جورج خبّاز: عيّشت المسرح الشعبي...

ممثلة, المهرجان القومي للمسرح المصري, جورج خباز, الخيال, الجمهور, كارلوس عازار

03 مايو 2012

عاشر الناس وأخذ منهم هواجسهم ولغتهم وترجمها على المسرح من خلال كتاباته ونقله الواقع بطريقة مبسّطة وساخرة. عيّش المسرح الشعبي الموسمي كما يحبّ أن نسمّيه، وعزّز الثقة بينه وبين الجمهور اللبناني.
مزج بين جذوره الثقافيّة وحياته اليوميّة مستخدماً لغة الشعب في مسرحياته التي جمعت بين الواقع والخيال، واكتسح المسرح الكوميدي بامتياز منذ ثماني سنوات وحتى اليوم.
«الأول بالصف» هو عنوان المسرحية الثامنة للفنان الشامل جورج خباز، ويوجّه من خلالها صرخة ضدّ التفكك الأسري والإهمال والفوارق الطبقيّة وسيطرة النفوذ السياسي في قالب ترفيهي كوميدي.
سيّد المسرح الشعبي اللبناني جورج خبّاز في هذا الحوار...

- تقدّم اليوم مسرحيّتك الثامنة إخراجاً وتأليفاً وإنتاجاً وبطولةً وتلحيناً تحت عنوان «الأول بالصف»، ماذا تخبرنا عنها؟
«الأول بالصف» مسرحية من النوع الكوميدي الاجتماعي، وهي بمثابة صرخة ضد التفكك الأسري. تطرح مسألة الوجوديّة، وتتحدث عن التربية والأهل والأولاد والتفكك الأسري وعن الفوارق الطبقيّة.

- اعتبرتها قنبلة كوميدية ونقلة نوعية لمسرح جورج خباز، هل تحقق ذلك؟
بالتأكيد، فيمتدّ الضحك منذ بداية المسرحية وحتى نهايتها. المضمون مهذّب ومرتّب وخالٍ من الإبتذال واللعب على الغريزة الجنسية والسياسية.
في الوقت نفسه هناك محافظة على المقوّمات الفنية، فلا نتساهل ونعطي هذا النوع من المسرح المتكامل من حيث النص والتمثيل والإخراج والإضاءة والصوت والديكور والموسيقى حقّه وأكثر.

- ما الفرق بين المسرحية الأولى التي قدمتها و»الأول بالصف»؟ كيف تطوّر جورج خبّاز أداءً وكتابةً وإخراجاً؟
كبرت ثماني سنوات و»ضَبَنات مُخّي تغيرت» وكسبت النضج من خلال خبرات حياتيّة عشتها وقراءات ومطالعات نمّيت كتاباتي من خلالها.
كما أحرص على المحافظة على عفويتي وأن يشاركني هذا الطفل الموجود في داخلي الكتابة، فأستحضره في كل مرّة أكتب فيها لأنّه هو من يقرّب العمل من الناس، والدليل أن كل الأعمار والطبقات الفكرية تقصد المسرح لمشاهدة المسرحية.
فعندما أكتب «المثقّف يللي فيّ بيكتب والولد والأزعر والآدمي».

- أخبرنا عن انضمام سينتيا كرم إلى مسرحك، وهل من عودة لكارلوس عازار؟
أضع الأشخاص الذين يناسبون العمل أكثر من بناء فرقة، فتعمل معنا سينتيا للسنة الثانية على التوالي، وفي العمل المقبل إن وُجد دور يناسبها ستكون معنا أيضاً. سينتيا والفريق كلّه من طينة واحدة. حتّى الذين غادروا الفرقة أفتخر بأنّي تعاملت معهم وجميعهم ينتمون إلى «طينتنا».
وإن أحببت شخصاً وأخلاقه وموهبته، أكتب له الأدوار. أما كارلوس فهو فنان موهوب وله مستقبل كبير في الغناء، ومن المحتمل أن يعود إلى مسرحي في الأعمال المقبلة.

- كيف تقوّم موهبة شقيقتك لورا؟
لورا عظيمة.

- كنت من مؤسّسي المسرح اللبناني الشعبي، ماذا تريد لهذا المسرح؟
لم أؤسّس بل أنا من يعيّش هذا المسرح. هو موجود لكنّي عيّشته بعد الحرب وصالحته مع الجمهور، كوني «إبن الشارع» وإبن الناس، إبن الشارع بمعنى أنّي إبن الحياة. «ما بفهم بثقافة الأرض مثل الفلاّح، ولا بفهم بأنواع الناس ونفسيّاتها قد سائق التاكسي». فالثقافة ليست حكراً على أحد.
أحاول أن أخالط كل الناس. أنا أستاذ جامعي، أتعامل مع كل الناس من أساتذة إلى طلاب وسائقي التاكسي وآخذ منهم هواجسهم ولغتهم وأترجمها على المسرح، مما عزّز الثقة بين الجمهور اللبناني والمسرح الذي سمي الشعبي وأفتخر بتسميته، فالبعض يعتبرها شتيمة، ويجهلون أن الشعبي من كلمة «شعب» فالمثقّف والدكتور وكل الناس أليسوا من الشعب!
أطمح له بالإستمرار، فالنجاح أسهل بكثير من الإستمرار. أتصوّر أنّه قد ثبّت رجليه خلال السنوات الثمانية التي مرّت، لكنّي أتمنى أن أستمر ذهنيّاً وجسدياً كوني عنصراً أساسياً في هذا المسرح. وأطمح إلى أن يكبر هذا المسرح من حيث الإنتاج ومن حيث الرقعة.

- ما هو سر نجاحك؟ وما الذي يميّزك؟
أتيت من خلفيّة ثقافيّة لا بأس بها، ولم أتخلّ عن عفويتي وصدقي وعلاقتي بالناس، فمزجت بين جذوري الثقافيّة والحياتيّة اليومية على المسرح، مزجت الواقع مع الخيال واستخدمت لغة استطعت من خلالها استقطاب كمّ كبير من الناس الأوفياء لهذا المسرح.
فهذا هو المسرح الوحيد الذي يسجّل حوالي 130000 مشاهد في الموسم، والسبب هو الاجتهاد وتواصلنا مع الناس بشكلٍ راقٍ.

- هل تملك مفتاح الجمهور؟
ليس هناك مفتاح للجمهور، بل هناك لغة أجيدها لأنّي من الجمهور. حتّى الآن أحسن التواصل مع الناس.

- لماذا المسرح الاجتماعي الكوميدي وليس السياسي؟
لأن الخلل السياسي سببه خلل اجتماعي. فالطائفية مشكلة إنسانية تربوية اجتماعية مجتمعيّة وليست سياسيّة.

- من أثّر في جورج خبّاز من الممثلين الكوميديين؟ ومن هو الأفضل بنظرك؟
متأثر جداً بتشارلي شابلن وزياد الرحباني ودريد لحام ووودي آلن. كل كوميدي في العالم في وعيه أو لا وعيه، متأثّر بالعبقري تشارلي شابلن الذي ابتكرBlack Comedy أو ما يعرف بالكوميديا السوداء، وهو الأفضل بلا شك.

- مّن مِن الكوميديين اللبنانيين والعرب الحاليين يضحك جورج خبّاز؟
زياد الرحباني الذي يزيد إلى أرشيف الفن اللبناني في كل عمل يقدّمه أكان موسيقيّاً أو ومسرحيّاً، إضافة إلى الفنان دريد لحام.

- هل تفضّل أن يشبّهوك بتشارلي شابلن أو أن يشبّهوا الممثلين الجدد بك؟
أفتخر بتأثّراتي وتأثيراتي.

- ما هو سبب ندمك على العمل الدرامي «تقريباً قصة حب»؟
لست راضياً عن هذا المسلسل لأنّه ليس جيداً فلقد فقدنا المتعة في العمل، بعد أن اختلف المنتج مع المخرج ونفّذه أربعة مديري تصوير. الجو كان متوتراً و»كان بدنا نخلص ونفل».

- ماذا أضافت إليك برامج مثل «عبدو وعبدو» و»ساعة بالإذاعة» وغيرهما؟
هذه الأعمال كانت السبب في تعريف الناس على جورج خبّاز، فالتلفزيون جعل المشاهد يكتشف هذه الشخصية وما تقدّمه من مضمون، ومنه لحق بي الجمهور إلى المسرح. فالتلفزيون صاحب الفضل في تأسيسي لمسرحي الذي حلمت به منذ صغري.

- هل من عودة لجورج خبّاز إلى الشاشة الصغيرة؟
سأعود من خلال المسلسل الدرامي «قناع» كتابة جبران ضاهر وإخراج شارل شلالا، وهو من بطولتي إلى جانب كارمن لبّس وجورج شلهوب، وأجسّد فيه دوراً جديداً جداً عليّ وعلى المشاهد.

- ما هي ملامح هذه الشخصيّة؟
الشخصية مركّبة كوني أعاني من اضطرابات داخلية وهوس بزوجة صديقي، فأقوم بالمستحيل للوصول إليها بطريقة لائقة، وفي النهاية أنجح في ذلك.

- ماذا عن السينما؟
أحضّر لفيلم سينمائي بعنوان «غدي» مع شركة The Talkies العريقة في الإنتاجات الدعائية والوثائقية، والتي تخوض أولى تجاربها في الأفلام الطويلة.
الفيلم من إخراج أمين درة الذي أخرج الويب الدرامي Shankaboot «شنكبوت» الذي نال جائزة Emmy العالمية. وأعتقد أن هذا الثلاثي The Talkies وأمين درة وأنا سنعمل منعطفاً في ا لسينما اللبنانيّة».

- ما رأيك في فيلم نادين لبكي «وهلأ لوين»؟
الفيلم جميل جداً وأحيّي نادين على هذا العمل، فكل فيلم ينجح نجاحاً ساحقاً يتعرّض لانتقادات، لكن حرام تشويه هذه الرسالة الإنسانية بنقد.

- هل شعرت يوماً بأنّك تكرّر نفسك؟
الجمهور اللبناني ليس غبيّاً، فلو شعر بالتكرار لتركنا وذهب إلى مكان آخر. لكن البعض لا يجيدون التمييز بين التكرار والهوية. فهل كرّر تشارلي شابلن نفسه عندما ظهر في عشرات الأفلام بالشخصية نفسها؟!
ودور الرجل المهمّش الذي جسّده زياد الرحباني في مسرحياته، هل هذا تكرار أم هويّة؟! فهناك من يمضي حياته يبحث عن هوية ولا يجدها، أما أنا فوجدتها، والزمن كفيل أن يغربل كل شيء.

- ما هي طموحاتك الفنيّة؟
أطمح إلى نشر ثقافة لبنان الكوميديّة عالمياً مع الحفاظ على هويّتي اللبنانية، وأن أستمر بالمسرح. وبعد أن أسّست لمسرح جورج خبّاز، أطمح إلى تأسيس السينما الخاصة بي.

- تقول إنّ الشريك له دور أساسي في «تشريج» الفنان، هل من شريكة في حياتك؟
لا يمكنني العيش دون حب، وأسعى دائماً للارتباط لأنّي في حاجة إلى هذا التشريج العاطفي.