مؤثّرات عربيات يحفّزن الجميع على حُبّ الذات الإيجابي

فرح جهمي 03 مارس 2024

مع انتشار ظاهرة التنمّر وأيقونية مشاهير السوشيال ميديا التي تؤثر في المتابعين من مختلف الأعمار، وتخلق لديهم حالات تشبه عقدة نقص وعدم امتنان، تبرز في المقابل ظاهرة أخرى تشجّع على حُبّ الذات (Self Love) من خلال إعطاء سعادتك الشخصية وأفكارك ومشاعرك ورفاهيتك، الأولوية في حياتك. وينطوي هذا المفهوم على قبول نفسك كما أنت، بما في ذلك نقاط ضعفك ونقاط قوّتك، والسعي لاتخاذ قرارات وخيارات حاسمة تدعم صحتك الجسدية والنفسية والعاطفية. وبالفعل تمكّنت نساء كثيرات في الوطن العربي من أن يصبحن مؤثرات حقيقيات من خلال تجاربهن الصعبة وطريقة مواجهتهن لهذه المشاكل بقوة وعزيمة، ونجحن في النهاية بالوصول إلى مبتغاهن وبتن مرجعاً ونموذجاً لإرادة التغيير وقبول الاختلاف وتحمّل المصاعب.


لوجينا صلاح: الجمال الحقيقي يكمن في الداخل

تحت شعار "الجمال الحقيقي يكمن في الداخل"، تمكنت لوجينا صلاح من أن تصبح من أهم المؤثرات في الوطن العربي بسبب قدرتها على التعايش مع مرض البهاق والتعامل مع البقع البيضاء التي تغزو وجهها وجسمها كمَعلم آخر من معالم الجمال.

فبفضل حبّها لذاتها، تخلّت الشابة المصرية عن دمج الألوان لإخفاء فرق اللون في وجهها، وتؤكد أن "المكياج ليس هو الحل، ولكن العلاج يكمن في أن يتقبّل الشخص شكله، ويتصالح مع نفسه، فالبهاق مجرد لون، والعامل النفسي يزيد المرض أو يخفّف منه". ومن هنا تخطّت الشابة نظرات الاستغراب والتنمّر في طفولتها، وتعاملت هي وعائلتها مع مرض البهاق بوعيّ وذكاء، فباتت مقدّمة برامج تلفزيونية ومن أهم الوجوه المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ومن خلال تجربتها، تنصح لوجينا صلاح الجميع وخاصة المصابين بالبهاق بأن يثقوا بأنفسهم، وتقول: "نحن مَن نمنح الجمال لمظهرنا الخارجي بجمالنا الداخلي، وتصالحنا مع أنفسنا وحبّنا لها واقتناعنا بأننا بخير".


نتالي بسمة: نموذج للإرادة والقوة

مع ازدياد الطلب على عمليات التجميل والصورة النمطية لشكل السيدات وأوزانهن، برز اسم نتالي بسمة اخصائية التغذية التي أحدثت ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي بفضل تجربتها المذهلة في خسارة الوزن الزائد، بعدما استطاعت أن تفقد أكثر من 100 كيلوغرام من وزنها وتغيّر في عاداتها الغذائية ونمط حياتها. وبالفعل تحوّلت الشابة اللبنانية بفضل تجربتها المُلهمة إلى مدرّبة على نمط الحياة الأفضل، وأصبحت من المناضلات في الترويج للحياة الصحية وواحدة من أشهر خبراء التغذية، حيث تقدّم عبر السوشيال ميديا النصائح والمساعدة لفقدان الوزن الزائد مع وصفات للطعام الصحي.

وتحت شعار "غيّري حياتك مع نتالي"، تقدّم خبيرة التغذية اللبنانية نصيحة الى كل مَن تعاني السُّمنة وتقول: "كوني قوية وكوني لنفسك كل شيء. أحبّي نفسك في كل مرحلة من مراحل إنقاص الوزن حتى لو استغرق الأمر 10 سنوات. الخطوة الأولى لكل شيء هي أن تقولي لنفسك أنا أستطيع، ثم المثابرة لتحقيق الهدف، ولا تقارني نفسك بأحد ولا تستمعي لكلام الناس. الأهم أن تكوني مرتاحة وواثقة من نفسك".


زينب العقابي: الحياة لا تتوقف عند أي إعاقة

ومن الوجوه المهمة، برز في السنوات القليلة الماضية اسم زينب العقابي كنموذج مُلهِم للملايين على وسائل التواصل الاجتماعي. فرغم الإصابة البليغة التي تعرّضت لها في سنّ السابعة، وفقدت على أثرها إحدى ساقيها نتيجة انفجار قنبلة من مخلّفات الحرب في العراق، تمكّنت زينب من مواصلة حياتها وكافحت لنيل شهادة جامعية في مجال الصيدلة. وتأخذ الشابة العراقية على عاتقها قضية الدفاع عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وباتت وجهاً بارزاً في مجال التوعية المجتمعية كمتحدثة تحفيزية لحضّ الناس على حبّ الذات، وإلهام متابعيها لتخطّي الحياة المليئة بالتحدّيات الجسدية والنفسية والتعامل معها بذكاء وجرأة. وتردّد الشابة العراقية دائماً مقولة أن "الحياة لا تتوقف عند حصول إعاقة، بل المهم هو التفكير بإيجابية، وطرد السلبية كلما واجه المرء تحدّياً جسدياً أو معنوياً. وسرّ نجاح ذلك يكمن في طريقة تفكيرنا. فكلما كنّا أكثر تسامحاً وتقبّلاً للذات، استطعنا إيجاد الحلول لكل المشاكل التي تعترضنا". وتؤكد زينب العقابي أن "حبّ الذات هو رحلة طويلة، يمكن أن تبدأ في سنّ مبكرة وترافقنا مدى العمر، وعلينا التعاطي بطريقة إيجابية مع أنفسنا، وجوهر الحكاية يكمن في معرفة الذات، وتقدير مزاياها وإيجابياتها والعمل على تطويرها، والتعرّف في المقابل على النقاط السلبية ومحاولة تحسينها، فالإنسان يحب دوماً أن يرى نفسه يتطوّر ويتقدّم، ولا يمكن أن يتحقق ذلك من دون حُبّ الذات". وتتحدث زينب العقابي مع متابعيها على السوشيال ميديا دوماً عن حب الذات وتنشر صورها بثقة كاملة بساقها الحديدية وتتكلم عن الثقة بالنفس وكيفية صقل الذات واحترامها، فتقول: "كلما احترم الشخص نفسه وأَحبّ ذاته، لن يسمح للآخرين بالتقليل من قيمته أو معاملته بطريقة لا تليق به".


تريسي هرموش: لا تتوقّف عن تعلّم المزيد

هذا ما ينطبق على الرياضية تريسي هرموش، التي تستغل السوشيال ميديا للحديث عن الصحة واللياقة البدنية، وباتت شخصية مؤثرة في هذين المجالين، حيث توثّق حياتها الشخصية والمهنية، وتنشر مقاطع فيديو تحفيزية للتمارين الرياضية وحضّ الشباب على تغيير حياتهم، وأنشأت شركتها Untraceable عام 2018. وبدأت رحلتها لتوثيق نشاطها في اللياقة البدنية عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وأطلقت تطبيق اللياقة البدنية والعافية الخاص بها.

وتحت شعار keep learning keep growing "واصل التعلّم وواصل النمو"، توجّه تريسي نصائح الى الجميع بضرورة الاهتمام بالذات، وتكرّر في رسائلها التحفيزية لتطوير الجسد والروح، القول: "كيف يمكنني أن أعطيك المزيد إذا توقفت عن التدرّب وتعلّم كل ما هو جديد؟ يمكنك أن تكون جيداً وأن تصبح الأفضل ولكن يجب أن تتواضع بما فيه الكفاية لتكون طالباً. ربما تمتلك الكثير من المعلومات ولكن يمكنك أن تتعلّم المزيد، إلا إذا كنت ترى نفسك الأفضل. ولكن هل أنت فعلاً الأفضل؟ لأنك إذا كنت كذلك في الحقيقة، لا يمكن أحداً أن يعلّمك أي شيء جديد، وهذا يمنعك من النمو والتقدّم. وبالتالي، هل تكون فعلاً على قيد الحياة؟ لأن هناك دائماً شيئاً تتعلّمه من شخص آخر يعرف أكثر منك أو مختلف عنك، والقوة الحقيقية تكمن في الشعور بالراحة التامة مع ذلك".

ونالت تريسي هرموش جائزة المرأة العربية لعام 2020 عن أكبر تأثير مجتمعي في صناعة اللياقة البدنية في كل أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي. وحصلت عام 2022 على جائزة Fitness Influencer في حفل توزيع جوائز MENA Content Creator.


الدكتورة شيرين بظان: والرعاية التكاملية الشاملة

وفي السياق نفسه، تتحدث شيرين بظان، الطبيبة المختصة في الرعاية التكاملية الشاملة، عن حبّ الذات وتحقيق التوازن والسعادة في الحياة. وقد برزت الدكتورة اللبنانية بسرعة في السنوات الأخيرة على السوشيال ميديا بفضل مقاطعها العلمية العفوية التي تشدّد فيها على أن "المطلوب أن يكون هناك وعيّ اجتماعي كافٍ حول تأثير الصحة الداخلية في حياتنا، لذلك يجب التفكير أكثر باستدامة الصحة والابتعاد عن الحلول السريعة الموقتة". وتوجّه الدكتورة شيرين بظان نصيحة الى السيدات لتحقيق التوازن بين الصحة النفسية والجسدية والروحية، فتقول: "اعرفي نفسك، اعرفي دورتك الشهرية وتأرجح هورموناتك. ابتعدي عن الأشخاص السيئين والذين يؤثرون سلباً في حياتك. واعرفي أيضاً العادات التي تُضرّ بصحتك وضعي خطة كاملة للتخلص منها". وتضيف: "الصحة المستدامة تزيد الثقة في النفس وتعزّز حب الحياة، ويتحقق ذلك من خلال تقديم علاجات وقائية عند الحاجة لمساعدة الإنسان على تحسين حالته الصحية من خلال المحافظة على عافيته، وكل المطلوب القيام ببعض المجهود للتخلّص من العادات السيئة التي تضرّ بالصحة النفسية والجسدية".