The Ordinary عندما يصبح العلم لغة جمالية مفهومة
ريتـا جي
في هذا الحوار الخاص بين «لها» وريتـا جي. سيلفا، نقترب من العالَم غير المرئي الذي يربط بين الإبداع والعِلم داخل صناعة الجمال. ريتا، التي بدأت رحلتها من عدسة الكاميرا وعوالم السينما والصورة، وجدت نفسها منجذبةً إلى تفاصيل علوم التجميل بدافع الفضول والشغف وحُبّ الاكتشاف. ما يميّز تجربتها هو قدرتها على الجمع بين الحسّ الفني والبُعد العلمي لتقديم رؤية مختلفة للعناية بالبشرة تقوم على المعرفة، الشفافية، والإنصات الحقيقي الى المستهلك. في هذا اللقاء، تكشف لنا ريتا عن مراحل تطوّر شغفها، وعن تأثير خلفيتها الإبداعية في عملها العلمي، وكيف تساهم اليوم في صياغة لغة علمية مبسّطة وقريبة من الناس، تُعيد للمستهلك قوة اتخاذ القرار بعيداً من الخوف والتضليل.
الإنتقال
- ما الذي دفعكِ للانتقال من عالم السينما والتصوير إلى علم مستحضرات التجميل؟ وكيف تؤثر هذا الخلفيّة الإبداعية في عملكِ اليوم؟
أنا شخص شديد الفضول، وأحب التعمّق في البحث عن أي اهتمام جديد. كان الاهتمام بالعناية بالبشرة بالنسبة إليّ لفترة مجرد هواية جديدة، إلى أن أدركت أن هناك الكثير من العلوم وراءها، إلى جانب الإبداع الذي يساهم في ابتكار أي منتَج. تحوّل الاهتمام إلى شغف، ووجدت برنامج ماجستير في علم مستحضرات التجميل في جامعة متخصّصة بالفنون، وهي جامعة الفنون في لندن، شعرت حينها أن الأمر كان مقدّراً لي.
كون درجتي العلمية مُدمجة داخل جامعة فنية ليس مصادفة غريبة، بل هو نتيجة مباشرة للعلاقة الوثيقة بين علماء التجميل والمبدعين. القسم العلمي قد يبتكر التركيبة، لكن المنتَج التجميلي لا يكتمل إلا عندما يُقدَّم في عبوة جميلة ويُعرض للمستهلكين بطريقة فنية. حتى علامة بسيطة مثل The Ordinary مرّت بمراحل عدة من التطوير الإبداعي قبل أن يصلBrandon Truaxe وفريق Deciem في بداياته إلى الشكل المعروف اليوم.
أما عن تأثير خلفيتي الإبداعية في عملي كعالِمة، فهو يمنحني القدرة على التواصل مع المبدعين في أقسام العلامة والتصميم، إذ نتشارك الحسّ نفسه والشغف نفسه في إيجاد الجمال في كل مكان، حتى في البساطة والنهج الخالي من الزخارف الذي يميّز The Ordinary.
- كيف أثّر عملكِ المبكر بتجارة التجزئة لدى Deciem في أسلوبكِ في سرد العلم وتثقيف المستهلك؟
تجربتي المبكرة في التجزئة سمحت لي، ولعدد كبير من المواهب التي بدأت مسيرتها في متاجرنا، بالتعرّف إلى مستهلكينا الأوائل عن كثب. هؤلاء كانوا الداعمين الأساسيين لنموّنا في البداية، ولا يزالون من أكبر مؤيدينا. في إمكاني اليوم توقّع الأسئلة التي قد يطرحونها، أو المعلومات التي قد يحتاجون إليها حول إطلاقاتنا الجديدة، وأكثر.
فهمي الحقيقي لقيمهم وأسباب ارتباطهم بعلامتنا يعني أيضاً أن هذه الدروس ترافقني أثناء مشاركتي في بناء الحملات التسويقية؛ إذ يمكنني غالباً توقّع ما قد يلقى قبولاً أو لا يلقى صدى لدى مجتمعنا.
العلم ومستحضرات التجميل
- أي جزء من دراستكِ للماجستير في علم مستحضرات التجميل غيّر نظرتكِ لتطوير المنتجات وصياغتها؟
مادتا علم السموم والعطور غيّرتا نظرتي لتطوير المنتجات بطرق مختلفة.
علم السموم جعلني أفهم أن «الجرعة هي ما يصنع السُّم»، إلى جانب العديد من المتغيرات الأخرى، مثل طريقة التعرّض ومدّته، لذلك لا معنى لوضع قوائم بالمكوّنات التي يجب تجنّبها من دون فهم كيفية عمل السُّمّية.
أما العطور فكانت فرصة لإعادة التواصل مع البُّعد الروحاني والحسّي، وملاذاً داخل تخصّص دقيق جداً. جعلتني أدرك أن للعطر دوراً مهماً في مستحضرات التجميل يرتبط بسلامتنا ورفاهيتنا، حتى لو كان مجرد شعور جميل.
The Ordinary علامة خالية من العطور لأن Brandon أرادها مناسِبة لأكبر عدد ممكن من الناس، بمن فيهم الذين يعانون حساسية من العطور، لكن العطر ليس «شرّاً»، بل يحتل مكانة في روتين الجمال، وهو بالتأكيد جزء مهم من روتيني الشخصي.
- ما التحدّيات التي واجهتكِ في حملة Everything is Chemicals، وكيف أثّرت في أسلوبكِ في التواصل لاحقاً؟
أكبر تحدٍّ كان أنه عندما تطرح سؤالاً جوهرياً حول حركة كبيرة في الصناعة، مثل «الجمال النظيف»، يجب أن تفعل ذلك من موقع المعرفة والصدقية، ولكن أيضاً من موقع اللطف لا لمجرد إثارة الجدل.
أردنا تمكين المستهلكين من اتخاذ قرارات مستنيرة حول مشترياتهم من مستحضرات العناية بالبشرة، بحيث لا يُستخدم الخوف كأداة تسويقية، لا أكثر ولا أقل. إيجاد نبرة الصوت المناسبة لإيصال هذه الرسالة كان تحدّياً حقيقياً، لكنني كنت مُحاطة بعدد من الأشخاص الطيّبين، ومنهم مديرتنا التجارية Dionne Cullen، التي ساهمت في ترسيخ ثقافة داخل Deciem تسمح لنا بكسر القوالب المألوفة والحفاظ على قيمنا الأساسية بنفس الوقت.
- كيف توازنين بين الدقة العلمية وسهولة الفهم عند توعية المستهلكين حول العناية بالبشرة؟
سرّ التواصل العلمي الجيد هو التعاون. السحر يحدث عندما يجتمع المبدعون والعلماء لضمان أن تكون المعلومات المقدّمة دقيقة وفي الوقت سهلة الفهم. تعدّدية وجهات النظر ضرورية، لأن قاعدة مستهلكينا ليست موحّدة، فليسوا جميعاً خبراء في المكوّنات ولا مبتدئين.
- كيف يمكن التواصل الشفّاف والمبني على العلم أن يساهم في تمكين المرأة العربية كمستهلكة وقيادية مستقبلية في علم مستحضرات التجميل؟
«أعتقد بأن المرأة العربية تقدّر الخبرة، وأن العلامات التي تهتم فعلاً بتثقيف المستهلك حول العلم الكامن وراء منتجاتها ستظل تعتمد على الخبراء للقيام بهذا الدور التوعوي.» تماماً كما يُنظر إلى أطباء البشرة في الشرق الأوسط باعتبارهم مصدراً موثوقاً للعناية بالبشرة، فإن العلامات التي تعتمد على العلماء ضمن استراتيجياتها التواصلية ستصبح أيضاً مصدراً للمعرفة المتخصّصة، مما يمكّن المرأة العربية من اتخاذ قرارات شرائية واعية.
أسلوب The Ordinary
- كيف ترين تطوّر أسلوب The Ordinary في التواصل العلمي مع تزايد التقنية والتركيز على المكوّنات في عالم العناية بالبشرة؟
نحن ملتزمون بمواصلة الاستثمار في التواصل العلمي، ونعمل حالياً على توسيع فريقنا ليتضمن أدواراً إقليمية تلائم الاحتياجات المحلية بشكل أفضل. العلم عالمي، لكنّ المستهلكين في مختلف المناطق يحتاجون الى طرق عدة لإيصال هذا العلم، ونحن نهدف إلى تلبية هذا التحدّي.
- ما النصيحة التي تقدّمينها للراغبين في دخول مجال علم مستحضرات التجميل وإحداث تأثير في تثقيف المستهلك؟
احرص بين حين وآخر على خلع قبّعة العالِم لتتواصل مع المستهلك مباشرة وبطريقة أكثر قرباً ومعنى. يميل العلماء للغوص في التفاصيل التقنية والمفاهيم التي قد لا تُترجم بسهولة إلى حياة الناس اليومية. وبجانب ذلك، ابقَ فضولياً، لأن العلم دائم التطوّر. أردد دائماً أن جوهر العمل العلمي هو الاستعداد الدائم لاحتمال أن يثبت الدليل أنك على خطأ!
شارك
