الإرهاق الرياضي: استجابة وقائية حيوية تحمي من الإصابات

جولي صليبا 16 يناير 2024

مَن منا لم يشعر بآلام عضلية وإرهاق شديد بعد نشاط رياضي؟ هذا الشعور طبيعي للغاية وينجم عن استجابة حيوية في جسم الإنسان ليكون هذا الإرهاق خط دفاعٍ أول ينبّه الرياضي لضرورة أخذ قسط من الراحة وعدم الإفراط في التمرين بشكل قد يسبب إصابات أو مضاعفات لا تحمد عقباها. وحول هذا الموضوع، التقينا جورجينا برومويل، اختصاصية العلاج الطبيعي في مبادلة للرعاية الصحية دبي، والتي شرحت لنا بالتفصيل طبيعة هذه الحالة.


تقول جورجينا إن الإرهاق الرياضي هو استجابة طبيعية للجسم خلال ممارسة الرياضة. فالشعور بالتعب يُعدّ آلية وقائية لتجنب الإفراط في ممارسة الرياضة بشكل يضع الجسم أمام خطر الإصابة. والجهاز العصبي المركزي في الجسم ينظّم هذا الشعور من خلال تقليل الدافع العصبي نحو العضلات. وبحدوث ذلك، ينخفض معدل عمل العضلات، وبالتالي يرتفع المجهود البدني ويبدأ الشعور بالإرهاق البدني والعقلي، وهو ما يُعرف بالتعب.

وتضيف جورجينا: "خلال التمرين، يمكن أن يكون الإرهاق أمراً طبيعياً، خاصة عند زيادة شدة التمرين وحمله. ومع ذلك، لا ينبغي أن يكون التمرين مؤلماً. فالمؤشرات السيئة للإجهاد المحتمَل أثناء التمرين هي آلام العضلات الشديدة والتشنّج والدوار والغثيان. وعند ممارسة التمارين الرياضية بكثافة متوسطة إلى عالية، يتجلّى رد الفعل الطبيعي بعد 24 إلى 48 ساعة من التمرين في ظهور آلام العضلات المتأخّرة. وعادةً ما يأتي الشعور بهذا على شكل ثقل وتيبّس وألم يمكن أن يختلف في الموقع حسب العضلات التي تم تدريبها أثناء التمرين. ويرتبط الشفاء بقدرة الجسم على التعافي، ولكن الألم يستمر عادةً من يوم إلى اثنين. لكن إذا استمرت الأعراض لأكثر من 4 أيام، يكون ذلك مؤشراً على حدوث الإصابة. ويجب ألا يشعر الشخص بالألم أثناء التمرين، لأن هذا دليل على الإفراط في التمرين أو الإصابة".

وتشير جورجينا إلى أن التعافي أمر أساسي للحفاظ على كفاءة الأداء البدني، إذ يمكن هذا التعافي أن يكون عبر أخذ قسط من الراحة، أو حتى بإضافة نشاط رياضي أقل حدّةً. كما تلعب أنماط الغذاء والنوم دوراً في الوصول إلى التعافي المطلوب.


التمرين وفق الحدود البدنية

توصي جورجينا باعتماد منهجية من أربعة معايير ليتمرّن الأشخاص وفقاً لقدرتهم البدنية:

1. الوتيرة: بالنسبة إلى الأشخاص النشيطين بدنياً، يمكن ممارسة التمارين من 3 إلى 4 مرات أسبوعياً.

2. الشدّة: يمكن أن يتم ذلك بحساب معدل ضربات القلب التدريبية الخاصة بتمارين اللياقة. وبالنسبة إلى تدريبات القوة، يمكن حساب النسبة المئوية للحد الأقصى للوزن الذي تم رفعه لتوجيه التدريب وإعداد الشدّة.

3. الوقت: يُفترض أن تستغرق جلسة التمرين بين 20 إلى 30 دقيقة. فتخطي 20 دقيقة من تمارين اللياقة يعدّ أمراً إيجابياً في حال الرغبة بخسارة الوزن، في حين ينبغي أن تتضمن رياضات تقوية العضلات 5 تمارين، 3 مجموعات لكل منها، مع 10 تكرارات لكل مجموعة.

4. النوع: طبيعة التمرين، مثل السباحة أو الجري أو الدرّاجة الهوائية أو تمارين الآيروبيك أو الرقص.

وعموماً، يوصى بممارسة نشاط رياضي متوسط الشدّة لمدة 150 دقيقة في الأسبوع.


الإفراط في التمرين

توضح جورجينا برومويل أن الإفراط في التمرين هو تجاوز الحدود البدنية، وبالتالي إلقاء ضغوطات على الجسم من دون الحصول على الراحة الكافية. ويمكن ذلك أن يسبب مشاكل صحية كبيرة. وتتضمن أعراض الإفراط في التمرين فقدان الطاقة، والأرق، وزيادة الوزن، والأمراض المزمنة مثل نزلات البرد أو الالتهابات، وتراجع القدرة على التحمّل، والتعب، وتدهور الحالة النفسية، واضطرابات الدورة الشهرية لدى النساء. من الضروري الحصول على قسطٍ كافٍ من الراحة للتعافي والحفاظ على نمط حياة نشط على المدى الطويل.

يُعدّ التعافي وتنويع التمارين وممارسة الرياضة وفقاً للحدود البدنية عناصر أساسية يجب إدخالها في نظام اللياقة البدنية الصحي. ويشكّل النشاط البدني أحد جوانب أنماط الحياة الصحية، لذلك من المهم إدخاله في نمط الحياة العام. إلا أن ممارسة هذا النشاط بحرص ووعي ووفقاً لإرشادات الخبراء أمر مهم للتمتع بالصحة والنشاط والعافية، والوقاية من التعرّض للإصابة.