محمّد التركي عربيّ سعوديّ في هوليوود...

السينما السورية, هوليوود, مشاهير, الصحافة المغربية, قلق الأهل, محمد التركي

09 مايو 2012

محمّد التركيّ، التقيته مرّتين في نيويورك... منتج أفلام في هوليوود سعوديّ. سعوديّ؟ هل سمعته جيّداً؟؟ كان يحدّثني عن فيلم Arbitrage مع الممثّل Richard Gere وأيضاً Susan Sarandon... ولكنّه عربيّ.... كيف استطاع الوصول إلى قلب هوليوود؟ أخبرني عن أعماله ودراسته، ولكنّني فعلاً تفاجأت بعمره، فهو بغاية النضج والوعيّ.... والصراحة! ومن الواضح أنّه يقوم بعمله بشغف، وأراه على الطريق الصحيح لتحقيق النجاح والشهرة العالميّة.. ويبقى أكثر ما أحببت حديثه عن عائلته، وتعلّقه بها، بالرغم من كونه مستقلّاً... محمّد التركي، يحاول تغيير صورة العرب في الغرب، وخاصّة السعوديّين، ويعتبرها مسؤوليّة كبيرة... كما يحاول نشر الوعي في مجتمعاتنا عن المخاطر التي يواجهها شبابنا، أينما كانوا...


- أنت فقط في الخامسة والعشرين من عمرك.. كيف استطعت إنجاز كلّ هذه المشاريع التي قمت بها إلى اليوم؟ محاط بكلّ النجوم؟ فاجأتني حقّاً بعمرك! أخبرني كيف وصلت إلى هنا؟
دراستي كانت عن الأفلام، وكوني من الشرق الأوسط، كان للأفلام أهميّة خاصّة في حياتي، فكنت أشاهد الأفلام الأميركيّة كثيراً. وفي السعوديّة صالات السينما غير موجودة.
فكنّا نشاهد أفلام الفيديو، وننتظر أيّام العطلة، والأعياد لنسافر ونشاهد الأفلام في السينما.

- ما هو أكثر فيلم أثّر فيك وجعلك ترغب في خوض هذا المجال؟
لم يكن فيلماً واحداً. لقد أردت دائماً دخول هذا العالم حيث نجد انفصالاً بين الواقع والخيال، حيث يمكن أن ننسى كلّ شيء... نشاهد الفيلم، نستمتع به، وربّما نأخذ شيئاً منه. قد نكون تعلّمنا منه حكمة جديدة.
أفلام ديزني مثلاً، كانت تنقلني إلى عالم مختلف. أحبّ أيضاً فيلم Edward Scissorhands للمخرج Tim Burton، والأفلام الكلاسيكيّة مثل My Fair Lady و The Sound of Music... ثمّ في الجامعة عندما كنت أدرس في لندن، تعلّمت الكثير عن السينما الأوروبيّة والمكسيكيّة والإسبانيّة. السينما الإسبانيّة هي المفضّلة عندي.
في أفلام هوليوود ننسى الحقيقة، بينما الفيلم الإسبانيّ يصوّر الحقيقة والواقع. خذي المخرج Pedro Almodovar مثلاً، فهو فنّان، يرسم الأفلام.
تعجبني أعماله كثيراً، فهو لا يركّز على الجانب التجاريّ من الفيلم. من أفلامي المفضّلة أيضاً هذا العام فيلم The Skin I Live In مع الممثّل Antonio Banderas (لبيدرو المودوفار)، كما أحبّ الفيلم المكسيكي E Tu Mama Tambien (أمك أيضاً).

- كيف انتقلت إلى هوليوود؟
عندما أنهيت دراستي، قمت بما يقوم به عادة أيّ شابّ عربيّ، عدت إلى بلدي، وعملت مع عائلتي. شقيقتي تملك وكالةGymboree Play & Music في الشرق الأوسط، وشقيقتي الأخرى تدير شركة العائلة والمؤسّسات الخيريّة.
والدي كان رائعاً. قال لي يمكنك أن تعمل في قسم العلاقات العامّة، فعملت مع شقيقتي، وجمعنا كلّ أعمالنا تحت شركة واسم واحد.
وعملت كثيراً مع الإعلاميّين والصحافة. عندما أنهينا هذا المشروع، التقيت بصديقتي من لندن، زينة درّه، كانت تعمل على فيلم كتبته وسألتني إن كنت أرغب بالعمل معها.
أخذت عطلة صغيرة من شركة والدي، ثمّ وجدت نفسي فجأة في مهرجان الأفلام Sundance، حيث تمّ اختيار فيلمنا وحصلنا على الكثير من التقدير لعملنا، ومنذ ذلك الوقت، بدأ المشوار وأقوم اليوم بالمزيد من الأفلام.

- ولكن كيف وصلت إلى المشاهير بهذه السرعة؟
درست في لندن. لم تكن الجامعة الأفضل، ولكنّها لم تكن سيّئة. فكنت قد سمعت أنّ الدراسة فيها سهلة. درست إدارة الأعمال و Media Communications.
هذه الجامعة كانت مثل مدرسة لبرنامج Gossip Girl أو Clueless بما يتعلّق بالموضة فيها والترف والثراء.
صديقتي Noele Reno درست فيها أيضاً، واليوم هي مصمّمة أزياء مشهورة، تدعوني إلى عروضها وأدعوها لحضور العرض الأوّل لأفلامي.
العديد من أصدقائي كانوا من موناكو ولوس أنجليس. كان دائماً أحد أفراد عائلتهم له علاقة بالأفلام وهوليوود، وهكذا تعرّفت إلى الكثير من الممثّلين ومقدّمي البرامج.
ومن جهة أخرى، والدي يعمل على الكثير من الأعمال الخيريّة، ليست فقط سعوديّة وإنّما عالميّة أيضاً. فهو مثلاً يدعم مؤسسّة AMFAR للأبحاث عن مرض الإيدز، مع مادونا وشارون ستون، و Kenneth Cole والعديد غيرهم من المشاهير.
وفي العالم العربيّ عادة لا نتحدّث عن الأعمال الخيريّة، فهي خاصّة بنا، لا نقوم بها للدعاية. ولكن عندما دخلت مجال الأفلام، كان ضرورياً وجيّداً أن أكون موجوداً فيها، حتى مؤسّسة Elton John والمناسبات التي ينظّمها لمحاربة الإيدز .
في العالم العربيّ قد يكون هذا موضوع لا يخاض فيه، «تابو»، ولكنّه موجود!

- تعمل اليوم مع عدد كبير من الممثّلين المشهورين!
نعم، أنا حقّاً محظوظ... والدتي أتت معي إلى Sundance لحضور العرض الأوّل لفيلم Arbitrage الذي عملت عليه مؤخّراً، والتقت بالممثّل Richard Gere والممثلة Susan Sarandon... كانت سعيدة جدّاً.

- هل يمكنك أن تشرح لي قليلاً ما هو عملك بالضبط غير أن تجد المال لتمويل الأفلام؟
أوّلاً يجب أن أجد الموضوع أو المشروع الملائم.. عندما نجده، نبحث عن الممثّلين، من يناسب كلّ دور.
نحضّر المشروع بكامله مع السيناريو والقصّة، ثمّ نبحث عن المستثمرين. أقوم بجمع المال من الشرق الأوسط لاستثماره في الأفلام، من أبو ظبي والسعوديّة وقطر، فالسوق فيها كبيرة، وهناك اهتمام كبير من المستثمرين الذين يريدون خوض هذا المجال.
فهناك مثلاً شركة كبيرة في أبوظبي Image Nation، قامت باستثمار الأموال في أفلام كبيرة مثل فيلم The Help، وفيلم آخر مع Mel Gibson.
ثمّ نأخذ القروض من البنك، ونتعاقد مع شركات التأمين، نبحث عن مواقع التصوير، نجد فريق العمل.. كلّ فيلم مثل إطلاق شركة جديدة، نبنيها، وحتّى بعد إطلاقها تجديننا ما نزال نعمل عليها.. فبعد نهاية الفيلم هناك عمليّة التسويق والإعلانات... وبما أنّنا نعمل على أفلام مستقلّة، فيجب أيضاً أن نبيع الفيلم.
ومؤخّراً قمنا ببيع فيلم Arbitrage مع ضمان عرضه في 500 صالة في السينما الأميركيّة، كما بعناه في فرنسا وكندا وبريطانيا وألمانيا.

- ما هو أكثر ما تحبّه ضمن عملك؟
مشاهدة الفيلم بعد نهاية العمل عليه.

- والأصعب؟
الصبر عندما نكون في مكان التصوير... فلنقل أنّ لدينا 30 يوم لإنهاء التصوير، لن يكون لدينا أيّ يوم إضافيّ. كلّ يوم يكلّف الكثير من المال، ويجب أن نبقى ضمن ميزانيّة الفيلم، وأن نجعل الناس تحبّه. 

- هل من الصعب العمل مع المشاهير؟
لا، أبداً... كلّ من عملت معه إلى اليوم في غاية اللطف والتواضع. وأعتقد أنّ النجم الحقيقيّ هو الممثّل الذي يبقى متواضعاً ويقدّر ويحبّ عمله.

- هل هناك أيّ ممثّل أو مخرج عربيّ تقدّره أو تودّ العمل معه عن قريب؟
هناك مخرج من الإمارات، هو صديقي، علي مصطفى، عمل على فيلم City of Life. الفيلم بالعربيّ والإنكليزيّ والهنديّ، ويركّز على دبيّ ومن يعيش فيها. القصّة رائعة!
هناك شخص آخر أيضاً.. إمرأة من الشرق الأوسط تبهرني بموهبتها. التقيتها في كان، حين كنت مع صديقتي زينة، وسمعت الكثير عنها. وعرّفتني عليها... نادين لبكي! وقلت لها حينها أنّ فيلم «كاراميل» كان من أفلامي المفضّلة.
خسارة أنّها لم تربح الأوسكار، ولكنّها على الطريق الصحيح.

- ما هي الرسالة التي توّد إرسالها عبر أعمالك؟
فيلم Arbitrage، الذي أعمل عليه حاليّاً قصّته عن الرأسماليّة. يلعب Richard Gere فيه دور بليونير كبير لديه كلّ ما يتمنّاه، المال، ومركز جيّد في المجتمع، والزوجة والعشيقة.. ولكنّ عندما نخوض في حياته نجد أنّها ليست كاملة! فنراه متورّطاً بتبييض الأموال والاختلاس.. من الخارج تبدو حياته رائعة، ولكن الحقيقة أنّ السعادة التامّة غير موجودة.

- حاليّاً تعمل على مشروعين جديدين... أخبرني عنهما قليلاً...
هناك فيلم صوّرناه في Illinois، ولكن ليس لدينا الاسم بعد، مع Dennis Quaid و Zac Effron. زاك يحاول أن ينتقل في أفلامه الجديدة من أدوار المراهقة إلى أدوار أكثر دراما. فهو أيضاً في فيلم آخر مع Nicole Kidman، وأكيد سيحقّق نجاحاً كبيراً.
الفيلم الثاني الذي نعمل عليه أيضاً-Adult World، مع الممثّلة Emma Roberts و John Cusack. فهو عن فتاة تريد أن تصبح كاتبة، لكنّها تجد نفسها تعمل في مكتبة للراشدين.

- هل التقيت شخصيّاً بالممثلة Emma Roberts؟
نعم طبعاً... Emma ناعمة جدّاً ومتواضعة، وأعتقد أنّها لن تتغيّر... فهي كبرت مع عمّتها Julia Roberts.

- هل ترى أنّها تشبهها؟
نعم، تشبهها في ضحكتها.

- ما هو حلمك؟
العمل مع Steven Spielberg.... وهناك احتمال كبير أن يتمّ ذلك قريباً.. إن شاء الله! ولكن بصراحة أن أكون في هذا المجال، وقد أنهيت أربعة أفلام، حصلنا فيها على التوزيع... فهذا إنجاز.
من فترة، كان هناك لائحة على الإنترنت بأفضل الأفلام لعام 2012، وصدّقي أنّ ثلاثة أفلام من أفلامي كانت على اللائحة! فكان هناك فيلم Arbitrage، الفيلم الذي ليس له عنوان بعد، وفيلم The Amazing You، الذي لعبت فيه دوراً صغيراً مع Julianne Moore.

- أين تجد نفسك في المستقبل؟
أتمنّى أن يكون كلّ شيء على ما يرام. والأهمّ بالنسبة إلي هو دعم عائلتي، خاصّة في هذا المجال.
فوالدي يدعمني كثيراً، ويشجّعني دائماً... قد لا يقول لي مباشرة أنّه فخور بي، وإنمّا أصدقاؤه يقولون لي كيف «يطير فوق القمر فخراً».... وهذا طبعاً الأهمّ.

- كنّا نتحدّث عن الأعمال الخيريّة، أي من المشاريع قريبة على قلبك؟
والدي يهتمّ بمؤسّسات خيريّة مختلفة، لمحاربة مرض السرطان، والتبرّع بالأعضاء، وأمراض السكريّ، ومشروع الركض السعوديّ السنويّ الذي ننظّمه لمساعدة موضوع مختلف كلّ عام، مرّة كان ضدّ المخدّرات أو لمساعدة المشرّدين.
شخصّياً، أودّ تحقيق السلام في العالم! ولكن أيضاً Broken Homes، للمشرّدين، وكذلك أيّ مشروع يتعلّق بالعلم... فالأطفال كثير منهم ضحيّة في المجتمع، أريدهم أن يعبّروا عن آرائهم... أن يكون صوتهم مسموعاً... وهذا ممكن عبر الأفلام.
مؤخّراً، عملت مع Cinema For Peace، وقمنا بحفل الافتتاح أثناء حفل Golden Globes، وجمعنا 5 ملايين دولار في ساعتين تكريماً للممثّل Sean Penn وكلّ ما يقوم به لمساعدة هايتي.
وقد حضر الحفل كلّ من Richard Gere وGeorges Clooney، وJulia Roberts، وLeonardo di Caprio،
وSalma Hayek وOprah Winfrey التي وعدتنا بمضاعفة المبلغ الذي نجمعه. فكنّا قد جمعنا مليونين ونصف، وهي كما وعدت، ضاعفت المبلغ، وهكذا جمعنا خمسة ملايين!

- ما هو سبب توفيقك برأيك؟
صلوات والدتي ودعاؤها ورضى والديّ أكيد. في الشرق الأوسط، نؤمن بالعين والحسد والصلاة. لست إنساناً مثاليّاً، لديّ إيجابيّاتي وسلبيّاتي... عشت حياة «مسليّة» ورأيت الكثير منذ الصغر....

- ما هو أكثر ما يخيفك؟
في الجامعة، كان هناك الكثير من الكحول والمخدّرات. حتّى صديق قريب منّي مات بجرعة زائدة من المخدّرات. صديقي هذا لا يرى اليوم كيف تأثّرت عائلته بوفاته، ولكن هذا الصديق له أمّ وأب، عائلة حياتها تغيّرت وانقلبت.
صديقي هذا كان لبنانيّاً... فاختيار الأصدقاء هامّ جدّاً، عدم الوجود في مناسبات معيّنة ضروريّ أيضاً... عندما لا يشعر الولد أو البنت بالراحة وإن كانت لديهم المشاكل، فمن الضروريّ جدّاً أن يلجأوا إلى أهلهم. يجب أن نتعلّم أن نتحدّث مع أهلنا بدل أن نكتم في قلبنا.
خذي مثلاً ويتني هيوستن، موهبتها كانت رائعة! ماتت بسبب المخدّرات. أريد ان أعمل مع مؤسّسات توعي الشباب على مخاطر المخدّرات. فالمخدّرات ستكون موجودة دائماً، في الشرق الأوسط أو آسيا أو اميركا...

- ما هي نصيحتك إذاً للأهل؟
من الضروريّ جدّاً أن تكون عقليّة الأهل منفتحة. إن كان ولدكم موهوباً مثلاً، قوموا بتشجيعه، ادعموه معنويّاً، دعوه يحاول تحقيق أحلامه، وإن لم يتمكّن من تحقيقها ليس هناك أيّة خسارة.
في وضعي شخصيّاً، حاولت خوض مجال الأفلام، بدأت كتجربة... شجعّني أهلي للقيام باوّل فيلم معتقدين أنّه سيكون الأوّل والأخير... ولكنّني نجحت، وتعجّب أهلي لأننّي حقّقت مكاسب ماليّة من أفلامي أيضاً.

- هل عمرك يؤثّر عليك سلباً أو إيجاباً؟
صغر عمري إيجابيّ، فنحن الجيل الجديد...

- وكونك سعوديّاً؟
إيجابيّ أيضاً، لأنّ هوليوود اليوم تبحث عن التنوّع. فهناك أشخاص من مختلف البلدان، بما فيها الأقليّة! فهناك الأفريقيون، واللاتينيّون والإيرانيّون... عندما ألتقي بشخصيّات من هوليوود، في البداية لا يحزرون أنّني من الشرق الأوسط، وهذا لا يزعجهم أصلاً... ولكن كوني سعوديا يلعب ضدّي أحياناً... فعندما يعرفون أنّني سعوديّ، يفكّرون مباشرة بالنفط والثراء وأننّي مثلاً غير مثقّف.
ولكن عندما نبدأ بالحديث أفاجئهم عندما أتحدّث عن Fellini مثلاً... فنحن لدينا سينما عربيّة، لدينا السينما المصريّة وغيرها من الأفلام العربيّة.

- هل تحبّ التمثيل أيضاً؟
مثّلت في فيلم رعب واقعيّ... وأحصل على الكثير من العروض للتمثيل، فالممثّلون العرب مطلوبون في هوليوود اليوم. بعض الأدوار ستصوّر العربي كالرجل الشرير، وبعض الأفلام ستحاول أن تعطي صورة إيجابيّة عن العرب.
هناك فيلم قريب جدّاً عن المزارع في اليمن، من بطولة Kristin Scott Thomas و Ewan McGregor.

- أخيراً، نحن اليوم في قلب عاصمة الأزياء والعروض... ماذا عن أزيائك؟ ماذا تحبّ أن ترتدي؟
ذوقي في اللبس غال! أحبّ Tom Ford طبعاً، منذ كان يعمل في Gucci... واليوم افتتح محلّه الخاصّ، أحبّة كثيراً... المفضّل لديّ. أحبّه وأحبّ عطوره، منها و«العود»...