابك التأثير الاجتماعي الإيجابي، والتصميمات متعددة الوظائف والتفكير المستقبلي، ودعم مورّدي المواد المستدامة، نبعث على إحداث التغيير واستكشاف الحلول المقنعة، ونتعمق في الاحتمالات اللامحدودة والسيناريوهات المتنوعة لمساحات المعيشة المستقبلية.

- كيف تحدّدين شخصيتك كمصمّمة؟

كمصمّمة فنية، أرى شخصيتي في تطور مستمر. إذ أبحث باستمرار عن إلهام جديد وطرق جديدة لدفع آفاق حدودي الإبداعية، وأستمتع بإعادة إنتاج قطع الأثاث الخاصة بي وتمثيلها بطرق فريدة. فعلى سبيل المثال، دمجت التلي الإماراتي التقليدي في مجموعة O-Collection تقديراً لإضافة هذا الإرث الوطني أخيراً إلى قائمة اليونسكو للتراث الثقافي. هذا التكامل بين العناصر الثقافية يُظهر التزامي بالحفاظ على تراثنا الثقافي والاحتفال به، وتمثيل جمالية التصميم المعاصر في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث يتم إدخال الأساليب التقليدية في التصميم الحديث. بالإضافة إلى ذلك، قرّرت مواءمة أهدافي مع مؤتمر الأطراف لتغير المناخ (كوب 28) وعام الاستدامة لدمج مواد تصميم النفايات البلاستيكية المُعاد تدويرها في قطع الأثاث الخاصة بي، ليس فقط بهدف إعادة تفسير عملي، ولكن أيضاً لتعزيز الالتزام بممارسات التصميم المستدام. فهذا النهج الذي أسير عليه باستمرار ويقضي بإعادة تفسير إبداعاتي السابقة والبناء عليها، يلخّص الطبيعة المتطوّرة لشخصيتي التصميمية، مما يسمح لي بتقديم مجموعة تصميمات ديناميكية وتعكس رحلتي كمصمّمة هادفة.


- البيئة في صلب عملك كمصمّمة، أخبرينا عن هذا الالتزام

التحدّيات البيئية في ممارستي كمصمّمة فنية هي عبارة عن فرص الابتكار والتغيير الإيجابي. وهذا يشجّعني على التفكير بما وراء الحدود التقليدية للتصميم والنظر في التأثير الأوسع لعملي. فأحد التحديات التي أواجهها هو التحول من المواد التقليدية إلى مواد التصميم المستدامة أو الصديقة للبيئة، وهذا يتطلب البحث المستمر والاطّلاع الدائم على أحدث الخيارات المستدامة. وأنا فخورة بدمج هذه المواد في تصميماتي، ليس فقط كخيار أخلاقي ولكن أيضاً كمصدر إلهام لأعمالي الإبداعية. بالإضافة إلى اختيار المواد المستدامة، هناك تركيز كبير على إعادة تصوّر دور التصميم في تقليل هدر المواد، حيث أجد نفسي أبحث باستمرار عن طرق لتقليل النفايات خلال مراحل التصميم والإنتاج. فعلى سبيل المثال، استخدمتُ المواد المتبقية من النفايات المُعاد تدويرها بشكل مستدام لإنشاء قواعد لأكواب القهوة. أحب حقاً أن أكون مبدعة وأفكر دائماً في تطوير المهارات بما يخدم البيئة.