جيهان عبد العظيم: 'لست راضية عما قدمته في الموسمين الأخيرين'

دراما سورية, دراما تلفزيونية, بيانو, المخرجة رشا شربتجي, مسلسل, مسلسل سوري, جيهان عبد العظيم

22 فبراير 2013

أحبت الفن فأبحرت في عالمه بكل ثقة وتأنٍ وحركت مجاذيف سفينتها لتشق عبابه وترسم خطوطاً واضحة الأهداف لمسيرتها الفنية، فانطلقت لتحقق ذاتها المبدعة من خلال أعمال حفرت في العقل والوجدان... هي الفنانة جيهان عبد العظيم التي امتازت بعفوية الأداء وقوة الحضور فأثبتت جدارتها بموهبتها الصادقة، وحرصت على تقديم المميز دائماً دون أن تأبه للصعاب، ساعيةً عبر أدوارها المختلفة إلى تحقيق حضور يترك بصمة واضحة... معها كان هذا اللقاء:

                                                                             
- إلى أي مدى تشعرين بالرضا عن حجم مشاركاتك في الموسم الدرامي الأخير؟
يبدو أن العامين الأخيرين لم يكونا جيدين بالنسبة إلي، فرغم مشاركتي في الموسم الأخير بستة أعمال، أنا لست راضية عما قدمت في الموسمين الأخيرين، لكني أحاول اختيار أفضل ما يُقدم لي من عروض.
كما كان هناك سوء تفاهم بيني وبين أشخاص في الوسط الفني وتصالحنا.
في الموسم الأخير شعرت بالسعادة لمشاركتي في المسلسل التاريخي «إمام الفقهاء» خاصة أنه مضى وقت لم أشارك فيه بعمل تاريخي، وهو العمل الوحيد الذي جعلني أشعر بأنني حققت شيئاً جيداً هذا العام، وقدمت خلاله دوراً جميلاً جداً اشتغلت عليه بجد.
ويكفي أنه كان مع الفنانة الكبيرة منى واصف. ويمكنني القول إن شخصية خديجة التي قدمتها في العمل أرضت موهبتي هذا العام خاصة أنها حملت الكثير من الصراعات.
كما قدمت لوحات في «أوراق بنفسجية»، أما الجزء التاسع من «بقعة ضوء» فلم أكن راضية عن حجم مشاركتي فيه حتى أنني لم أتوقع أن تقتصر مشاركتي فيه على ثلاث لوحات فقط ما جعلني أشعر بانزعاج، حتى أنني لست راضية عن طريقة اسمي في الشارة.
كما شاركت في أحد أفلام العمل البوليسي «ما بتخلص حكايتنا»، وحققت حضوراً لطيفاً في «زنود الست»، وهو عمل لذيذ وجميل وأنا أحب العمل مع الفنانة وفاء موصللي، وقد شاركت بست حلقات منه كانت من بطولتي.


سوء تفاهم

- مع من حدث سوء التفاهم؟ وكيف تم حله؟
كان هناك سوء تفاهم مع المخرجة رشا شربتجي وأنا أحبها وأحترمها كثيراً وهي تحبني، ولم أكن أريد أن يحدث زعل بيننا، وكان من المفروض أن أكون في مسلسل «بنات العيلة». لكن حدث اختلاف وكان خياري ألا أكون في العمل.
وقد قالت رشا كلمة جوهرية وهي أن الضغط الذي شعرنا به، خاصة في بداية الأزمة، خلق نوعا من التوتر جعلنا لا نفهم بعضنا ونكون انفعاليين، ولكن في النهاية عدنا الى قرار أنه لن تجمعنا إلا المحبة، فالحب هو الذي يبقى، وأنا أؤمن بأنه في النهاية الخير ينتصر على الشر. والحمد الله زال سوء التفاهم بيننا.

- تتحدثين عن عدم رضاكِ عما قدمته أخيراً في حين شاركت في ستة أعمال، فكيف هو الحال لو لم تحققي هذا الوجود كله؟
هدفي ليس الوجود في عدد كبير من الأعمال، لأنني أفضّل عوضاً عن ذلك لعب دور بطولة جماعية في عمل مهم واحد خلال السنة، ولكن للأسف أجور الممثلين لا تساعد على تحقيق هذا الأمر، فليس لدينا أجور تجعلنا نقدم عملاً واحداً خلال العام.
كما أنني حتى الآن لم آخذ بطولة مطلقة الأمر الذي يُشعرني بالظلم، وحتى عندما قدّمت أدوار بطولة تحقق ذلك وفق شروطهم المادية عندما كنت أصغر سنّاً، الأمر الذي لم أعد أرضى به اليوم.
والذي يحدث حالياً في الوسط الفني أنهم يأتون بالممثلات الجديدات اللواتي يقبلن بمبالغ قليلة.

- إلى أي مدى هناك ظلم في أجور الفنانين؟
أجورنا بشكل عام ليست جيدة، وهناك خيار وفقوس.

- ما سبب قبولك المشاركة في مسلسل «أيام الدراسة» بجزئيه رغم كل ما أثير حوله من انتقادات حتى من بعض أبطاله؟
في العام الماضي هاتفني المخرج إياد نحاس وهو صديق عزيز، وقال لي إن هناك مسلسلاً كله من الشباب والوجوه الجديدة، والوحيد الذي كنت أعرفه من بينهم هو الكاتب والممثل طلال مارديني.
وعند اجتماعي معه ومع الكاتب طلب مني المشاركة في العمل لرفع أسهمه فكل من معهم وجوه شابة، وكان هناك اسمي واسم رندة مرعشلي ووائل رمضان فوافقت.
ولكني لم أتخيل أن يكون هناك جزء ثانٍ، وعندما أخبروني بأنهم يكتبون جزءاً جديداً اعتذرت فوراً عن عدم المشاركة فيه وقلت لهم أنني لن أكون فيه، فتحدث معي الكاتب وقال إنه كتب حتى الحلقة 15 ويريدون أن أكون معهم.
وكذلك تحدث معي المنتج والفنان يامن الحجلي، فقلت إنني لست مع فكرة الأجزاء، خاصة أن العمل ليس مشروعي وإنما مشروعهم، وحتى عندما قرأت النص لم أحب المادة المكتوبة التي قدمت لي، ولم أكن راضية عن تطور شخصيتي، وشعرت بأنني مقحمة بأربعين أو خمسين مشهدا لمجرّد الحضور.
فصورت مشاهدي الأساسية من المسلسل والباقي لم أصوره واعتذرت عنه، أي أنني لم أصور المشاهد التي شعرت بأن وجودي فيها ليس فيه فعل وهو مجرد حضور للتصفيق أو الضحك.
وكان المخرج والكاتب متفهمين لذلك. وأنا أحترم هذه التجربة خاصة أن العمل كان مُتابعاً جماهيرياً، ولكن إن كان هناك جزء ثالث له فلن أكون فيه.


موقف من «بقعة ضوء»

- ما الاختلاف الذي لمسته بين «أوراق بنفسجية» و«بقعة ضوء»؟
ليس هناك من فرق، لكن «بقعة ضوء» إنتاج ضخم و«أوراق بنفسجية» إنتاج عادي. إلا أنني أحببت لوحات «أوراق بنفسجية» التي كان فيها شغل جميل جداً، والمخرج فيصل بني المرجة مخرج حساس.
ولكن في المقابل أرى أن «بقعة ضوء» تحول إلى يوميات سورية وبات جزءاً منا لا يمكنك مقارنته بأي عمل آخر، ومهما قدمت فيه سيتابعه الناس.
ففيه الكوميديا السوداء الجميلة المؤثرة التي يحبها المشاهد ويتفاعل معها، ويختلف عن الأعمال الأخرى ويتطرق إلى مختلف القضايا بما فيها السياسية والاقتصادية، فهو أجرأ من غيره، أما الأعمال الأخرى فعلى أهميتها إلا أنها مختلفة عنه.

- أيهما كان الأقرب إليك بينهما على مستوى ما قدمت من شخصيات؟
بالطبع «أوراق بنفسجية» مع المخرج فيصل بني المرجة لأنه أعطاني مساحة للعمل، وعلى سبيل المثال جسدت ضمن لوحة شخصية «عكيد» وكانت طريفة.
كما قدمت لوحة مع الفنان آندريه سكاف جسدت فيها دور المرأة الحلبية الشعبية، وفي لوحة أخرى لعبت شخصية طالبة جامعية... وبشكل عام أحب أن يعطيني المخرج مساحتي في الشغل وألا يحجمني، أي أن يشعرني بأنه مهتم بعملي فأعطي أكثر.

- أهذه هي طريقة عمل المخرجة رشا شربتجي؟
تماماً، فهي تهتم بأدق التفاصيل إلى درجة كبيرة.

- ما السبب الذي دفعك للتصريح عن رغبتك في خوض غمار دراما السيرة الذاتية رغم كل محاذيرها؟
أتمنى أن أقدم مسلسل سيرة ذاتية خاصة أن لدي الرغبة في تجسيد شخصية جيهان السادات أو شخصية الفنانة الكبيرة شادية، وأعرف تماماً أن بمقدوري إجادة تقديم كل منهما رغم أنني قد أكون أقرب إلى شادية التي نشأت على حب أغنياتها منذ صغري، وأعتبر أنها من الذين قلبوا وجه السينما.

- أين أنت من الدراما المصرية؟
قُدّمت إليّ أعمال لم أشارك فيها، ولكن في النهاية أنا ممثلة وإن قدم لي في الدراما المصرية أو أي دراما أخرى عمل جيد سأشارك فيه. وتبقى مصر أم الدنيا وأحب العمل فيها، ولكن لن أشارك في أي عمل مهما كان مستواه.


حدود الجرأة

- هل أفرز الإنتاج الدرامي السوري في السنوات الأخيرة عملاً مفصلياً شكّل نقطة تحول في الدراما بين ما أنتج قبله وما أنتج بعده؟
مسلسل «غزلان في غابة الذئاب» شكّل نقطة تحوّل وكان عملاً اجتماعياً جريئاً جداً.

- وماذا عن دراما البيئة الشامية؟
شاركت في أعمال تندرج ضمن إطار البيئة الشامية، ولكن أرى أنه يكفي ما تم تقديمه منها وعلينا أن نقدم المختلف في المرحلة المقبلة.

- كيف وجدت خلطة التداخل بين الدراما والبيئة الشامية والطبخ في مسلسل «زنود الست»؟
كان يقدم العمل الطبخة بلعبة درامية طريفة لتصل إلى المشاهد بطريقة لطيفة، وقد أحببت أسلوب العمل لذلك شاركت فيه.

- إلى أي مدى يمكن للجمهور أن يفرق بين الجرأة الساعية للتسويق والجرأة الحقيقية التي تغوص الى عمق الواقع؟ وأيهما الطاغية على الدراما السورية؟
العمل الجيد يكون خالداً، أما العمل الذي يقدم جرأة مصطنعة فيزول بسرعة. هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فإن نظرنا إلى الواقع نجده أقسى بكثير مما يقدم على الشاشة، فالأعمال الجريئة تقدم الحقيقة، والسؤال: لماذا لا نلقي الضوء على ما يحدث في حياتنا؟ وكثيراً ما تكون هناك مشاهد ضرورية في العمل ولا بد من تناولها، فعلى سبيل المثال المشهد الذي ضربني فيه الفنان قصي خولي في مسلسل «غزلان في غابة الذئاب» لا يمكن أن تلغيه من العمل، لا بل حتى الآن وبعد مرور ست سنوات ما زال الناس يذكرونه ويحكون عنه لأنه ترك أثراً وبصمة عندهم.
ولكن نحن أيضاً في حاجة إلى لون آخر من الدراما وهي أعمال افتقدناها في الآونة الأخيرة، فقد باتت أعمالنا كلها إما بيئة شامية أو أكشن.
وابتعدنا حتى عن الكوميديا التي لم تكن في الموسم الأخير كلها هادفة لا بل كان أغلبها عبارة عن تهريج إلى درجة أنني لم أستطع متابعتها.


محاذير درامية

- إلى أي مدى تؤيدين تحديد سن المشاهد لبعض المسلسلات العربية؟
ينبغي أن يحدث هذا الأمر على أرض الواقع لأنه يشكل نوعاً من التنبيه للأهل، فلا بد من الاهتمام بثقافة تربية الطفل عندهم خاصة في ظل الانفتاح على الانترنت والفضائيات والوعي في المنزل ومتابعة ما يناسب الطفل.

- كثيراً ما كانت المحاذير الاجتماعية تقف عائقاً أمام الخوض في عدد من الموضوعات في الدراما المعاصرة، ولكن اليوم هل مازالت هذه المعوقات والمحاذير موجودة؟
استطاعت الدراما السورية في الفترة الماضية تناول مجموعة من الموضوعات الجريئة، إنما هناك أمور لم تستطع التكلم عنها بشكل كبير.
وعموماً أرى أن الجرأة أمر جيد في العمل الدرامي التلفزيوني شرط ألا تخدش الحياء، لأن هذا العمل يدخل كل منزل.

- إلى أي مدى يمكن أن تقبلي تجسيد أدوار تتناقض مع شخصيتك ومفاهيمك للأمور؟ كأدوار الشر والإغواء؟
أحب الأدوار الجريئة وأدوار الشر، فقد مل الناس من شخصية الفتاة الطيبة ومن أدوار الحب والفتاة الشقية الدلوعة وطالبة المدرسة، وأطمح إلى تقديم شخصية مركبة حتى وإن كان فيها شيء من الشر أو من الإغراء على أن تكون مهمة ولا تقدم بشكل مبتذل، خاصة أن بداخلي ممثلة تراجيديا قوية.


بين التمثيل والغناء

- هل تنازلت عن الغناء لمصلحة التمثيل؟
لست بوارد التفكير بالألحان والغناء حالياً، فهناك ما هو أهم في هذه الظروف التي نعيشها، فعلي أن أغسل روحي أولاً، وأقول: لنحب بعضنا ولنتقبل آراء بعضنا، ولنلجأ إلى الله وقليلاً من الحب والتفاهم لأن الكره لن يحل أي مسألة.

- ما سبب خوضك مجموعة من الأنشطة كالرياضة والعزف على البيانو؟
أهرب نحو ما هو روحاني، فقد شُحنّا بطاقة سلبية كبيرة، وفي النهاية أنا أعيش في مجتمعي فإما أن أترفع روحانياً أو أتعب وأدخل في حالة اكتئاب وتوتر، فلجأت إلى أمور لها علاقة بالتأمل والطاقة والموسيقى والرياضة. كما أنني في كل فترة أحاول أن أقرأ كتاب ما وحالياً بدأت بقراءة رواية «ساحرة بورتوبيللو» لباولو كويلو.

- ما حلمك على الصعيد الإنساني؟
عندما أصبح جاهزة مادياً سأقوم بمشروع له علاقة بالأطفال المشردين، وسأنشئ جمعية صغيرة تعتني بهؤلاء، وعوضاً من أن نضعهم في الأحداث لنفتش لهم عن عمل ومن يريد متابعة تعليمه لنساعده، ويكون هناك مكان ليناموا فيه...