لما سعود: أصلحت بين زوجين عبر الأثير... وأرصد الفنانين بـ'الرادار'

مقابلة, مذيعة, إذاعة بانوراما, لما سعود

18 فبراير 2013

من يستمع إلى  المذيعة السعودية الشابة لما سعود في برنامجها اليومي «بانوراما كافيه» على إذاعة «بانوراما إف إم» لا يخال أبداً أن كل خبرتها في الإطلالة على المستمعين تبلغ عاماً واحداً فقط بدأته مع «ام بي سي»، وهو أمر ترده إلى أنها لا تتعمد أبداً سوى أن تكون مذيعة عفوية، تتحدث إلى المستمع بلهجتها النجدية وكأنه بالفعل واحد من أفراد أسرتها الصغيرة التي تستقر معها في دبي، لكنها تعترف بأن تلك العفوية التي اختصرت لها مشوار القبول لدى الآخر، سببت لها أيضاً مشكلات لا تحصى. حول حياتها وأفكارها، طموحاتها وهواجسها، والكثير من القضايا والتفاصيل إلتقتها «لها» في هذا الحوار.


- من النادر إسناد برنامج كامل إلى مذيعة حديثة الخبرة. كيف استطعت إقناع إدارة القناة بأن تتولي تقديم «بانوراما كافيه» رغم أنك لا تتمتعين بخبرة كافية؟
بالفعل كل خبرتي الإعلامية استقيتها من «إم بي سي»، وفي وقت قصير للغاية، بل أنني لا أخفي سراً إذا صرحت أن دراستي الجامعية هي في تخصص الترجمة من جامعة الملك  عبد العزيز في جدة، وليس الإعلام. لكنني كنت محظوظة بأنني صادفت إذاعيين لم يبخلوا عليّ بخبراتهم الغزيرة، مثل زياد حمزة وهدى الياسين اللذين منحاني طاقة إيجابية، بالإضافة إلى الإعلامي القدير صبري باجسير.


إطلالة فضائية

- الغريب أيضاً أنه في حين أن معظم زميلاتك في الإذاعة ينتظرن سنوات من أجل فرصة ربما لا تأتي للظهور على شاشة التلفزيون، ضمنت منذ البداية إطلالة سريعة عبر قناة «وناسة» الفضائية!
بالفعل، فالظهور على شاشة تابعة لمجموعة «إم بي سي» الإعلامية وهي قناة «وناسة» ، في هذه المرحلة المبكرة من مشواري الذي لا يزال في مستهله، هو خطوة أعتز بها كثيراً، لكن رغم ذلك فالطموح المهني، وخصوصاً مع التلفزيون، أبعد من هذا بكثير.

- وإلي أين يصل هذا الطموح؟
لا حدود له، ولكن بكل تأكيد يتجاوز الوضع الراهن، فأنا أظهر لدقائق معدودة عبر فقرة بعنوان «رادار الفنانين» تتعقب أخبار الوسط الفني، وهي فقرات مسجلة، تبث كل ساعة. لكني أطمح إلى برنامج اجتماعي مباشر، يقترب من قضايا الناس ورؤاهم وواقعهم بشكل أكبر... الممتع حالياً أنني أخرج من استوديو الإذاعة مباشرة إلى استوديو التصوير مباشرة، مروراً فقط بغرفة الماكياج، ويبقي في المقابل الجو النفسي خلف ميكرفون الأثير مختلفاً تماماً عنه أمام كاميرات التصوير.


غرام الإذاعة

- وأيهما الأنسب لك حالياً، الإذاعة أم التلفزيون؟
لا أزال غارقة في غرام الإذاعة، ولا يمكن أن أنكر فضلها، فهي معشوقتي الأولى التي جذبتني إلى مجال العمل الإعلامي، ولست مع من يرون أن العمل الإذاعي أسهل من نظيره التلفزيوني لأسباب كثيرةن منها أن المذيع يعمل من دون الكثير من الوسائل المساعدة التي يمكن أن تتوافر له إذا كان خلف شاشات التلفزيون، وأهمها الصورة التي توصف دائماً بأنها بـ»ألف كلمة»، فمذيع الإذاعة عليه أن يجتهد لتعويض سحر الصورة وأهميتها، وعليه في الوقت ذاته أن يبتعد عن أن يكون مملاً وثرثاراً أكثر مما يتطلبه الأمر.

- معروف عنك أنك لا تهدئين خلف ميكرفون الإذاعة؟
هذا صحيح، بل الأكثر من ذلك أنهم يصفونني حسب التعبير الدارج بأنني «بالعة راديو»، لكن حتى الإطالة والاستطراد في الحكي يجب أن يكونا دائماً بحساب، وبعيداً عن الملل، أو إرهاق أذن المستمع.

- يقولون إن حديث التجربة هو أكثر الأشخاص تأثراً بنقد الآخرين، إلى أي مدى أنت مهتمة بمراقبة آراء من ينتقدونك؟
بكل شغف أتطلع إلى سماع آراء الجميع، سواء من يمتدحني أو ينتقدني، ما دام الأمر بعيداً عن الإساءة الشخصية، فحياتي الخاصة «خط أحمر» لا أسمح بمجرد الاقتراب منه. أما كل انتقاد ما دام مهنياً، ويعبر عنه بأسلوب مقبول، فأهلا به، بل في الحقيقة أنا حريصة على سماع كل الأصوات حين تتحدث عن مدى نجاحي أو عدمه في ما أقوم به، وأكاد لا أسمع صوتي أو رأيي الذاتي هنا.


مرآة الجمهور

- تعليقات الجمهور كيف تصل إليك؟
بوسائل كثيرة أبرزها «الفيسبوك» و»تويتر»، وهي تثبت لي دائماً أن المستمعين لديهم حس إعلامي بالفطرة، ويلتفتون إلى أدق التفاصيل. والأهم أن الصوت بالفعل مرآة صادقة للمذيع، يستطيع أن ينقل جوه النفسي بصراحة ومن دون رتوش.

- هل يعني ذلك أن صلتك قوية بمستمعيك؟
قوية إلى درجة أنني في إحدى المرات تمكنت من تجاوز زوج وزوجة لخلافاتهما عبر تواصلي معهما، وكان لي دور في عودة المياه إلى مجاريها بينهما.

- وكيف حدث ذلك؟
أرسل مستمع رسالة إلى البرنامج في فقرة «اعترافات» طالباً التواصل معه، وبالفعل تواصلنا معه ليخبرنا بأنه على خلاف مع زوجته، ويطلب التوسط الذي تم على الهواء مباشرة، لتعود مياه الحياة الزوجية بينهما إلى مجاريها باتصال هاتفي تم على مسمع من جمهور البرنامج.


لا مقارنة

- في هذه المرحلة من تنافسين من الإذاعيات أو الإعلاميات عموماً؟
من أهم الأشياء التي تعلمتها ألا أضع نفسي مهما كانت وظيفتي موضع مقارنة، فالمقلد الذي لا يستطيع أن يصل إلى شخصية مستقلة تميزه، لا يمكن أن يحقق نجاحاً يتذكره الآخرون، إنما هناك فارق جوهري في أن تكون متواصلاً مع زملائك ومتابعاً لما يقدمونه، وأن يتحول الآخرون إلى هاجس لك، لأن الإعلامي المتميز عليه أن يتحدى ذاته وقدراته أولاً عن طريق تطويرها الدائم، والاستفادة من الأخطاء قبل الإيجابيات.


هفوات وعثرات

- على ذكر الأخطاء، يحلو الحديث كثيراً للبعض عن هفوات الإعلاميين، وخصوصاً المذيعات، ماذا عنك؟
أنا كثيرة التلعثم في نطق بعض الحروف على الهواء، وخصوصاً في بعض صيغ الجموع، مثل جمع المذكر السالم، وهو أمر أجاهر به إلى درجة أنني أنتقد نفسي أحياناً على مسمع من الجمهور.

- وهل تحميك تلقائيتك بأن تكوني أول من ينتقد نفسك قبل الآخرين؟
في كل الأحوال أنا سعيدة بتلقائيتي وعفويتي اللتين اعتبرهما نعمة ونقمة في الوقت ذاته، فالبعض يفهم تلك العفوية على نحو مخالف لحقيقتها، لكنها في الوقت ذاته جعلتني أكثر قرباً للجمهور، وأكثر تصالحاً مع ذاتي، وهذا هو الأهم. والحقيقة أنني كثيراً ما عانيت من عفويتي، لكنني بكل تأكيد لن أسعى إلى إزاحة تلك الصفة التي ارتبطت بي. وهناك تغريدة لي على « تويتر» في هذا الصدد أعتز بها كثيراً وهي أنه «في زمن اختلط فيه الحابل بالنابل لم يعد الكثيرون يفرقون بين العفوية والتصنع».


النجدية حاضرة

- وما علاقة ذلك بتمسكك باللهجة النجدية السعودية في التقديم؟
هذا أيضاً يتم بشكل عفوي، لأنها لهجتي الأصلية، فلماذا لا أتحدث بها، فما دامت المذيعة المصرية، أو السورية ، أو اللبنانية تحتفظ بلهجتها على الهواء، فلماذا لا أحتفظ أنا أيضاً بلهجتي التي أفخر بها؟!

- معنى ذلك أنك تتعمدين الابتعاد عن الفصحى؟
ليس تماماً، ولكنني أيضاً لن أكون «سيبويه» يهمس في أذن المستمع. تجربة أن تصل اللهجة السعودية النجدية بتلقائية ودونما تكلف مهما تعددت الموضوعات، أصبح لها ردود فعل إيجابية لدى المستمعين أنفسهم، وهذا ساعدني على أن أصل إلى ما أطمح إليه، وهو أنني أبدو خلف الأثير كما لو أنني بين أهلي.

- كونك فتاة تنتمين إلى المجتمع السعودي المعروف عنه ميله إلى التحفظ الشديد، خصوصاً بالنسبة الى الفتيات، هل شعرت بأن ثمة قيوداً تحيط بك أكثر من زميلاتك من الجنسيات الأخرى؟
مطلقاً، فالمجتمع السعودي لم يشكل بالنسبة إلي أي قيد، ولم ارصد أن ثمة من يسعى إلى تهميش دوري كإعلامية سعودية من منطلق كوني فتاة، رغم أنني كنت متخوفة من هذا الأمر في البداية. كما أن جمهور المستمعين، وهم من المجتمع السعودي الذي توجه له بالأساس إذاعة «بانوراما إف إم»، شديد التجاوب مع البرنامج، ومنسجم تماماً مع ما يقدم عبره، سواء من حيث الشكل أو المحتوى، ما دمت  كمذيعة أحترم القيم والعادات والتقاليد السائدة في المجتمع.

- مررت بتجربة سريعة قبل «بانوراما كافيه»، ما الفارق بينهما؟
قبل ذلك كنت أشارك الزميل السابق عمار ياسر تقديم برنامج «يالا شباب»، ثم أصبحت أقدمه بمفردي، قبل أن أنتقل إلى «بانوراما كافيه» الذي من دون شك يمثل لي تحدياً أكبر، وأعتبره يشبهني إلى ابعد الحدود، لا سيما أن المذيعة عالية القيسي كانت تقدمه لخمس سنوات متتالية وتعتبره كما تصرح دائماً طفلها المدلل. وبالنسبة إلي أعتقد أن القيسي سلمتني هذا الطفل وقد أضحى مراهقاً، لذلك فإن مهمة الوصول به إلى مرحلة النضج مهمة ليست سهلة على الإطلاق.

- وما هي الخطة التي تعتمدينها من اجل الوصول به إلى هذه المرحلة؟
سعيت لتوسيع مظلة «بانوراما كافيه» الذي هو بالأساس برنامج اجتماعي ليهتم بالمزيد من الموضوعات الإنسانية والقضايا المختلفة على تنوعها من قضايا المرأة والقانون والتنمية البشرية والإعلام وغيرها، حتى أننا أضفنا فقرة لتفسير الأحلام والكثير من الفقرات الجديدة، فلم يكن مقصوداً على الأغاني فحسب.

- وإلى أي مدى تاثرت حياتك العائلية بدخولك مجال الإعلام؟
جميع من حولي توقعوا لي أن أتغير، لكن هذا لم يحدث، فأنا مقيمة مع أسرتي منذ سنوات طويلة في دبي، واعتدنا نمطها الاجتماعي. لكن نظراً لأنني وحيدة أبي وأمي، وليس لدي أخوان فقد تعلمت كثيراً الاعتماد على نفسي، وأن أكون صلبة عندما تستدعي المواقف ذلك. من دون شك حياة الإعلامي عموماً تغدو بمرور الوقت أكثر حيوية وتنوعاً وازدحاماً، وهذه متعة أخرى.

- ما هي الوصفة السحرية التي ترينها ضرورية للمذيعة الشابة؟
أعتقد أن الثقة بالنفس والجرأة هما السلاح الأول، وهما ما يمكن أن يقيك أي موقف يمكن أن يحدث بشكل فجائي مثل التلعثم أو غيره. ولا بد من سعة الثقافة والاطلاع، فضلاً عن الأداء الصوتي الجيد. لكن الأهم من كل هذا أن تكون قريبة من نبض مجتمعها ودائمة السعي لتطوير أدواتها، وألا تكون سوى ذاتها.