'المصابيح الزرق'...

سلاف فواخرجي, غسان مسعود , تولاي هارون, عمل سوري, فنان / فنانون سوريون, فنانة / فنانات سوريات, مسلسل, مسلسل سوري

20 يونيو 2012

«المصابيح الزرق» مسلسل درامي جديد يندرج ضمن إطار الأعمال الملحمية التي تحمل طابعاً تاريخياً واجتماعياً، تدور أحداثه في مدن الساحل السوري وريفه خلال فترة الحرب العالمية الثانية في أربعينات القرن الماضي، يقع في ثلاثين حلقة، ويعتبر أحد أضخم الأعمال الدرامية للموسم الرمضاني، كما يمكن تصنيفه ضمن إطار أعمال البيئة الساحلية.

يرصد العمل الحياة الاجتماعية السورية البسيطة التي تحمل كل معاني الإنسانية والحب والتضامن بين الناس بجميع أطيافهم وشرائحهم تحت وطأة الاحتلال الفرنسي، ويروي مجموعة قصص حول شخصيات عاشت في تلك الفترة التي كانت الحياة فيها ممزوجة بين الفرح والحزن، البؤس والتفاؤل.
المسلسل مأخوذ عن رواية للكاتب الكبير حنا مينه التي تحمل الاسم نفسه، والعمل من إخراج فهد ميري، عن نصّ وحوار الكاتب محمود عبد الكريم، وتصدت لإنتاجه المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي.
يؤدي شخصيات العمل عدد كبير من الفنانين، منهم: سلاف فواخرجي، غسان مسعود، أسعد فضة، ضحى الدبس، جهاد سعد، أندريه سكاف، محمد حداقي، زهير رمضان، سعد مينه، تولاي هارون، محمد الأحمد، رنا جمول، جرجس جبارة، بشار اسماعيل، سوسن أبو عفار، وضاح حلوم، مجد فضة، حسين عباس... إضافةً الى الطفلين نوّار الحلو وسيدرا الزول.

المخرج فهد ميري لإلقاء المزيد من الأضواء على العمل كان لنا بداية هذا اللقاء مع المخرج فهد ميري:

- المسلسل مأخوذ عن رواية للكاتب حنا مينه، فإلى أي مدى كنت أميناً للنص الأدبي الأصلي للرواية؟
لا يمكننا القول إن الرواية هي نفسها المسلسل لأن مدتها أصلاً ساعة ونصف الساعة بينما المسلسل يتألف من ثلاثين حلقة، وبالتالي لا يمكن المقارنة بينهما، لا بل بعد أن تحولت الرواية إلى سيناريو باتت شيئاً آخر.
ولكن يمكن القول إن السيناريو من روح هذه الراوية وهو امتداد لها ولعوالمها، والرواية موجودة في المسلسل.

- أين تكمن خصوصية المسلسل؟
«المصابيح الزرق» عمل ملحمي يحكي عن إصرار الشعب وتلاحمه لنيل استقلاله وطرد المستعمر الفرنسي، تجري أحداثه في أربعينات القرن الماضي على خلفية الحرب العالمية الثانية في المنطقة الساحلية.
لم نأخذ الجانب الوطني فقط وإنما تناولنا الجانب الإنساني، فهناك أشخاص من لحم ودم، وعلاقات اجتماعية جميلة وبسيطة رغم الفقر والاستبداد والعسكر الفرنسي، فقد استطاع الناس أن يبنوا علاقات جميلة وأن يفرحوا، فأُنشئت الخلفية الأساسية لهذه العلاقات ليكوّنوا في ما بعد علاقات نبيلة توظَّف في طرد المستعمر.
وبما أننا نحكي عن حنا مينه فنحن نحكي عن بحر ستكون له فسحة كبيرة في العمل لإلقاء الضوء على عوالم الناس البسطاء الممزوجة لقمتهم بالدم والقهر، وهناك أيضاً علاقات حب ولكنها تنكسر بين فتاة ريفية تعمل في «الريجي» وشاب اختبر السجن ليصبحا ضحية هذا الاستعمار.
إضافة الى ذلك هناك الكثير من المحاور الأخرى في العمل.

- البحر ليس شكلاً فقط وإنما طبيعة شخصيات ومنطق وآلية تفكير... فهل سنرى هذه التفاصيل على الشاشة؟ إلى أي مدى البحر حاضر بهذا المعنى في المسلسل؟
لن يكون البحر مجرد صورة وإنما هناك أشخاص هم امتداد لهذا العالم يعيشون في هذه المنطقة ولديهم أعمالهم وحياتهم وعلاقاتهم التي تتفاعل، فكل شخص له حكايته وعالمه، هذا كله موجود ضمن نسيج العمل الذي أشبهه بلوحة فسيفسائية .

- ألا يؤدي ازدحام المحاور الدرامية إلى تشتت المشاهد؟
إنه عمل ملحمي يضم مئتي شخصية ومن خلاله يتم إلقاء الضوء على جوانب كثيرة من المجتمع ومن ضمنها الريف وتفاعله مع المدينة، وبالتالي نقدم ما هو أشبه بالبانوراما عن المنطقة بعاداتها وحكاياتها ومآسيها وأفراحها. ورغم ذلك لن يشعر المشاهد بالملل لأنه سيجد حكايات منفصلة وتكثيفاً للحالات الانسانية والاجتماعية.
والعمل يقدم شخصيات من لحم ودم بُنيت وفق علاقاتها الانسانية النبيلة وتلاحمها وفرحها وألقها وبساطتها ضمن إطار الحب والشعور بالآخر، مما أوجد علاقات جميلة لها عوالمها التي تم توظيفها في ما بعد في المنحى الوطني وطرد المستعمر، إضافة إلى أن هناك خطوطاً واضحة ومتداخلة، وهناك شخصيات أخرى مثل الانتهازي الذي يمكن أن يخون والمتعامل مع الاستعمار.

- كيف تم تناول شخصية البطل الشعبي التي تميزت بها روايات حنا مينه؟ هل ستقدمه كما قدمه مسلسل «باب حارة»؟
مع احترامي لكل الأعمال، نحن بعيدون عن «باب الحارة» وأكثر منطقية منه لأننا نحكي عن حياة وإنسان من لحم ودم لم يأت من خيال وإنما يعيش بيننا ويتفاعل مع الناس ويجلس مع البسطاء، ولم نقدمه على أنه الشخص الخارق وإنما هو من نسيج الشخصيات وإمكاناتهم المادية والروحية.
والبطل الشعبي هنا يعيش ملحمة، وهو موجود في السوق ويعرف كل ما يجري حوله ويملك حسا وطنيا عاليا فيحضر فجأة في أي حالة أو حدث قد يمس كرامة الشعب والوطن، وبالتالي تم تناوله من منظور إنساني ووطني.

- هل وجدت صعوبة في انتقاء أماكن تصوير تحقق المصداقية المطلوبة لزمن الأحداث (أربعينات القرن الماضي)؟
بما أن المسلسل يتناول بيئة ساحلية في الأربعينات كانت الخيارات المتاحة أمامنا محدودة جداً، وبالتالي واجهتنا بعض الصعاب.
ولكن البحر هو البحر وكذلك الشاطئ، وهناك مجموعة من الأماكن والأحياء التي استعضنا بشوارع صافيتا الشبيهة بها والتي حولنا شوارعها الحجرية إلى سوق تجاري يحاكي اللاذقية في تلك المرحلة.
واستعنّا بسوق في طرطوس ما زال على حالته، كما تم التصوير في دمشق واللاذقية وبانياس وريف الساحل السوري عامة، وتمت عملية مونتاج لهذه الأماكن لتظهر على أنها في الأربعينات بحيث غيّرنا في الأماكن واستعنا بديكورات صممت لتجعلها تنطق بأحداث جرت خلال الحرب العالمية الثانية.

- غالباً ما يكون ثمة إنحياز الى جماليات الطبيعة في الأعمال التي تصور ضمن بيئة معينة، فكيف يمكن المواءمة بين تلك الجماليات وتوظيفها درامياً في سياق العمل؟
إذا لم توظَّف الجماليات بشكل صحيح فلا مكان لها، ونحن هنا نقدم عملاً بيئاً ملحمياً، وتكمن الجمالية في تقديم البيئة والشخصيات بصدق، فعلى سبيل المثال عندما نصور الناس البسطاء فهم يشكلون جمالية إن قدمتهم بشكل عفوي ومنطقي، وتحقيق ذلك ليس بالأمر السهل.

- قلت إن كاميرا العمل تُقارب السينما، بأي معنى؟
المقاربة سينمائية من حيث شكل الصورة والروح واختزال الحالة، فليس هناك من إطالات في الخطوط الدرامية ولجأنا الى الاختزال والتكثيف، إضافة الى الاهتمام بالشكل العام فهناك حالة الممثل والشخصية، ووظيفة المشهد والهدف منه. فإذا كان لا يضيف معنى ذلك أننا لسنا في حاجة إليه له نهائياً، وضمن هذا المنطلق تتشكل لدينا صورة سلسة من حيث الشكل والمضمون.

- إلى أي مدى تُكبّل الرواية المخرج بأحداث وشخصيات وأماكن، فيصبح أسيراً لها أثناء التصوير؟
الرواية لا تحجّمك ضمن إطار معين وإنما تمنحك أفقاً أكثر رحابة، وتمدك الفكرة التي تنطلق منها لتسرح بها وتشتغل عليها، وتكمن أهميتها في أنها تضعك في الأجواء والعوالم التي ستتناولها في المسلسل، ومما لا شك فيه أنها عامل محرّض للمخرج.

- ما رهانك على نجاح عملك خاصة أن غالبية الأعمال التي أُخِذت عن أصل أدبي جاءت في مرتبة أدنى منه؟
عديدة هي التجارب العربية والعالمية التي أُخذت عن روايات، والتي يرى البعض أنها تجارب خاسرة، ولكننا نقدم عملاً تلفزيونياً مؤلفاً من ثلاثين حلقة وليس فيلماً سينمائياً، وإن كانت الكاميرا هنا تقارب السينما بشكل أو بآخر، ولكن الرواية تعتبر لحظة اختزال وهي أقرب الى السينما بينما التلفزيون هو ليس كذلك.
مما لا شك فيه أنه عندما كتب سيناريو المسلسل وُضعت امتدادات للشخصيات من روح الشخصيات الموجودة في الرواية نفسها وأصبح لها حكايات وقصص ووضعت ضمن البيئة الاجتماعية الحاضنة لها.

- إلى أية درجة كان للجهة المُنتجة (للمؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والاذاعي) دور في انتقاء الممثلين والفنيين للمسلسل؟ وكيف تصف التعامل معها بشكل عام مقارنة بشركات الإنتاج التابعة للقطاع الخاص؟
ليس هناك ما هو مفروض في التعامل معها ولكن كانت هناك شراكة حقيقية بيننا، وقد قمت بعملية الانتقاء بالاستشارة مع المؤسسة، فهناك وجهة نظر نطرحها وتتم مناقشتها والرأي المُقنع للجميع يُؤخذ به في النهاية.
عموماً أرى أن المؤسسة العامة للإنتاج مؤسسة وطنية بامتياز، لا بل إنها الحل الأمثل للدراما السورية وللدراميين وللفنيين، فهي الحاضن للدراما السورية وأنا أدعو لأن تكون كذلك.

الفنان غسان مسعود: اثنا عشر عاماً هي المدة التي انقطع خلالها الفنان غسان مسعود عن العمل في المسلسلات التي يُنتجها القطاع العام بسبب «الخلاف حول آلية العمل وأجور الفنانين وطريقة تقديم الممثل»، لكنه يعود اليوم لتأدية دور البطولة مع الفنانة سلاف فواخرجي في «المصابيح الزرق» من خلال شخصية البطل الشعبي محمد الحلبي. يقول:
«أتمنى، وأتوقع، أن تساهم مؤسسة الانتاج بقيادة مديرها الصديق المخرج فراس دهني بعودة الفنانين الى بيتهم الذي ولدت فيه الدراما أساساً، لذا آمل أن تكون عودتي من خلال هذا العمل موفقة».
ويضيف: «يفرحني أن تدخل مؤسسة الإنتاج الساحة الفنية بقوة وتكون منافساً حقيقياً للقطاع الخاص من جهة آلية العمل وكيفية التعامل مع الفنانين وربما أجورهم».
أما عن شخصية محمد الحلبي التي يؤديها في المسلسل فيؤكد أنه سبق أن قرأ الرواية منذ وقت بعيد ورغب في تجسيد هذه الشخصية بالذات. والمفارقة أنه بعد مرور هذا الوقت كله يقوم اليوم بتأديتها فعلاً، ويتحدث عن دوره قائلاً: «عمل لروائي كبير كالكاتب حنا مينة لا يحتاج إلى تزكية من أحد.
وأعتقد أن الشخصية غير مطروقة، وبالتالي هناك مناخ آخر ومزاج آخر، فعلى المستوى القيمي الشخصية تشبه البطل الشعبي بطريقته الشعبية الخاصة، وفيها على المستوى التمثيلي ما يغريني كفنان».

الفنانة سلاف فواخرجي: تؤدي الفنانة سلاف فواخرجي دور البطولة في العمل وتجسد فيه شخصية رندة، وهي فتاة ريفية بسيطة رومانسية للغاية، تعيش قصة حب مميزة وشفافة مع رجل أحلامها كما تعيش حبها لبلدها بحسها الوطني العالي، فيصبح حب الوطن لديها يعادل حب الحبيب، وبقدر ما تخاف على فارس تخاف على وطنها. تتحدث فواخرجي عن العمل قائلة:
«يقدم العمل بيئة بسيطة وجميلة. والبساطة هنا تعادل الجمال. وهو يتحدث عن فترة الاحتلال الفرنسي لسورية حيث تجري أحداثه في مدينة اللاذقية وريفها، ويروي بمضمونه العام قصص الحب والحياة والسياسة، وعندما يسكن الحب قلوبنا من الصعب أن يتجزأ».

الفنان زهير رمضان: «سبق لأبي مرزوق أن باع كل ما يملك في فترة شبابه وسافر إلى الأرجنتين مهاجراً، ولكنه ما لبث أن عاد إلى بلاده بعد فترة لأنه لم يوفّق بعمل جيد هناك، ولذلك يقوم دائماً باسترجاع الماضي عبر فتح دفاتره القديمة ليسرد أمام سكان الخان حكايات خيالية ومبالغاً فيها كثيراً عما حدث معه في الغربة، ومن بينها قصصه الغرامية التي أقامها مع حوريات البحر».

الفنانة تولاي هارون : «امرأة بسيطة وضعها المعيشي سيئ جداً، تعاني مرض الروماتيزم الذي يتفاقم تدريجاً كونها تقطن مع زوجها في غرفة قُدمت اليهما كمعونة، رطبة جداً، وغير صحية على الاطلاق. وتعاني هذه الشخصية كثيراً في حياتها وتتمنى أن تعود الى مدينتها التي تربّت فيها لتدفن هناك، فذلك برأيها أفضل من غرفتها التي تشبه القبر».
أما عن تعاونها مع مؤسسة الإنتاج فتقول: «شعرت بالسعادة لأن المؤسسة بدأت بإنتاجاتها قبل كل شركات الانتاج الخاصة. وهذه المرة الأولى التي أشارك فيها بعمل مع المخرج فهد ميري، وأتمنى أن يثمر هذا التعاون ويترك انطباعاً جميلاً».

الفنان اندريه سكاف: أؤدي شخصية عازار الكندرجي، وهو من سكان الخان، يصلح الأحذية ويسكن في غرفة بسيطة جداً ويعيش حالة من الفقر الشديد. فهذه البيئة الفقيرة تتميز بأناسها المليئين بالمشاعر والأحاسيس، وكلّ منهم هو نموذج من النماذج الموجودة في مجتمعنا في تلك الفترة التي يرصدها العمل، وما يجمعهم هو حبهم لبعضهم».

الفنانة رنا جمول: «أجسد في العمل دوراً محورياً عبر شخصية مريم السودا، وقد اشتهرت بلقب السودا بسبب لون بشرتها. وهي شخصية جديدة بالنسبة إلي تتميز بأنها امرأة قوية وسليطة اللسان، تؤمن بأن الحياة مستمرة رغم كل معاناتها. هي من سكان الخان ومتزوجة من رجل يلقَّب بالفحل ولكنه لا يملك من لقبه شيئاً»...