لوكسيتان: حكاية زهرة برّية

فرنسا, جنوب فرنسا, لوكسيتان, ماء عطر, مستحضرات التجميل, الزيوت العطرية, العطر , المركّب الكيميائي, مواد كيميائية, مستحضرات العناية, حقول اللوندة, مزارع النحل, بساتين اللوز , أوليفييه بوسان, قارورة العطر

28 ديسمبر 2009

أن تلبّي دعوة لوكسيتان L'Occitane لزيارة حقول اللوندة وبساتين اللوز ومزارع النحل التي تزوّدها أعشابها وأزهارها وعسلها لتصنيع منتجاتها الجمالية ذات الشهرة العالمية والإنتشار الواسع، يعني أن تعود الى أحضان الطبيعة وتسلّم نفسك لحكاياتها السعيدة. هنا الجمال ليس تركيبة كيميائية ولا مبضع جرّاح. إنه عصارة خيرات الطبيعة من زيوت وخلاصات مجتمعة في مستحضر فيه كلّ شيء، ويغنيك عن كلّ شيء.

بداية القصّة كانت عام ١٩٧٦، عندما بادر شاب جامعي فرنسي طموح يدعى أوليفييه بوسان Olivier Baussan  الى تصنيع مستحضرات عناية وزيوت تجميلية وعطور بمواد وتركيبات طبيعية، منطلقاً من التقنيات التقليدية المتّبعة في حوض البحر الأبيض المتوسط لمعالجة زهرة اللوندة البرّية التي تنبت في الريف الفرنسي، وتسويقها محلياً. أحيى بوسان تقاليد متوارثة في استخراج زيوت هذه الزهرة ذات الفوائد العلاجية والجمالية الجمّة، وطوّر تركيبات جديدة أخرى. وساهم نجاح هذه المستحضرات في انتشار لوكسيتان عالمياً انتشاراً فاق كلّ التوقعات.

يقول بوسان في مقابلة خاصة مع «لها»: «أدين لوالديّ بحبّي للطبيعة وعناصرها. لقد كان والدي كاتباً مثقفاً ووالدتي فنانة، وقد قررا أن يتركا باريس ويستقرا في البروفانس (جنوب فرنسا)، ليزرعا الأرض ويربيا الحيوانات الداجنة ويتفرّغا للقراءة والإنتاج الأدبي والفنّي. أذكر طفلاً، ان كانت لدينا ماعز وكنا نطلق عليها أسماء، وكان مسموح لها أن تدخل البيت حيث نسكن!». كان بوسان طالباً في الـ  ٢٣ من العمر عندما استخدم قبو البيت لاستخراج زيوت زهرة اللوندة، تمهيداً لتوزيعها بشاحنته الصغيرة وبيعها في الأسواق المجاورة. وقد تمّ افتتاح أول بوتيك خاص بمنتجات لوكسيتان عام  ١٩٧٩. بعد عشرة أعوام، بلغ عدد العاملين في مصنع لوكسيتان مئة موظف. وبعد عشرين عاماً، بلغ عدد بوتيكات لوكسيتان ٩٠٠ موزّعة في دول العالم المختلفة.

اليوم، باتت لوكسيتان ماركة عالمية مشهورة بمنتجاتهاالجمالية الطبيعية، يعمل في مصانعها أكثر من ٥٠٠ موظّف، وذلك بنتيجة شراكة جمعت بوسان برجل الأعمال رينولد جيغور المتخصّص في تصميم قوارير العطور وعلب مستحضرات التجميل والذي أضاف الى الدار لمسة تسويقية عالمية. ويبدو بوسان أكثر فأكثر مشغولاً بالحفاظ على عفوية الماركة وارتباطها الوثيق بالطبيعة وتقاليدها. وها هو يتحدّث بفخر عن اكتشافه مزايا الزهرة البرّية الصفراء L'Immortelle التي لا تعرف العفن أو الموت، والتي باتت ركيزة لمجموعة مستحضرات العناية المقاومة للتجاعيد.

كذلك يروي اكتشافه مزايا زبدة الشيا المرطّبة، فيقول: «كنتُ في بوركينا فاسو في أفريقيا عندما اكتشفت مزايا زبدة الشيا التي تنتجها النساء هناك، ويعتشن من تصنيعها. ورحتُ أبحث عن تركيبة مستحضر مرطّب تساهم في شراء كميات كبيرة من الزبدة لمساعدة النساء في التغلّب على فقرهنّ. فكان كريم اليدين Hand Cream الذي يحتوي على ٢٠ في المئة من تركيبته من زبدة الشيا والذي عرف نجاحاً غير مماثل إذ يباع مستحضر منه في العالم كلّ عشر ثوان. ثم كانت جموعة العناية Shea & Organic Cotton المعروفة بخصائصها المرطّبة. وأجدني فخورا اليوم بشراء لوكسيتان انتاج ١١ ألف امرأة من صناعة هذه الزبدة، ومساعدة هؤلاء إقتصادياً. بعدما بدأنا في ذلك الوقت، بشراء انتاج خمس نساء فقط». لقد تغيّرت حياة نساء كثيرات بفضل لوكسيتان.

وهو ما يبحث عنه بوسان، وما يسعى إليه من خلال المؤسسة التي أسّستها الدار Fondation L'Occitane والتي تطلق مشاريع عدّة في مناطق مختلفة في العالم لتمكين المرأة ومحو الأمّية ومعالجة الأطفال فاقدي البصر والمحافظة على البيئة ومساعدة المزارعين وتشجيع الزراعات العضوية وغيرها. «اللمسة الإنسانية هي في أساس إطلاقي لوكسيتان منذ البداية»، يقول بوسان، ويضيف: «إنه حلم راودني وعملتُ جاهداً لتحقيقه، وسأظلّ أسعى من أجله حتى آخر يوم في حياتي». وعندما تسأله عن السرّ وراء تحقيق حلمه هذا، إذ استطاع أن يصنع من مشروع ريفي بسيط، نجاحاً عالمياً لا مثيل له، يجيب:  «النجاح هو في نقل بساطة العيش الريفي في مستحضر بتركيبة طبيعية وفاعلة، وهو أيضاً في تقاسم أشياء جميلة وحقيقية. وفي ذلك كلّ السعادة ومنتهى الجمال».