لقاء مع كريستيان لوبوتان مصمّم الأحذية الفرنسي الأشهر

كريستيان ديور, جان بول غوتييه, أحذية, نيكول كيدمان, السفارة الباكستانية في بيروت, كريستيان لوبوتين, إيف سان لوران, مادونا, غوينيث بالترو, الملكة رانيا العبدالله, ديان فون فورستنبرغ, الأميرة كارولين دو موناكو, فيروز, مارلين مونرو, كايت بلانشيت, بوتيك

31 أغسطس 2010

«حياتي مجموعة متتالية من الصدف السعيدة»، يقول مصمّم الأحذية الأشهر كريستيان لوبوتان. التقيته في بيروت، في افتتاح بوتيكه في لبنان، فحدّثني عن الصدفة التي قادته الى الكعب الأحمر الذي اشتهر به، وصار رمزاً لداره، والصدفة التي قادت الأميرة كارولين دو موناكو الى بوتيكه الباريسي حيث كانت صحافية أميركية، وبمحض صدفة أيضاً، تقوم بتحقيق عن بوتيكات باريس الأكثر جدّة وأناقة، فكانت له الشهرة العالمية الأوسع. ولكن لا شكّ في ان عشق لوبوتان للشرق ليس صدفة، كذلك موهبته في صنع الأحذية الأكثر جاذبية وترفاً. ما سرّ هذا المصمّم؟ ماذا يحبّ؟ ماذا يكره؟ ما الذي يلهمه؟ ما نصيحته للمرأة قبل شراء أيّ حذاء؟ أسئلة تسبقك الى اللقاء الموعود... وأجمل ما في لقاءات المبدعين، أنك تجد شيئاً من ذاتك الضائعة فيها

- من هو كريستيان لوبوتان؟
(يجيب ممازحاً)، إنه صديقي الصدوق. شخصيّة لذيذة جداً. من المؤسف أنني لا ألتقيه دائماً بسبب مشاغله الكثيرة وأسفاره المتواصلة. لكنني آمل أن ألتقيه ذات يوم، فلا نفترق بعد ذلك.

- ما هي نقطة قوّتك؟
حماستي المفرطة، وهي عدوى جميلة تنتقل إلى الآخرين مثلها مثل الضحك. وأنا سعيد بأنني أعيش الحياة بحماسة كبيرة.

- ماذا عن عيوبك؟
عيبي الأكبر أنني لست صبوراً، خصوصاً تجاه الغباء.

- نجحتَ في تحويل كل حذاء قطعة فنّية، فما هو سرّك؟
سر نجاحي يكمن في شغفي منذ النعومة، بكلّ ما يتعلّق بالمرأة، خصوصاً أنني ترعرعت في منزل يعجّ بالنساء المفعمات بالأنوثة: أمي وأخواتي الأربع، في ظلّ غياب الوالد. وهذا ما صنع فرقاً كبيراً في حياتي وجعلني أحترم المرأة وعالمها الخاص احتراماً شديداً، وأقدّره كلّ التقدير.

- ولكن ما هو السرّ الحقيقي وراء نجاحك: أهو الحظّ أم العمل بجهد أم الشغف الكبير بهذه الصنعة؟
حياتي هي مجموعة متتالية من الصدف السعيدة... لكنّ سر نجاحي يكمن في إخلاصي الكبير لمهنتي وذوقي الشخصي وحرّيتي المطلقة في التعبير عمّا أحب من خلال تصاميمي وخياراتي للمواد والألوان.

- هل كان إخلاصك لحريتك وذوقك الشخصي محدوداً في حال كنت تعمل لدار أزياء غير دارك الخاصّة؟
طبعاً لم يكن الأمر كما هو عليه لو كنتُ أصمّم لدار أخرى حيث خطّ الدار وأسلوبها هما الطاغيان. أجدني محظوظاً انني أصمّم لداري الخاصة، حيث لا حدود للجرأة والإبداع والإحساس الجمالي.

- أخبرنا عن القصّة الحقيقية وراء الكعب الأحمر؟
في البدء، كانت كل الكعوب التي أصمّمها ملوّنة بألوان مختلفة، لكنني قرّرت منذ العام 1992 أن أقدّم للمرأة الفرنسية التي تلتصق بالأسود التصاقاً شبه دائم وتزيّنه بأكسسوارات حمراء، مجموعة كاملة من الأحذية ذات الكعوب الحمراء. ومنذ ذلك الحين صار الكعب الأحمر رمزاً لأحذية كريستيان لوبوتان.

- ماذا عن القصّة التي سمعناها والتي تروي أن طلاء الأظافر الأحمر اللون التي تضعه مساعدتك هو الذي أوحى لك الكعب الأحمر؟
الواقع ان صَدف ان مساعدتي كانت تضع طلاء أظافر بلون أحمر لافت، عندما وصلني الحذاء النموذجي من المشغل، فوجدته باهتاً لا يشبه الرسم الذي صمّمته، فنظرت إليه متفحّصاً ما ينقصه، حين خطرت لي فكرة غريبة، فطلبت من مساعدتي أن تعيرني طلاء أظافرها، وأخذتُ ألوّن كعب الحذاء... ووجدتُ ان الأحمر أبرز تصميم الحذاء أكثر. فاعتمدته منذ ذلك الحين.

- ما هي الخصوصية التي تطبع أحذيتك، عدا الكعب الأحمر؟
الشغف الذي يحمله كل تصميم. وأعتقد أن المرأة تستطيع أن تلمس هذا الشغف في كل تصميم يعجبها.

- ماذا عن لونك المفضّل...
من الصعب بمكان أن أُسمي لوناً واحداً. فاللون لي كمصمّم، مرتبط بالمادة التي سترتديه، بمعنى أنني أحب المخمل باللون الأخضر الغامق وأفضّل الساتان باللون الأسود، وأحبّ الأزهار الليلكية والسماء الزرقاء والبحر الرمادي والأحذية السوداء والذهبية والبيج بلون البشرة.

- من هو منافسك؟
لستُ في موقع تنافسي مع أحد.

- أي مصمّم أحذية تعشق تصاميمه؟
لا أتابع ما يقدّمه الآخرون، مع الأسف. فوقتي لا يسمح لي بذلك.

- ما الذي يلهمك لتصميم أحذيتك؟
تُلهمني النساء بشكل عام: مشيتهن، أحاديثهن، أصواتهن، تفاصيلهن... كذلك تلهمني الحدائق والمواد المتنوّعة وأمور أخرى من عالمنا الحديث.

- هل لديك امرأة مُلهمة؟
كلا، إذ من المفزع أن نختصر كل النساء بامرأة واحدة. ففي كلّ امرأة مجموعة نساء متبدّلات حسب أمزجتهنّ وأوقات النهار المختلفة ومناسباتهنّ المتنوّعة.

- لأي امرأة تصمّم؟
أصمّم لنساء بشخصيات مختلفة لكن الأمر المشترك بينهنّ هو فخر كلّ منهنّ بكونها امرأة تفيض أنوثة. باختصار أنا أصمّم لامرأة تعشق كونها امرأة وتجاهر بأنوثتها.

- من هي النجمة التي انتعلت أحذيتك على أفضل وجه، فأبرزتها أكثر؟
كل نجمة لبست من تصاميمي، فعلت ذلك على أفضل وجه، وعلى طريقتها الخاصة، وأنا سعيد بذلك.

- ولكن من هي النجمة التي عُرفت بأناقتها من خلال تصاميمك؟
لا يمكنني إلا أن أذكر هنا رينيه زيلويغر وجنيفر لوبيز ونيكول كيدمان وماريون كوتييار وأنجلينا جولي وغيرهن...

- من هي النجمة التي لَبست تصاميمك، وجلبت لك الحظ؟
الأميرة كارولين دو موناكو التي زارت بوتيكي في باريس وانتقت من مجموعتي الأولى حذاءً أعجبها، وشاءت الصدف أن تتواجد في البوتيك صحافية أميركية جاءت باريس لتكتب مقالاً عن بوتيكاتها الجديدة. وقد نشر المقال في المجلة الأميركية W مع صورة كارولين دو موناكو التي كانت في بداية التسعينات رمزاً للأناقة المترفة، الأمر الذي أمطر عليّ، مرة واحدة، الزبونات الأميركيات المعجبات بالأناقة الفرنسية.

- هل هناك شخصية معيّنة تحبّ أن تلبس من تصاميمك؟
نعم، ملكة بريطانيا إليزابيت الثانية. أودّ لو أزيّن إطلالتها الكلاسيكية بحذاء مميّز من تصميمي.

- ماذا عن شخصية عربية تحلم بأن تلبسها تصاميمك؟
السيدة فيروز، صاحبة الصوت الأسطوري.

- هل تستمع الى النساء؟ وماذا تعلّمت منهنّ؟
أنا أفضل من يستمع إلى النساء، وقد تعلّمت منهنّ كلّ ما أعرفه عن عالم المرأة. الواقع انني مدين لهنّ بالكثير.

- ماذا عن زبوناتك، هل علّمنك شيئاً محدداً عن مهنتك؟
في السنة الأولى لافتتاح بوتيكي الباريسي، كنت أداوم يومياً شأني شأن أي بائع في البوتيك. أستمع إلى تعليقات الزبونات وأسجّل طلباتهنّ وملاحظاتهنّ. ولم أكن أكشف لهنّ أنني المصمّم، بل أكتفي بدور البائع. وهذا علّمني الكثير.

- هل من نصيحة تقدّمها للمرأة لاختيار حذاء جديد؟
أقول للمرأة إختاري الحذاء الذي ينبض له قلبك فتقعين في غرامه من اللحظة الأولى. إختاريه لنفسك وليس لإرضاء الآخرين. فأسوأ الخيارات هي التي يلعب الآخرون دوراً فيها على حساب دورنا الشخصي. يجب على المرأة أن تكون سعيدة بما ترتديه. ونصيحتي الشخصية لها: «لا تدعي صديقتك المقرّبة تختار عنك ما ترتدينه!».

- كيف تحدّد أسلوبك في تصميم الأحذية: أهو مثير، أم أنيق جذاب، أم كلاسيكي أم حالم حتى الجنون؟
أسلوبي كل ما ذكرتِه، مع لمسة باريسية أنيقة. لقد ولدت في باريس وعشت كل حياتي في هذه المدينة الأنيقة الساحرة التي تشكّل الأساس في تصاميمي. ما يعجبني في باريس ديموقراطية الأناقة، بمعنى أن المرأة الباريسية ليست وفيّة لدار معيّنة أو مصمّم معيّن، بل هي وفيّة لذوقها الخاص وأناقتها وأسلوبها الشخصي، وهذا ما يجعلها تتنقّل كفراشة من مصمّم إلى آخر ومن دار إلى أخرى، وتختار ما يناسبها.

- قلت مرة أنك تستطيع أن تعرف ما ستختاره هذه المرأة دون سواها من تصاميمك، بمجرّد أن تنظر إليها...
هذا صحيح، مع ذلك لا أحبّ الأحكام المسبقة. فالنساء مختلفات جداً في أذواقهن وشخصياتهن ولا يمكن أبداً أن نعمّم، لأن في التعميم ظلماً. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تختار المغنية ليدي غاغا صاحبة الشخصية الغريبة والمبالغة أحذية كلاسيكية، وهذا ما يحقّق التوازن في إطلالتها ذات الأناقة المثقلة.

- هل يمكن المرأة أن تنوّع في خياراتها، فتختار مرة حذاءً كلاسيكياً وأخرى مبالغاً؟
طبعاً، فليس هناك قواعد على المرأة أن تتبعها. ويمكن للمرأة أن تختار حذاءً كلاسيكياً لهذه المناسبة، وآخر غريباً ومبالغاً فيه لمناسبة أخرى.

- إذا طُلب إليك تصميم حذاء سندريللا، كيف يمكن أن تتخيّله؟
لقد تخيّلته ونفّذته في مجموعتي هذه للخريف والشتاء. إنه حذاء أسود اللون من الكريستال مزيّن بالفرو والريش ومرصّع بالأحجار.

- هل تطلق أسماءً على تصاميمك، ولماذا؟
لقد اعتدت أن أطلق على كل تصميم إسماً، كما يفعل الوالد لدى ولادة طفل جديد. كلّ تصميم هو بمثابة طفل من أطفالي.

- الأناقة اليوم، فستان جميل أم حقيبة رائعة أم حذاء جذاب أم عطر طيّب الرائحة، كما أعلنت مارلين مونرو؟
شخصياً، أفضّل التحديد الذي أطلقه المصمّم الفرنسي الراحل إيف سان لوران عندما قال: «أناقة المرأة هي تنورة بقصّة رائعة وحذاء جميل، ورجل يعشقها».

- هل تحكم على أناقة امرأة من نظرتك الى ما ترتديه في قدميها؟
لا أحكم عليها، لكنني من دون شكّ أنظر بدقّة إلى ما ترتديه في قدميها.

- ماذا يمكن أن يقول حذاء عن صاحبته؟
آه، يمكن أن يقول الكثير: من الحذاء الذي ترتديه المرأة يمكن أن يحدّد إذا كانت تشعر بارتياح مع شكلها الخارجي، ومع أنوثتها. كذلك يمكن أن يدلّنا الحذاء إذا ما كانت امرأة جدية أو مرحة أو كثيرة الحركة الخ...

- تركّز في تصاميمك على الكعب العالي، لامرأة أنيقة جذابة. ولكن ماذا عن أناقة عملية للمرأة العاملة تفضّل الأحذية من دون كعب؟
شخصياً، أفضّل الكعب العالي وقد عُرِفتُ بالكعوب السوبر عالية، ولكن يمكن  المرأة العملية التي تفضّل ارتداء حذاء من دون كعب، أن تستغني عن الكعب العالي. وأحرص على أن تتضمّن كل مجموعة تصاميم بكعوب مريحة.

- هناك من قال: «إن على المرأة أن تتعذّب كي تكون جميلة». هل هذا ينطبق على مسألة الكعب العالي أيضاً؟
لستُ مع هذه المقولة، لأن عذاب المرأة نتيجة انتعالها كعباً عالياً يظهر جلياً على وجهها، وهذا ليس أنيقاً على الإطلاق.

- ماذا تقول في أناقة المرأة اللبنانية؟
تذكّرني النساء اللبنانيات بالنساء في لوس انجيلس في ولاية كاليفورنيا الأميركية، فهنّ أنيقات الى أقصى الحدود، يعشقن الرفاه ويمضين الكثير من الوقت في المقاهي والمطاعم الفاخرة، ويعشن حياة اجتماعية صاخبة ويتنقّلن بالسيارات، فلا يكلّفن أنفسهنّ عناء المشي، حتى لمسافات قريبة! إنها امرأة تعيش حياة فيها الكثير من النجومية! 

- وماذا عن أناقة المرأة العربية؟
أناقة المرأة العربية مرصّعة دائماً بلمسة من ذهب أو مجوهرات. وهو ما يعطي تلك الفخامة إطلالتها.

- هل فكّرت يوماً في تصميم أحذية مرصّعة بماس أو أحجار كريمة؟
لا أحبّذ الفكرة، لأنها ليست عملية للمرأة التي قد تكسر كعب حذائها أو تفقد ماسة أثناء مشيتها المتسارعة في الشارع.

- بوتيك بيروت التي افتتحتها أخيراً، أهي شغف أم حاجة ضرورية لتوسيع أعمال دار لوبوتان Louboutin؟
لا شكّ في انها ثمرة قصّة غرام بهذه المدينة الرائعة التي زرتها مرات عدّة ووقعت في حبّها من الزيارة الأولى. وقد أُعجبت كثيراً بالنمو الإقتصادي الذي شهده ويشهده وسط بيروت، وخطّطتُ كي يكون هذا البوتيك.

- هذا يعني أنك تتبع قلبك في توسيع أعمالك، فقد كان بوتيك جدّة نتيجة قصّة عشق لهذه المدينة السعودية، وقد  سبق وجودك في دبي، ممّا أثار علامات استفهام حول أولوياتك الإقتصادية...
بالفعل لقد كان بوتيك لوبوتان في جدّة نتيجة الحبّ الكبير الذي يجمعني بهذه المدينة الرائعة، والذكريات الخاصّة التي أحتفظ بها من زياراتي المتعددة لها. بيروت لي أيضاً قصّة عشق تمخّضت بوتيكاً رائعاً في الوسط التجاري. أما دبي، فسيكون افتتاح بوتيكي فيها قريباً.

تفضيلات
- لو لم تكن صانع أحذية لكنت
...
لكنتُ كاتب سيناريو...

- موهبة كنت تحب أن تتمتع بها...
ممارسة الرياضة، فأنا سيئ جداً في ما يتعلّق بهذا المجال.

- السعادة لك...
في تركيبتي الجينية. أنا دائم السعادة.

- تكره...
الخبث.

- فنانك المفضّل...
المغني برانس.

- كلمة أخيرة...
سعيد كلّ السعادة بتوسّع أعمالي في الشرق الذي أهيم بحبّه. وما لا يعرفه كثيرون ان لديّ بيتاً في سورية وآخر في مصر، وأنا دائم التردّد على هذه المنطقة ذات التاريخ العريق والثقافة الغنيّة.

كريستيان لوبوتان في سطور
وُلد في باريس، عاصمة الأناقة العالمية، وبدأ حياته المهنية عام 1982 لدى مصمّم الأحذية شارل جوردان Charles Jourdan الذي كان يصمّم لدار كريستيان ديور Christian Dior. ثم عمل مستقلّاً لدور أزياء راقية مثل شانيل Chanel وايف سان لوران Yves Saint Laurent. افتتح داره الخاصة لتصميم الأحذية عام 1992. يملك اليوم أكثر من 43 بوتيكاً خاصاً في أنحاء العالم وقد عُرفت تصاميمه الجذّابة بكعوبها الحمراء التي باتت رمز دار كريستيان لوبوتان. صمّم أحذية لأسماء كبرى مثل: جون بول غولتييه وعز الدين عاليه وديان فون فورستنبرغ. لبست من تصاميمه الملكة رانيا والأميرة كارولين دو موناكو ونيكول كيدمان، كايت وينسلت، كريستان دانست، غوينيث بالترو، كايت بلانشيت، ومادونا وتينا تيرنر.