حين يفقد المراهق حماسه

مراهق / مراهقون, حماسة المراهق, خمول, العلاقة مع الأهل, أزمة نفسية, تغيّرات فكرية, تمرّد, سلطة الكبار, ثورة المراهق, النشاطات الرياضية, السلوك الانطوائي, غياب الحماسة, النجاح المدرسي, الحياة الإجتماعية, صدمة عاطفية, الكسل

03 سبتمبر 2009

 

  • يظهر عمر غير مكترث لكثير من الأمور التي يهتم لها عادة المراهقون، فهو يجلس في الغرفة لساعات وليس لديه مزاج لاستقبال أصدقائه أو الخروج معهم، وفاقد الحماس لأي نشاط خارج المدرسة. هل يعاني عمر مشكلة؟

من المعلوم أن المراهقة مرحلة لا تخلو من الأزمات النفسية الناتجة عن التغيّرات الفيزيولوجية التي ترافقها تغيّرات فكرية. ففي هذه المرحلة يبدو المراهق غير راضٍ عن مظهره ويعيد النظر في القيم الاجتماعية والعادات والتقاليد التي نشأ عليها، وتكون عنده رغبة قوية في إثبات وجوده. ويمكن وصف هذه المرحلة بمرحلة «التمرّد» أي التمرّد ضد سلطة الكبار والمجتمع. فالمراهق يتّهم أهله بعدم التفهّم وبالحد من رغبته في الاستقلال. وبحسب الاختصاصيين، إن ثورة المراهق مهمة جداً على الأهل أن ينظروا إليها بطريقة إيجابية، لأنها تحمل روح التغيير مما يعطي ديناميكية للحياة الاجتماعية. تكبر هذه الثورة أو تصغر بحسب رد فعل الأهل والراشدين ، ولكن من الضروري أن تكون موجودة. فالمراهق الذي لا يعيش مرحلته وما تحمله من تناقضات قد يعود ويعيشها في سن متأخرة.
وفي هذه المرحلة يلاحظ نشاط المراهق الزائد واندفاعه للحياة وحماسه الذي لا ينضب، فهو يخرج مع أصدقائه ويشارك في النشاطات الرياضية، ويريد أن يقود السيارة أو دراجة نارية، وإذا مكث في المنزل يجد أموراً عدة تشغله، وأحياناً كثيرة يضع خططاً لمستقبله، فيشارك أصدقاءه أحلامه ورغباته.  
وفي المقابل، يلاحظ عزوف بعض المراهقين عن القيام بالنشاطات التي يقوم بها من هم في سنهم فتجدهم لا يكترثون للنشاطات الرياضية أو ليس لديهم أي مشروع للمستقبل وأحياناً لا يهتمون لنجاحهم المدرسي. وهذا السلوك قد يقلق الأهل، فيما يطمئن الاختصاصيون  إلى أن هذا السلوك عابر يمر به المراهق وهو مظهر من مظاهر مرحلة المراهقة المتناقضة. وهذه بعض مظاهر السلوك الانطوائي التي يرويها الأهل للاختصاصيين.

 

  • ليس لديه حافز

يبدو لي أن ابني لا يثير حماسه أي نشاط. فهو ينفر من النشاطات خارج المدرسة، ويرفض التخطيط لمستقبله، ويُظهر عدم رغبته في أي شيء. على عكس أصدقائه. فهل يعاني ابني اكتئاباً؟

تفسير الإختصاصي:
إن غياب الحماسة عند المراهق يرتبط في الغالب بمرحلة الانتقال من الطفولة إلى المراهقة، فهو في لا وعيه يشعر بالحزن على عالم الطفولة الذي يفارقه. فبعد المكانة التي كان يحتلها عند والديه والاعتماد عليهم في كل الأمور، وجد نفسه وحيداً وأصبح لزاماً عليه من الآن فصاعداً تحمل مسؤولية نفسه والاهتمام بأموره والتصرف كراشد مستقبلي. وخلال هذه المرحلة ينمو حماسه وأهدافه تترافقا مع بناء هويته الخاصة. والتخطيط لمستقبله يتطلب منه الشعور بالاستقلالية والثقة بالنفس.
ماذا يمكن الأهل فعله؟

ينصح الاختصاصيون الأهل بمنح ابنهم (أو ابنتهم) المراهق الثقة بالنفس. فإذا أظهروا تفاؤلهم وتصرفوا بإيجابية، وشعر المراهق بأن أهله يؤمنون بقدرته على تخطي الصعاب والمشكلات، فإنه يصبح قادراً على الاحتفاظ بثقته بنفسه وبمستقبله. واليوم الذي يشعر فيه بأنه مستعد لمواجهة المستقبل بقوة سوف يقدم على تحقيق أهدافه بثقة.

 

  • ابني لديه ميل إلى عدم إكمال دراسته.
  • يبدو أن ابني لم يعد يعنيه النجاح المدرسي، وكأنه لا علاقة له بما يحدث في المدرسة.

تفسير الاختصاصي:
يستطيع بعض المراهقين الفصل بين حياتهم المدرسية والحياة الاجتماعية خارج جدران المدرسة. ولكن في الوقت نفسه تؤثر العلاقة مع الأهل في علاقتهم مع الأساتذة فينقلون صراعهم مع أهلهم إلى صراع مع أساتذتهم لأنهم يمثلون السلطة خارج المنزل. بينما تشكل مرحلة المراهقة بالنسبة إلى آخرين قلقاً يجعلهم يطرحون الأسئلة عن هويتهم وعن مستقبلهم. ولكي يتجنبوا ذلك يفضلون الابتعاد عن كل ما يجعلهم يفكرون، والواجبات المدرسية هي أحد هذه الأمور التي تسبب لهم قلقاً. وهناك أيضاً نظرة الأهل إلى دور المدرسة والنجاح المدرسي، فكلما شعر المراهق بأن النجاح المدرسي هو الأساس الذي تُبنى عليه علاقته بأهله، مال إلى عدم الذهاب إلى المدرسة لأنه يريد أن يحرم والديه هذه المتعة، ولأنه يرى أنهما لا يهتمان به بقدر ما يهتمان لنجاحه المدرسي.
ماذا يمكن الأهل فعله؟

تجنب المبالغة في الاهتمام بعلاماته المدرسية، ولكن في الوقت نفسه عليهم تجنب المبالغة في عدم الاكتراث لنجاحه أو المشكلات التي تواجهه في المدرسة. بل عليهم أن يجدوا حلاً وسطاً أي أن يشعروا ابنهم بأن نجاحه المدرسي أمر خاص به ولكنهم في الوقت نفسه يسعدون له لأنهم في النهاية يريدون مصلحته. كما يمكن الأهل مناقشة أستاذ المدرسة لاكتشاف معالم شخصية ابنهم خارج الإطار العائلي فهذا يجعلهم يفهمون شخصية ابنهم. فالعلاقة بين التلميذ والمدرسة ليست محصورة بالنجاح المدرسي بل شعور بالراحة في علاقته مع أترابه في المدرسة. أما إذا أصر المراهق على ترك المدرسة، على الأهل عرض المشكلة على اختصاصي.

  • يمكث طويلاً في غرفته ويشعر بالخمول يعطي انطباعاً أنه لا يريد القيام بأي شيء وغارق في أحلام اليقظة، ويبدو كأنه تائه في أفكاره.

تفسير الاختصاصي:
يتعلق ذلك بالأحلام  والإعداد للمستقبل أكثر منه بشعور الكسل، فنشاطه النفسي في هذه المرحلة مكثف وهو في هذه الحالة يشبه الرياضيين الكبار الذي يتوقعون نتائج اللعبة قبل موعدها، فهم يتخيلون فعلهم وردود الفعل والتقنيات التي سيقومون بها وحدود اللعبة...  وكذلك المراهق يستغرق في أفكاره، وهذه مرحلة ضرورية للنضج الداخلي أي الفكري قبل إقامته علاقات مع الآخرين.
ماذا يمكن الأهل فعله؟

ينصح الاختصاصيون الأهل بعدم التدخل وترك الابن ينعم بفسحة من الهدوء على أن يبقوا مستعدين لسماعه. وإذا استمرت هذه الحالة فترة طويلة فيمكن أن يكون شعوره بالكسل أو الخمول سببه صدمة عاطفية أو حدوث شجار عنيف مع أحد أصدقائه أو أحد والديه.  لذا على الأهل  أن يكونوا على استعداد لمناقشته في ما يشعر به بهدوء.