شاليه من كيلي هوبن... التقاء البرد بالدفء تحت سقف خشبي

باريس - نجاة شحادة 11 فبراير 2024

مثلما يصعُب التعامل مع تعريف واحد للأناقة في أعمال كيلي هوبن، يصعُب كذلك رصد معايير محدّدة للجمال. هذا الشاليه الذي يقع في Champagny-En-Vanoise أكثر المناطق الفرنسية جاذبيةً بثلوجها المتراكمة، هو أفضل مثال على ما نقول.


فعلى مساحة تزيد عن 400 متر مربع، استطاعت كيلي هوبن أن تؤهّل هذا الشاليه وتجعله مكاناً أنيقاً ومريحاً، يوفر أقصى درجات الرفاهية لـ 16 شخصاً. بالطبع كان الأمر يتطلب تجديداً شاملاً لهذا الهيكل الخشبي الداكن بألواحه الرأسية والأفقية، ذي الهندسة المعمارية الحديثة، حتى في أدق تفاصيله. ولأنه يقع في إطار طبيعي رائع، كان لا بد من استثمار هذا الموقع الآسر، لذا حرصت كيلي على أن تدمج الخارج مع الداخل للتمتّع بسحر الطبيعة.


عند الدخول من الباب القديم، أول ما نلاحظه هو الإبقاء على هذا الباب نظراً لمتانته، والحفاظ على جزء من بلاط الأرضية البديع، بينما تم تلبيس باقي الأرضيات بالخشب الرمادي الداكن، والذي يتناغم ليس مع الهيكل المعماري للمكان فحسب، ولكن مع الألوان التي اختارتها هوبن لمجمل الفضاءات... ألوان تتراوح بين الأسود والرمادي الفاتح وما بينهما من درجات لونية تدخل في خانة الحياد. ومثل هذا الاختيار يملي الكثير من الشروط على خيارات الأثاث والأكسسوارات والأقمشة، كما يستدعي التنبّه الى أحجام قطع الأثاث وأشكالها وخطوطها، وهذا ما برعت به كيلي في معالجتها للفضاءات والأمكنة. ولعل أكثر ما يلفت النظر ويحيلنا الى البراعة والخبرة في التعامل مع روح الأمكنة، هو احتفاظ كيلي هوبن بقسم من بلاط المدخل القديم واستخدامه في أرضية المطبخ، مما خلق نوعاً من المحاكاة المدهشة في عملية الدمج بين الحديث والقديم.


وكان لاختيار أقمشة الكتّان تأثير كبير في فضاءات المساحات المتعددة لهذا الشاليه، حيث أضفت أجواء من الخفّة والرحابة المؤكدة ليس فقط على أثاث الصالون بقطعه ذات الأحجام المريحة حول مدفأة أنيقة، وإنما على معظم جلسات الشاليه المتعددة. لم تتوانَ كيلي عن زرع بعض القطع الممهورة بملامس الدفء والحميمية في عدد من الزوايا والأركان، وتوّجت هذا التوزيع اللافت فوق كراسي طاولة الطعام الكبيرة والتي تعكس روح الضيافة والكرم بتلك الأغطية الصوفية من جلود الأغنام.


ولكي تمنح كيلي الفرصة لكل شاغلي المكان بالتمتع بأجواء الداخل، عملت على تنويع الجلسات ووظائفها، فجعلت للصالون أركاناً جانبية هي عبارة عن جلسات متصلة ومنفصلة في الوقت نفسه عن صدر الصالون، ولكنها تستفيد من وجود المدفأة وأيضاً من الإطلالات البديعة على المدى الخارجي.


ولا بد من الإشارة الى النوافذ والأبواب الكبيرة التي تشكل نقاط التقاء الداخل بالخارج، أو على الأصح التقاء البرد بالدفء، وتوفر مصدر إضاءة طبيعية، بالإضافة الى كونها مطلاّت فارعة تزيد من فرص التمتع بالخارج، حيث يطل الشاليه من جهة على الجبال المغطّاة بالثلوج، ومن جهة ثانية يُشرف على القرى والمساحات الممتدة حتى Courchevel حيث يمكن التمتع بمشاهدة الألعاب النارية الخاصة بالأعياد من معظم أركان الشاليه. والحديث عن الواجهات الزجاجية كمصدر للإضاءة الطبيعية، لا يمكن أن يقودنا لإهمال الحديث عن الإضاءة التي اعتمدتها كيلي هوبن في هذا الشاليه الذي توزعت على جنباته عناصر إضاءة رائعة، دقيقة في اختيارها، وتعيين مواقعها لتشارك في رفد الداخل بالحيوية والدفء. والحقيقة أن هذه العناصر تبدو بدورها كأنها مُدمجة مع كل عناصر الأثاث والأكسسوارات، ولكنها أكثر مشاركةً في الحضور اللافت عبر عناصرها في الصالون أو فوق طاولة الطعام وأيضاً على السرير الوثير في غرفة النوم الرئيسة.