حرري طفلك من كوابيس الليل

قلّة النوم, مشكلة / مشاكل وأمراض الطفل / الأطفال, اضطرابات النوم, العتمة , دعم الأهل, الدلع, الإنارة , القصص الخرافية

17 سبتمبر 2009

عند حلول المساء واقتراب موعد النوم، يبدأ طفلك بالبكاء والتذمر. فهو يخاف من العتمة والكوابيس والذئاب التي تطارده ليلاً... إنه بحاجة إلى دعمك المعنوي وحنانك الكبير...

في عمر السنتين، تتطور الحياة النفسية عند الطفل وتزداد حدة مشاعره بسبب المنافسة، والغيرة، والانفصال، والمواجهة مع الرفاق الصغار. وفي هذا العمر، يصبح الطفل مدركاً تماماً لأوقات الانفصال الطويلة التي تبعده عن أهله.

واللافت أنه كلما كبر الطفل، أصبح الأهل أكثر تطلباً معه. هكذا، يخسر شيئاً فشيئاً موقعه كطفل فائق القوة يستطيع فعل كل ما يحلو له. تجتمع كل هذه الأوضاع في مخيلة الطفل لتتفجر ليلاً في عزلة كبيرة. إلا أن الطفل يكون شديد التنبه واليقظة خلال النهار مع وجود شخص كبير أو شاشة تلفزيون أو لعبة لصرف انتباهه. وعند حلول الظلام وموعد النوم، يجد الطفل نفسه وحيداً أمام فراغ كبير فيتذكر كل الأمور التي حصلت معه خلال النهار. أمه التي وبخته، وأخوه الذي ضربه، وأخته التي أخذت لعبته... تصبح الأمور المألوفة مجهولة، وتتبدل أشكال الأشياء... هكذا، يشعر الطفل بالخوف من الظلام وتراوده الكوابيس ليلاً.


التمييز بين الخوف والدلع

يزعم بعض الأطفال أنهم يعانون من الكوابيس ليلاً لمجرد المجيء إلى سرير أهلهم والنوم بينهم والشعور بالدفء والأمان. إلا أن أطفالاً آخرين لا يزعمون الخوف أبداً لأنهم خائفون فعلاً من الكوابيس. كيف يمكن التمييز بين الحالتين؟ بمراقبة الطفل خلال النهار. هل يستطيع الطفل اللعب لوحده؟ هل يستطيع الانفصال عن أهله بسهولة؟ أو هل يبقى متشبثاً بأمه من دون فعل أي شيء آخر؟ هل يبدأ بالبكاء والصراخ كلما ابتعد عن أمه؟ في الحالة الأولى، يستطيع الطفل التغلب على خوفه بمجرد الحصول على طمأنة الأهل. لكن في الحالة الثانية، تبرز الحاجة إلى وجود الأهل مع الطفل قبل الخلود إلى النوم حتى يشعر بالمزيد من الأمان.


تخصيص وقت كافٍ للطفل قبل الخلود إلى النوم

رافقي الطفل إلى سريره ورددي على مسامعه العبارات المطمئنة. «أنا وبابا في المنزل»، «لا داعي للقلق أو الخوف»، «لست لوحدك هنا»... وأخبريه بما سيفعله غداً: «سوف نذهب إلى الحضانة....»، «سوف نذهب لزيارة الجدة». هكذا، يفهم الطفل أن النهار سيأتي بعد الليل، وأن الظلام لن يبتلعه. لكن احرصي على عدم البقاء مع الطفل لوقت طويل في غرفة نومه وإلا يظن أن الليل خطير ولذلك لا تجرؤ أمه على الابتعاد عنه.


الإنارة الخفيفة مفيدة جداً

لا تجبري طفلك على النوم في غرفة مظلمة تماماً. استعملي الإنارة الخفيفة التي تعطي نوراً خافتاً يبعث الطمأنينة. وإذا كان طفلك واعياً (في عمر الخمس أو الست سنوات أو أكثر)، أعطيه مصباحاً يدوياً صغيراً يضعه تحت وسادته بحيث يتمكن من إشعاله لوحده عند الحاجة. لكن لا تحاولي أبداً الإكثار من أشكال الإنارة: مصباح في سقف الغرفة، وآخر على المنضدة، وآخر فوق الباب.... فالطفل بحاجة إلى حد أدنى من الظلمة لإفراز الميلاتونين، أي الهرمون المحفز على النوم.


نعم للقصص الخرافية

لا داعي لحظر كل أشكال القصص الخرافية وخصوصاً تلك التي تتحدث عن الساحرات... فحين يكون الطفل قريباً من أهله، يحظى بجرعته الكافية من الأدرينالين ويشعر بالأمان والحماية. يساعده ذلك على ترويض مخاوفه وتشجيع الفارس الشهم على هزم الوحش الشرير أو مساندة الجنية الطيبة في قهر الساحرة الشريرة... لكن إذا رفض الطفل النظر إلى صور الكتاب خوفاً من أشكال الساحرة الشريرة أو ما شابه، لا تصرّي عليه.

 

تبديد المخاوف غير المنطقية
حاولي أن تشرحي للطفل أن الوحش الموجود تحت البطانية ليس سوى ركبتيه، وأن الظلّ الأسود على الحائط ما هو إلا معطفه المدرسي المعلق وراء الباب... يطلب بعض الأطفال التأكد من خلو الخزانات والسرير من أي شيء مخيف. لا تسخري من طفلك إذا طلب ذلك وإنما ساعديه ليتأكد بنفسه من عدم وجود أي وحش مخيف في غرفته. وإذا طلب طفلك وضع مسدس أو سيف بلاستيكي قرب سريره على المنضدة الليلية بهدف مهاجمة الوحش حين يأتي إليه، لا تعارضيه. لكن تجنبي في الوقت نفسه الأفخاخ المبالغ فيها، مثل الحبل المربوط بدلو يسقط على رأس الوحش فور دخوله إلى الغرفة. فإذا وافقت معه على نصب مثل هذه الأفخاخ، تعززين إيمانه في وجود الوحوش فعلاً


العلاقة بين الكوابيس وأحداث النهار

ثمة علاقة وطيدة بين أحداث النهار والأحلام أو الكوابيس التي تراود الطفل ليلاً. فإذا أغاظه رفيقه صباحاً في دار الحضانة، ولم ينجح في التعبير عن غضبه خلال النهار، ثمة احتمال كبير أن ينفجر هذا الغضب ليلاً ويتمثل في كوابيس مخيفة. لنأخذ مثلاً هذا الكابوس. حين يخبر الطفل أمه أنه رأى الذئب ليلاً وهو يهاجم أخته ليأكلها، فإن الحيوان في الحلم يعبّر عن عدائيته تجاه أخته وإحساسه بالمنافسة معها. يرغب الطفل في سحق أخته الصغيرة، لكنه لا يشعر بأي ذنب لأن الذئب هو الذي فعل ذلك. من هنا، تبرز أهمية الأحاديث والمناقشات المسائية بين الطفل وأهله بحيث يستطيع التعبير صراحة عن الأمور التي أزعجته خلال النهار.


لا بأس في بعض الميول الغريبة

يحب بعض الأشخاص الكبار النوم وترك كوب الماء بالقرب منهم على المنضدة الليلية أو إبقاء النور مضاءً في الغرفة المجاورة للإحساس بالأمان. فلا بأس إذاً حين يطلب الطفل ترك جواربه في مكان معين ودقيق من الغرفة، أو الحصول على قبلتين اثنتين وليس ثلاث من الماما، أو إبقاء البطانية بعيدة عنه مسافة معينة... فهذه الميول والتصرفات طبيعية جداً إذ يسعى الطفل من خلالها إلى السيطرة على خوفه من الليل والإحساس بالأمان. بالفعل، حين يستيقظ الطفل في صباح اليوم التالي ويجد جواربه في المكان المحدد الذي تركها فيه، يشعر بالطمأنينة ويتأكد أن الوحش غير موجود في غرفته.