نور الغندور تتحدث عن شغفها بالتمثيل والتحديات التي واجهتها
نور الغندور من أبرز الأسماء في عالم التمثيل العربي، حيث تتميز بمزيج فريد من الثقافات والخبرات التي شكّلت شخصيتها الفنية المميزة. وُلدت نور في الكويت لأبوين مصريين، وأمضت سنوات طفولتها وشبابها في هذا البلد الذي شكّل جزءاً أساسياً من هويتها. تواصلت رحلتها الفنية بين الإمارات ولبنان، حيث استمدت من كل مكان فيهما تجارب متنوعة أثّرت في مسيرتها الإبداعية.
مدير إبداعي . Talal Kahl
تصوير . Oscar Munart لدى MMG Arists
مكياج . Jean Keyrouz
شعر . Sebastian Iskander
تنسيق . Cedric Haddad
موقع التصوير . Burj Al Arab
بفضل هذه الخلفية الثقافية الغنية، تمكّنت نور الغندور من تقديم أدوار متعددة الأبعاد وتناول موضوعات فنية مختلفة بطريقة مميزة. بدأت مشوارها الفني برؤية واضحة وإرادة قوية، وواجهت التحدّيات بنجاح وبساطة. شخصيتها تتّسم بالمرونة والإبداع، حيث تستمد إلهامها من كل تجربة وموقف تمرّ به.
في هذه المقابلة، نغوص في عالم نور الغندور ونستكشف جوانب مختلفة من شخصيتها وتفاصيل رحلتها الفنية، من بداياتها في عالم التمثيل إلى التحدّيات التي واجهتها وكيفية تعاطيها مع النقد والمنافسة. نكتشف كيف أثّرت خلفيتها الثقافية في خياراتها الفنية، وكيف حافظت على التوازن بين حياتها الشخصية وتلك المهنية. نور الغندور، بأعمالها وإبداعاتها، تظل مثالاً على النجاح المُستدام والتفاني في الفن.
- أخبرينا عن مزيج كونك مصرية، وُلدتِ وتربّيت في الكويت وعشتِ بين الإمارات ولبنان.
بصراحة، لا يوصف الشعور الذي يراودني عندما أتمكّن من التعايش مع ثقافات مختلفة والدخول في تجارب متنوعة عبر دول متعددة. كل بلد عشت فيه، مهما كان متشابهاً مع غيره أو مختلفاً عنه، يحمل طابعاً فريداً ومميزاً. ورغم أوجه الشّبه الكثيرة بين بعض الدول، يبقى لكلٍ منها نكهتها الخاصة وطابعها الفريد والمميز.
يشرّفني أنني أتيتُ إلى هذه الحياة مصريةً من الأب والأم، ووُلدت في الكويت، حيث أمضيتُ سنوات طفولتي وشبابي الأولى. الكويت، بكل ما تحمل من جمال وتقاليد، شكّلت جزءاً أساسياً من شخصيتي. ثم تنقّلت بين الإمارات ولبنان، واستمتعت بكل لحظة عشتها في هذين البلدين الرائعين، ولي في كل شارع فيهما ذكريات جميلة.
- ما هي الصفة التي تمتلكينها من مصر ومن الكويت؟
من مصر، أعتز بـ»الجدعنة»، وهي الكرم والشّجاعة. ومن الكويت، أعتز بـ «راعي الوقفات»، أي القدرة على الوقوف بجانب الآخرين ومساعدتهم عند الحاجة.
- كيف اكتشفتْ نور شغفها بالتمثيل؟
بصراحة، لا يمكنني وصف مدى أهمية والدي في مسيرتي الفنية. فهو مَن اكتشف موهبتي الحقيقية، ولم يكن الأمر مجرد صدفة. كنت في مرحلة من حياتي أتحدّث إلى نفسي كثيراً وأنا في غرفتي، أعيش لحظات من الخيال والابتكار، وأعبّر عن طاقتي الكبيرة من خلال التمثيل والتجسيد. كان لدي شغف عميق بالفن، وكنت أعيش في عالم خاص بي، أستعرض فيه أدواراً وأبني شخصيات، لكن لم أكن أدرك تماماً أن هذه الطاقة يمكن أن تتحوّل إلى شيء ملموس وواقعي.
عندما سنحت لي فرصة الدخول إلى عالم التمثيل بشكل احترافي، كان والدي هو مَن دفعني لتقديم نفسي في هذا المجال. إذ قال لي بثقة: «ارحمينا شوية»، مشجّعاً إياي على اغتنام الفرصة. كان يقصد أن هذه هي اللحظة التي ينتظرها، وأنه حان الوقت لكي أُظهر للعالم ما أملك من إمكانات.
- كيف كانت بداياتكِ في مجال التمثيل، وما هي التحدّيات التي واجهتكِ حينذاك؟
بدايتي في المجال الفني كانت مميزة جداً. كنت أتمتع بطبيعة سلسة في التعامل مع الحياة، والأمور كانت تسير بسلاسة وبدون تعقيدات. لم أواجه العديد من الصعوبات في البداية، بل على العكس، كانت الأبواب تُفتح أمامي بشكل سريع وغير متوقّع. لقد اكتسبت محبّة الناس بما يفوق توقعاتي، وبدأت رحلتي الفنية بطريقة خفيفة وسريعة، مما ساهم في نجاحي المُبكر.
- منذ البداية وحتى اليوم، ما الذي تغيّر؟
شخصيتي تغيّرت بشكل كبير بفضل الخبرات التي اكتسبتها على مر السنين. كل يوم كان يضيف إلى فهمي للحياة، واحتكاكي بالناس من مختلف الفئات العمرية منذ أن كنت في سنّ السابعة عشرة حتى اليوم وأنا في الثلاثين، علّمني الكثير من الدروس القيّمة.
- صعدتِ سُلَّم الشهرة درجةً درجةً، لماذا قررتِ سلوك هذا الاتجاه وليس الشهرة السريعة؟
لأجنّب نفسي فقدان النجاح بسرعة. أنا أؤمن بشدة أن ما يأتي بسرعة يمكن أن يزول بالسرعة نفسها. الأمور التي لا نبذل فيها جهداً شخصياً نادراً ما تدوم طويلاً. لذا، أعتقد أن كل شيء يجب أن يأتي في الوقت المناسب وبالطريقة الصحيحة لضمان استمراريته ونجاحه.
- كونك مصرية وكويتية، كيف تؤثر خلفيتكِ الثقافية في اختياراتكِ الفنية والأدوار التي تقبلينها؟
أكثر ما يهمني في العمل الفني هو النص والفكرة والرسالة. الفن بالنسبة إليّ هو وسيلة لنقل رسالة، سواء كانت باللهجة المصرية أو الخليجية أو أي لهجة عربية أخرى. الأهم من اللهجة هو أن يصل الإحساس إلى الناس، ويؤثر في قلوبهم بغض النظر عن اللغة المستخدَمة.
- هل أخطأت نور الغندور في مكان ما؟
بالتأكيد ارتكبتُ أخطاء، لكن هذه الأخطاء كانت السبب في تطوري إلى إنسانة ناجحة، قوية، ناضجة، ومستقلة. لقد تخطّيت تلك الأخطاء بفضل تقبّلي لفكرة أنها جزء من النمو والتعلّم، ولم أندم عليها أو يوقفني تأثيرها. على العكس، استفدتُ من الدروس التي علّمتني إياها الأخطاء وواصلت طريق حياتي بإيجابية.
- في البداية، كان هناك حُكم مسبق على نور الغندور، وطاولتكِ الانتقادات، كيف تعاملتِ مع الأمر؟
بوصفكِ إنسانة، من المستحيل أن تُرضي كلَّ الأذواق أو تحبّبي الجميع فيكِ. المهم أن تستفيدي من النقد البنّاء، حيث يمكنك التعلّم منه وتحسين نفسكِ. أما النقد غير البنّاء فهو غالباً ما يأتي من أشخاص غير مؤهّلين أو غير جادّين، لذا من الأفضل أن تتجاهليه. أنا أقدّر وجهات نظر الآخرين وأحبّ الاستماع إلى آرائهم لأننا نقدّم عملنا للجمهور، ورأيهم بلا شك مهم ويستحق الاحترام.
- هل تعانين للخروج من الشخصية بعد فترة تمثيل طويلة؟
أحياناً، عندما أقدّم شخصية تختلف تماماً عن شخصيتي الحقيقية، مثل شخصية «كريمة»، أجد نفسي أندمج في تفاصيل الدور إلى درجة أنني أبدأ في تقليد تعبيراتها ولغة جسدها بشكل غير متعمَّد. وقد يكون من الصعب في بعض الأحيان الخروج من تلك الشخصية أو التوقّف عن تبنّي سلوكياتها، كما حدث مع «العلكة» التي كانت جزءاً من الدور.
- أي شخصية بين «جمان» و»كريمة» و»ذهب» من المسلسلات التي صوّرتها هي الأقرب إلى قلبك وشخصيتك؟
أحبّها كلها.
- كيف تصفين شخصية نور الغندور... جادّة ورصينة أم فكاهية؟
أرى نفسي مزيجاً من كل هذه الصفات. باختصار، أستمتع بلمسة من كل شيء.
- هل تخافين من المنافسة؟
على العكس، أعشق المنافسة، فهي تمنحني الطاقة لتطوير ذاتي والتطلّع لأكون أفضل نسخة من نفسي.
- مَن هو المُنتج الذكي في رأيك؟
هو مَن يستثمر بشكل صحيح في نجومه، ويستطيع إخراج أفضل ما لديهم.
- مَن هم الفنانون المقرّبون إليك؟
علاقتي جيدة بجميع زملائي الفنانين ولي معهم مواقف كثيرة، لكن لا صداقات مقرّبة بيننا.
- أي دور شعرتِ أنه الأكثر تحدياً لكِ في مسيرتكِ الفنية؟ ولماذا؟
شخصية «كريمة» كانت تحدّياً كبيراً لي لأنها جريئة جداً. هذه الشخصية لا تشبهني ولا تتوافق مع الأدوار التي لعبتها من قبل أو مع المجتمع الذي كنت أطرح فيه فني، وقد حققت نجاحاً باهراً.
- على أي أساس تختارين أدواركِ؟ هل تعتمدين على النص أم المخرج أم التحدّي الذي يقدّمه الدور؟
نجاح أي عمل فني يعتمد على توافر مثلث متكامل: النص، الإخراج، والإنتاج.
- كيف تقيّمين نجاحكِ في مجال التمثيل حتى الآن؟
بالطبع، بعد مسلسل «من شارع الهرم»، بدأت دائرة شهرتي تتوسّع بشكل كبير، حيث لم يعُد جمهوري يقتصر على دول الخليج، بل بات يشمل جمهور الوطن العربي بأسره.
- ما أكبر المخاوف التي تواجهينها في حياتكِ المهنية، وكيف تتعاملين معها؟
لا أخاف من شيء، وأنا مستعدّة لأي تحدٍّ يمكن أن أواجهه.
- هل هناك لحظات شعرتِ فيها بالقلق من المستقبل؟ وكيف تتجاوزينها؟
القلق الدائم هو أحد أسباب النجاح، بينما قد يؤدي الاطمئنان الزائد إلى الفشل.
- ما أهم إنجاز فني تعتزّين به؟
كل خطوة خطوتها منذ بداية مشواري الفني وحتى اليوم لها مكانة خاصة في قلبي. أعتز بكل تجربة خضتها لأنها كانت جزءاً من رحلة مليئة بالتعب والجهد.
- مَن هو الممثل العربي الذي تحب نور الغندور الوقوف أمامه في دور بطولة؟
كريم عبد العزيز.
- ما هي العلاقة التي تسعين لبنائها مع جمهوركِ، وكيف تؤثر تعليقاتهم في عملكِ؟
علاقتي مع الجمهور ممتازة، وأشعر بالامتنان لأنني مُحاطة بجمهور راقٍ ومهذّب. غالباً ما يتّسم تفاعلهم بالاحترام والتقدير، وهو ما يجعل تجربتي معهم ممتعة ومريحة. ونادراً ما أواجه انتقادات قد تزعجني.
- كيف توازنين بين حياتكِ الشخصية وتلك المهنية، وما هي الأنشطة التي تمارسينها لتجديد نشاطكِ واستعادة طاقتكِ؟
أحرص دائماً على تخصيص وقت لنفسي ولعائلتي، فهما أكثر ما يعيدني إلى حياتي الطبيعية ويجلب لي الذكريات الجميلة التي نفتقدها في زمن السرعة هذا. أستمتع بالرياضة والسفر، حيث أجد فيهما مصدراً للتجدد والراحة.
- هل لديكِ اهتمامات أو مشاريع خارج مجال التمثيل، مثل الأعمال الخيرية أو الأنشطة الاجتماعية؟
أعمل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) منذ أربع سنوات، وأتمنى أن أستمر في تقديم الدعم والعطاء طالما أنني قادرة على ذلك. هذا العمل يجعلني سعيدة ويمنح حياتي قيمةً ومعنى.
- هل هناك دور معين تتطلعين إلى تقديمه في المستقبل؟
مفاجأة... وبعد تقديمي لهذا الدور ستطلبون مني إجراء لقاء آخر.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1077 | آب 2024