المراهق وعلاقته بأهله الراشدين

حمية غذائية, مراهقة / مراهقات, التوتر, الوزن الزائد, الغذاء, مراهق / مراهقون, السباحة, الرسم , فائدة الرسم, النظام الغذائي السليم, الغذاء الصحي, القلق , تنظيم الغذاء , غذاء المراهق, تخفيف القلق, التوازن الغذائي, نقص الغذاء, مرحلة المراهقة, سن المراهق

16 أبريل 2009

يراقب الأهل نمو أطفالهم بسعادة وينتظرون بفارغ الصبر أن يشبّوا ويصبحوا قادرين على القيام بكثير من الأمور وحدهم. وحينما يصبح الطفل الوديع مراهقًا يبدأ نوع آخر من القلق يظهر على الأهل، هل سينجح في المدرسة؟ هل سيخضع لإرادتهم كما كان طفلا صغيرًا؟ وغالبًا ما تتردد بين الأهل مقولة «يا ما أحلاه عندما كان طفلاً».

وفي المقابل فإن التغيرات البيولوجية التي تصاحبها تغيرات ذهنية تجعل المراهق يشعر بالقلق والتوتر، وهذا طبيعي، فقد بدأت تظهر علامات النضج على مظهره وبدأ ينظر إلى العالم من حوله بشكل مختلف، فهو لم يعد ذلك الطفل الصغير الذي عليه النوم باكرًا، أو يكتفي بعلاقاته مع والديه والعائلة أو الأقران الذين يكونون في غالب الأحيان مقبولين إلى حد كبير من الأهل أو هم الذين حدّدوا له صداقته بهم. لقد بدأ هذا المراهق بالتعرّف إلى معنى الصداقة بعيدًا عن مقاييس الأهل، وبدأ يسأل عن معنى الوجود ويحاول تحديد هويته ويسعى للإستقلالية، كما أصبح المظهر أمرًا خاصًا به يعكس شخصيته هو، فيحاول بشتى الوسائل الإعلان عن وجوده ككيان مستقل. يخرج من دون أن يطلب الإذن، و تتحوّل غرفته إلى مساحة خاصة به يفعل فيها ما يحلو، فإما يغيّر ديكورها ويرتبها أو يترك الفوضى تعمّ فيها.
ومشكلات مرحلة المراهقة قد تختلف من مراهق إلى آخر بحسب البيئة الاجتماعية والعائلية، إلا أن هناك مشكلات مشتركة بين معظم المراهقين.
ينصح الإختصاصيون الأهل في التعامل مع أبنائهم المراهقين كراشدين مضطلعين بدورهم. فعلى الأهل أن يتذكّروا مرحلة المراهقة التي مروا بها والمشكلات التي واجهوها. فهل يتذكرون مثلا كيف كانوا يحوّلون ظهور حبّة على وجههم إلى دراما! وهذا ما يحدث مع أبنائهم المراهقين، التاريخ يعيد نفسه معهم. وما على الأهل إلا تذكر ماضيهم حتى يتمكنوا من التعامل مع أبنائهم المراهقين بشكل أفضل حتى تمر هذه المرحلة بسلام.

هذه بعض المشكلات التي يواجهها المراهق:

رلى (١٢ عامًا)، تشعر بالحزن لأنها نحيلة جدًا ولم تظهر عليها بعد علامات الأنوثة مثلما يحدث مع صديقاتها.
تشعر بعض المراهقات بالغيرة من صديقاتهن إذا بدت عليهن مظاهر الأنوثة، والسبب أنهن يحسدهن على أنهن أصبحن أكثر حرية منها. وتكمن المشكلة في أن رلى  تشعر بالفارق بينها وبين صديقاتها مما يجعلها لا تشعر بالراحة مع شلة صديقاتها، نظرًا إلى أن شكلها لا يزال طفوليًا. ومن المعلوم أن شلّة الأصدقاء تشكل جزءًا مهمًا من حياة المراهق في سعيه للاستقلال، وهو يعمل كل ما في وسعه ليرضى عنه أفراد الشلة خصوصًا إذا شعر بالانسجام معهم، لذا فإن الاختلاف عن شلة الصديقات  في الشكل قد يشعر المراهقة بأنها قبيحة أو أنها مختلفة. ويعود إلى والدة رلى جعل ابنتها تدرك أن الأنوثة لا تعني ظهور علاماتها على جسمها، ويمكنها أن تخبرها عما تعرضت له عندما كانت في سنّها، فإذا مرت بالمشكلة نفسها يمكنها أن تحدّثها عما انتابها وقتها وكيف استطاعت التخلص من عقدة شكلها الطفولي. أما إذا ظهرت على البنت علامات الأنوثة المبكرة فيمكن الأم أن تفعل الأمر نفسه مع ابنتها.

سامية سنها (١٥ عامًا)، وتضع مقوم أسنان ومنذ ستة أشهر بدأت البثور تجتاح وجهها. إنها في سن حرجة و لا أعرف كيف أجعلها مطمئنة إلى أن صورتها سوف تكون أفضل في المستقبل.
إن وضع مقوّم أسنان وظهور البثور يغرقان المراهق في حالة من التوتر والقلق، مما يشعره بأنه عاجز عن السيطرة على التحوّلات الجسدية التي تحدث له. لذا من الضروري استعادته الثقة بنفسه وبمظهره حتى يتمكّن من السيطرة على شعوره. لذا فإن تحديد موعد مع مقوّم الأسنان يجب أن يكون مسؤولية سامية لا الأم. وفي المقابل على الأهل أن تكون لديهم نظرة عميقة إلى ابنتهم وألا يظنوا أن جل اهتمامها مظهرها بل أن يقوّموا ذكاءها وطريقة تفكيرها ومميزاتها. لذا يمكنهم تشجعيها على تحقيق هوايات الطفولة كالعزف على البيانو أو الرسم أو السباحة... للسماح لها بالعودة إلى قمقم الطفولة السعيدة. فالقيام بهذه الهوايات يساهم في عدم تركيز البنت على مظهرها الخارجي وتعيد تقويم نفسها على أساس شخصيتها والتفكير في أمور أخرى غير مظهرها. ولكن لإقناعها بذلك على الأهل توفير اختيارات عدة تقوم بها.

تجد سهى أن ردفيها ضخمتان وبدأت تقلص كمية الطعام خوفًا من اكتساب وزن زائد رغم أنها نحيلة جدًا، وكأنها تنظر إلى فتاة أخرى عندما تقف أمام المرآة.
إذا كانت سهى تتمنى التخلص من ردفيها، فهذا مؤشر لأنها لم تعتد بعد على صورة جسدها الجديدة. لذا على والدتها أن تتحدث إليها عن شكلها الجديد كأن تقول لها: «يجب أن تتوقعي جسدًا جديدًا لأنك تنضجين وهذا ليس سهلا»، أو أن تقول لها: «لديك نظرة قاسية تجاه نفسك». مع الإشارة دائما إلى أنها تزداد أنوثة وجمالاً من دون أن تحدد لها الجزء الجميل من جسدها. وإذا كانت تشكو أنها بدينة فيمكن الأم أن تسألها: «هل تجدين نفسك بدينة مقارنة بعارضات الأزياء؟ فأنت تعرفين أن صورهن التي تظهر على صفحات المجلات تخضع لكثير من التعديلات حتى يبدين كاملات». إذ عليها أن ترشدها كيف تتصالح مع جسمها الجديد، وأن من حقّها الاهتمام به ولكن في الوقت نفسه عليها ألا تكون نسخة طبق الأصل عن العارضات لأن ما تراه ليس حقيقيًا وفي إمكانها الحصول على الجسم الذي تريده من خلال الرياضة والغذاء السليم، كما عليها الاهتمام بتعزيز قدراتها الذهنية والفكرية لأنها تنعكس إيجابًا على مظهرها الخارجي.

أتحدث مع ابنتي عن ماضيِّ أو عن الهموم الملقاة على عاتقي. هل أتصرف بشكل صحيح معها؟
تصرف الأهل مع أبنائهم المراهقين على هذا النحو يضع المراهق في مكان ليس له، فهم يلغون المسافات بين الجيلين أي جيل الأهل وجيل الأبناء. فبعض الأهل يحاولون المبالغة في التقرّب من أبنائهم لأنهم يشعرون بأنهم ضعفاء ويبحثون عن تقرب عاطفي. صحيح أن المراهق في حاجة إلى الشعور بأنه محبوب ويمكنه الدخول في لعبة العواطف هذه، ولكنها في الوقت نفسه ليست من أولويات اهتمامه، فهذا النوع من العلاقة بين المراهقة ووالدتها يسبب تشوشًا وبالتالي احتمال أن تشعر البنت  بالملل. فعندما تُزال الحدود بين الأم وابنتها فإن هذه ليس لديها خيار آخر سوى التصرّف بعنف مع الآخرين أو مع والدتها نفسها لكي تتخلص من القيود وتحلّق بعيدًا عنها. صحيح أنه أحيانًا من المفيد أن تتحدث الأم إلى ابنتها عن تجربتها في الحياة، ولكن ليس من الصواب أن تتحدث إليها عن همومها كأنها صديقة راشدة، فهذا يمنح الابنة حق التدخل في شؤون أمها وكأنه حق مكتسب لها.

أتجنب النزاع مع ابني، فأنا لا أرغب أبدًا في الجدال معه وتعكير صفو علاقتنا.
يتساهل بعض الأهل مع أبنائهم المراهقين إلى أقصى حدود، فمثلا يسمحون لهم بالعودة إلى المنزل ساعة يشاؤون حتى لو عادوا في ساعة متقدمة جدًا مساء، أو رسبوا في دراستهم ولا يجرؤون على مناقشتهم في هذا الرسوب، وكأنهم يخافون منهم أو من ردة الفعل إذا ناقشوهم في الموضوع، ظنًا منهم أن ابنهم المراهق سوف يكرههم. وهم بهذه الطريقة يفقدون الابن الثقة بهم و يحوّلونه إلى شخص عنيف يرهب الكل، إذ ليس هناك من يردعه في المنزل وبالتالي سيتصرف على هذا النحو في المجتمع الخارجي، لأنه لم يعتد أن يسأله أحد عما يقوم به أو يلومه على تصرّفاته السيئة. لذا من الضروري أن يضع الأهل حدودًا وقوانين يلتزمها المراهق حتى لو كان ذكرًا، فمن المعلوم أن الأهل في المجتمع العربي أكثر تساهلا مع المراهقين الذكور من الإناث وهذا خطأ لأن المراهق والمراهقة لديهما القلق نفسه ويتعرضان للتغيرات نفسها وبالتالي فهما معرضان للأخطار نفسها. لذا على الأهل أن يلزموا أبناءهم المراهقين بالقوانين المنزلية بغض النظر عن الجنس. فمثلا لا يحق للمراهق أن يخرج ويعود إلى المنزل ساعة يشاء بل عليه أن طلب الإذن، حتى ولو كان ذكرًا.

أخاف كثيرًا على ابني خصوصًا مما أسمعه من حوادث يتعرّض لها المراهقون، لذا أجعله يستقبل أصدقاءه في المنزل وأوفر له كل ما يلزمه حتى لا يخرج كثيرًا
يظن بعض الأهل أن المجتمع الخارجي كتلة من الأخطار ويفضلون أن يبقى أبناؤهم في المنزل معظم الوقت. وهذا خطأ، فالمراهق في حاجة إلى الاتصال بالعالم خارج إطار العائلة كي يتمكن من مواجهة الصعاب التي تعترض طريقه مستقبلاً. صحيح أن احتمال الأخطار أصبح أكبر ولكن في الوقت نفسه نحن لا نعيش في الغاب حيث الكل يفترس الكل، بل في مجتمع إنساني لديه قوانين يلتزم بها الجميع. ودور الأهل تبادل الآراء مع أبنائهم المراهقين ومناقشتهم في كل الأمور وإرشادهم نحو الصواب عن طريق الحوار لا عن طريق الردع التعسفي أو الاحتضان المبالغ فيه، ففي النهاية هذا المراهق سيصبح شابًا، ومن ليس لديه الأدوات الفكرية والشخصية القوية سوف يواجه الكثير من الصعاب في حياته العملية والشخصية. لذا سيدي عليك أوّلا أن تثق بنفسك وبأنك تعمل على تنشئة ابن قوي الشخصية يعرف ماذا يريد، وأن تثق بابنك ثانية. فعدم الثقة به يوّلد لديه شخصية مترددة تخاف من اتخاذ القرارات. وإذا ارتكب أخطاء فهذا  ليس نهاية العالم بل تجربة عليه التعلم منها.

نبهت ابني إلى أخطار التدخين والمخدّارت، والآن يعود الأمر إليه في الحذر من هذه الأمور.
هناك خيط رفيع بين التدخل في شؤون المراهق وإهماله، لذا من الضروري إيجاد حل وسط بينهما. فمنح المراهق الحرية الكاملة في تصرّفاته وفي تحقيق رغباته ونزواته، هو شكل من أشكال الإهمال، إذ لا يمكن الأهل أن يغضوا الطرف عن تصرف خطر يقوم به ابنهم المراهق بحجة أنهم نبّهوه من عواقبه، فوظيفة الأهل تذكيره بالقواعد وفرض عقاب إذا تخطاها، وفي الوقت نفسه التأكيد له إنه غالٍ عليهم وأنهم لن يسمحوا له بإيذاء نفسه بحجة أنه حر.

ليس من شأني التدخل في أمور ابني كأن يرتب غرفته أو يأخذ حمامًا أو يجلس إلى الكمبيوتر  ساعات طويلة، فهو لم يعد طفلاً.
عندما لا يهتم المراهق بنظافته الشخصية أو بترتيب غرفته فهذا ليس خيارًا حرًا، بل هو نوع من الإهمال مرتبط بنقص في ثقته بنفسه. وفي المقابل لا يمكن الأهل أن يتركوا ابنهم منغلقًا في دوامته فهذا يشير إلى أنهم لا يكترثون له، وبالتالي يشعر بأنه مهمل منهم. فيجب أن ينصح الأهل الابن بالاهتمام بنظافته الشخصية أو ترتيب غرفته، ولكن من دون أن يشعروه بالاضطهاد، بل بأسلوب طريف وسلس مع ترك هامش من الحرية في إدارة شؤونه الخاصة. هكذا  يظهرون له اهتمامهم وأنهم يساندونه، مما يجعله يشعر باحترام الذات.

  • على الأم أن ترشد ابنتها كيف تتصالح مع جسمها ولكن في الوقت نفسه عليها ألا تكون نسخة طبق الأصل عن العارضات

  • على الأب أوّلا أن يثق بنفسه وبأنه يعمل على تنشئة ابن قوي الشخصية يعرف ماذا يريد وأن يثق بابنه ثانية